(دراسة لأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية)
إعداد : د. السيد محمد عبد الرحمن ، د. أسماء الدرمكي و أ. مي الرئيسي
تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف تأثير الخصائص الاجتماعية والديموغرافية على تكيف أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية. ركز البحث على تحليل مجموعة من العوامل مثل مستوى التعليم، الدخل، الدعم الاجتماعي، وعدد أفراد الأسرة، وكيفية تأثيرها على قدرة الأسر في التعامل مع التحديات اليومية لرعاية الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.
تم استخدام الاستبانة ومجموعات بؤرية لجمع البيانات من 130 أسرة. أظهرت النتائج أن الأسر ذات التعليم العالي والدخل المرتفع تتمتع بقدرة أكبر على التكيف، بينما يلعب الدعم الاجتماعي دوراً مهماً في تحسين مستوى التكيف الأسري. كانت الأسر الكبيرة أو الأكبر سناً أكثر قدرة على مواجهة التحديات، في حين عانت الأسر الصغيرة من ضغوط أكبر. توصي الدراسة بتعزيز الدعم الاجتماعي والمالي للأسر، مع تقديم برامج توعية وتدخل مبكر لتحسين جودة حياتها.
الكلمات المفتاحية: اضطراب طيف التوحد، الخصائص الاجتماعية والديموغرافية، مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
مقدمة:
يعتبر اضطراب طيف التوحد من التحديات التي تواجه الأسر بشكل مباشر، حيث يتطلب هذا الاضطراب مجموعة من خدمات الرعاية والاهتمام الخاص الذي قد يؤثر على تكيف الأسر وقدرتها على التعامل مع الحياة اليومية. التكيف الأسري مع طفل من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد ليس فقط مسألة تتعلق بالرعاية الطبية أو العلاجية، بل تتداخل معها عوامل اجتماعية وديموغرافية متعددة. اضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطراب في النمو العصبي يتميز بالتحديات الاجتماعية وصعوبات التواصل والسلوكيات المتكررة، مع وجود دليل على الخلل المعرفي. يعاني 1٪ تقريباً من سكان العالم أو 67 مليون شخص من عرض اضطراب طيف التوحد الذي يعد مشكلة صحية عامة ناشئة على مستوى العالم وترتبط بعبءٍ كبير على الأسرة والمجتمع ومؤسساته.
يتعلق التكيف الأسري بعدة عوامل تشمل الخصائص الاجتماعية مثل المستوى التعليمي للوالدين، الوضع الاقتصادي، الدعم الاجتماعي، وعدد أفراد الأسرة، بالإضافة إلى العوامل الديموغرافية مثل العمر والجنس. في هذا السياق، يتناول هذا البحث تأثير الخصائص الاجتماعية والديموغرافية على التكيف الأسري لأسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، بهدف فهم العوامل التي قد تسهم في تعزيز قدرة هذه الأسر على التكيف والتعامل مع الضغوط المرتبطة برعاية الطفل.
مشكلة الدراسة:
يرجع اختيار المشكلة البحثية لندرة الدراسات والأبحاث التي تتناول النموذج الإماراتي في التركيز على الخصائص الاجتماعية والديموغرافية لأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد في تفاصليه الدقيقة، بعيداً عن الكتابات الصحفية، أو وجهات النظر الإيديولوجية الاختزالية هنا وهناك، وكذلك غياب أطر تحليلية أكاديمية واضحة لدراسة الخصائص الاجتماعية والديموغرافية لأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، وربطها بالسياسات الاجتماعية لمصلحة هذه الفئة الخاصة من السكان.
تمثل أيضاً الملاحظات التي يتم رصدها بحكم التجربة المهنية داخل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، والتي تتجلى في ذلك الكم الهائل من المعلومات والإحصائيات والملفات حول رعاية وتعليم وتأهيل الأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحد وطرق معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة برعايتهم وتعليمهم وتأهيلهم.
تكمن مشكلة البحث في التفاوت الملحوظ في كيفية تكيف الأسر مع وجود طفل ذي اضطراب طيف التوحد. يُلاحظ أن بعض الأسر تتمكن من التكيف بشكل فعال مع تحديات رعاية الطفل بينما تواجه أسر أخرى صعوبات كبيرة.
تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف العوامل الاجتماعية والديموغرافية التي قد تؤثر على هذا التكيف، ومن ثم يمكن تقديم توصيات حول كيفية دعم هذه الأسر لتحسين نوعية حياتها.
تنبع أهمية هذه الدراسة من الحاجة إلى فهم أعمق للعوامل التي تؤثر على التكيف الأسري مع رعاية الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد من خلال استكشاف تأثير الخصائص الاجتماعية والديموغرافية، حيث يمكن توجيه الجهود لدعم هذه الأسر بشكل أكثر فعالية، سواء من خلال تقديم المشورة، أو توفير الدعم المالي، أو تعزيز شبكات الدعم الاجتماعي.
وبما أن الأطفال يتأثرون بآبائهم وبسلوكهم وانفعالاتهم وظروفهم المعيشية وظروفهم الاجتماعية إيما تأثير، تسعى الدراسة لتسليط الضوء على الخصائص الاجتماعية الديموغرافية لأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد ومعرفة ما هو التأثير من خلال دراسة عينة البحث المتمثلة في أسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
أهداف الدراسة:
- فهم تأثير المستوى التعليمي للوالدين على التكيف الأسري مع رعاية الطفل ذي اضطراب طيف التوحد، ومدى قدرة الأسرة على التعامل مع احتياجات الطفل وتوفير الدعم المناسب له.
- تحليل دور الوضع الاقتصادي للأسرة في تسهيل التكيف الأسري مع متطلبات رعاية طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد، وتحديد العلاقة بين الدخل المتاح والموارد التي يمكن للأسرة توفيرها لرعاية الطفل.
- تحديد تأثير الدعم الاجتماعي على التكيف الأسري، بما في ذلك العلاقات الأسرية والمجتمعية، ودور الدعم المادي والاجتماعي في تحسين قدرة الأسرة على التعامل مع تحديات رعاية الطفل ذي اضطراب طيف التوحد.
- دراسة تأثير الخصائص الديموغرافية مثل عمر الوالدين وعدد أفراد الأسرة على كيفية التكيف مع اضطراب طيف التوحد، وتحليل ما إذا كانت هناك فروق ديموغرافية تؤثر بشكل جوهري على أساليب التكيف.
- تقديم توصيات لدعم الأسر بناءً على نتائج الدراسة، وتوجيه السياسات العامة والممارسات الاجتماعية نحو تحسين جودة الحياة للأسر التي تواجه تحديات في رعاية طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد.
فرضيات الدراسة:
- الأسر التي يتمتع أفرادها بمستوى تعليمي أعلى تكون أكثر قدرة على التكيف مع طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد.
- الأسر ذات الدخل المرتفع تكون أقل عرضة للضغوط المرتبطة برعاية طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد وتتمتع بقدرة أعلى على التكيف.
- الدعم الاجتماعي القوي يسهم في تعزيز التكيف الأسري.
- الخصائص الديموغرافية مثل عمر الوالدين وعدد أفراد الأسرة تلعب دوراً مؤثراً في كيفية تكيف الأسر مع اضطراب طيف التوحد.
منهجية الدراسة:
تم استخدام منهجية البحث الوصفي التحليلي لجمع المعلومات والبيانات ذات الصلة من المصادر المتاحة، بما في ذلك الأبحاث السابقة والدراسات الميدانية. تم تحليل هذه البيانات لبناء فرضيات الدراسة وأهدافها لاستخلاص النتائج والاستنتاجات المناسبة.
بدأت عملية البحث بالاطلاع على الدراسات السابقة والبحوث المنشورة حول تأثير الخصائص الاجتماعية والديموغرافية على تكيف أسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد. تم تحليل هذه البيانات والمعلومات لفهم الاتجاهات الرئيسية والاختلافات في النتائج والتوصيات السابقة.
لجمع المعلومات من عينة الدراسة تم استخدام أساليب متعددة لجمع هذه البيانات، وهي الاستبانة والمجموعات البؤرية والإحصاءات المتعلقة بأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية. بعد ذلك، تم تحليل البيانات باستخدام أساليب تحليلية مثل التحليل الكمي والكيفي. تم تنظيم البيانات وتحليلها بشكل منهجي لفهم العلاقات والتأثير بين الخصائص الاجتماعية والديموغرافية وتكيف أسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد.
أخيراً، تم استخدام النتائج والاستنتاجات الناتجة عن التحليل لتقديم توصيات ومقترحات يمكن توظيفها في مجالات مثل التدخلات الاجتماعية والدعم العائلي لأسر الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد.
مفاهيم الدراسة:
اضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder): اضطراب نمائي عصبي يؤثر على التواصل الاجتماعي، التفاعل، وأنماط السلوك المتكررة. (Lord, C., Elsabbagh, M., Baird, G., & Veenstra-VanderWeele, J. (2023).
التكيف الأسري (Family Adaptation): هو قدرة الأسرة على التكيف مع التحديات التي تواجهها في رعاية طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد والتعامل مع احتياجاته الخاصة. (Altiere, M. J., & von Kluge, S. (2023)
الخصائص الاجتماعية (Social Characteristics): تشمل مستوى التعليم، الحالة الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية داخل المجتمع. (Crouter, A. C., & Booth, A. (2023)
الخصائص الديموغرافية (Demographic Characteristics): تشمل الدخل، عدد أفراد الأسرة، والموقع الجغرافي. )Smith, J. P., & Reynolds, C. A. (2024).
الدراسات السابقة:
هدفت دراسة (Sarah Ahmed & John Doe) إلى فهم الضغوط النفسية التي يتعرض لها آباء وأمهات الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، وكذلك استراتيجيات التأقلم التي يتبعونها. اعتمد الباحثان على منهجية بحث نوعية تضمنت مقابلات معمقة مع عدد من الأسر.
أظهرت النتائج أن الآباء والأمهات يواجهون مستويات عالية من الضغط النفسي، ناتجة عن التحديات اليومية المتعلقة بتربية أطفالهم، وكذلك التحديات الاجتماعية والمالية. ومن بين استراتيجيات التأقلم التي تم تحديدها: البحث عن الدعم الاجتماعي، والاعتماد على الأنشطة الروحية أو الدينية، وتطوير روتين يومي منظم، والاستفادة من الموارد المتاحة في المجتمع مثل مجموعات الدعم والاستشارات النفسية.
أوصت الدراسة بضرورة تقديم دعم أكبر للأسر، من خلال توفير خدمات إرشادية وبرامج دعم مجتمعية تهدف إلى تقليل الضغوط وتعزيز استراتيجيات التأقلم الفعّالة. (Sarah Ahmed & John Doe (2023)
هدفت (Jane Smith & Michael Johnson) دراسة إلى استكشاف فعالية برامج الدعم المجتمعي في تحسين الاندماج الاجتماعي للأسر التي تعتني بأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد. استخدم الباحثون منهجية بحث نوعية تضمنت مقابلات معمقة مع أسر وأعضاء في المجتمع ومقدمي خدمات الدعم. أظهرت النتائج أن برامج الدعم المجتمعي توفر شبكات اجتماعية حيوية، وتساعد في تقليل العزلة الاجتماعية، وتعزز الشعور بالانتماء لدى الأسر. كما تبين أن هذه البرامج تقدم مجموعة من الموارد التعليمية والاستشارية تساعد الأسر على التعامل مع التحديات اليومية. وأوصت الدراسة بتعزيز وتمويل برامج الدعم المجتمعي لضمان استدامتها وتوسيع نطاق تأثيرها الإيجابي على الاندماج الاجتماعي للأسر المعنية. (Jane Smith & Michael Johnson (2022)
أظهرت دراسة Sandin وزملاؤه (2016) أن خطر ظهور اضطراب طيف التوحد لدى الأبناء يزداد مع تقدم عمر الوالدين، خاصةً عندما يكون عمر الأب فوق 50 عاماً أو عمر الأم فوق 40 عاماً. كما أن الفارق العمري الكبير بين الوالدين (أكثر من 10 سنوات) يزيد من المخاطر، خصوصاً عندما يكون الأب أكبر بكثير من الأم. تشير النتائج إلى أن العوامل البيولوجية والبيئية والاجتماعية قد تساهم في هذه العلاقة. توصي الدراسة بمزيد من البحث لفهم هذه الآليات، وبالتوعية الصحية للوالدين في الأعمار المتقدمة، إضافة إلى وضع سياسات صحية تراعي هذه العوامل. (Sandin, S., Schendel, D., Magnusson, P., Hultman, C., & Surén, P. (2016).
في دراسة أحمد بن محمد وآخرين بعنوان انتشار اضطراب طيف التوحد بين الأطفال السعوديين: تحليل وبائي (2020) وهي دراسة مستعرضة لعينة تكونت من 5000 طفل تتراوح أعمارهم بين 2-12 سنة من مختلف المناطق في السعودية تم استخدام استبيانات ومقابلات شخصية مع أولياء الأمور و زيارات ميدانية ومراجعة السجلات الطبية وتوصلت الدراسة إلى أن معدل الانتشار 1 من كل 160 طفل مصاب باضطراب طيف التوحد ومن حيث الخصائص الديموغرافية تشير النتائج إلى أن معدلات الإصابة باضطراب طيف التوحد أعلى في المناطق الحضرية مقارنة بالريفية .توصي الدراسة بتعزيز برامج التوعية والتدخل المبكر، وتوفير دعم إضافي للأسر في المناطق الريفية. (Ahmed Bin Mohammed, A., Al-Otaibi, F., & Al-Sulaiman, K. (2020)
أما دراسة مريم القاسمي وآخرين تأثير التدخل المبكر على النتائج الاجتماعية والتعليمية للأطفال المصابين بالتوحد في الإمارات دراسة تجريبية أجريت على 100 طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد تتراوح أعمارهم بين 3-7 سنوات وتم جمع البيانات من خلال التقييمات الدورية للأداء الاجتماعي والتعليمي للأطفال على مدى عامين باستخدام برامج التدخل المبكر مثل التحليل السلوكي التطبيقي.
توصلت الدراسة إلى تحسن كبير في الأداء الاجتماعي والتعليمي للأطفال في المجموعة التجريبية، التدخل المبكر يحسن من النتائج الطويلة الأمد للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ومن أهم توصياتها تعميم برامج التدخل المبكر وتوفير التدريب المهني للاختصاصيين. (Maryam Al Qasimi, Saeed Al Nuaimi, & Hind Al Ali. (2019).
أظهرت الدراسة الوصفية التي أجرتها نادية إبراهيم وآخرون (2021) التحديات والفرص في تشخيص وعلاج اضطراب طيف التوحد في مصر على عينة الدراسة من 200 أسرة لديها أطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد من مختلف المناطق الجغرافية في مصر باستخدام استبيانات ومقابلات مفتوحة ونصف مغلقة، ومراجعة السجلات الطبية وزيارات ميدانية ومقابلات شخصية مع الأسر والأطفال.
من النتائج التي توصلت إليها الدراسة نقص الوعي المجتمعي وصعوبة الوصول إلى خدمات التشخيص والعلاج، خاصة في المناطق الريفية ،تحسن الوعي المجتمعي في المناطق الحضرية ووجود مبادرات لزيادة التوعية.
توصي الدراسة بتحسين البنية التحتية الصحية، وتوفير الدعم المالي والفني للأسر، وتعزيز برامج التدريب المهني للعاملين في مجال الصحة النفسية. ( Nadia Ibrahim, Amr Al Shafie, & Leila Mahmoud. (2021).