تشير دراسة جديدة إلى أن سمات الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد تتبع سلوكيات شبيهة بالتوحد لدى أمهاتهم أكثر من سلوكيات آبائهم
16 أكتوبر 2020
تظهر الدراسة على وجه الخصوص أن الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد الذين تعاني أمهاتهم من مشاكل في اللغة البراغماتية العملية – التواصل في البيئات الاجتماعية – يميلون إلى أن يواجهوا صعوبات التواصل الاجتماعي بشكل خاص. علاوة على ذلك، فإن هؤلاء الأمهات لديهن أيضاً العديد من المتغيرات الوراثية (الجينية) الشائعة المرتبطة بالتوحد. يُعتقد أن هذه المتغيرات الشائعة تمثل ما يصل إلى نصف الأساس الوراثي (الجيني) للتوحد.
تشير النتائج إلى أن نفس العوامل الوراثية (الجينية) التي تساهم في التوحد تكمن أيضاً في مجموعة من السمات الخفيفة المعروفة باسم (النمط الظاهري للتوحد الواسع). قد يكون وجود هذه السمات علامة على أن المرأة تحمل استعداداً وراثياً للتوحد.
ووفق ما يقول الباحث المشارك (مولي لوش) مدير مختبر الإعاقات النمائية العصبية في جامعة نورث وسترن في إيفانستون – إلينوي: (لقد كنت متحمساً حقاً لرؤية أن سمات النمط الظاهري لعرض التوحد الواسع، وخاصة السمات المتعلقة باللغة، تبدو مهمة حقاً في فهم كيفية التعبير عن المسؤولية الوراثية (الجينية) وربطها حقاً بالاختلاف الوراثي (الجيني) الجزيئي).
وقد لاحظ الباحثون منذ فترة طويلة أن بعض الآباء يظهرون نسخاً خفيفة من نفس الصفات التي تظهر في أطفالهم ذوي اضطراب طيف التوحد. بحثت الدراسة الجديدة في العلاقة بين الميل الوراثي للتوحد والتعبير عن سمات التوحد داخل العائلات.
تقول الباحثة المشاركة ليا ديفيس الأستاذة المساعدة للطب الوراثي في جامعة فاندربيلت في ناشفيل بولاية تينيسي: إنه يُظهر أن سمات التوحد والتعبير عن الجذور الوراثية للحالة قد تختلف بالنسبة للأمهات والآباء.
وتتلاءم هذه النتائج مع نظرية تسمى (التأثير الوقائي للإناث)، والتي تنص على أن الأمر يتطلب المزيد من العوامل الوراثية لتؤدي إلى التوحد لدى النساء مقارنة بالرجال. في هذه الحالة، قد تنقل النساء المصابات بصفات خفيفة من التوحد المورثات (الجينات) المرتبطة بالتوحد إلى أطفالهن، دون أن يصبن بالتوحد بأنفسهن.
السمات المطابقة
اعتمد (ديفيس ولوش) وزملاؤهم على بيانات من مجموعة Simons Simplex، وهي مستودع للمعلومات الوراثية (الجينية) والسمات من 2621 طفلاً من ذوي اضطراب طيف التوحد وأولياء أمورهم. ينحدر الأطفال من أسر (بسيطة)، أي أن أولئك الذين لديهم آباء غير مصابين بالتوحد وطفل واحد فقط مصاب بالتوحد. (يتم تمويل مستودع المعلومات الوراثية (الجينية) من قبل Simons Foundation، المنظمة الأم لـ Spectrum).
نظر الباحثون في مجموعة متنوعة من البيانات حول سمات الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، وفقاً لجدول مراقبة تشخيص التوحد (ADOS) وثلاثة استبيانات يملؤها الآباء: مقابلة تشخيص التوحد المنقحة، ومقياس الاستجابة الاجتماعية ومقياس السلوك التكراري – مراجعة. قاموا أيضاً بفحص ردود الوالدين على استبيان النمط الظاهري للتوحد الواسع (BAPQ) (مسح مكون من 36 عنصراً يقيم ثلاث سمات مرتبطة بالتوحد: شخصية جامدة، وانعزال اجتماعي، ومشاكل في اللغة).
سجل الآباء درجات أعلى من الأمهات في BAPQ بشكل عام، وكذلك في جميع الصفات الثلاث. ترتبط درجات الآباء في مجال الصلابة بسلوكيات الأطفال المتكررة كما تم قياسها من خلال استبيانات تقرير الوالدين، بينما يتم تتبع درجات الأمهات بشكل عام وفي كل مجال مع لغة الأطفال وصعوبات التواصل الاجتماعي.
ثم استخدم الباحثون البيانات الوراثية (الجينية) لحساب (النقاط متعددة الجينات) لكل فرد من أفراد الأسرة – وهو المجموع الإجمالي لجميع المتغيرات الوراثية (الجينية) المرتبطة بالتوحد والموجودة في الحمض النووي الخاص بهم.
ووجد الباحثون أن الأمهات اللواتي حصلن على درجات عالية في تعدد المورثات (الجينات) يميلون إلى امتلاك سمات ذات صلة بالتوحد، خاصة صعوبات اللغة البراغماتية العملية. على النقيض من ذلك، فإن الدرجات المتعددة الجينات للآباء لا تتعلق بنتائج BAPQ الخاصة بهم. نُشر العمل في سبتمبر في مجلة Biological Psychiatry.
هذه الدراسة هي واحدة من أولى الدراسات التي توضح دور خصائص الأم وكيف ترتبط سمات المرأة بالتوحد لدى طفلها، كما يقول ديفيد إيفانز، أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة بوكنيل في لويسبورغ، بنسلفانيا، والذي لم يشارك في الدراسة. وقد ركزت الدراسات السابقة بشكل أكبر على الصلة بين النمط الظاهري الواسع للتوحد لدى الأب وطفله، كما يقول.
لا ترتبط درجات مقياس ADOS للأطفال بنتائج BAPQ لوالديهم، وهو ما كان (مفاجئاً)، كما تقول ميغان سوانسون، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة تكساس في دالاس. (سيكون من الصعب تحديد ما إذا كان المحققون قد وجدوا هذا النمط من النتائج لأن ADOS تفتقر إلى الأبعاد أو إذا كانت النتائج متحيزة بسبب كون الأمهات المخبر الأساسي لتدابير تقرير الوالدين).
الاتجاهات النسائية المستقبلية
يقول (إيفانز) إن الدراسات المستقبلية يجب أن تبحث فيما إذا كانت سلوكيات الآباء والأمهات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوكيات بناتهم وأبنائهم من ذوي اضطراب طيف التوحد.
يقول (سوانسون): إن فهم الوالدين بشكل أفضل قد يعلم الباحثين شيئاً عن النتائج المحتملة في أطفالهم.
ويخطط (ديفيس ولوش) لإجراء المزيد من الدراسات حول النمط الظاهري لاضطراب طيف التوحد الواسع، خاصة عند النساء. يقول (ديفيس) إن هذه المعلومات قد تساعد الباحثين على تحديد شكل التوحد بشكل أفضل عند الفتيات والنساء.
ويضيف ديفيس: (المجال جيد حقاً في تحديد هذه الميزات على مستوى دقيق للأولاد الصغار، في الحقيقة ليس جيداً في فعل ذلك، على سبيل المثال، للنساء البالغات). (هذا مجال آخر بدأن للتو في البحث عنه، وكانت هذه طريقة مثيرة للاهتمام للنظر في بعض هذه الأسئلة).
كما أنهم يخططون لدراسة العائلات التي لديها أكثر من طفل من ذوي اضطراب طيف لتوحد، لأن النتائج من العائلات البسيطة قد لا تنطبق على هذه العائلات متعددة الإرسال.
أخيراً يقول لوش: (إن توسيع هذه الأنواع من التحليلات لتشمل مجموعة أكبر من العائلات، حيث ستكون المسببات الوراثية (الجينية) أكثر تنوعاً، هي خطوة تالية مهمة).
- تايلور وايت طالبة دراسات عليا في برنامج إعداد تقارير العلوم والصحة والبيئة بجامعة نيويورك. تكتب عن الصحة العامة والتكنولوجيا. حاصلة على بكالوريوس في علم الأحياء مع تخصص في الصحافة من جامعة سوفولك في بوسطن، ماساتشوستس.