أوضح الدكتور بيرنارد ريملاند من معهد دراسات التوحد في سان دييغو أن فيتامين ج يعتبر أكثر المواد أماناً والذي يفيد المخ والجسم بصورة كبيرة في عدة أوجه. وقد أدركت فعاليته في الوقاية والمعالجة.
يتركز فيتامين ج بكثافة في المخ ولكن لا نعرف بالتحديد الدور الذي يقوم به في هذا العنصر وقد استعانت إحدى الدراسات الطبية بـ 400 مرجع تبحث في فيتامين ج والمخ، ولكن يظل السر قائماً.
لا نحتاج لأن نفهم الكيمياء الحيوية لفيتامين ج لندرك أنه أساسي لوظائف المخ. إن العلامات المبكرة لنقص فيتامين ج في الجسم هي حدوث الارتباك والشعور والكآبة. كما يعزز فيتامين ج الإدراك، كما ثبت في ارتفاع درجات معدل الذكاء المتزايدة في الأطفال غير ذوي الإعاقة والأطفال الذين لديهم متلازمة داون.
وقد اثبت كل من هوفمان واوزموند في سلسلة دراساتهما الذكية فعالية فيتامين ج في معالجة انفصام الشخصية (شيزوفرينيا).
ولكن هل تم استعمال فيتامين ج في معالجة التوحد؟ هناك حالتان دراسيتان فقط تتناولان تدخل فيتامين ج بوجه خاص في حالات التوحد، الأولى كانت دراسة بدأتها في 1967 لتقييم أثر ومفعول 4 فيتامينات وهي: ب 3، ب 5، ب 6 وفيتامين ج حيث تم استخدام جرعات تتراوح بين 1 ـ 3 جرام من فيتامين ج (حوالي 30 مع / رطل)، وتفوق فيتامين ب 6 على فيتامين ج بسهولة عند مستوى تلك الجرعة (يؤكد 18 بحثاً أهمية وقيمة فيتامين ب 6).
أما البحث الثاني في فيتامين ج مع التوحد فقد أجري على يد دولسكي إي تي ايه الـ (1983). وتكون البحث من إجراء تجارب لمدة ثلاثين أسبوعاً بإعطاء جرعات 53 مع / رطل في اليوم كعلاج لـ 18 طفلاً من ذوي اضطراب طيف التوحد (تتراوح أعمارهم بين 6 ـ 19 سنة) في مجمع سكني. وكانت النتيجة إحصائياً هي حدوث تحسن ملموس. وأعطت الجرعات الكبيرة التي أعطاها د. دولسكي أفضل النتائج عن الدراسة الأولى في فيتامين ج، ولكن ما هي الجرعة الصحيحة لفيتامين ج للتوحد؟ لا أحد يعرف. ولكن استخدام فيتامين ج مأمون بصورة كبيرة ولو أخذ بجرعات مكثفة، عليه سيكون من المفيد معرفة أفضل الجرعات للتوحد.
ما هي الجرعة المأمونة من فيتامين ج؟ الجواب هو الكثير منها؟
يقترح خبير (فيتامين ج) روبرت كاثارت طريقة (تحمل المعدة) لتحديد احتياجات الفرد من فيتامين ج. وببساطة تأخذ يومياً كميات كبيرة من فيتامين ج حتى يصل جسمك إلى درجة التشبع منه. وبتجاوز هذا المعدل فسوف يصبح فيتامين ج مليناً. ومستوى التحمل بالنسبة لمعظم الأشخاص من غير ذوي الإعاقة هو 10 إلى 15 جراماً من فيتامين ج يومياً. ويحتاج جسمك إلى المزيد من هذا الفيتامين في حال شعورك بالمرض ويمكنك زيادة الجرعة من 30 إلى 100 جرام أو أكثر يومياً.
وبالنسبة لكاثارت وخبراء الفيتامين الآخرين فإن استخدام جرعات كبيرة من الفيتامين عند المرض سوف يقلل ويختصر فترة المرض بصورة كبيرة، ويستطيع مرضى د. كاثكارت الذين يعانون من تكسر وحيدات النواة في الدم من العمل بصورة جيدة بعد استعمال 300 جرام يومياً من فيتامين ج، بينما يظل مرضى الأطباء الآخرين منومين لعدة أسابيع في المستشفى أثناء هذا المرض.
وفي هذا الصدد يقول:
(أعطيت ابنتي هيلين عند تنويمها بمرض هودجكن المرحلة الرابعة في عام 1974م، 40 حبة يومياً من فيتامين ج (536 مج / رطل). صرخ الأطباء المعالجون في وجهي قائلين (سوف تقتلها!) وأجبتهم (هراء). واستعادت عافيتها سريعاً، وما زالت في حالة صحية جيدة بعد 34 سنة).
وقد نشر فاندر اكامب في 1966 ورقة مهمة ونادرة أوضح فيها احتياج البالغين المصابين بالشيزوفرينيا من 36 إلى 48 جراماً يومياً من فيتامين ج للوصول إلى مستوى التشبع منه والتي يبلغها الأشخاص الآخرون من بتناول 4 جرامات من فيتامين ج يومياً. ويقاس مستوى التشبع باختبار بسيط وذلك بإضافة نقطة واحدة من البول إلى انبوب اختبار يحتوي على كاشف.
والمثير الذي وجد ليس هو احتياج مرضى الانفصام لجرعات مضاعفة عشر مرات عن جرعات غير المرضى، وإنما المثير هو أن الجرعات الكبيرة من فيتامين ج يومياً تحدث تحسناً ملموساً في (التطبيع الاجتماعي) للمرضى. حيث يشعر المرضى بأنهم بحالة جيدة. ويستبدل القلق والتوتر والتعابير الوجهية بابتسامة ود ترسم على محياهم. وبيّنوا أنهم لم يشعروا بأنهم (مقيدون). (يبدو أن الناس ليسوا ضدي). (أستطيع الآن أن أفكر أكثر وضوحاً). وبدأ الأشخاص المنعزلون الانطوائيون في المشاركة في الأنشطة وفي المحادثات والنقاش مع المرضى الآخرين وموظفي الجناح.
ويمضي د. ريملاند قائلاً:
(من الواضح أن التوحد والانفصام هو اعتلالات مختلفة تماماً عن بعضها (كما ركزت في كتابي عام 1964 بعنوان (توحد الأطفال))، ولكن التطبع الاجتماعي الذي بينه فاندركامب عن مرضى الانفصام لديه سوف يكون محل ترحيب لدى الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وخاصة لذوي متلازمة أسبرجر. أتمنى أن يكون هناك القليل من القراء الذين ينتابهم الفضول مثلي في ماذا ستكون المحصلة النهائية إذا ما تم إعادة وتكرار دراسات فاندركامب على متلازمة أسبرجر والتوحد.
وأفاد باحثون آخرون بحدوث تحسن ملموس لدى المرضى النفسانيين وذلك لدى استخدام جرعات كبيرة من فيتامين ج، وأفاد ميلنر (1963) على سبيل المثال (تحسن ملموس لأعراض الإحباط، الهوس ونظير البارانويا) مع تحسن في مجمل شخصية المرضى.
كما بيّن البحث أيضاً حدوث تحسن عند استخدام فيتامين ج لدى مرضى الإحباط والهوس والذي قمت بذكره في كتابي (توحد الأطفال) والتي يبدو أنها مرتبطة وراثياً بالتوحد.
إذا تم استخدام فيتامين ج بكميات كبيرة، ينصح معظم الخبراء باستخدام فيتامين ج المصقل (صوديوم اسكوربيد) بدلاً عن حامض الاسكوربيد، حيث أن شكل الأحماض تتركز عند تناول الجرعات الكبيرة. يمكن شراء مسحوق صوديوم اسكوربيد (1 ملعقة تساوي 4 جرامات) بالرطل أو بالكيلو وليست بغالية الثمن.
(*) الدكتور برنارد ريملاند
مركز أبحاث التوحد
برنارد ريملاند (15 نوفمبر 1928 – 21 نوفمبر 2006) أخصائي في علم النفس الأمريكي، كاتب ومحاضر، ومناصر للأطفال الذين لديهم اضطرابات في النمو. أول كتاب له بعنوان: “الطفولة الطفولية” عن ولادة ابنه من ذوي اضطراب طيف التوحد، كان له دور أساسي في تغيير المواقف تجاه اضطراب طيف التوحد، وأسس لهذا الغرض جمعية التوحد الأمريكية (ASA) ومعهد أبحاث التوحد.