سنوات من تحليل السلوك التطبيقي (ABA) أدركتٌ ما هي أهمية مهارات اللعب بالنسبة للأطفال وخصوصا الأطفال ذوي التوحد. ومن خلال اللعب يتعلم الأطفال: السلوك الملائم، إتمام المهام، الخيال، أخذ الدور، بناء العلاقات، التقمص، اللغة الملائمة، القدرة على الطرق المتنوعة للعب والتفاعل المتبادل.
الأهم من ذلك هو المرح والاستمتاع. وجوهرياً يعتبر اللعب مهارة مهمة تكمّل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) وتعمم المهارات التي دُرّست اعتيادياً.
التالي: هو عبارة عن ملخص عن الحالات التي تعاملت معهم والذين بعد سنوات من الجهد تعلموا كيفية الاستمتاع بالألعاب.
أحد الأطفال الذين تعاملت مهم كان لا يملك مهارات اللعب ولا يستمتع بتدريس اللعبة اعتيادياً. وبعد ثلاث سنوات من تدريب اللعب الصارم والدقيق مع الألعاب المختلفة أصبح لديه لعبة مفضلة يقضي وقتاً للعب بها باستقلالية.
وعلى الرغم من أن هناك أطفالاً يجب أن يُدّرسوا بطريقة اعتيادية كيفية اللعب وذلك بطريقة وضع مهام اللعب في برنامج تحليل السلوك التطبيقي، كان هذا الطفل خاصة لا يستمتع بالمرح. عمل الفريق جاهداً بصورة خاصة لتحفيز هذا الطفل على اللعب. ودُرّس الطفل برنامج اللعب الخاص بطريقة غير اعتيادية ليكون مرحاً وممتعاً. حيث كان الانتباه للمهارات بالنسبة للطفل صعباً وتركيز نظراته لا يستمر سوى ثوان معدودة في كل مرة.
خلال جلسات لا تحصى عملت جاهدة كل ما بوسعي لأجعل الطفل يستمتع باللعب ليس فقط من خلال نص مكتوب يدرس له بل استخدمت عدداً من المعززات الاجتماعية التي كان الطفل يحبها. على سبيل المثال كنت أنا والطفل نقوم بتركيب المكعبات ومن ثم هدمها، وعندما تتساقط المكعبات كنت أسقط أمام الطفل وأتظاهر بأنني ميّتة وكان ذلك يغرقه بالضحك، وقمنا بعملها مرة أخرى وأخرى.
مثال آخر أذكره وهو لعبة أحجية الخرز. وكطريقة للابتعاد عن فترة الجلوس الطويلة للعب كنت أصدر صوتاً مضحكاً محدثة اختلافاً في نبرة صوتي العادية عند الكلام حيث استمتع هذا الطفل بشدة. وكنت قادرة من خلال التفاعل الاجتماعي على الاستمتاع باللعب. وأيضاً الجلوس للعب باللعبة زاد تدريجياً وأصبح الطفل الآن يلعب لمدة طويلة دقيقة بألعاب مختلفة.
هذا الطفل الآن عمره خمس سنوات. خلال سنوات من الجهد تمكن فريقنا من تقليص توجيه الأصوات وطريقة التدريب الاعتيادية واستمتع بطريقة اللعب، وبالمقابل تعلم هذا الطفل أن اللعب مرح وليس مهمة روتينية يجب انجازها.
عندما أقوم الآن بالعلاج يجلس هذا الطفل الصغير ويقوم باللعب بإحدى لعبه المفضلة بينما أقوم بوضع البرنامج في كل مرة أرى ذلك أتبسم وأكون ممتنة لتلك اللحظات الثمينة.
وبما أن الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد فريدون ولديهم نقاط ضعف ونقاط قوة مختلفة مقارنة بالأطفال الآخرين، بحيث كان له برنامج لعب اعتيادي. اللعب كان يستهدف الطفل ويُوجّهه للعب باللعبة بالطريقة الصحيحة. على سبيل المثال: عند تعليم لعبة الصلصال عدة مهارات كانت مستهدفة مثل عجن الصلصال بطريقة وتدية، تقطيع الصلصال، وعمل أشكال مختلفة بقاطعة البتيفور، استخدمت لهذا الطفل طريقة التوجيه الصوتي ولكن بنبرة طبيعية.
الآن وبعد استهداف المهمة في اللعب أصبح الطفل يلعب بطريقة طبيعية بالصلصال ويقوم بعمل أشكال لا تحصى باستخدام قاطعة البتيفور. وأيضاً قام المعالجون بتعليم الطفل عدداً من مهام الألعاب المختلفة بالصلصال بطريقة طبيعية مثل عمل شكل الثعبان والكرات والسباجيتي من ماكينة اللعب بالصلصال.
الأطفال الآخرون المستهدفون في برنامج اللعب استخدمت معهم طريقة صارمة. على سبيل المثال: الطفل ينظم الخرز بطريقة الأمر أو يجب عليه أن يقوم بإنجاز المهمة نظم الخرز كاملة وتنظيف المكان دون معارضة. بالنسبة للأطفال الذين لديهم سلوكيات صارمة يقوم المعالجون باعتراض هذه السلوكيات من خلال المقاطعة المستمرة لمراحل اللعب.
على سبيل المثال: لقطع الطفل من انجاز مهمة اللعب يقوم المعالج بمناداة الطفل لجدولة أو عمل شيء آخر بينما الطفل منهمك في إتمام المهمة. في البداية سيقوم الطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد بمقاومة أي تغيير يطرأ في طريقة لعبه، ولذلك سيقوم بعمل أي شي لوقف المعالج. على أي حال إنه عمل المعالج عندما يضع الهدف أن يعمل من خلال الإجراءات. بمعنى آخر أن يوجههم جسدياً إلى مهمة أخرى وذلك لقطع الطريقة الصارمة لإنهاء المهمة. الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحد سيتعلمون قطع طريقتهم الصارمة ويتعلمون تحمل طرقاً أخرى للعب بالألعاب.
اللعبة والتعزيز الجسدي للأطفال غير الناطقين
الأطفال غير الناطقين بحاجة إلى نماذج أخرى من التعزيز التي ليس من الضروري أن تتطلب تفاعلاً متبادلاً وذلك لزيادة تحفيزهم للعمل على الطاولة. والتفاعل المتبادل هو طريقة يستخدمها الطفل أو البالغ عندما يتفاعل مع الآخرين.
على سبيل المثال: عندما يتظاهر الطفل بأنه يقطع فاكهة ويقدم نصفها للمعالج ليأكلها فإن الطفل يقوم بتفاعل متبادل. وهذا ما ينقص بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد ولذلك يحتاجون إلى جهد أكبر من قبل المعالج ليشغل الطفل.
لأجل ذلك على المعالج أن يبالغ في استخدام تعبيراته الوجهية كطريقة أخرى لعرض كيف يبدو التعزيز مرحاً. حتماً سيكون هناك وقت يقوم عندها المعالج بعمل أي شيء لجعل الطفل يبتسم. لأجل ذلك من الضروري عمل تقييم للتعزيز لمعرفة ما يجعل الطفل يضحك أو يبتسم.
إن تقييم التعزيز طريقة يستخدمها المعالج لمعرفة ما يعزز الطفل في الوقت المناسب. يستطيع المعالج أن يحمل غرضين أو طعاماً وينتظر الطفل لكي يتواصل مع أي الغرضين مغرٍ بالنسبة له. وبعدها يقوم المعالج بحمل الغرض المغري مع لعبة أخرى أو طعام آخر لمعرفة ما هو المحفز الأكثر إغراء. بعمل هذا يستطيع المعالج إيجاد سلسلة من المعززات الجيدة التي يحبها الطفل حباً جماً.
معزز اللعب يمكن ويجب استخدامه مع الأطفال الأكبر سناً متى ما كان ذلك ملائماً. على سبيل المثال: لعبة الطائرة الهليكوبتر والكرات ذات الوجوه المبتسمة المضيئة ولعبة المقاعد المرحة ملائمة لسن السابعة فما فوق.
يجب أخذ التعزيز بالاعتبار بالنسبة للأطفال الذين يعتبرون زمنياً أكبر ولكن نماءهم متأخر بضع سنوات. على سبيل المثال: إذا كان عمر الطفل الزمني ثماني سنوات ولكن وظائفه النمائية في سن الرابعة.. وفي تلك الحالة يجب أن يُشّجّع على المجهود الجسدي الكبير.
أمثلة: ربما القفز على المنضدة الهوائية، لعبة الحرب، والدغدغة أو العراك بالمخدات (الوسائد)، هذه الأنواع من الألعاب ملائمة للأطفال الأكبر سناً ولذلك لا تتسبب في عزلة الطفل عن أقرانه. وفي الوقت نفسه التعزيز يكون للطفل الذي نموه في سن الرابعة.
يجب أن تمثل الألعاب ما هي سلوكيات الاستثارة الذاتية لدى الطفل. إذا كان الطفل يستمتع بالأشياء التي تدور فإن على المعالج جلب الأشياء التي تدور مثل المروحة، والهليكوبتر كلعبة يكتسبها الطفل ووضعها على الطاولة.
العديد من الألعاب يمكن شراؤها من المتاجر بتكلفة بسيطة أو من المحلات بسعر مناسب. ولتجنب الإشباع الكامل على المعالج أن يفكر بعمل ثلاث إلى خمس أشياء باللعبة نفسها. والمهم أيضاً محاولة التواصل مع الأطفال غير الناطقين والعمل على إصدار الأصوات، لغة الإشارة، التواصل بطريقة تبادل الصور، التواصل البصري، التأشير، أو الضرب الخفيف على يد المعالج كلها وسائل للتواصل يجب أن تمارس أثناء تعزيز اللعبة والتعزيز الجسدي.
المصدر:
إلينا ساند ABA Therapists (Applied Behavior Analysis)