لقد تطورت برامج التدخل المبكر في الآونة الأخيرة وباتت تركز بشكل كبير على المخرجات الوظيفية وعلى المشاركة الأُسرية ونوعيتها كذلك على تقديم خدمات مستندة على الأدلة والبراهين من خلال فرق عمل مدربة ومؤهلة وذلك وفق روتين الأُسر والأطفال في بيئاتهم الطبيعية. ولضمان برنامج تدخل مبكر ناجح وفعّال يواكب التطورات في المعاصرة في المجال هناك سبعة مفاتيح مهمة للغاية للأخذ بها عند تقديم أو تقييم مدى فعالية برامج التدخل المبكر نسردها لكم كالآتي:
التعلم من خلال التجارب اليومية:
يتعلم الأطفال الرضع وصغار السن بشكل أفضل وفعّال من خلال التجارب اليومية والتفاعل مع الأشخاص المألوفين وذلك ضمن سياقات حياتية مألوفة ومعروفة حيث تكون فرص التعلم والأنشطة المتعلقة بها بشكل عملي ومبنية على أساس مصلحة الطفل والأُسرة ومصدر متعة لهم، وهذا التعلم يُشترط أن يقوم على بناء علاقات إيجابية ملائمة بين جميع الأطراف ويوفر هذا النمط من التعلم فرصاً خصبة للممارسة العملية للمهارات المكتسبة والبناء على مهارات وقدرات تم اتقانها مسبقاً ويحدث كل ذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج الممتعة والمفيدة.
الأُسرة هي شيء ثابت في حياة الطفل:
جميع الأُسر إذا توفرت لها الفرص وما يلزم من دعم وموارد مختلفة تعزز بشكل فاعل تعلم الأطفال ونموهم وذلك بغض النظر عن مستوى الدخل أو الخلفيات العرقية والثقافية أو حتى مستوى التعليم أو المهارة، حيث أن القدرات والمهارات تتوافر لدى الأُسر عامة ولكن بمستويات مختلفة، إن الأشخاص البالغين الثابتين في حياة الطفل لديهم تأثير على تعلم الطفل بشكل أكبر من مقدم أو مزود الخدمة أو حتى مقدمي الرعاية، وتتوفر لديهم الحيلة والقدرات والتي يمكن استخدامها لمساعدة الطفل، كذلك فإن مصادر الدعم الرسمية أو غير الرسمية تكون بحاجة الى البناء والتوجيه بحسب نقاط القوة المتوافرة، كذلك يجب المساهمة في الحد من الضغوط المختلفة حتى تتمكن الأُسرة من الانخراط مع أطفالها في أنشطة وتفاعلات ممتعة وبشكل متبادل.
الخدمات القائمة على الدعم والتعاطف:
الدور الرئيسي لمقدم خدمات التدخل المبكر هو العمل على دعم أفراد الأُسرة ومقدمي الرعاية للطفل، إن مقدمي الخدمات يتفاعلون مع الأشخاص المحيطين بالطفل وذلك لتعزيز الثقة والكفاءة لديهم، حيث أن الأُسرة تعتبر المؤثر الرئيسي والأول في حياة الطفل، ويتم التعامل مع جميع الأُسر على حد السواء من حيث الشراكة في العلاقة وقد جاء هذا الأمر كون الأُسرة هي الشيء الثابت بالنسبة لكل طفل وبالتالي فإن مسألة تسهيل مهمة الأُسرة في تقديم الخدمات أو الرعاية ومشاركتهم في صنع القرار الخاص بقدرات الأطفال وتطويرها مسألة مهمة جداً.
ان يميز الأمر وجود العلاقة المهنية بين الأُسرة ومقدم الخدمات الرئيسي للتدخل المبكر يسودها الاحترام والثقة المتبادلة بالإضافة الى الصدق والشفافية في التعامل وقنوات التواصل المفتوحة.

المرونة والفردية وتتبع قيادة الطفل وأسرته حيث انهما محورية الخدمات:
عملية التدخل المبكر من بدايتها وحتى نهايتها أي من مرحلة التسجيل والتواصل الأولي وحتى مرحلة الانتقال يجب أن تكون ديناميكية ومتفردة وتعكس تفضيلات الطفل وافراد اسرته وأساليب التعلم والمعتقدات الثقافية وإعطاء مجموعة من الخيارات بحيث تكون الأُسرة:
- مشاركاً نشطاً وفعّالاً في جميع الجوانب والخدمات والأنشطة المتنوعة والمقدمة للطفل وأسرته.
- تكون الأُسرة هي صاحبة القرار النهائي والفصل في شأن كمية ونوع المساعدة أو الدعم الذي تتلقاه.
- احتياجات الطفل واهتمامات الأُسرة، التغيير في المهارات والأهداف أو أصحاب المصالح ينبغي أن تنعكس في متن الخطة الفردية لخدمات الأُسرة والتي تتميز بالمرونة وتخضع بشكل دائم ومستمر لإعادة التقييم.
- من المعروف أن الأشخاص البالغين في حياة الطفل لديهم تفضيلاتهم الخاصة بأساليب التعلم والتفاعلات والتدخلات حيال ذلك ينبغي أن تكون مستجيبة للحالات الفردية وبشكل ملائم لكل حالة على حدة.
- يوضع دوماً في الحسبان أن ثقافة كل أُسرة ومعتقداتها وقيمها وانشطتها وحتى التقاليد هي مختلفة عما لدى مقدم / مزود الخدمات – حتى وإن كان من قافة مماثلة – ولذلك يجب أن يسعى مقدمو الخدمات الى الفهم العميق لهذه الأمور وليس الحكم عليها.
- ضرورة اعتبار المسارات والخيارات الأُسرية أكثر أهمية من راحة مقدمي الخدمات أو معتقداتهم.
المخرجات الوظيفية للأهداف واستراتيجيات التدخل:
إن مخرجات الخطة الفردية لخدمات الأُسرة يجب أن تكون وظيفية ومستندة الى احتياجات الطفل وأولويات الأُسرة.
المخرجات الوظيفية مبنية على فرص التعلم الفطرية، وتلائم الأشياء المهمة في حياة الطفل وأسرته وتحدث بشكل طبيعي ضمن الروتين اليومي بحيث تدرك الأُسر أن الاستراتيجيات المستخدمة مع الأُسر تستحق العمل عليها من قبلهم لأنها ستؤدي في النهاية الى تحسينات عملية في حياة الطفل واسرته، بالإضافة الى أن الأهداف الوظيفية تساعد على المحافظة على التركيز من قبل فريق العمل على ما هو مفيد للأسرة والطفل في انشطتهم اليومية وبيئتهم الطبيعية.
نوعية فريق العمل وطبيعة تقديم الخدمات:
يتم التعامل مع احتياجات واهتمامات وأولويات الأُسر بواسطة مقدم الخدمة الرئيسي والذي يكون ممثلاً للفريق أمام الأُسرة ويتلقى الدعم والمساندة من كافة أعضاء فريق العمل.
وقد لا يقتصر فريق العمل الداعم أو المساند على مختصي التدخل المبكر فيمكن كذلك أن يضم الأصدقاء والأقارب أو أي فرد من أفراد المجتمع سواء تمثيلاً فردياً أو مؤسسياً، وذلك باستخدام ممارسات جيدة ومدروسة من العمل الجماعي ودوماً يحتاج الفريق إلى شخص واحد ثابت ومتفهم يواكب التغيرات في الظروف والاحتياجات أو الأولويات وحتى نقاط القوة في حياة الأُسرة، ويمكن أن يساهم مزود الخدمات الرئيسي في جلب أو تسهيل خدمات ووسائل دعم مختلفة حسب الحاجة مع ضرورة التأكد دوماً الى أن المخرجات والأنشطة والآراء متوافقة مع الحياة الأُسرية للطفل ولن تربك أفراد الأُسرة.
النهج والمبادئ العامة:
التدخلات مع الأطفال يجب أن تكون مبنية على مبادئ ونهج واضح وممارسات عملية تم التحقق منها ومصادق عليها وتعتبر من أفضل المتاح بما يتلاءم مع الأبحاث والقوانين أو اللوائح ذات الصلة، الممارسات العملية والخدمات التي تقدم للأطفال يجب أن تكون متسقة مع المبادئ العامة المتبعة، كذلك فإن مزودي الخدمات لديهم القدرة والكفاءة على توفير اساس منطقي لقرارات الممارسة العملية مع ضرورة البحث والتطوير المستمر وان تكون الممارسات العملية لبرامج التدخل المبكر قائمة على البيانات والتقييم الدوري والمستمر وفي نفس الوقت يجب ان تتفق عمليات التطوير مع السياسات واللوائح الداخلية وهناك ضرورة الى إعادة النظر وتعديل اللوائح والسياسات المعمول بها بما يتلاءم او يتوافق مع المستجدات والتغيرات في المجال .

المرجع