عُقد «مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة سنة 2012»، والذي أطلقت عليه أيضاً تسمية «ريو+20» أو «ريو 20»، لمراجعة ما تم إنجازه بعد مرور عشرين سنة على انعقاد «قمة الأرض» الأولى في ريو دي جانيرو ـ البرازيل» في يونيو 1992،
عندما اجتمع حوالي 170 من رؤساء وملوك العالم، والمنظمات غير الحكومية، من أجل بحث مستقبل الكرة الأرضية. وقد اتفقت الأمم المتحدة على المحوريـْن التالييـْن للمؤتمر: (الاقتصاد الأخضر في إطار التنمية المستدامة والقضاء على الفقر)، و(الإطار المؤسساتي للتنمية المستدامة).
ورغم خيبة أمل العديد من منظمات البيئة والتنمية وحقوق الإنسان من نتائج هذه القمة، وضعف ما تم إنجازه خلال العقدين الماضيين، وعدم التزام بعض الدول الصناعية الكبرى من نادي الملـوّثين الكبار للبيئة، فإن قضية الإعاقة نجحت في فرض نفسها وإسماع كلمتها، وفرض أولوياتها على الوثيقة الختامية التي أصدرها هذا المؤتمر.
أكدت هذه الوثيقة في العديد من موادها على مسؤولية الحكومات في احترام وحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحرياتهم الأساسية كما جاء في الفقرة (9)، وأهمية المشاركة والوصول إلى المعلومات لتحقيق التنمية المستدامة في الفقرة (43)، والتأكيد على تعزيز جهود تحقيق بيئة صحية للجميع ولذوي الإعاقة بشكل خاص في الفقرة (135)، مع التأكيد على ضمان مساواة الوصول إلى التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة في الفقرة (229).
وهكذا أكدت الوثيقة الختامية الكثير مما جاء في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مع إضافات وأبعاد جديدة منها أن سياسات الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة ومكافحة الفقر ينبغي أن تعزز وتدعم رفاه الأشخاص ذوي الإعاقة كما جاء في الفقرة 58 ك، هذا الاقتصاد الأخضر الذي خصه برنامج الأمم المتحدة للبيئة بتقرير شامل حمل عنوان «نحو اقتصاد أخضر.. مسارات إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر»، وعدّه «أحد أهم مساهمات الأمم المتحدة في عملية (ريو +20) وفي الهدف العام لمواجهة الفقر وبناء قرن مستدام».
إن عصرنا هو عصر إساءة توظيف الموارد والإضرار بالبيئة والتنوع الحيوي، وزاد الطين بلة، تصاعد الأزمات الحالية مثل أزمات المناخ، والوقود، والغذاء، والمصادر المائية المختلفة، وأخيرًا في النظام المالي والاقتصادي بصفة عامة. ويشير تزايد معدل الانبعاثات الكربونية إلى خطر محدق يهدد بتغير مناخي لا يمكن السيطرة عليه، تصاحبه احتمالات لعواقب وخيمة على الإنسانية.
إن الاقتصاد الأخضر كما عرّفه برنامج الأمم المتحدة للبيئة هو الاقتصاد الذي يحافظ على الموارد الطبيعية ويدعم المساواة الاجتماعية، في حين يقلل بصورة ملحوظة من المخاطر البيئية. ويمكن أن ننظر للاقتصاد الأخضر في أبسط صورة كاقتصاد تقل فيه انبعاثات الكربون وتزداد كفاءة استخدام الموارد كما يستوعب جميع الفئات الاجتماعية، ويعمل على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
وإذ نقدر كل ما جاء في الوثيقة الختامية لقمة «ريو +20»، لا سيما ما يخص الأشخاص ذوي الإعاقة، فإننا لازلنا نتطلع أن يُـنظر إليهم كشركاء في تحقيق التنمية المستدامة، شركاء يسهمون في صناعتها وازدهارها، ويسهمون كالجميع في قطف ثمارها.