إعداد : الفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
أ.محمد صلاح عبد الرزاق، و د. يسرية عبد العزيز علي
[email protected]; [email protected]
تابع للجزء الثاني في العدد 383
على الرّغم من وُجود العَديد من الفوائد والإيجابيّات للألعاب الإلكترونية إلا أنّ لها جوانب سلبيّة متشعّبة تظهر آثارها على الفرد خاصّةً وعلى المُجتمع عامةً؛ فهي على الصّعيد الشخصي تُنمّي لدى الابن العُنف لأنّ النّسبة الكُبرى من هذه الألعاب تَعتمدُ على تسلية الابن واستمتاعه بمحاكاة قتلِ الآخرين، وتُعلّم المراهقين أساليب وطُرق ارتكاب الجريمة وحيلها، كما تُنمّي في عقولِهم العُنف والعدوان من خلال كثرة ممارسة مثل هذه الألعاب، فيكون الناتج في كثير من الأحيان ابناً عنيفاً وعدوانياً.
أيضاً تَجعلُ هذه الألعاب الابنَ يَعيش في عُزلةٍ عن الآخرين، والهدف الأسمى لديه إشباع رَغَباته في اللعب، وبالتالي تتكون الشخصية الأنانيّة وحب النفس عنده. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّ الأبناء الذين يميلون لألعاب العنف ويمارسونها بشكلٍ كبير لديهم تراجع وضعف في التحصيل الأكاديمي.
وأثّرت الألعابُ الإلكترونيّةُ على المجتمعات التي تنتشر فيها انتشاراً واسعاً؛ فقد ثبت أنّ نِسبة جرائم القتل والسرقة قد ارتفعت بشكلٍ ملحوظ، وكذلك الجرائم الأخلاقيّة، والسبب في ذلك ألعاب العنف التي يُمارسها الأفراد، كما ثبت أنّ هذه الألعاب تُؤثّر أيضاً على الصحّة العامّة للطفل على المدى البعيد؛ فهي تؤدّي إلى إصابته بالتهابات المفاصل، وقلّة المُرونة الحركيّة، والاضطرابات النفسيّة، كما أنّ اللعب لفتراتٍ طَويلة يُكوّن لدى الابن السلوك الإدماني الوسواسي.
إدمان الألعاب الإلكترونية:
أصبحت صناعة الألعاب الإلكترونية أكبر حجماً من صناعة السينما، وأكبر من شبكة التلفاز والاتصالات، وليس من المستغرب أن تشكل هذه الألعاب تحدياً خطيراً، أو أن تشعر الجهات التي قامت بتصميمها بالنجاح لأنها (تجعل المرء يدمن) على مبتكراتها وتفتخر بانشغال الجمهور بها والاستثمارات التي تحققها.
يشير هذا المفهوم إلى الاستخدام المفرط أو القهري لألعاب الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو، والتي تتداخل مع الحياة اليومية للشخص، ويتجلى إدمان الألعاب الإلكترونية في الإحساس بنوع من الإجبار على اللعب، والعزلة الاجتماعية، وتقلب المزاج، وتقلص الخيال، والتركيز المفرط على النجاح في اللعبة، وصولاً إلى الاستغناء عن الأنشطة الأخرى في الحياة.
إدمان الألعاب الإلكترونية آلية للتعامل مع الاحتياجات المفقودة أو غير المحققة، ولا يمكن تشخيص إدمان الألعاب الإلكترونية ببساطة عن طريق اللعب المفرط، ولكن عن طريق العلاقة بين لعب الألعاب الإلكترونية وحجم ونوع السلبيات في حياة اللاعب الواقعية. مثلاً (العنف والعدوان …………..).
إدمان الألعاب الإلكترونية المتصلة بالإنترنت:
على الرغم من أن الألعاب الإلكترونية موجودة منذ عقود، إلا أن إدمانها أصبح أكثر انتشاراً مؤخراً، لأن الإنترنت أصبح متوفراً ومتاحاً في كل وقت، وتزامن ذلك مع إدخال وظائف متعددة للاعبين عبر الإنترنت. وعلى الرغم من أن الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية أياً كان نوعها يرتبط بالإدمان؛ إلا أن الألعاب المتصلة بالإنترنت التي توفر الاتصال بلاعبين آخرين والمراسلات الفورية وغيرها من المزايا، هي الأكثر تسبباً بالإدمان.
الآثار الناتجة عن إدمان الألعاب الإلكترونية:
- غياب الرغبة في التواصل مع الآخرين، واللعب مع الأبناء، ورفض الخروج من المنزل.
- التوتر المستمر في حال عدم وجود الأجهزة الإلكترونية التي اعتاد اللعب بها.
- فقدان التركيز وعدم القدرة على الكتابة والدراسة بشكل صحيح.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة الأخرى وعدم الرغبة في فعل أي شيء آخر.
- تدني المستوى الدراسي.
- تعلق الابن بالأجهزة الإلكترونية بغرض اللعب.
العنف في الألعاب الإلكترونية
تعريف العنف الإلكتروني
العنف الإلكتروني هو كل فعل ضارٍ بالآخرين عبر استخدام الوسائل الإلكترونية مثل الحاسوب والهاتف النقال وشبكات الاتصال الهاتفية، شبكات نقل المعلومات، شبكة الإنترنت (مواقع التواصل الاجتماعي) متمثلاً بألفاظ القذف والسب والشتم بين الأفراد وكذلك الترويج والتحقير من الفرد. ويعد العنف الإلكتروني من أخطر أنواع العنف إذ أنه يمس الحياة الاجتماعية والنفسية للأفراد؛ مما قد يدفعهم لارتكاب جرائم تهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي بدأيه بالأسرة وانتهاءً بالمجتمع.
أسباب العنف في الألعاب الإلكترونية:
- يقلد الأبناء أبطالهم المفضلين في الألعاب الإلكترونية، وهذا يجعلهم يتقمصون تلك الشخصيات ويتبعون مبادئ وقيم البطل الذي يفضلونه، وهذا يؤثر في تكوين شخصياتهم واعتمادهم على أنفسهم وثقتهم بها.
- نشر ثقافة منتجيها والترويج للعنف وفساد الأخلاق.
- اهتمام الأبناء الذكور بممارسة الألعاب الإلكترونية، وحبهم للمغامرة والمتعة التي توفرها هذه الألعاب، وهم أكثر من يملك أجهزة الألعاب الإلكترونية.
- تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال، التي أضحت الممول الرئيسي لثقافة العنف، مما يجعل الابن يتعامل مع العنف على أنه حدث عادي، ولا مانع من استعماله ضد الآخرين.
- يُعرض العنف الافتراضي دون أن ينال مرتكبوه أي عقاب؛ وهذا يعزز فكرة العنف.
- النمط المشحون بالعنف، والذي يمارسه الابن دون هوادة، منبهراً بصورة البطل الذي لا يقهر.
- الإدمان على العنف الافتراضي، والانغماس فيه، يجعل اللاعب يخلط بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي.
- جهل المحيط الأسري بآثار الألعاب الإلكترونية، وتأثير الإدمان على لعبها، يدفعهم لترك أبنائهم دون رقابة أو متابعة أو مشاركة أو توجيه.
الألعاب الإلكترونية العنيفة وعلاقتها بالسلوك العدواني:
- الألعاب العنيفة أدت إلى تفشي السلوك العدواني في المدارس وبين الأبناء،.
- مشاهد العنف في مختلف الألعاب الإلكترونية (تطاير الدماء، أصوات المسدسات والرشاشات، جثث الضحايا) تؤدي إلى تنمية السلوك العدواني للطفل.
- من أكثر الآثار السلبية في هذه الألعاب فكرة الموقف المتحيز من بعض الشعوب أو الأعراق وهي فكرة خطيرة على المستقبل النفسي والتربوي والأخلاقي للطفل.
أنواع السلوك العدواني المكتسبة من الألعاب الإلكترونية لدى الأبناء:
- العدوان اللفظي: يظهر بصورة القول والكلام المتمثل في السب والشتم ووصف الآخرين بصفات سيئة.
- العدوان التعبيري أو بالإشارة.
- العدوان الجسدي العنيف: يتمثل في استخدام الابن جسده في إيذاء الآخرين.
- عدوان المنافسة: غالباً ما يكون السلوك العدواني، حالة عابرة في سلوك الابن نتيجة المنافسة أثناء اللعب.
- العدوان الجماعي: يوجهه مجموعة من الأبناء نحو طفل أو أكثر.
- العدوان نحو الذات: العدوانية عند الأبناء المضطربين سلوكياً قد يوجهونها نحو الذات، بهدف إيذاء النفس مثل تمزيق الابن لملابسه أو كتبه أو لطم الوجه أو ضرب الرأس.
الألعاب الإلكترونية العنيفة وعلاقتها بالسلوك الاجتماعي:
تربط الألعاب الإلكترونية الابن بالعالم الافتراضي الخيالي ، وذلك بموجب الخصائص والتقنيات المتوفرة فيها ، فتجعله ينشأ على معطيات مأخوذة من الألعاب الإلكترونية بدلاً من معطيات مأخوذة من الحياة الاجتماعية واقعية ، مما يولد لديه ما يسمى بالعزلة الاجتماعية ، لكثرة تعلقه بالعالم الافتراضي وقلة تفاعله مع العالم الواقعي والخارجي، وبهذا فإنه لا يستطيع تعيين حدوده في الواقع؛ أي لا يفرق بين ما هو له وما هو لغيره ، وهذا بسبب افتراضية الألعاب الإلكترونية التي يسمح فيها بكل شيء ، سواء كان إيجابياً أم سلبياً، وتكون نتيجة هذه الممارسة تحوله الى طفل أناني في سلوكه وطبعه ، يميل كل الميل للعزلة الاجتماعية وعدم التواصل مع افراد العالم الحقيقي ، وبذلك يزيد خجله وانعزاله ويفقده علاقاته الاجتماعية .
كشفت دراسة نشرتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي أجريت على مجموعتين من الأطفال أعمارهم بين 13 و15 عاماً أن الأطفال الذين اعتادوا ممارسة ألعاب الكمبيوتر، خاصة العنيفة منها وتلك التي تشمل الحروب والقتل، زاد لديهم السلوك العدواني واتسموا بسرعة الغضب، إضافة إلى إصابتهم بمشاكل في النوم وزيادة عدد ضربات القلب، فضلًا عن انعزالهم عن أسرهم وأصدقائهم، كما تسبب أمراضاً صحية ونفسية واجتماعية مستقبلًا.
وأشارت العديد من الإحصائيات والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية إلى المخاطر الناجمة عن الإفراط في الألعاب الإلكترونية، وأفادت بأن هناك 175 ألف حالة مرضية نتيجة الإدمان على الألعاب الإلكترونية في العالم، كما أصيب 285 ألف طفل بمشاكل في النظر نتيجة ألعاب الفيديو.
وكشفت دراسات متعددة، أن قضاء وقت طويل في ممارسة ألعاب الفيديو لما يفوق 9 ساعات أسبوعياً، يمكن أن تكون له آثار ضارة على الأطفال. وأكدت أنه يمكن إيجاد علاقة بين المدة التي يقضيها الطفل في ممارسة الألعاب، والمشكلات السلوكية لديه، وصراعه مع نظرائه وتقليل مهاراته الاجتماعية.
كما أظهرت دراسة إسبانية حديثة أن ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو لأكثر من 9 ساعات أسبوعياً تشكل خطراً عليهم. وأجرى الدراسة الباحث خيسوس بوجول من مستشفى ديل مار في برشلونة وزملاؤه وشملت 2442 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7 و11 عاماً. وكشفت الدراسة أنه يمكن إيجاد علاقة بين المدة التي يقضيها الطفل في ممارسة الألعاب والمشكلات السلوكية لديه، وهذه المشكلات تظهر بشكل خاص لدى الأطفال الذين يمارسون ألعاب الفيديو لمدة تزيد على 9 ساعات أسبوعياً.
في الوقت نفسه، كشفت الدراسة أن ممارسة ألعاب الفيديو لمدة ساعة أو ساعتين فقط أسبوعياً ترتبط بتحسن المهارات الحركية وبعض القدرات الإدراكية لدى الأطفال. ويقول الدكتور بوجول إن “ممارسة ألعاب الفيديو ليست جيدة ولا سيئة على الإطلاق وإنما الفترة التي يقضيها الطفل في ممارسة الألعاب هي التي تحدد النتيجة”. ولم تتوقف الدراسة التي تم نشرها في “دورية علم الأعصاب” عند نوع الألعاب التي يمارسها الأطفال.
المراجع العربية:
- إبراهيم، ندي سليم (2016). إيجابيات الألعاب الإلكترونية التي يمارسها أطفال الفئة العمرية (3_6) سنوات وسلبياتها من وجهة نظر الأمهات ومعلمات رياض الأبناء، رسالة ماجستير من جامعة الشرق الأوسط.
- سعاد، هناء، ومرزوق، نوال. (2016). الألعاب الإلكترونية العنيفة وعلاقتها بانتشار ظاهرة العنف المدرسي، الجزائر: مجلة جامعة الجيلالي، ج
- ميرفت عوف (12-8 – 2014)، “بين سلبياتها وإيجابياتها تعرف على كل ما يتعلق بالألعاب الإلكترونية”، ساسة بوست، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-20. بتصرّف 1..
- المغذي، عادل. (2018). معايير توظيف الألعاب الإلكترونية في تنمية بعض القيم لدى أطفال المرحلة الابتدائية من وجهة نظر المعلمين والمعلمات في ضوء بعض المتغيرات. مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، مجلد 37، عدد 177.
المواقع الإلكترونية:
- موقع خط مساعدة الأبناء الأستراليين
- موقع أرشيفي: – غنوة كنان 15ابريل 2020م https://cnnbusinessarabic.com/