لا شك أن هذه الحياة تتنوع فيها الهموم الإنسانية، وتكثر فيها الطموحات المنكسرة للبعض وقد يسبب هذا الإنكسار موجة من الحزن والقنوط والألم المستمر، وآخرون يعيشون في معمعة المرض فيلاحقون الدواء، لا يشغل بالهم وتفكيرهم إلا أوجاعهم للتخلص من الداء، وهناك من تعثرت مشاريعه وأعماله التجارية، ويحترق داخلياً وهو يشاهد ما بناه من مشروع مزدهر يدر أرباحاً ينهار ويبدأ في الإفلاس.
وهناك من تعثر في أولى خطواته وتراجع، وهناك من أخفق في تعليمه ودراسته رغم استذكاره وجده واجتهاده، ومن بيننا فتيات حلمن بفارس الأحلام والزواج وتأسيس أسر مستقرة مترابطة قوية، بل حتى أفكار كيفية تربية الأطفال وتنشئتهم تجدها ماثلة في مخيلة إحداهن وتفكيرها، وهذا جميعه قضي عليه بمجرد مضي أشهر قليلة من الزواج، وأمام أولى مطبات الرحلة الزوجية ينهار هذا العش السعيد، فتهجم عليها الخيبة وتنهار السعادة، وأيضاً تعاني الخوف من نظرات الناس وما يقال عن المطلقات.
قائمة همومنا تطول وتتنوع، حيث نشاهد الهموم القاسية العنيفة، ونرى أيضاً هموماً متواضعة وبسيطة لا تستدعي كل هذه الحسرة والندامة.
من بين هذه الهموم الحياتية للآخرين يجب علينا أن ننظر إلى دواخلنا، ونشعر بحجم كل هذه الغبطة التي تحيط بنا، ثم نقدرها على أكمل قدر، لنعلم أنه لا يوجد من هو خالٍ من الهم، أو من ينشد التميز والارتقاء وقد تكسرت مجاديفه، أو من يتطلع إلى تحقيق حلم حياته وبسبب شيء متواضع انهار هذا الحلم.
يجب أن نعظم تطلعات الآخرين التي فشلوا في تحقيقها لأسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم، لندرك جميعاً أنه لا يوجد من هو يتنفس دون هم، دون أن تسيطر عليه وتزوره الأحزان بين وقت وآخر، لا بد أن ندرك أن هذه طبيعة الإنسان، ولنتذكر قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد).
وما نصل إليه أننا جميعاً يجب أن نحصن أنفسنا ونحاول أن نحميها من الوقوع في مثل تلك الآلام النفسية القاسية التي قد تسبب أذى لنا، يجب أن نوطن هذه النفس ونعلمها أن ما يصيبها وما تتعرض له في مسيرة الحياة، أمر اعتيادي والجميع يخضع له بطريقة أو أخرى، وعندما نطعم ونوطن أنفسنا على الاستعداد لمثل هذه الهموم الحياتية، فنحن في الحقيقة نكون قد أيقظنا عملاقاً كبيراً داخل هذه النفس وهو الأمل، نكون قد منحناه القوة الحقيقية في مواجهة أي صعاب حياتية قد تواجهنا..
لنقوّ الأمل بالله، ونحسن التفاؤل في الحياة.