تصفحت بنهم العدد الأخير من النشرة الالكترونية الدورية التي أصدرتها منظمة سيفيكوس Civicus، وهي تجمع عالمي كبير للجمعيات الأهلية غير الحكومية، وسررت عندما تمحور هذا العدد على مواضيع الإعاقة في العالم وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وسرعان ما وجدت في هذه النشرة قائمة طويلة بأبرز الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم خلال العقود الأخيرة، مع نبذة قصيرة جداً عن حياتهم وتجربتهم الإنسانية وأهم انجازاتهم.
لقد ضمت القائمة العديد من الشخصيات من مشارق الأرض إلى مغاربها، فهذه (سندا كندران) من الهند، وهذه (هاماك جيمير) من نيبال، وهذه (سونج كوزال) من كمبوديا، و(هاري توبمان) الأمريكية، وهذه (فيدو كالو) من المكسيك، وهذه (والت ديزني) من الولايات المتحدة، و(انتونيو كراماسي) من ايطاليا، و(ساليف كيتا) من مالي، و(سيري ماكاروف) من روسيا، وهذا (ستيفن هاوكينغ) من المملكة المتحدة، وغيرهم… حتى انتهت القائمة الطويلة دون أن أجد اسماً واحداً بلغة الضاد!!
وازدادت خيبة أملي عندما وجدت كثيراً من هذه الشخصيات ـ رغم احترامي العميق لها ـ لا تزيد في عطائها وانجازاتها عن الكثير من أصحاب التجارب الإنسانية الرائدة في وطننا العربي والإسلامي، ولم يساورني الشك في أن تكون هذه القائمة قد تجاهلت عن عمد الرواد ذوي الإعاقة من أبناء مجتمعنا، فهذه المنظمة معروفة لدي بمواقفها الايجابية تجاه قضايانا العادلة، لكن الحقيقة المؤلمة والتي أكررها في أكثر من مناسبة، والتي تفسر غياب تجاربنا الإنسانية والاجتماعية، والثقافية عن الساحة الدولية، وهي عجزنا غير المبرر عن احتضان هذه التجارب وتبنيها وتقديمها إلى العالم بالشكل والمضمون الذي تستحق، كذلك عدم قيامنا كجهات حكومية وأهلية وإعلامية بتوثيق هذه التجارب وتقديمها لأجيالنا الصاعدة ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، وتقديمها في المحافل الدولية، وهو أقل الوفاء المطلوب الذي يمكن تقديمه، ولا يمكنني أن أغفل هنا جهود بعض المؤسسات والشخصيات التي تعمل بصدق وإخلاص، لكن ذلك يحتاج إلى تعاوننا جميعاً على امتداد وطننا الكبير.
إن الوفاء لأعلامنا وروادنا ورائداتنا لا سيما ذوي التجارب الإنسانية والاجتماعية وإبراز اسهاماتهم واسهاماتهن هو من الوفاء للإنسان والمجتمع، والوفاء للإنسان والمجتمع هو من الوفاء للوطن والأمة في مسيرة الحضارة الإنسانية.
فالوفاء إذن حق وواجب يقع على عاتقنا جميعاً.