شكى لي أحد الأشخاص من ذوي الإعاقة تجربته الصعبة في إقناع عدد من المسؤولين بظروفه واحتياجاته الخاصة لمراعاتها في التعامل معه، ليس من باب الدلال أو الاستعطاف، بقدر ما هو حق واقعي يحتم إنصافه في التقييم وعدم مطالبته بالإنجاز فيما يوكل إليه من أعمال مثله مثل من لا يعاني مثل هذه الظروف!
الأمر الذي دعاني للتساؤل: إن ما ذكره هذا الزميل هو واقع معاش وحقيقي، وكثيرون من لا يرغبون في تشغيل الشخص ذي الإعاقة أو تزويجه أو حتى النظر في أي احتياج يخصه، وقد يحرص بعضهم على إغلاق جميع الأبواب أمامه باعتباره من فئة قاصرة غير منتجة.. حتى أن بعضهم يحرص على تجاهل أفراد هذه الفئة والاستهانة بقدراتهم الفردية والجماعية!
ما أجهلنا عندما نصادف شخصاً ذا إعاقة مجتهداً فنرى أن اجتهاده هذه مهما بلغ لا يرقى إلى مستوى الخروج عن العادة كرجل (السوبرمان) وبالتالي لا يجد منا التشجيع أو الدعم، بل وما أجهلنا عندما نرى شخصاً ذا إعاقة على كرسي متحرك فيتبادر إلى أذهاننا أنه يطلب إحساناً!!
الإعاقة والأشخاص ذوو الإعاقة وسام براق تزين به بعض المسؤولين التصاقاً وبحثاً عن السمعة والوجاهة دون أن يدركوا مفهوم العجز الكلي أو الجزئي أو يتلمسوا هذه المعاناة عن قرب اللهم إلا إذا كانت تخص أحد أقربائهم أو أصدقائهم أو كانت مشكلة حقيقية في بيوتهم.. وهذه حالات فيها ندرة! وهناك البعض ممن انتسبوا إلى المؤسسات العاملة في هذا المجال لحاجتهم إلى الوظيفة وليس لرغبتهم في الخدمة، ودون تأهيل مسبق لا قبل العمل ولا أثناءه.
في مشاهدة خاصة لتجربة إحدى المؤسسات العاملة في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين تقوم بعمل برامج تأهيلية للمتطوعين والمنتسبين للعمل بها لتبسيط عملية التعامل مع هذه الفئات، ويبدأ البرنامج بالتهيئة النفسية للمتطوع لقبول الحالة كمشاهدة أولية وكيفية التعامل معها وتحريكها وأسلوب التحدث معها والتعامل معها وطرق تقديم الطعام والشراب، ثم إشعار المتدرب بالأحوال النفسية التي يمر بها أصحاب هذه الظروف بأسلوب تمثيلي واقعي بأن يتقمص المتدرب أي شخصية اختيارية لحالة إعاقة بحجب الرؤية أو السمع أو الامتناع عن الكلام أو ربط اليد إلى الجسم باعتباره عجزاً أو ربط القدمين إلى بعضهما واستخدام كرسي متحرك أو وضع أثقال مناسبة في القدمين تعيق عملية المشي بسهولة… ويخرج جميع هؤلاء إلى الحياة العامة كل حسب اختياره ليقضوا يوماً كاملاً في التجوال ثم يعودون فيسجل كل منهم تجربته الخاصة وما واجهه من صعوبات وكيف كانت حالته النفسية. وبهذا يدرك كل واحد منهم العامل النفسي لصاحب الحالة الحقيقية.
قد نكون بحاجة ماسة لمثل هذه التجربة خصوصاً لدى جميع العاملين بهذه المؤسسات حتى لا يصدم أصحاب الظروف الخاصة عندما يتوجه أحدهم لأي مؤسسة ذات علاقة بظروفه فيجد أن الموظف أو المسؤول غير مكترث بخدمته باعتبار أنه غير مدرك لمعاناته واحتياجاته.