إعداد : هشام محمد كتامي
ودع المغاربة الطفل عمرعرشان المعروف بـ”الشيف عمر”، الذي توفي يوم الخميس 14 يوليو2022، بعد وعكة صحية ألمت به عن عمر قارب الـ 16 عاماً حيث أعلنت والدته خبر وفاته عبر صفحتها الرسمية على منصة إنستغرام وعبر الصفحة الرسمية للشيف عمر، وهو الخبر الذي أحزن متابعيه و محبيه، وخلف حزناً عميقاً لدى المغاربة الذين ودعوه من خلال منصات التواصل بكلمات مؤثرة وعبارات حب لشخصية أثرت في شريحة واسعة من الناس داخل المملكة وخارجها.
بدورها، كتبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في المغرب عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: “تلقينا ببالغ الحزن والحسرة، نبأ وفاة الطفل اليافع الشيف عمر، مناصر قضايا حقوق الطفل، وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم أسرة يونيسيف في المغرب إلى عائلة الفقيد عمر بأحر التعازي والمواساة القلبية”.
عمر والإعاقة
“ميوباتي” أو التلف العضلي، ذلك المرض الذي لم يُمكِّن عمر من التنقل إلا بواسطة كرسي متحرك، لكنه أيضاً لم ينجح في الحد من همّته أو إضعافها، حيث استمر عمر في ممارسة هوايته المفضلة ألا وهي الطبخ والتي بدأت ميوله بالظهور نحوها منذ عمر الخامسة، وكبرت بفضل مساعدة والديه اللذين عانيا وبذلا كل الجهد لتذليل الصعاب أمام تطويره لمهارته المحببة.
فقد ثار على الواقع، وتحدى الإعاقة، سلك طريق البطولة وهو يتحف الثقافة المغربية في الطبخ ليصبح أصغر طباخ في المغرب.
قصة عمر ملهمة في التغلب على الظروف والإعاقة وتحقيق النجاح فقد كان أصغر بودكاستر مغربي في مجال الطبخ، اشتهر بعشقه لفن الطبخ ومشاركة متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي حبه لهذا الفن، من خلال مقاطع فيديو حازت على ملايين المشاهدات، بعد أن كان يعتبره متنفساً يساعده في التغلب على مرضه النادر.

عُرف الشيف عمر بتقديمه لمحتوى رقمي هادف كان يدافع من خلاله عن الأشخاص ذوي الإعاقة ويسلط الضوء على حقوقهم في ممارسة حياتهم اليومية دون تمييز.
وقد نالت رغبة الطفل عمر في الاستمتاع بالأنشطة المختلفة، التي يقوم بها، وإصراره على التعلم إعجاب الكثيرين، إذ استطاع التحدث باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.
وبفضل مقاطع الفيديو، التي كان ينشرها حول الطبخ والتوعية بمخاطر التنمر، تم اختياره ليكون شخصية الويب في مسابقة “موروكو ويب أووردز” (Morocco Web Awards) العام 2017، بحسب “يورونيوز”.
برهن عمر عرشان للجميع أن للمطبخ نجوم من نوع خاص يتجاوزون معطى وجودهم ويحققون منذ الصغر ما لا يكون في الحسبان، فلا العجز ولا المرض ولا أي شيء، صوت الإرادة لا يعلو فوقه أي صوت.
ابتسامة عمر الجميلة كانت لا تغادر محياه وعيناه تشع شغفًا وهو يحكي عن سر ولعه بالطبخ، “أريد أن أصبح “شافا” مشهوراً عالمياً، أشارك الناس ما أقوم بإعداده من وجبات، ولم لا.. تقديم برنامج تلفزيوني”، وكان يردف قول ذلك بنبرة حماسية.

جوائز
وكانت اليونيسيف قد عينت الشيف عمر سفيراً ومناصراً لحقوق الأطفال تقديراً لجهوده في نشر ثقافة حقوق الطفل.
حصل على العديد من الجوائز المغربية، وكان يمتلك صفحة على فيسبوك تحمل اسم الشيف عمر تجاوز عدد متابعيها الـ 150576 متابعاً، وكان يشارك مع محبيه (وصفات طبخه) على قناة اليوتيوب.
كما تخطت شهرته حدود المملكة، ليصل صداها إلى أوروبا حيث التقى بطباخ الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، الشيف كيوم كوميز.
وعن سر نجاحه وتألقه رغم المرض، أصر عمر في حديث سابق له قائلًا لموقع سكاي نيوز عربية
” لا أومن بالاستسلام، أتغلب على إعاقتي الحركية بالطاقة الإيجابية والابتسامة، أحب الطبخ وأجد ملاذي في إعداد الوصفات ومشاركتها مع الأصدقاء .”
كان يمتلك الروح الإنسانية وقد تحدى إعاقته الحركية، وعلم الكبار دروساً في الحياة والأمل بابتسامته المعهودة التي كانت لا تفارق محياه وبجملته التي كان يرددها دائماً: أنا لست مختلفاً، أنا مثلكم وأحبكم”.
رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه