إعداد: فريزة محمود عبد الهادي
متلازمة الاحتراق الوظيفي هي أحد الآثار السلبية للعمل الحديث. لم يكن لهذا المصطلح وجود قبل الستينيات، لكن، ونظرًا لتفشي الظاهرة وانتشارها، أمسى الاحتراق الوظيفي شائعًا، وتوالت الدراسات والبحوث التي تتناوله من شتى الجوانب. وتم إقرار الاحتراق الوظيفي من قِبل منظمة الصحة العالمية في دليلها التشخيصي للأمراض والاضطرابات؛ حيث تم تصنيفه تحت بند الظواهر المرتبطة بالعمل وبيئات العمل المختلفة.
فما هي متلازمة الاحتراق الوظيفي ؟ أسبابها ؟ أعراضها و المحاور الرئيسية للتقويم والتغيير المؤسسي
أولاً – ما هي متلازمة الاحتراق الوظيفي
وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فهو يعرف على أنه متلازمة من الأعراض الناتجة عن عدم التعامل الجيد مع ضغوط العمل المزمنة وتتصف بـفقدان الطاقة العملية والإرهاق والتعب، والشعور بالإحباط والسلبية والتشاؤم تجاه العمل، وعدم الالتزام بالمهنية والإهمال.
مفهوم الاحتراق الوظيفي بشكل بسيط يعني ان أحد الموظفين كان متميزاً مبدعاً مبتكراً لآليات عمل جديدة ملتزماً بساعات ومهنية الوقت ولكن لأنه لم يجد الدعم والتحفيز تحول لا شعورياً الى موظف مُحبط لا مبالي مُنهك نفسياً لأنه وصل حسب المصطلح الشعبي الى مقولة (ما تفرق معي)!”
ثانياُ – أسباب الاحتراق الوظيفي
هناك الكثير من الأسباب التي قد تتسبب في ظهور أو الإصابة بـ متلازمة الاحتراق الوظيفي؛ ومنها نذكر ما يلي:
ضغط الوقت
ضيق الوقت هو المصدر الرئيسي للإرهاق، ووجدت بعض الدراسات أن أغلب الموظفين يقضون ما يصل إلى 80% من يومهم في الاجتماعات، والتحدث في الهاتف، والرد على رسائل البريد الإلكتروني، ما يعني أن لدينا بالفعل وقتًا محدودًا لإكمال العمل الحاسم المُلقى على عاتقنا. والسيئ في الأمر أن ضيق الوقت يتسبب في سلسلة من الضغوط التي قد تؤدي في النهاية إلى الاحتراق الوظيفي.
المديرون غير الداعمين
هذا أيضًا قد يكون أحد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بـ متلازمة الاحتراق الوظيفي، وأشار تقرير صادر عن “Gallup”، في عام 2018، إلى أن الموظفين الذين يشعرون بدعم قوي من قِبل مديريهم تقل احتمالية إصابتهم بالإرهاق بنسبة 70%.، إن غياب العدل بين الموظفين وعدم التوزيع العادل في الأعمال بين الموظفين، وعدم الوضوح في المهام، وغياب الدعم والحوافز من المديرين، أحد اهم مسببات الاحتراق الوظيفي لدى الموظفين.
المسؤوليات غير الواضحة
على الرغم من أن أغلب الموظفين يقولون إنهم يعرفون ما هو مطلوب منهم تمامًا، فإن الحقيقة عكس ذلك، فغالبًا ما يكون هناك عدم وضوح في المسؤوليات الملقاة على عاتق كل موظف، والمؤكد أن مطاردة أهداف متحركة ستصيب الموظفين بحالة من الإحباط والإعياء، فهم لا يشعرون بالإنجاز، ولا بأنهم أدوا ما عليهم.
الأعباء المفرطة
الموظفون ذوو المهارة والأعلى كفاءة هم الذين، في الغالب، يحصلون على الكثير من الأعمال، وعلى الرغم مما في هذا من أمر جيد، سواءً تعلق الأمر بثقة مديرك بك أو باعتزازك بنفسك، فإن هناك خطورة ما، إذ قد تتسبب هذه الأعباء المفرطة في استنزافك، والإجهاز على كل ما لديك من طاقة.
الخلط بين العمل والحياة الشخصية
إن جلب العمل إلى المنزل، أعني التفكير في العمل بعد انتهاء وقت الدوام، أحد أبرز الأسباب التي قد تقود إلى متلازمة الاحتراق الوظيفي، فكل شيء هنا سيصبح غائمًا، وسيتأثر عملك وحياتك الشخصية سلبًا من جراء هذا التداخل.
ولا شك في أنه من الواجب على المدراء والقائمين على العمل في الشركات المختلفة أن ينظروا في هذه الأسباب، وأن يحاولوا وأد الاحتراق الوظيفي عن طريق القضاء على أسبابه، وهذا أسهل بكثير من معالجة الآثار السلبية الناتجة عن هذه الظاهرة الخطيرة.
ثالثاُ – الأعراض
هناك الكثير من الأعراض التي قد تصاحب الاحتراق الوظيفي، لكن منظمة الصحة العالمية ذكرت ثلاثة أعراض أساسية هي:
- الشعور المستمر بالإنهاك والاستنزاف نفسيًا وجسديًا مما يؤدي الى اللامبالاة وتبلد المشاعر والاحساس
- وجود أفكار ومشاعر سلبية متعلقة بالعمل
- ضعف في الأداء بفعالية مما يؤدي الة انخفاض الإنتاجية
ولا حاجة إلى الإشارة إلى آثار كل واحد من هذه الأعراض في العمل، إذ لك أن تتخيل أن موظفًا منهكًا على شتى الصُعد ماذا يمكنه أن يقدم، لكن مما يجدر ذكره في هذا الصدد أن الموظفين الأكفاء والمتفانين هم أكثر الناس عرضة لـمتلازمة الاحتراق الوظيفي، وحماية هؤلاء الموظفين تتطلب جهدًا كبيراً، إذ من الواجب المؤسسات إدراك أن هناك حدودًا لطاقة البشر، وأن إنهاك هؤلاء الموظفين الأكفاء سيعود عليها بخسائر جمة، أبرزها فقدان هذا الموظف لطاقته وحماسه.
ومن ناحية أخرى، على الموظفين المهرة والأكفاء أن يضعوا حدودًا بين عملهم وحياتهم الشخصية، وألا يفرطوا في العمل، وفي مراكمة الأعباء فوق رؤوسهم، وتقليل التعرض للضغط قدر الإمكان، فهذا أدعى لاستمرارهم في نجاحهم وأدائهم الجيد.
رابعاً – المحاور الرئيسية للتقويم والتغيير المؤسسي
هناك ثلاثة محاور رئيسية للتقويم والتغيير المؤسسي:
أولاً: يجب ان تبنى ثقافة المؤسسة على تغيير النمط الإداري على نحو من السياسات المنصفة وسلسلة من الإجراءات التي تطور من المهام والحوافز والثناء.
ثانياً: اختيار القيادات والمدراء ممن لديهم الحس المهني العالي الذي يُوظف وفق استراتيجيات وقائية عادلة ومتساوية في الانصاف والتشجيع واستدامة الموظفين الاكفاء والتي بمقدورها ايضا ان تُذيب أي صراعات او ضغوط و ان تكون لديها القدرة على توزيع الأدوار وتدفقها بكل مرونة ونجاح.
ثالثاً: الموظف والذي يعتبر العمود الفقري للمؤسسة مما يتطلب معه الالتزام بالدور الوظيفي المطلوب منه والتخطيط الجيد لتنفذه وترتيب أولويات العمل واوقاته.
ورسالتي الأخيرة الى المدراء قف الى جانب موظفيك امنحهم الشعور بالحب قلل من مستويات اجهادهم نشّط الحوافز واخلق لديهم روح الفريق وتذكر بأن الاجازات بما فيها عطلة نهاية الأسبوع هي حق مكتسب للموظف للخروج من اعباء وظيفته وليسترجع فيها قواه للعودة بحيوية أكثر فلا تشتت هذه الطاقة بأي عمل او تكليف خلال ذلك، ولا تترك أي موظف معزول، واعمل على تنظيم وقت العمل مع اوقات الراحة خلال العمل، لا تتوانى في دعم العلاقات الاجتماعية وحل النزاعات بدون تردد.
المرجع :
- محمد علواني، 27 يوليو،2020، إدارة الموارد البشرية، رواد الأعمال الالكترونية
- عبد الرحمن أحمد الجابري، 7/يناير، 2021