وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة موضوع الاهتمام بالإنسان على رأس أولوياتها بغض النظر عن الفروقات بين أفراد المجتمع، ولم تكن حالات الإعاقة ـ حتى قبل تعريفها حديثاً ـ وأي حالة من حالات الاختلاف حائلاً بين هذا الإنسان وحقه في التمتع بالحياة بأعلى مستويات الجودة التي تضمن له ـ ليس فقط العيش بكرامة واكتفاء ـ لا بل وتحقق له أقصى درجات السعادة.
وهذه الرؤية الراهنة والاستراتيجية لتحسين جودة الحياة بشكل مستمر لكل فئات المجتمع لم تقتصر على إمارة دون غيرها لا بل شملت إمارات الدولة كافة، فبالأمس القريب أطلق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة (حفظه الله)، مشروع مدينة الشارقة المستدامة، الذي يعتبر أول مشروع يلبي أعلى معايير الاقتصاد الأخضر والاستدامة البيئية ويمكن اعتباره ترجمة عملية لرؤية سموه الذي أكد أن الاقتصاد الحقيقي يقاس بناتجه الاجتماعي وانعكاس آثاره الإيجابية على نمط حياة كل فرد، بحيث يسهم في ترقيتها وفي تعزيز الاستقرار الاجتماعي.
وهي الرؤية ذاتها التي أعلن صاحب السمو حاكم الشارقة بموجبها عن مشاريع جديدة في مدن المنطقة الشرقية وقال في هذه المناسبة: نعمل على تطوير إمارة الشارقة بكل ما تحويه مدنها ومناطقها من مرافق وطرق وثقافة وعلم، ونعالج مشكلات أبنائنا وبناتنا مواطني الإمارة، لنرتقي بهم، وهذا ما أكد عليه بقوله: (أبحث عمّن لا يستطيع الوصول إليَّ لأساعده وأرتقي به).
وفي وقت لاحق اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031 والتي تهدف إلى جعل دولة الإمارات رائدة عالمياً في مجال جودة الحياة، وتعزيز مكانتها لتكون الدولة الأسعد عالمياً.
إن هذا التوجه الحضاري والاستراتيجي لا يستثني فئة من فئات المجتمع ولا فرداً من أفراده مهما اختلفت قدراته وتنوعت احتياجاته، وعلى هذا الأساس نحن في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وفي مركز الشارقة لصعوبات التعلم عندما اخترنا شعاراً لمؤتمرنا الثاني (لحياة أفضل) نطرح فيه موضوع تحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي صعوبات التعلم، فإننا نقف على أرضية صلبة ومتينة، متجاوبة ومتعاونة، طموحة ومقدامة لديها النية والاستعداد للوصول إلى هذه الغاية النبيلة، وكما يقول صاحب السمو حاكم الشارقة: نحن نبذل كل ما لدينا من طاقات وكل ما أوتينا من فكر حتى نرتقي بالإنسان.
وعليه، فلن نتردد أبداً في تقديم أقصى الجهود لتحقيق المعايير الدولية المتعارف عليها لجودة الحياة بالنسبة لأبنائنا من ذوي صعوبات التعلم، ليس فقط في تحسين ظروفهم الحياتية والمعاشية، بل في توفير الظروف الملائمة لضمان حقهم في الصحة الجسدية والعقلية وحقهم في التعليم بما ينسجم مع احتياجاتهم وكذلك حقهم في المشاركة المجتمعية وممارسة أوجه النشاطات الثقافية والترفيهية كافة.
ويأتي في هذا السياق انعقاد مؤتمر (لحياة أفضل) الذي شاركت فيه نخبة من الخبراء المشهود لهم والعاملين المخلصين في المجال وأصحاب الشأن الأوفياء لأنفسهم لإحداث نقلة كبيرة في التعامل مع الطلبة من ذوي صعوبات التعلم والتوعية بحقوقهم والدفع باتجاه وضع التشريعات التي تكفل وتحفظ هذه الحقوق كاملة، والاستفادة في ذلك من الخبرات التي استطعنا مراكمتها سواء من مخرجات مؤتمرنا الأول الذي ركز على حق الأشخاص ذوي صعوبات التعلم في التعليم بأفضل مستوياته أو من خلال النشاطات النوعية التي سبق تنظيمها بمشاركة واسعة وفاعلة من أصحاب الشأن والمهتمين بقضاياهم.