مع تعرض المزيد من اللغات للإنقراض سنة بعد أخرى (نحو 20 لغة في كل سنة) تغدو مسألة تبلور لغة عالمية أمراَ حتمياَ. فهل نشهد في الزمن القريب أو البعيد انبثاق لغة مشتركة بين متحدثي مختلف لغات العالم؟
في هذا السياق يزعم الدكتور أيريك أتلنكر Eric Ettlinger، الإختصاصي في علم اللغويات، أن التنوع اللغوي في العالم لن يختفي على الإطلاق، ويعتقد أن مهمة اللغة لا تقتصر على التواصل فحسب إنما ترتبط إرتباطاً وثيقاً بشعور المرء بإنتمائه إلى هوية وطنية ما.
وحين يتحدث المرء لغة ما فهذا مؤشر على أنه ينتمي إلى جماعة معينة وهي بذلك تعتبر أداة لنقل التاريخ والثقافة والقيم. يقول أتلنكر بهذا الشأن: (يطمح الناس في أن تكون لهم هوياتهم المتميزة وأن ينتموا إلى جماعات متباينة. لذا فإننا سوف نظل نتحدث لغات مختلفة مثلما نفعل ونحن نلوّح بأعلام وطنية مختلفة ونشجع فرقاً رياضية متنوعة ونستمع إلى موسيقى مختلفة وتميزنا ثقافات شتى).
وحين تمكنت العولمة من تقليص التنوع اللغوي إلى حد كبير فإنها في الوقت ذاته عملت على إثارة الإهتمام باللغات المحلية أيضاً. ومن خلال الإستعانة بالأنترنت والتكنولوجيا المتقدمة تمكن علماء الأنثروبولوجيا من تفعيل الكثير من اللغات المحلية وحمايتها. فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة (الواشنطن بوست) في تقرير لها أن داريل بولدوين Daryl Baldwin تمكن من خلال الأرشيف الأنثروبولوجي الوطني Smithsonian من تعلّم اللغة التي كان يتحدث بها أفراد قبيلته (ميامي أوكلاهوما) رغم إنقراض تلك اللغة تماماً. وعمد لاحقاً إلى تعليم طلبته هذه اللغة وهو اليوم يدير معهد اللغة والثقافة الميامية.
يقول بولدوين: (اللغة لاتتخذ مساراً واحداً فحسب فهي تمتلك سياقاً ثقافياً ومجتمعياً حيث ينبغي علينا أن نوصل المعرفة إلى المجتمع وأن الأرشيف يمثل المستودع التاريخي الذي يمكن أن تجد فيه سائر الموارد المختلفة).
وفي حين لا يمكن التكهن بما سيحصل بشكل مؤكد مستقبلاً فإنه لابد أن نبذل قصارى جهدنا للمحافظة على التنوع والثراء اللغوي في عالمنا الذي نعيش فيه في ظل وجود جماعات ما تزال تتحدث لغات مندرسة. ويتعين أن يظل التنوع اللغوي جزءاً لايتجزأ من مجتمعنا العالمي لسنين طويلة قادمة سواء توجهنا صوب التوحيد اللغوي أو التنوع اللغوي.
المصدر:
http://www.cyracom.com/blog/will-world-eventually-one-language/