بقلم : محمد النابلسي
في شهر مارس الماضي أطلقت منصة “نتفليكس” العالمية سلسلة الأفلام القصيرة بعنوان في “الحب والحياة”، والتي تتكون من 8 أفلام قصيرة. ومن ضمن تلك الأفلام فيلم “أخويا” والذي ينتمي إلى فئة الأعمال الروائية القصيرة، ويتقاسم بطولته الفنان المصري أحمد عز مع الفنان الصغير بسنه أدهم حسام وهو من الأشخاص ذوي متلازمة داون، إلى جانب الفنانة بسنت شوقي والفنان صلاح عبد الله. والفيلم من إخراج المخرجة ساندرا نشأت، التي تعود باسم عائلتها هذه المرة من خلال اسم “ساندرا بصال”.
يدور الفيلم حول حكاية الشاب دياب الذي يلعب دوره الفنان أحمد عز والذي يرعى شقيقه الأصغر من ذوي الإعاقة الذهنية، والرعاية المتبادلة التي يقدمها الشقيقان لبعضهما، الأمر الذي دفع الشقيق الأصغر لعمل خطة بإخفاء بقرة العمدة المفضلة، ليوقف حفل خطبة ابنة العمدة التي تربطها علاقة حب بشقيقه الكبير، ويقرب بين الحبيبين.
الفيلم يناقش بفكرته الأساسية العلاقة المتينة والدعم المتبادل بين الأشقاء، وأهمية المساندة التي يقدمها الأخوة لبعضهم، ومن جهة أخرى فهو يناقش الشكل المثالي للأسرة الداعمة للأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية، فالشقيق الأكبر لم يكن مفرطاً بحماية شقيقه من ذوي متلازمة داون، لكنه كان هناك عندما تعرض شقيقه للتنمر بين صبية انقسموا ما بين متنمر ومدافع، وهذا المشهد الذي أثنى فيه الشقيق الأكبر على موقف الصبية المدافعين.
من جهة أخرى فالطفل أدهم حسام قدم بأدائه دور الشقيق الأصغر صورة حقوقية للأطفال من ذوي الإعاقة المعتمدين على أنفسهم، والمستقلين تماماً في اتخاذ قراراتهم الصائبة أو الخاطئة، وتحمل مسؤولية تلك القرارات، والسعي لحلها بطريقته الخاصة، والتي تنتهي عادة بابتسامة بريئة منه، وتأتي الاستعانة بالممثلين من ذوي الإعاقة في الأفلام والأعمال السينمائية كمؤشر إيجابي على إيصال صوتهم بشكل مباشر، دون الحاجة إلى وجود بديل آخر. وعلى الرغم من أن مخارج الحروف لدى الطفل أدهم حسام لم تكن واضحة تماماً ويبدو أن لديه بعض المشاكل في النطق، إلا أنه أستطاع أن يبقي المشاهد متصلاً معه، ومدافعاً عن مشاكسات الشخصية ومغامراتها.
الفيلم بمجمله قدم في قالب رقيق ورومانسي قدراً كبيراً من المحبة والدعم للأشخاص ذوي الإعاقة، كما قدم شكلاً للبيئة الدامجة بطريقة غير مباشرة، وتبدو البيئة الريفية في هذا الفيلم أكثر تقبلاً ودمجاً للأشخاص من ذوي الإعاقة، وربما يعود ذلك لاعتبارات مختلفة منها الاعتبارات الاجتماعية والاعتبارات الدينية، إذ قامت المخرجة ساندرا نشأت بتصوير الفيلم في إحدى قرى مركز منشأة القناطر بمحافظة الجيزة المصرية.
يذكر أن المخرجة تشتهر بتناولها للقضايا الحقوقية، والتركيز على شرائح مختلفة من المجتمع، ومنها الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد بدأت مسيرتها مع الأعمال الروائية الطويلة بفيلم “مبروك وبلبل” عام 1998 بطولة يحيى الفخراني ودلال عبد العزيز وماجدة زكي، وتدور أحداثه حول قصة رجل من الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية (مبروك) تتزوجه دلال عبد العزيز (بلبل) بهدف استغلاله لتتهرب من الشرطة، وهو ما يؤدي إلى قصة حب بينهما.
فيلم “اخويا” الذي جاء ضمن سلسلة تتخذ من عيد الحب كفكرة رئيسية لكافة الأفلام القصيرة التي شارك فيها عدد من النجوم والمخرجين العرب، كتبه المهندس رفيق عصام مرقص المعروف بكتاباته الساخرة، وقد أنهى الفيلم بجملة تبدو غاية في الرقة، وتؤكد على صورة مجتمعية محببة عن الأشخاص من ذوي متلازمة داون، فقد انتهى الفيلم بجملة قيلت على لسان بطل الفيلم أحمد عز: “الناس كلها بتحتفل بعيد الحب يوم واحد في السنة، أخويا بخليني أعيشه كل يوم”
تقييم الفيلم على موقع IMDb المتخصص بالأفلام 7، والفيلم عائلي يصلح لمختلف الأعمار.
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”