هذه قصة معروفة لأم تدعى كارين سيروسي أخبرها الأطباء أن ابنها سيقضي حياته كلها وهو في حالة إعاقة، وقد شخّص الأطباء حالة ابنها بأنها (عرض التوحد)، وأخبروها أيضاً بعدوم وجود علاج للتوحد، لكنها بقوة ملاحظتها ومتابعتها للأبحاث العلمية المتعلقة بالتوحد، وبالصبر والحب تمكنت من الوصول بابنها إلى بر الشفاء الكامل من هذا العرض الذي ينتشر بسرعة في الآونة الأخيرة في كل بلاد العالم.
صدمة البداية
تقول كارين سيروسي: عندما أخبرنا الأطباء أن ابننا سيقضي كل حياته معاقا بصورة شديدة شعرنا أننا نريد أن نثبت أنهم على خطأ، ولكن عندما فحصت المعالجة النفسية ابننا البالغ من العمر 18 شهرا أخبرتني أنها تعتقد أن مايلز يعاني من عرض التوحد، وهنا بدأ قلبي يدق بشدة، لم أعرف بالضبط ماذا تعني كلمة التوحد، وقد اعتقدت في البداية أنها تعني (إعاقة ذهنية)، أو ربما نوع من أنواع انفصام الطفولة، والأسوأ من ذلك أنني تذكرت مقولة إن هذا العرض سببه التعرض لإنفعال نفسي شديد خلال فترة الطفولة الأولى، وهذه أفكار غير صحيحة بالطبع.
حولنا الطبيب إلى المعالجة النفسية في أغسطس 1995 لأن مايلز لم يكن يفهم أي شيء مما يقال له، وقد كان نمو مايلز جيدا وطبيعيا حتى الشهر الخامس عشر من عمره، ولكنه توقف بعد ذلك عن ترديد الكلمات التي كان قد تعلمها مثل: بقرة، قطة، رقصة، ثم بدأ بالإختفاء داخل نفسه، اعتقدنا في بداية الأمر أن التهاب أذنه المزمن هو المسؤول عن صمته، ولكن خلال ثلاثة أشهر كان الولد قد دخل بالفعل إلى عالمه الخاص.
وهكذا، وفجأة أصبح طفلنا الصغير السعيد لا يتعرف علينا أو على أخته البالغة من العمر ثلاث سنوات، كان مايلز يتحاشى نظرة العين للعين، كما كان يتحاشى التواصل معنا ولو حتى بالإشارة، وأصبح سلوكه غريبا بطريقة متزايدة، فكان يضع رأسه على الأرض، ويمشي على أطراف أصابعه (وهذا شيء شائع للغاية بين الأطفال من ذوي التوحد)، كما كان يصدر أصواتاً غريبة مثل الغرغرة، ويقضي أوقاتاً طويلة في أداء عمليات متكررة مثل فتح وغلق الأبواب أو ملء كوب من الرمل وتفريغه في صندوق الرمل، كما كان يصرخ بصوت عالٍ، ويرفض أية محاولة للتهدئة حتى عن طريق حمله وهدهدته، كما كان يعاني من إسهال مزمن.
والتوحد ليس مرضاً عقلياً كما عرفت فيما بعد، إنما هو إعاقة في النمو يعتقد أنها تتسبب عن تغير ما في المخ، وقدرت معاهد الأبحاث أن هناك طفلا بين كل 500 طفل في أمريكا يعاني من هذا العرض، ولكن الدراسات الحديثة تقدر أن نسبة حدوث العرض تزداد بسرعة، فعلى سبيل المثال يقدر عدد الأطفال من ذوي التوحد في ولاية فلوريدا وحدها 6? في العشر سنوات الأخيرة، وبالرغم من التوحد أكثر انتشارا من عرض داون إلا أن عرض التوحد يظل واحدا من اضطرابات اختلال النمو الأقل فهماً حتى الآن.
وقد أخبرنا الأطباء أن الأمر سينتهي بابننا إلى كونه معاقا بشدة، ولن يكون بمقدوره أن يصنع صداقات، أو أن يجرى حواراً مفهوماً مع أحد، أو أن يتعلم في مدرسة عادية بدون مساعدة، أو أن يعيش حياة مستقلة، وأصبح أملنا الوحيد أن نتمكن بمساعدة العلاج السلوكي من تعليمه بعض المهارات الاجتماعية التي لن يستطيع أن يتعلمها بمفرده.
لقد كنت أفكر دوماً أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث لأي انسان هو أن يفقد طفلا، والآن كان هذا هو ما يحدث لي ولكن بطريقة مختلفة، لا يمكن تفسيرها، وبدلاً من أن يساعدني الآخرون كنت أتلقى منهم نظرات غير مريحة، وعبارات غير محددة، كما كنت أشعر بأن بعض صديقاتي لا يردن أن يردوا على مكالماتي التليفونية.
البحث في الكتب
بعد التشخيص المبدئي لحالة ابني، قررت أن أنفق ساعات طويلة في المكتبة للبحث عن أسباب هذا التحول المفاجئ والملحوظ في حالته، ووقتها عثرت على كتاب عن طفل متوحد اعتقدت أمه أن سبب أعراض عرضه كان حساسية في المخ بالنسبة للبن، لم أسمع قبل ذلك الوقت شيئا مثل هذا، لكن الفكرة اشتعلت في رأسي لأن ابني كان يشرب كميات غير عادية من اللبن، حوالي نصف جالون يوميا، تذكرت وقتها أيضا أن أمي أخبرتني أنها قد قرأت عن أولاد كثيرين ممن يعانون من إلتهاب الأذن المزمن وكانت لديهم حساسية تجاه اللبن والقمح.
نصحتني أمي أن أمنع ابني عن هذه الأغذية ومتابعة حالة أذنه، قلت لأمي أن اللبن والجبن والمعجنات هي الأغذية الوحيدة التي يقتات عليها، ولو منعناها عنه فإنه سيتضور جوعا، ثم تذكرت أن ابني أصيب بحالة إلتهاب في الأذن عندما كان عمره ?? شهرا، بمجرد تحويله من تناول تركيبة لبن الصويا إلى شرب لبن البقر، فقد كان يتناول لبن الصويا منذ ولادته لأن عائلتي معرضة للحساسية، وكنت مدركة أن لبن الصويا لن يتسبب في هذه الحساسية له، كما أن مايلز لم يحتمل لبن صدري، ربما لأني كنت أنا نفسي أتناول كمية كبيرة من لبن البقر، ولما لم يكن هناك شيئا لأخسره فقد قررت أن أمنع كل منتجات الألبان من غذاء مايلز.
بداية التحسن
ما حدث بعد ذلك لم يكن أقل من معجزة، لقد توقف مايلز عن الصراخ، كما قل الوقت الذي يقضيه في القيام بعمليات متكررة، وبنهاية الأسبوع الأول سحبني من يدي وأشار لي لكي ننزل السلم معا، ولأول مرة من شهور سمح لأخته أن تمسك بيده وتغني له أغنية، وبعد اسبوعين، وكان قد مر شهر على زيارة المعالجة النفسية، قمنا بزيارة طبيبة أطفال مشهورة في مجال النمو لكي نتأكد من تشخيص حالة التوحد، حيث قامت الدكتورة سوزان هايمان بإعطاء مايلز بعض الإختبارات وسألته عدداً من الأسئلة، وصفنا لها التغيرات في سلوكه بعدما أوقفنا إعطائه منتجات الألبان، ولكنها نظرت إلينا في النهاية بحزن وقالت: إن ابنكما شخص توحدي، ومع اعترافي أن موضوع الحساسية للبن هو موضوع مهم لكني لا أعتقد أنه يمكن أن يكون مسؤولاً عن حالة توحد مايلز أو عن تحسنه مؤخراً.
تسبب كلام الطبيبة في تثبيط عزيمتنا بطريقة رهيبة، ولكن كل يوم كان يمر حمل معه تحسناً ملحوظاً بالنسبة لحالة مايلز، وبعد أسبوع، وعندما جذبته لكي يجلس في حجري تلاقت نظراتنا فابتسم مايلز، وهنا بدأت بالبكاء، أخيراً بدأ يعرف من أنا، كان قبل ذلك يتجاهل أخته، أما الآن فقد بدأ يراقبها وهي تلعب بل ويشعر بالغضب عندما تأخذ لعبه بعيداً عنه، بدأ مايلز ينام بصورة أكثر طبيعية، ولكن إسهاله استمر، وعلى الرغم من عدم بلوغه سن الثانية بعد، فقد ألحقناه بحضانة للتعليم الخاص لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، كما بدأنا برنامجاً مكثفا للنمو واللغة كانت الدكتور هايمان قد وافقت عليه.
اختبار نظرية اللبن
ولأني متشككة بطبعي، ولأن زوجي عالم باحث ودكتور في علم الكيمياء، فقد قررنا أن نضع نظرية مسؤولية اللبن عن سلوك مايلز موضع الإختبار، فأعطيناه كوبين من اللبن ذات صباح، وفي نهاية اليوم كان مايلز يمشي على أطراف أصابعه، ويجرجر رأسه على الأرض، مصدراً أصواتا غريبة، ومبديا كل السلوكيات والتصرفات الغريبة التي كان قد نسيها تقريبا، بعد عدة أسابيع لاحظنا أن بعض السلوكيات الغريبة عادت مرة أخرى، وبالبحث وجدنا أن مايلز قد تناول قطعة جبن في الحضانة، وهكذا أصبحنا متأكدين تماماً أن منتجات اللبن هي مسؤولة بطريقة ما عن حالة التوحد لديه.
أردت أن أطلع الدكتورة هايمان على التطور الذي كان مايلز يبديه، لذا أرسلت اليها شريطا للفيديو يصوره وهو يلعب مع والده وأخته، فاتصلت بي بسرعة وقالت: بصراحة أنا أعترف بالهزيمة، لقد تحسن مايلز بصورة ملحوظة، ولو لم أكن أنا التي قد شخصته لاعتقدت أن شريط الفيديو لطفل آخر.
مجموعات المساندة
بعد ذلك أردت استكشاف ما اذا كان لأطفال آخرين تجارب مماثلة، وعن طريق شبكة الانترنت اكتشفت مجموعة مساندة للأشخاص التوحديين ، فاتصلت بهم وسألتهم بخجل: هل يمكن أن يكون عرض التوحد لدى ابني له علاقة باللبن؟. كانت ردة الفعل غامرة ورائعة، أخبروني عن بعض الباحثين في هذا الموضوع مثل ريشلت في النرويج، و شاتوك في انجلترا، وكيف أنهم وجدوا براهين مبدئية تقر ما توصل إليه كثير من أولياء الأمور خلال أكثر من ?? عاما وهو أن منتجات الألبان تفاقم أعراض التوحد.
وقد قام زوجي، الحاصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء، بالحصول على نسخ من المقالات ذات الصلة بالموضوع وقرأها بكل دقة، ثم شرح لي أن هناك نظرية تقول إن بعض الأطفال التوحديين يقومون بتكسير بروتين اللبن المعروف باسم الكازيين إلى ببتيدات تؤثر على المخ بنفس الطريقة التي تؤثر بها عقاقير الهلوسة.
وبعض العلماء، ومنهم من كانوا آباء لأطفال توحديين، اكتشفوا مركبات تحتوي على أشباه أفيونيات في بول أطفال توحديين. فجاء في نظرياتهم أن هؤلاء الأطفال إما أنهم يفتقرون إلى أنزيم يكسر هذه الببتيدات بصفة طبيعية ويحولها إلى صورة قابلة للهضم، أو أن هذه الببتيدات كانت تتسرب بطريقة ما إلى مجرى الدم قبل أن تهضم.
وفي حالة ابتهاج أدركت أن هذه المعلومات تبدو منطقية تماما، فقد شرحت لي لماذا كان مايلز ينمو بطريقة طبيعية في أول سنة، عندما كان يتناول لبن الصويا فقط، كما فهمت لماذا أصبح متلهفا على اللبن فيما بعد: اذ أن أشباه الأفيونيات هي عقاقير مسببة للإدمان بقوة، و أكثر من ذلك هذا التشابه الكبير بين تصرفات الأطفال التوحديين وتصرفات من يتعاطون عقاقير الهلوسة.
جلوتين القمح أيضا مسؤول
أخبرني زوجي أيضا أن هناك نوعاً آخر من البروتين الذي يتم تكسيره إلى صورة سامة وهو بروتين الجلوتين الموجود في القمح، والشعير، والشوفان، وهو يضاف بصفة عامة إلى آلاف من الأغذية المعلبة. كان من الممكن أن يعتبر زوجي ذو العقلية العلمية هذه النظرية غير متكاملة لو لم يلاحظ التغيرات الجوهرية في مايلز بنفسه، وكيف أن مايلز حدد نفسه في مجموعة الأغذية التي تحتوي على القمح ومنتجات الألبان فقط.
أما بالنسبة لي فقد أخذت قراراً بأن أمنع الجلوتين أيضا عن مايلز، ورغم مسؤولياتي الجمة كان علي أن أتعلم كيفية طهي وجبات خالية من الجلوتين، وبعد أن علمت أن هناك مرضا في البطن يدعى مرض سيلياك Coeliac disease يتطلب أيضا أن يكون غذاء المريض به خالياً من الجلوتين، وهكذا أنفقت الساعات على الإنترنت كي أجمع معلومات عن الغذاء الخالي من الجلوتين.
وبمجرد مرور 48 ساعة من تناوله لغذاء خالي من الجلوتين أصبح براز مايلز صلبا، واختفى الإسهال، كما أن توازنه وتناسق حركته تحسنا، وبعد شهرين بدأ مايلز يتكلم، مع تغيير في نطق الحروف أحيانا، ولكنه كان يتكلم، لم يكن يدعوني ماما بعد، ولكنه كان يبتسم ابتسامة مميزة عندما يراني وأنا أمر عليه لكي آخذه من الحضانة.
ومع كل ذلك فإن أطباء مايلز كلهم كانوا مازالوا يسخرون من فكرة الربط بين عرض التوحد وبين نوعية الغذاء، حتى مع معرفة أن التدخل الغذائي مأمون وغير ضار للمريض، وظل هذا التوجه قائماً حتى أثبتت الدراسات المقارنة أنها فعلا حقيقة وعندها بدأ المجتمع الطبي في تقبل هذه الحقيقة.
لذا، قررنا أنا وزوجي أن نصبح خبراء بأنفسنا في هذا الموضوع، فبدأنا حضور المؤتمرات التي تعقد لدراسة عرض التوحد، كما اتصلنا ببعض الباحثين الأوربيين، وقمت بتنظيم مجموعة لمساندة الآباء والأمهات الآخرين لأطفال من ذوي التوحد في منطقتنا. وبالرغم من أن بعض الأهالي لم يكونوا مهتمين باستكشاف موضوع التدخل الغذائي أولا، إلا أنهم غيروا تفكيرهم بمجرد مقابلة ابني.
بالطبع لم يستجب كل الأطفال للغذاء، ولكن في النهاية كان لدينا حوالي 50 أسرة جربت الغذاء الخالي من الجلوتين والكازيين مع أطفالهم التوحديين وقد حققوا تقدما ملحوظا، ومن خلال دراسة الحالات المسجلة على قوائم المساندة في الانترنت نستطيع القول أن آلافا من الأطفال حول العالم قد استجابوا بصورة جيدة لهذا التغيير في الغذاء.
وكان من حسن الحظ أننا وجدنا طبيبا للأطفال يتسم بالتعاون، ووقتها كان مايلز يتحسن باطراد حتى انني كنت أقفز من فراشي كل صباح لمتابعة التغيرات الجديدة التي تطرأ يوميا. وذات يوم، وكان مايلز قد بلغ العامين والنصف، أمسك بلعبة على شكل ديناصور وأراها لي قائلاً بحروف مدغمة: انظري يا ماما إلى هذا الديناصور، وبمنتهى الدهشة فتحت يدي المرتعشتين وأنا أقول له: لقد قلت لي ماما، وابتسم مايلز واحتضنني طويلا.
الشفاء التام!!
في عمر الثالثة قرر أطباء مايلز أنه شفي تماما من عرض التوحد. وفي الإختبارات الاجتماعية واللغوية كان معدله ثمانية أشهر أكبر من عمره، كما حقق نفس النتائج في اختبارات الإعتماد على النفس والمهارات العضلية، ثم التحق بمدرسة عادية، وهناك أخبرتني مدرسته أنه كان واحداً من أكثر أطفال الفصل بهجة وكلاما ومشاركة، واليوم، وعمر مايلز حوالي 6 سنوات، فانه يعتبر واحدا من أشهر الأطفال في المدرسة، ومستوى قراءته هو المستوى الرابع، ولديه أصدقاء جيدون، ومؤخراً شارك بدور متميز في مسرحية لفصله، وهو على علاقة قوية بأخته الأكبر، ويقضيان ساعات معا في ألعاب تخيلية، وهو الشيء الذي لا يمكن أن يحدث مع أطفال يعانون من عرض التوحد، وهكذا، فإن أسوأ مخاوفي لم تتحقق، فأنا محظوظة للغاية.
مساندة الآخرين
لكني أتخيل الآباء والأمهات الذين لم يكونوا محظوظين بصورة كافية لكي يعرفوا هذه الأفكار عن الغذاء. ولهذا فقد أسست في عام 1997 صحيفة ومجموعة مساندة دولية أسميتها شبكة التوحد للتدخل الغذائي Autism Network for Dietary Intervention بالاشتراك مع أم أخرى تدعى ليزا لويس وهي مؤلفة لكتاب وجبات خاصة لأطفال خاصين (Future Horizons, 1998) تلقينا مئات من الخطابات والرسائل الالكترونية من أولياء أمور من كل أرجاء العالم لديهم استفاد أطفالهم من التغيير الغذائي، وبالرغم من أنه من الجيد أن يكون هناك مساندة طبية عند تطبيق هذا الغذاء إلا أنه للأسف فإن عدداً من الأطباء كانوا يشككون في فاعليته.
ومع استمرار دراستي للأبحاث الجديدة، أصبح الأمر الواضح بالنسبة لي أن التوحد هو اعتلال في جهاز المناعة، فكل الأطفال التوحديين الذين أعرفهم لديهم حساسية لأنواع مختلفة من الطعام بالاضافة للبن والقمح، وأيضا معظم الآباء والأمهات في مجموعتنا عانوا أو كانوا يعانون من مشكلة أو أكثر تتعلق بالمناعة مثل: مرض الغدة الدرقية، مرض كرون، مرض سيلياك، مرض الروماتويد، التعب المزمن، وأمراض الحساسية المختلفة. ويبدو أن الأطفال التوحديين يكونون معرضين جينيا لمشاكل الجهاز المناعي، ولكن مالذي يحرك العرض الفعلي؟
هل للتطعيم الثلاثي دور في حدوث التوحد؟
أقسم عديد من الآباء والأمهات أن أطفالهم التوحديين بدأوا في إظهار السلوك التوحدي عند سن 15 شهرا، بعد فترة قصيرة من تطعيم الطفل بالـ MMR وهو التطعيم الثلاثي ضد الحصبة، والغدة النكفية، والحصبة الألمانية. وعندما فحصت هذه الدلائل بالصور وشرائط الفيديو لمعرفة متى حدث العرض لمايلز بالتحديد وجدت أن هذا يتفق تماما مع تاريخ التطعيم، حيث أني ذهبت به إلى غرفة الطوارئ بالمستشفى نتيجة ارتفاع حرارته، وحديثا، فإن دراسة صغيرة قام بها الباحث البريطاني أنرو ويكفيلد وهو طبيب، ربطت بين جزء الحصبة في التطعيم والضرر الذي يحدث في الأمعاء الدقيقة للأطفال، وهو ما يشرح لماذا يحدث التسرب للببتيدات المسببة للهلوسة إلى مجرى الدم، ولو ثبت أن هذا التطعيم الثلاثي يلعب دوراً في تحريك وبدء عرض التوحد، عندئذ يجب تحديد ما إذا كان بعض الأطفال لديهم إمكانية للإصابة بالمرض، ومن ثم يجب عدم تطعيمهم أو تطعيمهم في سن أكبر.
وهناك تطور آخر يعطينا أملاً جديدا وهو أن الباحثين في أحد المراكز التشخيصية وزوجي واحد منهم يدرسون الآن الوجود غير الطبيعي للببتيدات في بول الأطفال التوحديين، والأمل معقود على وجود اختبار روتيني للبول يمكن أن يكشف عن وجود عرض التوحد في الأطفال في سن مبكرة من خلال الوجود غير الطبيعي للبتتيدات، وحتى أنه يكشف عن أن بعض أنواع عرض التوحد هي خلل أيضاً، وعندها يمكن أن يكون التدخل الغذائي واحدا من الوسائل الطبية التقليدية لعلاج هذه الحالات.
إن كلمة التوحد التي كانت تعني القليل بالنسبة لي قد غيرت حياتي بصورة كبيرة، فلقد جاءت إلى بيتي كضيف متوحش غير مدعو، ولكن في النهاية جاءت معها النعم، فلقد شعرت أنني محظوظة مرتين: مرة لأن قدري الجيد مكنني من استعادة طفلي ، ومرة أخرى لأني استطعت أن أساعد الأطفال الآخرين الذين يعانون من نفس العرض والذين فقدوا الأمل في العلاج، وحزن عليهم أهلهم ثم وجدوا التحسن مع التدخل الغذائي.
كارين سيروسي كاتبة وناشطة في استكشاف العلاجات الطبية الحيوية والغذائية لأسر الأطفال المصابين بالتوحد، مؤلفة ومحاضرة ساعدت ساعدت في فهم اضطراب التوحد وترى أن كثيراً من الحالات يمكن علاجها، وتقول إنها حاضرت في جميع أنحاء العالم، وتقوم بتعليم الآباء والمهنيين حول هذه العلاجات منذ عام 1996.
هدفها هو مساعدة الآباء والأمهات والمهنيين والعمل لتوفير العلاج للأطفال من ذوي التوحد مع الرعاية الطبية المناسبة.