من حيث التعريف ، الأبعاد ، المهارات والاستراتيجيات، و النظريات المفسرة- ج 3
إعداد الدكتورة : أماني شعبان محمد شكر
النظريات المفسرة لإدارة الذات
تتعدد النظريات المفسرة لإدارة الذات ومنها:
نظرية التحكم والسيطرة
تم تطوير هذه النظرية من قبل carver &scheie,1998 فسلوك الأفراد يتحدد بموجب هذه النظرية من خلال الأهداف التي يضعها الفرد والطرق التي يختارها لتحقيق تلك الأهداف, واستناداً إلى ذلك فإن سلوك إدارة الذات يتطلب من الأفراد تحديد الأهداف ورصد التقدم المحرز نحو تحقيقها, ومحاولة الحد من التناقض بين الأساليب التي يتبعها الفرد لتحقيق أهدافه, طبقاً للحالة الراهنة والموقف والشخصية.
اقرا ايضا: إدارة الذات ج2
ومن الفروض الأساسية لأصحاب تلك النظرية أن الإنسان يمتلك جهازاً عصبياً يستطيع من خلاله إدارة وتنظيم ذاته, وهذا الجهاز يتميز بعدة خصائص من أهمها :
- جهاز الضبط الذاتي للسلوك قادر أن يبعث في نفسه الاستثارة ويوجّه حركاته بنفسه.
- يستطيع هذا الجهاز أن يبين الفروق بين الحركات الذاتية وبين الأهداف التي يسعى إليها الفرد.
- عملية إدارة وإعادة توجيه السلوك في الإتجاه المطلوب تتم بواسطة عملية التغذية الراجعة.
- عملية التكامل بين أجهزة الاستقبال (الحواس) وبين مكونات الاستجابة المتعددة الأبعاد تتحقق بواسطة التغذية الراجعة.
- تتخصص أنماط إدارة الذات في ضوء الخصائص الزمنية والمكانية والعضلية للتغذية الراجعة.
4/2- نظرية الإرادة والسيطرة على الموارد الذاتية:
على الرغم من أن مفهوم الإرادة اشتق بشكل أساسي من بعض الافتراضات التي تؤكد على فكرة أن الله هو المانح للإرادة الحرة إلا أن هذا المفهوم قد تمايز بشكل واضح في ميدان علم النفس على يد المدرسة الألمانية, وتحديداً مدرسة Wurzburg التي اهتمت بدراسة سلوك الإنسان (سوسن شلبي , 2000 , 45).
وتعرف الإرادة بأنها القوة الدافعة أو ما يدفع الفعل إلى التحقق بعد أن كان في حيز التصور والتخيل , فكل ما يدخل في مجال التصور والفكر لابد له من طاقة دافعة تخرجه من التصور التجريدي إلى مجال العمل الواقعي المتحقق بالفعل, وما تلك الطاقة سوى الإرادة (عاطف عمارة , 2006 , 49)
4/3- النظرية السلوكية:
يرى أصحاب هذه النظرية أن السلوك الإنساني ليس مجرد ردود فعل من قبل الكائن الحي على المثيرات البيئية التي يتعرض لها فقط , وإنما تتمثل أيضاً في علاقته بالبيئة المحيطة به بما تحتويه من مثيرات, وأن هذه العلاقة تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الداخلية للكائن الحي, فالكائن الحي كائن نشط يختار الاستجابات التي تتناسب مع معاييره الداخلية, وتركز مجمل النظرية السلوكية على دور الحافز في تنظيم سلوك الفرد, وعلى الرغم من أنها تركز على فهم السلوك وآلية تعديله بالدرجة الأولى, إلا أنه يمكن اعتبار الآليات كنماذج تفيد في إدارة الذات, لأنها تتناول العمليات التي تنطوي عليها الأهداف, والتمييز في الجوانب الهامة ضمن السعي لتحقيق تلك الأهداف, والتي تقود بدورها إلى تحقيق إدارة الذات وتنظيمها, إلا أن ما يشوب ذلك أن تغيير السلوك الذي يتم على عدد من المراحل لا يتم دائماً نحو الأفضل لتأثره بمجموعة من العوامل تختلف من مرحلة إلى أخرى 7). (Denise T.D &JohnB.F, 2006,
رابعاً: النظرية الاجتماعية المعرفية لباندورا (1977)
تؤكد كتابات باندورا على إدارة الذات وعلى الدور الذي تلعبه الحتمية التبادلية واكتساب القدرة على إدارة الذات حيث تؤمن بالتفاعل المتبادل بين السلوك والعوامل المعرفية والمثيرات البيئية، كما يرى أن الأفراد لا يتفوقون بفضل تأثير القوى الداخلية أو المثيرات البيئية فقط ولكن يمكن تفسير الوظائف النفسية بشكل أفضل من خلال التفاعل التبادلي المستمر بين الشخصية والمحددات البيئية.
فطبقاً لرأي باندورا سلوكنا يتأثر بالمعايير المتعلمة التي حددناها لأنفسنا, فيقول: “لو أن تصرفاتنا تحددت بناءً على التدعيم أو العقاب الخارجي فقط فإن الناس سيتصرفون مثل دوارات الرياح أو طواحين الهواء Wether vanesويتنقلون دائماً في اتجاهات متضاربة حتى يتوافقوا مع التأثيرات الواقعة عليهم في التو والحال”. ولكن ما يحدث فعلياً أن الناس يضعون مستويات معينة لسلوكهم ويستحبون لأفعالهم بطرق تتضمن التعزيز أو التدعيم الذي يساعدهم على ضبط ما يرغبون في إنجازه من معايير يفرضونها على ذواتهم, وحيث أن كلاً من ردة الفعل الإيجابي أو السلبي ذات احتمالية قائمة فقد استخدم باندورا مصطلح إدارة الذات للدلالة على آثار زيادة أو خفض التأثيرات المختلفة للتقييم الذاتي (محمد السيد عبد الرحمن , 1998 , 625 ).
4/5- نظرية تشارلز وآخرين (Charles ,et al, 1980)
ترى هذه النظرية أن إدارة الذات هي عبارة عن عدة استراتيجيات يستخدمها الفرد في جميع نواحي حياته كما تلقي الضوء على نوع مهم من أنواع إدارة الذات وهو إدارة الذات التعليمية والتي تعني استخدام عناصر العملية التعليمية لمهارات إدارة الذات في تحقيق الأهداف التعليمية الأمر الذي يعزز الاستقلالية.
4/6- نظرية ديسي وآخرين 2000) et al, , (Deci
يرى ديسي أن إدارة الذات تحتاج إلى نوعين من الدوافع وهي الدوافع المضبوطة والدوافع غير المضبوطة, فالدوافع المضبوطة تعني إنجاز مهام معينة من أجل أسباب خارجية والحصول على التعزيز المناسب كأن نفعل شيئاً معيناً لجعل الآخرين سعداء, بينما الدوافع غير المضبوطة هي إنجاز مهام شخصية وتحقيق الإشباع الذاتي للنفس بهدف الوصول إلى مستوى أفضل من الصحة النفسية.
لذا يرى ديسى أن شرارة الانطلاق الأولى لإدارة الذات هي أن نكتشف من نريد أن نكون فالذات المثالية ما هي إلا صورة للشخص الذي نريد أن نكونه حيث أن الدوافع الداخلية أكثر تأثيراً في تشكيل سلوك الفرد من الدوافع الخارجية.
4/7- نظرية لفينثال وآخرين et al, 1984) (Leventhal, .
ترى هذه النظرية أن إدارة الفرد لذاته هي المفتاح الذي يساعد على ضبط الاستجابات السلوكية والانفعالية لذا تهدف هذه النظرية إلى تقليل الاهتمام بالآخرين, وتعزيز الأساليب الخاصة بالذات في مواقف مختلفة. ويقدم لفينثال خطوات عدّة تساعد الفرد على إدارة الذات بطريقة فعالة:
- تحديد الهدف الذي تصبو إليه النفس.
- استخدام الوسيلة المناسبة وتفعيلها في الوصول إلى الهدف.
- تنظيم الوقت لتحقيق الأهداف المنشودة.
- توقع نسبة حدوث الهدف.
- حدوث النتائج ومن ثم تدعيم النواحي الإيجابية والتخلص من النواحي السلبية .
4/8- نظرية أروندل وآخرين, 2003) (Arundel,et al
يشير أروندل في نظريته إلى أن الشخص غير القادر على إدارة ذاته بشكل فعال يقع فريسة لكل المثيرات العاملة حتى المثيرات المرتبطة بعقاب مؤجل بينما الشخص القادر على إدارة ذاته لديه قدرة كبيرة على تحقيق أهدافه من خلال مهارات معينة تمكنه من تجنب الصعوبات التي تعوق طريقه, كما يرى أن كلمة ذات تدل على أننا نتعامل مع حالة داخلية لذلك فتنمية مهارة الذات تأتي أولاً من عدم إشعار الفرد بالضيق والملل أثناء قيامة بالتخطيط لمستقبله.
4/9- وجهة علم النفس المعرفي Cognitive Psychology
ينظر علماء النفس المعرفيون نظرة أعمق في العقل وعمليات التفكير والتي صممت منها البرامج العلاجية لتغيير سلوك العديد من الناس، وقد أشار “بيك” إلى أن العلاج بالطرق المعرفية فعال في تشخيص حالات اضطرابات الشخصية كما يؤكد أيضاً على دور العلاج المعرفي كمدخل تربوي نشط للطلاب في تعريف التشوهات الفكرية, واضطرابات السلوك , وحل المشكلات.
ويقوم علم النفس المعرفي على افتراض أن الأفكار والوجدان يؤثران في السلوك والعكس صحيح, أي أن كلاً منهما يؤثر في الآخر ومجالات السلوك والمعرفة والوجدان والمهام التنفيذية تتقاسم العقل وتعكس حالتها الوظيفية بنفس الطرق.
- أهمية إدارة الذات :
- لإدارة الذات أهمية كبرى في حياة أي إنسان, حيث أنها تساعد الفرد على التخطيط الجيد للحياة والاستفادة من وقته في الأشياء المفيدة.
- ويؤكد تالي وجان أندرسون أن إدارة الذات هي الطريقة الأكثر أماناً والأكثر دقة لإدارة أي نظام إرشادي أو علاجي (Talley,2010 , Jan Anderson).
- ولإدارة الذات دور فعال في التخفيف من عوامل الضغط والتوتر عند المراهقين المتمثلة في قلق التحصيل التعليمي والبيئات الاجتماعية العدوانية , وتحسين الحالة النفسية والكفاءة الذاتية.(Moreno , Lisa ,2012)
- كما تساعد إدارة الذات الأفراد أن يكونوا أكثر صحة اجتماعية, حيث يستطيع الأفراد تحقيق مكاسب واسعة النطاق ضمن السلوك العملي والعلمي ((Doggett&Rebecca, 2013
- وتساعد إدارة الذات على الأداء التنفيذي والمرونة المعرفية لدى الأفراد (Obrien et al, 2016)
- كما تعتبر إستراتيجية إدارة الذات إستراتيجية فعالة للتدخل لتحسين الكتابة بالإضافة إلى فهم القراءة والمهارات لدى الأطفال ذوي فقدان السمع.
- وتعتبر إدارة الذات من الاستراتيجيات الفعالة مع بعض الأشخاص ذوي الإعاقة مثل الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية أو الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، وذوي الاضطرابات السلوكية أو الانفعالية, وذوي نقص الانتباه والنشاط الزائد, وكذلك المصابين بأمراض مزمنة مثل الربو, وأكدت على ذلك العديد من الدراسات مثل دراسة (أحمد محمد جاد, 2009), ((Moreno& Lisa2012 2013). (Diggestt& Rebecca, , 2017) , (Rice&Jessica ,
- وأثبتت إدارة الذات فعاليتها مع الأشخاص ذوي صعوبات التعلم وهو ما أثبتته دراسة (تهاني عبد الله منيب, السيد أحمد الكيلاني, محمد الشبراوي, 2014) حيث قام الباحثون بدراسة مرجعية الهدف منها مراجعة الأدبيات التربوية والنفسية المرتبطة باستخدام إدارة الذات مع هذه الفئة من أجل الوقوف على فعالية هذا الأسلوب في تنمية مهارات هؤلاء الأفراد أو في علاج مشاكلهم السلوكية والأكاديمية واستخلاص بعض الجوانب النظرية والعلمية التي يجب وضعها في الاعتبار عند بناء دراسات تداخلية قائمة على هذا الأسلوب.
وأشارت نتائج هذه الدراسة إلى التأثير الإيجابي لاستراتيجيات إدارة الذات بأبعادها المختلفة, كما أثبتت الدراسة فعالية إدارة الذات في تنمية العديد من المهارات السلوكية مثل المهارات الصفية, المهارات الاجتماعية, والمهارات الأكاديمية مثل القراءة والكتابة والحساب.
استنتجت الباحثة أن إدارة الذات تحقق مجموعة من الفوائد للفرد هي:
- تكسب الفرد مهارات عدة منها (القدرة على التخطيط وترتيب المهام حسب الأولوية, وزيادة المعرفة, والتطوير الذاتي, وإدارة الوقت).
- تساعد الفرد على التقييم المستمر لسلوكه مما يساعده على الارتقاء بذاته.
- تساعد الفرد على إيجاد حلول للعقبات التي تحول دون نجاحه.
- تكسب الفرد رؤية واضحة حول كيفية التخطيط لحياة أفضل.