اضطرابات الأكل عبارة عن حالات خطيرة ترتبط بسلوكيات الأكل المستمرة، والتي تُؤثِّر بشكل سلبي على صحتكَ وعواطفكَ والقدرة على التأدية الوظيفية في جوانب مُهمَّة من الحياة. أكثر اضطرابات الطعام شيوعاً هي: فقدان الشهية العصبي، والشَّرَه العصبي، واضطراب نَهَم الطعام.
تشمل اضطرابات تناوُل الطعام التركيز بشكل كبير على الوزن وشكل الجسم والطعام؛ مما يُؤدِّي إلى سلوكيات خطيرة في تناوُل الطعام. هذه السلوكيات يُمكِن أن تُؤثِّر بقوة على حصول جسمكَ على تغذية مناسبة. يُمكِن أن تُؤذي اضطرابات الأكل القلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم، وتُؤدِّي إلى أمراض أخرى.
غالباً ما تَحدُث اضطرابات الأكل في سن المراهقة والشباب، على الرغم من أنها قد تَحدُث في الأعمار الأخرى. مع العلاج، يُمكنكَ العودة إلى عادات الأكل الصحية، كما يُمكِن عكس المضاعفات الخطيرة التي تُسبِّبها اضطرابات الأكل في بعض الأحيان.
أولاً – الأعراض
تختلف الأعراض حسب نوع اضطراب الأكل. فقدان الشهية العصبي، ومرض الشَّرَه العصبي واضطراب الإسراف في تناول الطعام تعتبر أكثر الاضطرابات شيوعاً عند تناول الغذاء. تتضمن اضطرابات تناول الغذاء الأخرى اضطراب الاجترار، واضطراب تناول الطعام الاجتنابي/المقيَّد.
كما تتصف الأعراض بما يلي:
نوبات متكررة من الأكل بشراهة.
وتتسم نوبة واحدة من نوبات الأكل بشراهة بما يلي:
- تناول كمية من الطعام، في فترات زمنية منفصلة (مثل في خلال فترة ساعتين)، أكثر مما يأكله معظم الناس خلال فترة مماثلة في نفس الظروف.
- الشعور بفقدان السطرة على تناول الطعام أثناء فترة الأكل (مثل الشعور بأن أحداً لا يمكنه الإمساك عن تناول الطعام أو التحكم في كمية الطعام التي يتناولها).
وتصاحب نوبات الأكل بشراهة ثلاثة (أو أكثر) مما يلي:
- الإسراع في تناول الطعام أكثر من الطبيعي.
- تناول الطعام لحين الشعور بامتلاء المعدة بشكل غير مريح.
- تناول كميات كبيرة من الطعام عند عدم الشعور بالجوع.
- إنفراد الشخص بتناول الطعام خشية الشعور بالإحراج من كمية الطعام التي يأكلها.
- الشعور بالاشمئزاز من النفس أو الإكتئاب أو الشعور بالذنب بعد ذلك.
يحدث الأكل بشراهة في المتوسط مرة في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر، ولا يقترن بتكرار اتباع السلوكيات التعويضية غير المناسبة (مثل، التطهير) كما في النهام العصابي ولا يحدث بشكل استثنائي خلال النهام العصبي أو فقدان الشهية العصبي
فقدان الشهية العصبي
هو اضطراب في الأكل قد يصبح مهدِّداً للحياة يميزُه انخفاض وزن الجسم بصورة غير عادية، خوف حاد من اكتساب الوزن، وفَهم مضلِّل للوزن والشكل. المصابون بالأنوركسيا يبذلون قصارى جُهودهم للسيطرة على وزنهم وشكلهم، مما يتداخل بصورة واضحة مع صحتهم ونشاطاتهم الحياتية.
حين تُصاب بالأنوركسيا، فعليك أن تحد بشدة من السعرات الحرارية أو تستخدم طرقاً أخرى لفقدان الوزن، مثل التمارين الرياضية المفرِطة، واستخدام المسهِّلات (المليِّنات) أو وسائل الحمية، أو تتقيأ بعد الأكل. جهود الحد من الوزن، وبخاصة حتى حين يكون وزنك تحت المعدَّل، قد تؤدي إلى مشاكل صحية حادة، تصل إلى حد التجويع حتى الموت أحياناً.
الشره المرضي العصبي
الذي يطلق عليه بشكل شائع اسم الشره المرضي — هو اضطراب خطير في الأكل يمكنه أن يهدِّد الحياة. حين تكون مصاباً بالبوليميا، تحظى بنوبات من الإفراط والإسهال، والتي تتضمَّن نقصاً في السيطرة على طعامك. يقوم العديد من المصابين بالبوليميا أيضاً بالحدِّ من أكلهم أثناء اليوم؛ مما يؤدي بدوره غالباً إلى المزيد من الأكل المفرط والإسهال.
أثناء هذه النوبات، تأكل كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم تُحاوِل التخلُّص من السعرات الحرارية الزائدة بطريقة غير صحية. قد تتقيأ عن عَمْد أو قد تُمارِس الرياضة بصورة مفرطة، أو تستخدم أساليب أخرى، مثل المسهلات (المليِّنات)، لتتخلَّص من السعرات الحرارية، بدافع الذنب، والإحساس بالخجل والخوف الدائم من زيادة الوزن نتيجة الأكل المفرط.
إذا كنتَ مصاباً بالبوليما، فأنت على الأغلب دائم الانشغال بوزنكَ وشكل جسمكَ، وقد تحكم على نفسكَ بصورة حادة وقاسية بشأن عيوبكِ المتخيَّلة. قد تكون ذا وزن طبيعي أو حتى فوق الطبيعي بعض الشيء.
اضطراب نهم الطعام
إذا كنت مصاباً باضطراب نهم الطعام، فإنك تأكل كميات كبيرة من الطعام بانتظام (الشراهة)، وتشعر بعدم القدرة على التحكم في تناوُل الطعام. وربما تأكل بسرعة أو تتناول كميةً من الطعام أكثر مما تريد، حتى في وقت عدم شعورك بالجوع، وقد تستمرّ بتناول الطعام حتى بعد مدةٍ طويلةٍ من شعورك بالشبع الزائد.
بعد الأكل بشراهة، قد ينتابك شعور بالذنب أو الاشمئزاز أو الخجل حسب سلوكك وكمية الطعام التي تناولتها. ولكنك لا تحاول التعويض عن هذا السلوك بالإفراط في ممارسة الرياضة أو استخدام المسهلات كما الحال عند المصابين بالشره المرضي أو فقدان الشهية. ويمكن أن يقودك شعورك بالإحراج إلى تناوُل الطعام بمفردك لإخفاء شراهتك.
وعادةً تحدث نوبة جديدةٌ من الشراهة مرة واحدة في الأسبوع على الأقل. وربما يكون وزنك طبيعيّاً أو زائداً أو أنك مصاب بالسمنة.
اضطراب الاجترار
يؤدي اضطراب الاجترار إلى ارتجاع الطعام مراراً وتكراراً وبصورة مستمرَّة بعد أكله، ولكن سببه لا يرجع إلى حالة طبية أو اضطراب خاص بالأكل مثل فقدان الشهية أو الشَّرَه المَرَضي أو اضطراب نهم الطعام. حيث يعود الطعام إلى الفمِ بدون الغثيان أو الانسداد، وقد لا يكون الاجترار مقصوداً. في بعض الأحيان، يُعاد مضغ الطعام المُجتَرِّ وإعادة بلعه أو يُبصق خارج الفم.
قد يحدث هذا الاضطراب نتيجة سوء التغذية إذا بُصق الطعام خارج الفم أو إذا كان الشخص يأكل بكَميات أقل بكثير للغاية بهدف منع حدوث الاجترار. قد يكون تَكرار حدوث اضطراب الاجترار أكثر شيوعاً بين الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون من إعاقة ذهنية.
اضطراب تجنُّب / تقييد تناول الطعام
يتميز هذا الاضطراب بعدم تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية اليومية؛ بسبب فقدان الاهتمام بالأكل، حيث تتحاشى المواد الغذائية ذات الخصائص الحِسِّية المعينة مثل اللون، أو الملمس، أو الرائحة، أو الطعم، أو الشعور بالقلق إزاء عواقب تناول الطعام، مثل الخوف من الاختناق. لا يُتجَنَّب تناول الطعام بسبب الخوف من زيادة الوزن.
يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى خسارةٍ كبيرةٍ في الوزن، أو عدم اكتساب الوزن في مرحلة الطفولة، فضلاً عن نقص التغذية الذي يمكن أن يسبب مشاكلَ صحيةٍ.
ثانياً – الأسباب
لا يُعرف السبب الدقيق وراء اضطرابات الشهية. كما هو الحال بالنسبة للأمراض النفسية الأخرى، قد يكون هناك العديد من الأسباب، مثل:
- الخصائص الحيوية والعوامل الوراثية: قد يكون لدى بعض الأشخاص جينات تزيد من خطر تطور اضطرابات الشهية. قد تلعب العوامل الحيوية، مثل التغييرات في المواد الكيميائية في الدماغ، دوراً في الإصابة باضطرابات الأكل.
- الصحة النفسية والعاطفية: قد يكون لدى الأشخاص المصابين باضطرابات الشهية مشكلات نفسية وعاطفية تسهم في حدوث هذا الاضطراب. قد يكون لدى هؤلاء الأشخاص قلة احترام الذات، وتوخي الكمال، والسلوك المتهور، والعلاقات المضطربة.
ثالثاً – عوامل الخطر
الاناث المراهقات والنساء الصغيرات في السن يكُنَّ عُرضةً بشكل أكبر من الذكور، والشباب الصغار للإصابة بمرض فقدان الشهية، أو الشَّرَه المرَضي، ولكن يشكو الذكور من اضطرابات الأكل أيضاً. على الرغم من أن اضطرابات الأكل يمكن أن تحدث في نطاق عمري عريض، وهي عادةً ما تتطوَّر عند المراهقين والشباب في بداية العشرينات.
وقد تزيد عوامل خطورة معيَّنة من خطر تطور اضطرابات الأكل، وهذه العوامل تتضمن:
- تاريخ العائلة: تزيد احتمالية حدوث اضطرابات الأكل بشكل ملحوظ عند الأشخاص الذين سبق وتعرَّض آباؤهم أو أشقاؤهم لاضطرابات الطعام.
- اضطرابات الصحة العقلية الأخرى: الأشخاص المصابون باضطرابات الأكل عادةً ما يكون لهم تاريخ مرَضي من اضطرابات القلق، أو الاكتئاب، أو اضطراب الوسواس القهري.
- اتباع نظام غذائي والجوع: يمثل اتِّباع نظام غذائي عامل خطورةٍ للإصابة باضطراب الأكل. يؤثر الجوع على الدماغ، ويُسبب تقلباتٍ في الحالة المزاجية وجموداً في التفكير، كما يُسبب القلق ونقصاً في الشهية. هناك دليل قويٌّ على أن العديد من الأعراض الخاصة باضطراب الأكل هي بالفعل أعراض الجوع. قد يؤدِّي الجوع وفقدان الوزن إلى تغيير طريقة عمل الدماغ في الأشخاص المعرَّضين للخطر، مما يؤدِّي إلى استمرار سلوكيات الأكل التقييدية، ويجعل من الصعب العودة إلى عادات الأكل الطبيعية.
- الضغط النفسي: سواء كان ذلك يتجه مباشرة إلى الكُلِّيَّة، أو إلى الانتقال، أو شَغل وظيفة جديدة، أو بسبب مشكلة عائلية، أو مشكلة بسبب علاقة عابرة، فإن التغيير يمكنه أن يجلب الضغط، وهو ما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأكل.
المرجع:
Feeding and eating disorders. In: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders DSM-5. 5th ed. Arlington, Va.: American Psychiatric Association; 2013. http://dsm.psychiatryonline.org. Accessed Dec. 6, 2017.
[email protected]
- الاقامة: الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
- بكالوريوس علاج وظيفي
- اختصاصية علاج وظيفي بمركز العلاج الطبيعي والوظيفي بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية