لا شك بأن حياة الانسان تعتمد اعتماداً كبيراً على اللغة… فما هي اللغة؟!! إنها نظام رمزي كلي للتواصل والتفاعل مع الآخرين فيها نعبر عن الحاجات والأفكار والآراء ونتواصل مع الحضارات. وقد دلت البحوث أن اللغة عند الانسان تبدأ بالبكاء وهو غير متمايز ثم يصبح متمايزاً ويعبر فيه عن حاجاته الأساسية ثم يتطور البكاء نحو اصدار أصوات عشوائية نحو المناغاة ثم يصدر الطفل أصواتاً لغوية متعددة يقلد بها نفسه وغيره ويسر لسماعها: (ب ب ب) / (دا دا دا). ثم في سن 10 شهور ينطق الكلمة الاولي وفي سن سنة ونصف تصبح حصيلته 20 كلمة وفي سن سنتين إلى سنتين ونصف ينطق جملة تلغرافية وفي سن 3 سنوات تصبح حصيلته 890 كلمة وفي 5 سنوات حصيلته 2000 كلمة، أما الأطفال الذين يتخلفون عن الطفل العادي في حصيلتهم أو كلامهم فيحتاجون إلى تدخل علاجي.
أمراض اللغة والكلام والنطق وأعراضها
إن أعراض أمراض الكلام كثيرة… منها:
- تأخر في الكلام فهو لا ينطق الكلمة الأولى حتى سن سنتين أو ثلاث.
- نقص في عدد الكلمات
- مقدرته محدودة لا يستطيع أن يعبر أو يكون جملاً.
- عدم القدرة على الكلام (الحبسة) Aphasia وهو اضطراب لغوي.
- أن يعاني من أحد أمراض الكلام: (لجلجة – تأتأة – تأخر في الكلام ـ سرعة في الكلام).
- أن يعاني من اضطرابات في النطق (خنف – تأتأة – حذف – إبدال – إضافة – تشويه – قلب).
- أن يكون لديه أعراض جسمية عشوائية: (تحريك اليدين – رعشة الرموش – تحريك الرأس).
- أعراض نفسية: (القلق – شعور بعدم الثقة بالنفس – شعور بالنقص والخجل والتوتر النفسي – سوء توافق مع أصدقائه).
أسباب أمراض اللغة الكلام
أولاً – الأسباب العضوية:
- قد يتعثر الطفل بالنطق بسبب اختلال في الجهاز العصبي المركزي مثل إصابة المراكز الكلامية بالمخ أو اختلال بالأعصاب المتحكمة بالكلام.
- وقد يكون الخلل في أعضاء جهاز النطق مثل عيوب الشفة العليا – فتحة الحلق الرخو – عيوب في اللثة وتوزيع الأسنان أو كبر حجم اللسان.
- وكذلك الحال فإن الإعاقة السمعية تؤثر بشكل كبير في نمو اللغو وعيوب النطق سواء من جهة اكتشاف الصوت أو تمييزه أو إدراكه وكلما كان ضعف السمع شديداً كانت العيوب النطقية أشدا أثراً.
- كما أن الصحة العامة للطفل تلعب دوراً في حدوث مثل هذه العيوب كأمراض الربو والقلب والتهاب اللوز واللحميات وغيرها، وكذلك استخدام اليد اليسرى وما ينجم عنه من ضغوط وقلق.
ثانياً ـ الأسباب النفسية
ومن هذه الأسباب: القلق النفسي – الخوف – الشعور بانعدام الأمن والطمأنينة الوساوس – الصدمات الانفعالية
وهناك اسباب مرجعها قلق الآباء على قدرة الطفل على الكلام ودفعهم له دفعاً ليتكم منذ وقت مبكر.
وقد يكون الأسباب نابعة من تلبية رغبات الطفل ومن الدلال الزائد
وقد يكون السبب هو الحرمان من الحنان والعطف مما يسبب له التوتر والانفعال نتيجة عدم القبول والقلق.
ثالثاً ـ أسباب بيئية اجتماعية تربوية
قد ترجع عيوب الطفل إلى ظروف بيئية مثل التقليد وخاصةً إذا كان المقلد موضع عطف واهتمام دون أن يعاني الطفل من أسباب بيولوجية.
وقد يكون السبب فقر البيئة الثقافي وحرمانه من حرية اللعب ومن الألعاب ومن سماع نماذج كلامية معينة.
وقد يكون السبب تعدد اللغات مما يربك لغة الطفل الأساسية (الخادمات).
التصدع العائلي والشقاء العائلي: (الطلاق أو الوفاة) وكون الأم متصابية أو نرجسية أو غير مهتمة.
الطفل الاعتمادي والذي ينشأ متقوقعاً ولديه سوء توافق مدرسي فتظهر عليه أعراض أمراض النطق.
العلاج [طبي – نفسي – اجتماعي وتربوي ـ بيئي]
أهم اضطرابات الكلام ما يعرف باللجلجة
وهو ما سنتحدث عنه الآن:
اللجلجة:
وتسمى الفأفأة والتأتأة أو التلعثم، وهي عدم خروج الكلام إثر بعضه فيتردد المصاب به وتظهر عليه علامات انفعالية كثيرة على وجهه ويديه ورجليه ما يجعل هذا الطفل أو الشخص عرضة لنقد وسخرية الآخرين ونتيجة لهذا تنشأ لديه درجة عالية من الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس فيؤدي إلى انعزاله وخجله وبعد هذا يتحول إلى مريض نفسي يحتاج لعناية وعلاج.
فالفأفأة ليست بالعلة العضوية ولكنها رد فعل عاطفي وهي امتناع خفي وراءه شعور بالقلق والخوف والإحباط، والإحباط هو الذي يدفع المصاب إليها لأن فيها عنصر لذه وحماية وعودة للطفولة.
أسباب اللجلجة:
أهم هذه الأسباب التالي:
- شعور الطفل بالقلق النفسي وانعدام الشعور بالأمن والطمأنينة منذ الطفولة المبكرة فالقلق يهدد الاتزان العقلي ويظهر في ميكانيزم الكلام. ومنها تصير القاعدة: (قلق، لجلجة، قلق)؛ فلأن الطفل قلق ولا يشعر بالأمن والطمأنينة يكون متوتراً ويصاب بالتلعثم فهو يخاف من الكلام ومن الآخرين ويخشى أن ينبس (ببنت شفة أمامهم).
فالطفل الملجلج يتكلم بشكل عادي عندما يكون وحده وعندما يكون هادئ البال أو مع الحيوانات الأليفة ولكنه يتلعثم عندما يتكلم مع الناس وخاصة الذين لا يحبهم.
والقلق النفسي أسبابه: (الدلال الزائد – الغيرة من إخوانه – حرمانه من العطف – الشقاء العائلي – إجبار الطفل الأعسر على الكتابة باليمنى).
- عدم تمكن الطفل الصغير من اللغة تمكناً يجعلها في متناوله فيسبق تفكيره تعبيره ويؤدي تزاحم الأفكار إلى اللجلجة ونفس الشيء يحدث للكبير عندما يريد أن يتحدث بلغة أجنبية لا يعرفها جيداً.
- الحفظ الآلي وعند ضياع أية كلمة يلجلج الطفل كوسيلة دفاعية.
- إن هذا المرض الكلامي ليس ناجماً عن طريق الوراثة او عن طريق خلل بجهاز النطق وإن كانت غلظة اللسان والتنفس من الفم أحياناً سبباً مساعداً. وهناك دراسات حديثة تشير إلى وجود خلل في الأعصاب المصدرة للكلام في القشرة الدماغية.
- الصراع قد يكون سببه الكبح من قبل الآباء ومعاملتهم المتسلطة التي تهدم مفهوم الذات عند الطفل وتضعف ثقته بنفسه.
- الفأفأة موقف دفاعي بالتذرع بالضعف والنكوص لأساليب طفولية.
- إن فك أشراط القلق يخفف التوتر النفسي ويؤدي لنقص التوتر وهذا بدوره يؤدي للتخلص من اللجلجة.
- هناك ثلاث حلقات أساسية تسبب اللجلجة وكسر أي من هذه الحلقات يساعد على كسر الأخرى… وهذه الحلقات هي:
- الخوف – اللجلجة – الخوف
- محو الذات – اللجلجة – محو الذات
- التوتر – اللجلجة – التوتر
ويجب الوصول إلى كسر هذه الحلقات السابقة للوصول إلى الشفاء الكامل، وعلى المصاب بالفأفأة اتخاذ موقف جديد من الحياة ويلعب التحليل النفسي والتنويم المغناطيسي دوراً هاماً في العلاج، وأول أمر جوهري في العلاج هو أن نتعلم الاسترخاء، لأن الاسترخاء يخفف من التوتر.
علاج اللجلجة
العلاج الكلامي:
ويكون عن طريق:
- اتباع أسلوب الاسترخاء الكلامي أو الكلام المتراخي (هناك برامج كمبيوتر حول ذلك).
- الكلام الايقاعي: (نقر بالأرجل – باليد – الصافرة – المشي المنتظم).
- النطق بالمضغ (يتخيل أنه يمضغ قطعة لحم).
- تدريبات التنفس وتنظيم الشهيق والزفير.
- الاشتراك في المناقشات الجماعية والقراءة الجهرية الجماعية والأناشيد والأغاني الخفيفة البسيطة.
- تدريبه على الكلام مع الكتابة بنفس الوقت.
- تأخير التغذية السمعية الراجعة.
العلاج البيئي
- إدماج الطفل تدريجياً بنشاطات اجتماعية لنمو الشخصية.
- إرشاد الآباء القلقين.
- تعاون البيت والمدرسة لتجنيب الطفل المواقف الصعبة.
- مساعدة الطفل على أن يثق بنفسه بقدراته.
- مساعدة الطفل على الاسترخاء عن طريق الود والتفاهم والتقدير.
- تفهم المشكلات النفسية أو الاجتماعية التي يعاني منها الطفل والعمل على حلها مثل: (الغيرة – القسوة – اعتداء أقرانه).
- عدم الإسراع والتعجيل على الطفل بنطق الحروف نطقاً سليماً.
- عدم السخرية واللوم والتقريع للطفل.
- الاهتمام بحديث الأطفال والإصغاء إليه بكل ود ومحبة.
- عدم استخدام القسوة أو الزجر وعدم الدلال الزائد.
- تدريب الآباء والأمهات القلقين الذين يسببون بدورهم القلق لأطفالهم.
الإصابة بالنكسة
قد يصاب الطفل الذي شفى من اللجلجة بها مرة أخرى وقد تنتكس حالته من جديد بسبب صدمة نفسية جديدة أو انتكاسة وجدانية.
- حالة طفل جاءته مربية صارمة فصار يلجلج ثم تزوجت هذه المربية وأتت مربية طيبة فتحسنت حالته ولكنها عندما انتقلت لأسرة أخري انتكس وعاد إلى اللجلجة.
- حالة طفلة كانت تلجلج ولكن عن طريق اللعب مع الصديقات شفيت من اللجلجة وعندما انتقلت الأسرة إلى بيت مثلاً بعيد عن الناس عادت إليها اللجلجة مرة أخرى لأنها صارت تعاني من الوحدة.
- السن الحرجة للإصابة باللجلجة هي:
- سنتان ونصف لأن الطفل في هذا العمر ميال إلى تحقيق ذاته،
- وست سنوات عند دخول المدرسة،
- وابن 13 سنة عند سن البلوغ.
واخيراً..
- إن النساء أقل فأفأة من الرجال… لماذا؟ لأن المرأة تؤكد ذاتها عن طريق الأمومة وليس عن طريق النجاح الاقتصادي والمرأة التي تفأفأ هي امرأة متمردة لم تقبل أنوثتها.
- الفأفأة أو اللجلجة قناع يخفي وراءه الشخصية الحقيقية ويجب أن نعاود بناء هذه الشخصية من جديد بشكل بعيد عن العصاب والخجل والقلق ونبني شخصية تثق بنفسها وتتكيف مع الواقع كما هو ومع الحياة كما هي.
المرجع المستفاد منه:
مقدمة في اضطرابات التواصل، د. أحمد موسى الدوايدة
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.