تحدثنا في المقال السابق عن الاضطّرابات الناتجة عن إصابات في الدّماغ والجهاز العصبيّ ووظائف الأعضاء والعوامل المهيئة لحدوث السكتة وسنتحدّث فيما يلي عن بعض اضطّرابات اللّغة المكتسبة وعن التقييم وأهدافه وطرق الحصول على العينة الكلامية.
السّكتة اللّغويّة Aphasia
هي خلل في العمليّات اللّغويّة بشقيها الاستيعاب والإنتاج، ناتج عن خلل في منطقة محدّدة في الدّماغ. ويجب أن نتنبّه هنا عندما نقول اضطّراب لغويّ فإنّنا نفترض وجود نظام لغويّ مكتمل، وتكون الإصابة في مراكز اللّغة.
السّمات العامّة للمصابين بالسّكتة اللّغويّة:
من الممكن وضع صفات عامّة قبل التّفصيل في أنواع هذا الاضطّراب، وسوف تكون هذه الصّفات ضمن شقيّ اللّغة وهما: الاستيعاب، والإنتاج.
- الاستيعاب:
- يظهرون ضعفاً واضحاً في استيعاب ما يسمعون، وقد لا يفهمون الأوامر الموجّهة إليهم، وقد لا يستطيعون تسمية أشياء تطلب منهم.
- الخلط في الكلمات المتشابهة في المعنى، أو في اللّفظ.
الكلام:
- قد يعانون من صعوبات في إيجاد الكلمة المناسبة عند الحاجة.
- استبدال كلمة بأخرى ولكن من نفس المجموعة المعنويّة.
- قد يلجأون إلى حذف الكلمات الوظيفيّة من كلامهم.
القراءة:
- قد يظهرون عجزاً في تمييز ومعرفة الكلمات المكتوبة، وقد يقرأون الكلمات ولكن بدون فهم.
- تبدو الكلمات التي كانت مألوفة لهم قبل الإصابة وكأنّها غير مألوفة.
- يظهرون بطئاً في القراءة، إلى جانب الأخطاء فيها.
- قد يظهرون عجزاً في ربط الكلمة بصورتها.
الكتابة:
- قد ينسون شكل الحروف.
- قد يكتبون كتابة عكسيّة.
- قد يحذفون أو يستبدلون بعض الحروف.
- قد يظهرون أخطاء في الكتابة الإملائيّة.
- قد يكتبون ببطء شديد.
الإشارات:
- قد لا يفهمون المقصود بالإشارات.
- قد يظهرون عجزاً في التّواصل عن طريق الإشارات.
سمات السّكتة الكلاميّة
- اضطّراب خاص في نظام معالجة اللّغة في كلا جانبيه.
- إمكانيّة العلاج والتّحسّن.
- عدم ارتباط السّكتة بمهارة معيّنة.
التّقييم (Evaluation)
أهداف التّقييم:
أولاً ـ التّشخيص (Diagnosis) ونهدف من التّشخيص إلى:
- تحديد ما إذا كان الشّخص يعاني من السّكتة اللّغويّة أم لا، وتحديد المستوى الّذي أصيب بالاضطّراب فهل هو الكلام أم الكتابة أم…. الخ؟
- تحديد الاضطّرابات المصاحبة.
ثانياً ـ تحديد مستوى الإصابة في الوظيفة المفقودة. وهنا يجب الإجابة عن بعض التّساؤلات:
- ما مدى شدة المرض وما مدى إعاقته لعمليّة معالجة المعلومات؟
- كم يستطيع المريض أن يخزن من معلومات، والمدة الّتي يستطيع الاحتفاظ بها؟ فهل يستطيع كتابة كلّمة، أم شبه جملة كاملة؟
ثالثاً ـ تحديد مكان العطب في الدّماغ، ويكون هذا بواسطة الطّب، وكذلك من خلال معرفتنا بالعلّاقة بين الأغراض الظاهرة والإصابة في أجزاء الدّماغ.
رابعاً ـ المساعدة في التّحضير لوضع خطة للتّدخّل العلاجيّ النّاجح.
- معرفة قدرة المريض في إنتاج واستيعاب اللّغة.
- تحديد كفاية المريض في التّعامل مع كافة أنواع المدخلات اللّغويّة.
- الحصول على عيّنة شاملة للغة المريض بحيث تشمل كلّ سياقات وأشكال اللّغة لديه، حيث أنّ هذه العيّنة الشّاملة تساعد المعالج في أخذ صورة واضحة عن لغة المريض، ومستواه، وعن معدل سرعة كلامه، وقدرته على الإنتاج والاستيعاب.
طرق الحصول على العيّنة الكلاميّة:
- الاختبارات القياسية (Standardized Tests)
- الاختبارات غير الرّسمية: وتعتمد على المعالج وذلك من مثل طرح الأسئلة ذات الإجابة المفتوحة (Open-ended Questions) أو وصف الصّور، وكما فعلنا في جمع العيّنة في الاضطّرابات اللّغويّة فيجب أن ننوع في السّياقات اللّغويّة لتشمل اللّغة الّتي يملكها المريض.
ولتحليل هذه العيّنة علينا تسجيلها، ويفضل استخدام التّسجيل المرئيّ إلى جانب التّسجيل الصّوتيّ، وذلك أن هذا النّوع من الحالات نحتاج فيه لمعرفة كلّ الإشارات الّتي تصدر عن المريض لوضع خطة علاج ناجحة.
إن وصف القدرة اللّغويّة عند المريض يعتمد على طريقة الاختبار، فإذا استخدمنا الاختبارات القياسية فستكون النّتيجة هي عبارة عن علامة معيّنة، أمّا إذا استخدمنا اختباراً غير قياسي فإنّنا نستطيع وصف قدرات المريض كما يلي:
- أداء كلامي جيّد: هذا إذا استطاع المريض أن ينتج كلاماً ذا معنى، وكانت جملة معقولة بحيث لا يقل طول جملته عن ثلاث كلمات. إلى جانب قلة الأخطاء النّطقية والتّردد في الكلام مع الأخذ في الحسبان عمر المريض الزّمني. وفيها الاستيعاب سليم إلى درجة ما، وقد يكون مصاباً بدرجة بسيطة.
ومن الممكن إيجاز أعراضه بما يلي:
- سلامة الوظيفة الحركيّة، مع عمل طبيعيّ لأعضاء النّطق، ولكن مع وجود شلل في الجهة المعاكسة للفص الدّماغيّ المسيطر.
- اتّصاف كلام المصاب بتدني الطّلاقة، والتّردّد، والتّقطّع، والإجهاد، والافتقار إلى التّنغيم.
- خلو الكلام من الكلمات الوظيفيّة.
- يظهر في القراءة والكتابة نفس العجز الّذي يظهره في الكلام.
- مستوى جيّد في جانب الاستيعاب، فهو مدرك لمشكلته، وأخطائه، والصّعوبات الّتي يواجهها في الكلام؛ وبالتّالي فهو يستطيع التّحكّم بنفسه.
- يظهر قدرة متدنيّة في الإعادة؛ ذلك أنّ إنتاجه للكلام ضعيف أصلاً.
أنماط السّكتة اللّغويّة عند بروكا
- السّكتة اللّغويّة الحقيقيّة: ويسبّبها دمار كبير يتضمّن منطقة أوسع من منطقة بروكا. ومن سمات المصابين بهذا النّوع:
- ضعف واضح قد يصل إلى الشّلل في الجهة اليمنى من جسمه حيث أنّ الإصابة في الفص الأيسر من الدّماغ.
- فقدان واضح للطّلاقة في الكلام، بحيث يظهر المريض وكأنّه متأتئ؛ فكلامه بطيء جدّاً، ويحتاج إلى جهد كبير لإنتاجه. وتظهر الوقفات الكثيرة بين كلامه، وقد تفوق هذه الوقفات عدد كلماته أحياناً.
- يظهر كلامه خالياً من التّنغيم، ويمكن وصفه بأنّه رتيب (Monotonous).
- اختيار المريض للأسماء أكثر دقّة من الأفعال والكلمات الوظيفيّة.
- يظهر عجزاً في القدرة على الإعادة، فقد يفهم ما يقال ولكن لا يستطيع الإنتاج.
- يظهر عجزاً في إنتاج الجمل الصّحيحة؛ حيث أنّ المريض لا يملك القدرة على ترتيب الكلمات داخل الجملة ترتيباً صحيحاً ومنطقيّاً.
- يلجأ إلى الحذف والإضافة للأصوات، كما يظهر عدم الوضوح في نطق أصوات أخرى. وتشكّل هذه الاضطّرابات النّطقيّة ظاهرة في كلام المصابين في هذا النّمط من السّكتات، ويطلق على هذه الظّاهرة التّفسّخ الصّوتيّ (Phonetic Disintegration)
- السّكتة اللّغويّة الخاصّة بمنطقة بروكا: ويسبّبها دمار محدود في منطقة بروكا فقط، ويطلق عليها السّكتة اللّغويّة البسيطة الزّائلة (Mild Transient Aphasia). ويظهر المريض فيها نفس الأعراض السّابقة، ولكن بدرجة أقل حدّةً، والتي غالباً ما تزول بسرعة.
//….// يتبع في العدد القادم: علاج إضطرابات اللغة المكتسبة
المرجع المستفاد منه:
اضطرابات التواصل د. وائل أبو جودة
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.