يقدر أحد علماء النفس السلوكي أن عجز المدرسة عن حل مشكلات الأطفال مضطربي السلوك يعود إلى أربعة عوامل هي:
- التركيز على ماضي الطفل بدلا من بيئته وذلك بتأثير التحليل النفسي الذي يرجع مشاكل الحاضر إلى الماضي.
- اعتبار السلوك الملحوظ مجرد عرض لديناميات سيكولوجية كامنة في الذات الداخلية مما أدى إلى صرف النظر عن المشكلة ذاتها والتركيز على الاتزان النفسي الداخلي.
- انتشار الاختبارات السيكولوجية مع عدم توفر دليل مساعد للمدرس للعمل مع تلاميذه ومساعدتهم.
- النظر إلى السلوك من خلال عينات منه ومن خلال اختبارات الذكاء والشخصية.
ويرى (هول) أن المنهج السلوكي الاجرائي يهتم بتقوية السلوك المرغوب وإضعاف السلوك غير المرغوب وهو بهذا يستند إلى نظرية التعلم ويركز على سلوك الفرد في الحاضر وتفاعله مع البيئة الحاضرة أي أنه يهتم بما يفعل التلميذ الآن وبصورة مباشرة ودقيقة وكيف تؤثر البيئة فيما يفعله، ولا يهتم هذا المنهج بتشخيص الأسباب المرتبطة بالماضي البعيد ولا يهتم بإطلاق عناوين تصنيفية على الطفل طبقاً لسمات ونتائج الاختبارات ويتحدث عن التلاميذ.
ويقصد بالسلوك في إطار تعديل السلوك قدر الإمكان في الموقع الذي تحدث فيه المشكلة أي في الفصل وتحت إشراف المدرس بدل العيادة وهذا يتطلب من المدرس أن يغير سلوكه وأن يحتفظ بسجلات يومية لسلوك وأداء مفهوم (تعديل السلوك) كل ما يفعله التلميذ مثل القراءة والكتابة والجلوس على المقعد والتحدث مع جاره، وليس فقط اتباعه لتعليمات المدرس ونواهيه. وطبقا لمفهوم (سكنر) حول السلوك الاجرائي فإنه يعتبر استجابة إرادية كأن يقوم التلميذ بقراءة كتاب أو حل مسألة أو إتمام واجب منزلي وغير ذلك، ويتأثر السلوك الاجرائي بالأحداث التي تعقبه فإذا كانت عواقبه إيجابية ازداد احتمال حدوثه كأن يبتسم المعلم للتلميذ الذي يؤدي التحية له فهذا يشجع التلميذ على تحيته مرة أخرى ولكنه لو عبس في وجهه فعلى الأرجح سيكف التلميذ عن التحية مرة أخرى، وهذه العملية التي تزيد أو تنقص بها (عواقب السلوك) معدل السلوك في المستقبل تسمى (الإشراط الاجرائي). ولذك يجب أن تتوقف عواقب السلوك على أداء التلميذ، كأن تمنح المدرسة الطفل وقتا إضافياً للعب إذا اتبع قواعد النظام
. ولهذا سأتحدث عن بعض الطرق الضرورية لزيادة معدل السلوك المرغوب ومنها:
- التدعيم الايجابي: ويتضمن تقديم شيء سار للطفل مثل المدح أو الثناء مرتبطا بأداء السلوك المرغوب مثل زيادة وقت المدح أو الثناء مرتبطاً بأداء السلوك المرغوب مثل زيادة وقت اللعب أو اعطاؤه نجمة على الدفتر إذا نجح بمعدل 80% مثلاً في اختبار الإملاء ولكي يحقق المدعم الايجابي أكبر تأثير له يفضل تقديمه مباشرة بعد وقوع السلوك المرغوب وذلك لكي يربط الطفل بين التدعيم والسلوك، أما إذا طالت الفترة فقد يدعم المدرس سلوكاً آخر ويفقد المدعم الأول دوره أو ينسى التلميذ لماذا يحصل على الدعم. ومن أمثلة المدعمات نظام (الماركات) أو (الفيش) الذي يمكن صرفه من مكان المدرسة بأي شيء يؤكل أو يشرب يرغب به التلميذ وهنا يمكن للمدرس أن يكتب على السبورة السلوك المطلوب ويمكنه صرفها بما يرغب من المدرسة، ويجب أن تستبدل هذه المدعمات المادية بالمدعمات المعنوية بشكل تدريجي.
- التدعيم السلبي: وفيه يزيل المدرس شيئا غير مرغوب من التلميذ إذا تحسن أداؤه وأن يعفي التلميذ من الواجب المنزلي ففي المدعم الايجابي نقدم شيئاً غير مرغوب. ولكن التدعيم السلبي مثل صراخ المدرس في وجه الأطفال إذا انغمسوا في الشغب قد يكون نتيجته كف التلاميذ عن الصخب ولكنه يفقد فعاليته ومن المفيد أكثر مكافأة التلميذ عند توقفه عن الشغب.
-
التدعيم الفارق والتشكيل: ويستخدم حين يكون حدوث السلوك نادرا أو معدوما ويتضمن التدعيم التدريجي للسلوك إلى أن يحدث السلوك السلوك المرغوب ومن أمثلة التدعيم الفارق أن يثني المدرس على سلوك ما مرغوب فيه بينما يتجاهله في الأوقات الأخرى.
وفي التشكيل يحدد المدرس إلى أي مدى يكون التلميذ قريباً من أداء السلوك المرغوب ثم يطلب منه أداء سلسلة من السلوك ليقترب السلوك تدريجيا من السلوك النهائي، وفي كل مرة ينجح فيها التلميذ يدعمه ويكافؤه حتى يتشكل عنده السلوك المرغوب بصورة ثابتة ونهائية ومن أمثلته إذا كان تلميذ يرفض أن يضع السماعة على أذنيه فيمكن أن يتمثل أسلوب التشكيل في وضع عدد من السماعات أمامه وأن يكافأ لو لمس أيا منها ثم يكافأ لو مسكها وقربها من أذنه وهكذا بالتدريج حتى يضعها في أذنه ويلبسها مدة طويلة في اليوم وقد يكون هذا مشروطا بالسماح له باللعب أو تناول الطعام.
وقد يستخدم أسلوب التشكيل في تعليم تلميذ كيف يقضي وقتا أكبر في المذاكرة وذلك بالسماح له بقضاء وقت آخر في اللعب ثم التدرج في زيادة وقت المذاكرة مع انقاص وقت اللعب. - الأذبال: وهو أسلوب يستخدم في حالة ما إذا كان الطفل يستطيع أداء السلوك ولكنه لا يؤديه في المواقف المرغوبة كأن يضع السماعة في المنزل ولا يضعها في المدرسة أو يتحدث بطلاقة مع أهله ولا يتحدث مع معلمه أو أقربائه ويتمثل الأسلوب في التغيير التدريجي للظروف التي يحدث فيها السلوك من موقف إلى موقف جديد.
وسنتحدث فيما يلي عن وسائل انقاص معدل السلوك غير المرغوب
ومن هذه الوسائل:
- دعم سلوك مضاد للسلوك غير المرغوب: وذلك مثل تدعيم بقاء التلميذ في مقعده بدلا من تركه أو تدعيم رفع التلميذ ليده مستأذناً بالكلام.
- الانطفاء: وهو تجاهل السلوك غير المرغوب وحين ينخفض معدل السلوك فإن الانطفاء يكون قد حقق تأثيره.
ويستخدم هذا في علاج السلوك المشاغب حيث ينصرف المدرس عن التلميذ أثناء الشغب والثناء عليه حين يحسن سلوكه. ويستخدم أيضاً لعلاج نوبات الغضب في الفصل والثناء عليه حين يتحسن سلوكه. ومن الصعوبات التي قد تواجه اتباع مثل هذا الأسلوب في الفصل حين يهتمون به أو يسخرون منه وفي مثل هذه الحالة فإن تجاهل المدرس لن يكون له تأثير كبير ولكن من الممكن دعم سلوك الطفل عن طريق إعطائه مثلا وقت لعب أطول إذا تجاهل سوء سلوك الطفل. ومن عيوب هذا الأسلوب أن السلوك غير المرغوب يزداد في بداية استخدام التجاهل وهذا ما قد يضعف المدرس ويجعله يوجه انتباهه للتلميذ ولذلك فإن اتباع هذا الأسلوب يحتاج إلى مدرس قوي الارادة.
- العقاب: وهو الوسيلة الثالثة لانقاص السلوك غير المرغوب وتتراوح أساليبه من ملامح الوجه المظهرة للاستنكار إلى السجن أو أقسى من ذلك، ولكن لا يمكن تصنيف الحدث أنه عقاب إلا إذا أدى إلى انقاص السلوك المستهدف. فإذا كان حرمان الفصل من فترة الراحة لن يؤدي إلى انقاص الصخب والضجيج أثناء الدراسة فإنه لا يمكن اعتباره عقابا وفي تجربة لـ (هول) كان المدرس يضع علامة أمام اسم كل تلميذ في الفصل يغادر مقعده دون إذن ثم يعاقب التلميذ بالبقاء في المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي لمدة خمس دقائق عن كل علامة توضع أمام اسمه في اليوم.. وقد طبق هذا أثناء دروس الحساب أو القراءة وكان متوسط عدد مرات المغادرة دون إذن في فترة الأساس 23 مرة وقد انخفض أثناء التطبيق والتجريب إلى مرتين وقد ارتفع مرة أخرى حين رفع العقاب وعاد للانخفاض أثناء عودة العقاب وقد عولجت طفلة معاقة ذهنياً كانت تعض نفسها وزميلاتها والزوار عن طريق قول المدرسة لها بصوت عال كلمة (لا) في كل مرة تسلك هذا المسلك وقد انخفض معدل السلوك من 72 عضة إلى خمس مرات في اليوم.
وقد ثار جدل كبير حول العقاب وجدواه وقيل إن تأثيره وقتي وقد يستعدي المعاقب ضد الآخرين. ولكن دراسة قام بها (آزرين) أوضحت أن العقاب يحدث تأثيرات دائمة في السلوك وقد يحدث نتائج في انقاص السلوك غير المرغوب أسرع مما تحدثه الأساليب الأخرى.
ويقدم (اكسلرود) التوصيات التالية في استخدام العقاب:
- استخدام اخف درجات العقاب ذات التأثير.
- يجب تحديد محكات العقاب وإعلانها مقدماً.
- يدعم المدرس السلوك المضاد للسلوك غير المرغوب فيه في الوقت الذي يعاقب فيه على السلوك غير المرغوب.
- يحاول المدرس بعد تأكيد تأثير العقاب والاستعانة بإجراءات أخرى بديلاً عن العقاب مثل التدعيم الايجابي.
والمهم أخيراً أن تزداد كفة التدعيم على كفة العقاب، ويجب التفريق بين مصطلحي (العقاب) الذي يهدف إلى انقاص معدل السلوك غير المرغوب، وبين مصطلح (التدعيم السلبي) وهو الذي يحدث زيادة في معدل السلوك المرغوب.
- أسلوب الأبعاد: وهو من أساليب العقاب التي تستخدم أحياناً لانقاص معدل السلوك غير المرغوب في الفصل وهو إبعاد الطفل عن التدعيم بعد قيامه بالسلوك غير المرغوب. ومن أمثلته عزل الطفل المشاغب فترة من الزمن بعد قيامه بالسلوك غير المناسب وحرمانه من الأحداث المدعمة التي تجري في الفصل، ويقتضي هذا الأسلوب أن يكون الفصل جذابا ومدعماً ومشوقاً أكثر من مكان العزل وأن يكون مكان العزل خالياً من المدعمات مثل غرفة خالية من أي كتاب أو لعب. ويستخدم هذا ضد السلوك العدواني ونوبات الغضب واتلاف مواد الفصل على أن يحذر الطفل قبل وقوع العقاب عليه فإذا لم يمتنع الطفل عن السلوك غير المناسب أرسل إلى غرفة العزل ويمكنه العودة إلى الفصل بعد 10 دقائق وبسرعة كافية فإذا لم يصل إلى الفصل بهذه السرعة يبقى معاقبا 10 دقائق أخرى، ويجب عدم استخدام الأسلوب أكثر من عدد محدد من المرات.
- الأسلوب الخامس لانقاص معدل السلوك هو جدول التدعيم الفارق لأنواع أخرى من السلوك. ومنه يقدم المدعم فقط إذا لم يحدث السلوك المعين لفترة من الزمن وأن يمتنع التلميذ عن الشغب لمدة خمس دقائق وإذا حدث الشغب خلالها تحدث دورة جديدة مدتها خمس دقائق ويقدم المدعم اذا لم يحدث السلوك المستهدف خلال الخمس دقائق التالية.
ويتساءل البعض عما إذا كان استخدام أساليب تعديل السلوك يدعم النموذج التقليدي في التربية وهو نموذج التلميذ الملتصق بمقعده والذي لا يحادث أحداً ولا يبتسم ولا يتحرك والذي يجب أن يستأذن قبل كل خطوة يخطوها. ويرد أنصار تعديل السلوك أن السؤال الذي يتعين أن نطرحه هو كيف يمكن أن نرتب البيئة المحيطة بالتلميذ والمدرس حتى نستطيع اتخاذ قرارات تساعد في ضبط السلوك؟ أو ما هو السلوك المرغوب في هذه البيئة؟ وفي هذا الإطار تكون مشاركة التلاميذ مع الآباء والمدرسين والمديرين في اتخاذ القرار في الأمور الهامة والمرغوبة.
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.