تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يشكلون 15% من عامة السكان في العالم، أي ما يعادل مليار شخص، ويقدر بأنهم يشكلون ما نسبته 15% إلى 20% من فقراء العالم، وتبعاً لمنظمة العمل الدولية فقد بدأت الأزمات الإقتصادية تؤثر فعلياً على الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة النساء منهم، وهم يواجهون الفقر في كل من الدول النامية والمتطورة، ويتبين من خلال دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، أن نصف الذين هم في سن العمل والذين مروا بقلة الدخل لمدة 21 شهراً فما فوق، هم من الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويزيد احتمال أن يجابه الأشخاص ذوو الإعاقة في المتوسط كجماعة نواتج اجتماعية واقتصادية مقارنة بالأفراد غير ذوي الإعاقة، مثل التعليم الأقل والنواتج الصحية الأسوأ وقلة فرص العمل وارتفاع معدل الفقر.
وقد تؤدي البيئة الاقتصادية والتشريعية والمادية والاجتماعية في بلد ما إلى وضع حواجز أمام مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة الاقتصادية والمدنية والاجتماعية، أو إلى تسهيلها. وتتضمن العوائق مباني يتعذر الدخول إليها والتنقل فيها، ونقص وسائل النقل، وصعوبة الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وعدم ملائمة المعايير، وانخفاض مستوى الخدمات والتمويل لهذه الخدمات، ونقص البيانات والتحليل للسياسات القائمة على الشواهد وتتسم بالكفاءة والفعالية.
وقد يؤدي الفقر إلى زيادة خطر الإعاقة من خلال سوء التغذية وضعف إمكانية الحصول على التعليم والرعاية الصحية، والعمل في أوضاع غير آمنة وبيئة ملوثة، والافتقار إلى مياه الشرب المأمون والصرف الصحي. وقد تزيد الإعاقة بدورها من خطر الفقر بما في ذلك عن طريق نقص فرص العمل وضعف الأجور وزيادة تكلفة المعيشة مع الإعاقة.
لقد استبعد الأشخاص ذوو الإعاقة عبر القرن الماضي من فرص التشغيل والمشاركة في الحياة الاقتصادية، ومن ثم سنت العديد من الدول في العالم قوانين ضد التمييز تدعو إلى تكافؤ الفرص في التعليم والتشغيل وغيرها من مجالات الحياة، لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة من مجرد أناس مهمشين إلى أشخاص فاعلين في مجتمعاتهم، واستثمار قدراتهم وقواهم في العملية الاقتصادية.
إلا أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أول المتضررون من الأزمات الاقتصادية العالمية، كونهم أول المسرّحين من أعمالهم، حيث تميل الشركات إلى المفاضلة في عملية الإبقاء على الموظفين المتميزين في الشركة واستبعاد ذوي القدرات المحدودة من الموظفين، وتفترض هذه الشركات مسبقاً أن الموظفين من ذوي الإعاقة هم أقل انتاجاً وأكثر وقوعاً في الأخطاء المهنية، لذلك كانوا أول ضحية ممن طالتهم عمليات إنهاء الخدمات.
ويقدر البنك الدولي بأن كلفة استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من العمل حتى قبل الأزمة المالية العالمية الأخيرة قد كلفت المجتمعات ما يقدر بـ 1.94 تريليون دولار أمريكي.
وفي هذا الشأن، حذرت منظمة العمل الدولية من التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل واستبعادهم منه أو تقليص أجورهم، أو الطلب منهم عمل ساعات إضافية دون مقابل، بمجرد تراجع مبيعات الشركات أو انتاجها، مما يزيد من التلازم ما بين الفقر والإعاقة.
أمثلة على كيفية تأثير الأزمة العالمية على الأشخاص ذوي الإعاقة:
- يخسر الأشخاص ذوو الإعاقة وظائفهم، فهم آخر من يتم توظيفه وأول من يتم إنهاء خدماته.
- يتم وقف الجهود المبذولة لتعزيز التدريب الوظيفي والتطور المهني.
- يتم التقليل من برامج الحماية والضمان الإجتماعي مما سيكون له الأثر الكبير على المستوى المعيشي للأشخاص ذوي الإعاقة.
- يتم تخفيض برامج الدعم التي يستفيد منها الأشخاص ذوو لإعاقة، بما فيها الخدمات التي تقدم من قبل المؤسسات، والتقليل من رعاية برامج وأنشطة هذه المؤسسات.
- يتم التقليل من الاهتمام بالبنية التحتية ذات التسهيلات التي تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، على اعتبار أن كلفة هذه التسهيلات عالية.
لذلك فمن الأهمية الملحة زيادة الجهود الرامية لضمان أن لا تؤدي الأزمات الإقتصادية إلى ثغرات في السياسات والبرامج التي تعزز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الأمر الذي يتطلب حماية الشخص ذي الإعاقة كأي موظف آخر من مخاطر تأثيرات الأزمة العالمية، علماً أن السبب في معاناة الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة من الفقر، يرجع إلى نظرة المجتمعات السلبية لهم، والوصمة والأحكام المسبقة عنهم، حيث ينظر إليهم على أنهم غير منتجين ومشاركين، وليس سبب هذا الفقر إعاقتهم بحد ذاتها، مما يؤكد أن الإعاقة الحقيقية التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة لا تكمن في الأذنين أو العينين، الذراعين أو الرجلين، وإنما تكمن في عقول الذين يعيقونهم عن المشاركة.
ومن أجل معالجة هذا الوضع، فنحن بحاجة إلى أن يتم النظر في السياسات والبرامج المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة على أنها استثمار للموارد البشرية، واعتبارهم مخزوناً بشرياً يمكن أن يفيد بلدهم، وليس مصدراً للإنفاق عليهم فقط. وأخذهم بالإعتبار كجزء من كل حزم الحوافز الاقتصادية وغيرها من التدابير التي يتم وضعها من أجل التغلب على الأزمات الاقتصادية. ولا بد من الاستفادة منها دائماً باعتبارها فرصة لمضاعفة الجهود الرامية إلى إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المبادرات ذات الصلة بحالة الفقر، حيث أنشأ البنك الدولي مؤخراً صندوق الاستجابة السريعة Rapid Response Fund الذي يقدم منحاً للبلدان الأقل نمواً، والتي ينبغي أن يستفيد منها الأشخاص ذوو الإعاقة.
وتتمثل العناصر الأساسية التي ينبغي التركيز عليها من أجل تحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، وإخراجهم من دائرة الفقر والتأثر السريع بالأزمات الإقتصادية، فيما يلي:
- العمالة Employment: توفير فرص عمل مجدية للأشخاص ذوي الإعاقة بما يتفق مع قيم حقوق الإنسان، وتكافؤ الفرص، والنظر إلى القدرات وتنميتها.
- الثقافة Culture: يجب تغيير الإتجاهات نحو الأشخاص ذوي الإعاقة، والنظر إليهم كمساهمين فاعلين في التنمية الاقتصادية لمجتمعاتهم وليسوا عبئاً عليها.
- التعليم: Education: وهو عنصر أساسي من أجل الدمج الاجتماعي لكل فرد في المجتمع، حيث تشير الأرقام التحذيرية إلى انخفاض معدلات التحاق الأشخاص ذوي الإعاقة بالمدارس وارتفاع معدلات الأمية بينهم، وليس من المستغرب أن يؤدي ذلك إلى البطالة أو مستويات منخفضة جداً من العمالة.
ومن حيث الإجراءات الملموسة على المستوى الدولي التي يتعين الاضطلاع بها لمعالجة كل الآثار المترتبة على الأزمة الحالية هي:
- أن يؤخذ الأشخاص ذوو الإعاقة بالاعتبار في جميع المبادرات التي يجري الترويج لها على مستوى الأمم المتحدة، وكذلك على المستويات الوطنية من أجل التغلب على الأزمة الاقتصادية والمالية.
- الحاجة لبذل المزيد من الجهود لزيادة الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة في جميع الأهداف الإنمائية للألفية Millennium Development Goals ذات الصلة، وإن الخطوة الأولى بهذا الصدد هي إدماجهم في القرارات ذات الصلة التي يتعين اعتمادها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحسنا فعلت الأمم المتحدة عندما اختارت شعار (تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 من أجل مستقبلنا المنشود) موضوعاً لليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة وتشمل هذه الأهداف تقييم الوضع الراهن لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و Sustainable Development Goals (SDGs) ووضع حجر الأساس لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعاتهم خصوصاً مع تزامن الاحتفال باليوم العالمي مع الذكرى السنوية العاشرة لاعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كواحدة من المعاهدات الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة حتى الآن وتمت المصادقة عليها في أسرع وقت وأوسع نطاق.
حيث ستعمل البلدان خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة على حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ.
ومن بين هذه الأهداف: القضاء على الفقر والجوع، وتحقيق الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد والمساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء، والعمل اللائق والنمو الاقتصادي، وغيرها من الأهداف.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011