هناك سباق بين التقنية الحديثة والفيروس أو الميكروب، ومنذ دخول الألفية الثالثة وإحصائيات الأمم المتحدة كانت وما زالت تدق نواقيس الخطر، وهذه منظمة الصحة العالمية (WHO) تصرح بأن طاعون العصر (مرض الإيدز أو متلازمة نقص المناعة) يقتل في كل صباح تشرق عليه الشمس ما يقارب من 5500 على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يصل عدد المصابين به وحسب دراسات منظمة الصحة العالمية إلى حوالي 40 مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم مع نهاية العام الماضي، 30 مليون منهم في أفريقيا أي بزيادة قدرها 10% على مستوى العالم.
وقدر برنامج الأمم المتحدة عدد المصابين بفيروس الأيدز منذ اكتشافه وحتى نهاية العام المنصرم 40 مليون مصاب، وقد قتل 2.5 مليون إنسان من البشر حتى نهاية العام الماضي. وأضافت الإحصائيات أن مجموع ما قضى عليه هذا المرض منذ اكتشافه في الثمانينات 12 مليون إنسان.
المدير التنفيذي لبرنامج مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) في منظمة الصحة العالمية (بيتر بايوت) أعلن أن عدد المصابين في أمريكا اللاتينية ازداد فبلغ 1.4 مليون شخص وفي البحر الكاريبي إلى 330 ألف شخص.
إنها أرقام مخيفة وإحصائيات مروعة تهدد صحة الإنسان ومستقبله.. بل المجتمع بأسره.. ولكن ما هو موقف دعاة المدنية والحرية والحضارة! تراهم يتظاهرون ويطالبون حكوماتهم بسن القوانين لحمايتهم، يطالبون بحقوقهم لكي تجعل من شذوذهم حقاً طبيعياً وسلوكاً مشروعاً بلا خجل أو وجل.. ومع الأسف ترى بعض الحكومات الغربية قد استجابت لهم، فهذا مجلس النواب الدانماركي (البرلمان) قد أصدر في شهر يوليو 1989 قانوناً يجيز به زواج الرجل من الرجل أو الأنثى بالأنثى وكذلك حذت السويد حذو الدانمارك وغيرها من الدول الغربية! وآخرها البرازيل (2013) ثم بريطانيا (2014) تلتها ولاية الينوي الأمريكية في العام نفسه وتقول آخر الإحصائيات أن نسبة الشذوذ الجنسي في العالم تطال 10 ـ 15% من السكان، أي أن هناك 25 مليون شخص من سكان العالم (المتحضر) يمارسون هذه السلوكيات المشينة!! حتى أن مليون شخص منهم تظاهروا في أمريكا وطالبوا بسن قوانين خاصة بهم تحمي (حقوقهم) وتسمح لهم بدخول الجيش بحيث يصبح ذلك السلوك المشين سلوكاً طبيعياً!
هذه أمم عصت أمر ربها فحق عليهم عذاب الخوف والألم والمرض والخسف والزلازل.. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعلنوا بها إلا فشا فيها الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم). وهذا هو الأيدز ظهر مع تظاهراتهم ومطالبتهم بحقوقهم!
تعريف الأيدز AIDS
هو مرض نقص المناعة المكتسبة Acquired Immune Deficiency Syndrome وسمي بالأيدز (AIDS) اختصاراً للكلمات الانكليزية الأربع التي ذكرناها سابقاً، ويسمى بالفرنسية (SIDA) اختصاراً للاسم الفرنسي Syndrome Immumo Depression Acquits.
أما عن نشأة الأيدز فقد انتقل أصلاً من قرود الشمبانزي التي تعيش في الكونغو والغابون والكاميرون وأفريقيا الوسطى. وبدأت قصة اكتشاف هذا المرض عام 1981 عندما اكتشف العلماء بعض حالات متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) لدى ذكور يتميزون بعلاقات جنسية شاذة، وبعض الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن الوريدي حيث يستعملون ذات الحقن فتنتقل العدوى فيما بينهم، إضافة إلى اكتشاف بعض الحالات عند المرضى الذين يعانون من أمراض النزف الدموي الوراثي، مثل الهيموفيليا أو فقر الدم الوراثي، حيث أن هذه الحالات تقتضي نقل الدم المتكرر.. وقد تم اكتشاف حالات الإصابة بهذا المرض دون التمكن من معرفة نوع الفيروس المسبب له. وفي شهر كانون الثاني / يناير 1983 اكتشفت مجموعة من العلماء في معهد (باستور) في باريس وعلى رأسها (لوك مونتانييه وكلود شيرفان) سبب هذا المرض وهو حميات صغيرة (فيروسات) اطلق عليها اسم HIV ولهذه الفيروسات (ولع) خاص بالخلايا اللمفاوية (تي T) وهي الخلايا الأساسية للجهاز المناعي في جسم ا لإنسان.
في عام 1984 أكد الباحثون الأمريكيون أن سبب مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) هو فيروس HIV وهو نوعان HIV2 و HIV1.
مراحل المرض
بعد دخول الفيروس (HIV) إلى جسم الإنسان ووصوله إلى الدم يقوم بغزو الخلايا اللمفاوية وينتشر في جميع سوائل ومفرزات الجسم كالدم والسائل المنوي والمفرزات المهبلية الأخرى، وقد يتواجد في اللعاب والحليب والدموع ـ رغم أن هذا الموضوع لا زال تحت الدراسة.
ويمر المرض في خمس مراحل هي:
- طور الحضانة: من بضعة أسابيع إلى مدة قد تزيد عن عشر سنوات بحسب كمية الفيروس وتركيزه وقوته.
- الطور الحاد: تكون أعراضه شبيهة بأمراض البرد والأنفلونزا (حمى، آلام عضلية، صداع، التهاب في البلعوم، سعال) وقد يترافق ذلك مع تضخم في العقد والخلايا اللمفاوية وتستغرق هذه المرحلة من أسبوع إلى أسبوعين وكثيراً ما يجري فحص الدم لـ HIV في هذه المرحلة ويكون سلبياً مع أن دم ذلك الشخص المصاب يكون معدياً، إذ لا تظهر أضداد HIV إلا بعد 6 ـ 12 أسبوعاً عندما يكون دم المريض موجباً لـ HIV.
- طور الهدوء (الكمون): وهذه مرحلة الصراع بين الفيروس والجهاز اللمفاوي (المناعي)، وقد يكون ذلك في غفلة من المصاب وقد يتخلل هذه المرحلة أمراض التهابية متكررة مرتبطة بنقص المناعة والنتيجة سلفاً محسومة لصالح الفيروس والمرض، ولكن المدة هنا قد تطول أو تقصر من مريض إلى آخر ومن عدة أشهر إلى عدة سنوات حسب قوة الجسم وقدرته المناعية.
- طور تضخم العقد (الخلايا) اللمفاوية الدائم: وهذا التضخم يكون مستمراً في الغدد اللمفاوية تحت الرقبة وتحت الإبط وفي الناحية الإربية، التي تستنفر في محاولة للدفاع عن الجسم الذي يبقى في هذه المرحلة التي تتراوح مدتها بين أشهر إلى سنوات مستقراً.
- طور ما قبل الأيدز: في هذا الطور يصاب المريض بالهزال الشديد والتعب والإعياء وفقدان الشهية والإسهال والحمى وكثرة التعرق ويصاب بالمغص والصداع وتتكرر عنده الالتهابات البكتيرية والفطرية في الفم والحق والصدر ويتضخم الطحال وينقص عدد الصفائح الدموية ويكثر النزف من مختلف أجزاء الجسم.
- طور الأيدز: وهذا الطور يعتبر آخر أطوار المرض، عندها تنهار المقاومة ويتحطم جهاز المناعة مع تحطم الخلايا اللمفاوية ويسيطر فيروس HIV على الجسم كله وهي المرحلة النهائية للمرض حيث تصيب الالتهابات كل أجهزة الجسم بالإضافة إلى الاسهالات المستمرة والحمى والهزال وضمور الدماغ. وهنا تكون نهاية المريض محتومة وقد لا تمتد أكثر من أشهر.
العدوى وطرق انتشار طاعون العصر (الأيدز)
إن فيروس HIV فيروس ضعيف جداً لا يقوى على العيش خارج سوائل الجسم في الهواء إلا لثوان قليلة فيموت ويندثر سريعاً، وهو لا يستطيع العيش إلا متطفلاً، وهناك اعتقادات قوية لدى الباحثين أن الإصابة الأولى أتت من القرود في أفريقيا.
ينتقل هذا الفيروس عن طريق نقل الدم أو مشتقاته مثل (البلازما، والمصل) المأخوذة من أشخاص مصابين إلى الشخص السليم وتبلغ نسبة الفيروس في الدم 5%، كما ينتقل عن طريق ملامسة دم مصاب لجرح أو خدش في جسم شخص سليم، أو عن طريق الأبر الملوثة وهذا شائع عند مدمني المخدرات، كما أن الاتصال الجنسي وسيلة لنقل المرض، حيث يكثر في حالات البغاء، حيث أن المومس تقوم بعلاقات جنسية غير شرعية مع أكبر عدد من الناس فتنقل إليهم الإصابة بالفيروس، وهذه الطريقة تشكل أعلى نسبة من الإصابة تصل بين 80 ـ 90% أما العلاقات الجنسية الشاذة والتي تكون بين شخصين من الجنس نفسه فإن نسبة العدوى فيها تشكل 40%.
نعم، هذا هو بايجاز طاعون العصر الذي يهدد الإنسانية مع مطلع الألفية الثالثة بكل تقنياتها ومظاهر حضارتها وليس هناك دواء ناجع له حتى الآن مع أن هناك محاولات حثيثة لاستحضار لقاح ما زال قيد البحث والدراسة.
{وكأي من قرية عنت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسراً}.
(سورة الطلاق ـ الآيتان 8 و 9)
- تابع الدكتور محمد زهير مهمندار دراساته العليا وتدريبه المتخصص في مجال طب الأطفال حديثي الولادة والأطفال في ايرلندا وكان لديه قبلها عقدان من الخبرة في العمل في مجال طب الأطفال في دبي. وهو خبير يحظى باحترام كبير في مجال الرعاية الصحية للأطفال وأحد الأطباء المعروفين في مجال طب الأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
- عمل في مستشفى دبي وأشرف على أول وحدة لرعاية الأطفال حديثي الولادة في دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة تقدم خدماتها للأطفال المبتسرين (1981 ـ 2008),.
- قدم خدمات استشارية في طب الأطفال وحديثي الولادة في القطاع الخاص من خلال مستشفى الإمارات في الجميرا ودبي مارينا.
- عمل سابقاً مستشاراً صحياً لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وجمعية متلازمة داون العالمية (DSI),، وهو أحد من مؤسسي فريق الإمارات لدعم ذوي متلازمة في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
- يعمل الدكتور زهير حاليا في مستشفى الإمارات بالجميرا في مجالات خدمات طب الأطفال العام والتي تشمل: رعاية الأطفال العامة، المولود الجديد ورعاية الرضع، طب الأطفال العام، اضطرابات الربو القصبي واضطرابات الحساسية، الاضطرابات النفسية، السمنة واضطرابات التغذية.