معشر المختصين …. رفقاً بالأسر.. الكل يتمنى أن يكون ابنه طفلاً سامعاً.. ناطقاً…الخ، ولكن مهلاً!! وجود الاعتقادات الخاطئة نحو التصنيف التربوي للأشخاص زارعي القوقعة؛ هل يصنفون على أنهم سامعين أم أنهم مازالوا يندرجون تحت تصنيف العوق السمعي؟؟؟؟؟ هو ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع.
كثر اللغط والجدل في هذه الأيام حول زارعي القوقعة، والذي تمثل في عدم تصنيفهم ضمن ذوي الفقدان السمعي واعتبار أنهم يصنفون من ذوي اضطرابات النطق والتواصل، ومنعاً للبس الذي قد يقع فيه البعض ضمن هذه الاعتقادات الخاطئة كتبت هذه الأسطر للتنويه عن ذلك وتسليط الضوء على بعض الحقائق في الأمر.
إن الأشخاص الذين يواجهون فقداً سمعياً بسيطاً أو متوسطاً أو متوسطاً إلى شديد يصنفون أنهم (ضعاف سمع) ويستطيعون باستخدام المكبرات الصوتية والتدريب السمعي وعلاج اللغة والكلام أن يشاركوا في التبادلات اللفظية ويتلقوا المعلومات سمعياً. في حين يشير مصطلح (الصم) إلى الأشخاص ذوي الفقد السمعي من الشديد إلى العميق الذين لا يستطيعون سماع الكلام من خلال آذانهم، سواء باستخدام سماعات أو بدون، ومع أنهم يسمعون بعض الأصوات العالية، فإنهم لا يعتمدون على جهازهم السمعي باعتباره قناة التواصل الأساسية (Scheetz،2015:146).
وإضافة إلى نظام التصنيف، ثمة عوامل أخرى كثيرة تحدد إلى أي مدى يكون أداء الأطفال ذوي درجات الفقد المختلفة في محيطهم، مثل البيئة السمعية التي يحدث فيها الاستماع، وقدرة الشخص على الاستفادة من قراءة الكلام والكلام والبقايا السمعية، والعوامل المرضية، والخلفية التعليمية.. وغيرها من العوامل.
وتمثل أدوات السمع المزروعة أي القوقعة ((Cochlear implants تقنية حديثة نسبياً، تقدم للفرد الصوت لكن بطريقة تختلف عن سماعة الأذن. ففي حين تقوم سماعة الأذن بالدرجة الأولى بتكبير الصوت، تتجاوز أداة السمع المزروعة الجهاز السمعي للفرد وتقدم التحفيز الكهربائي للعصب السمعي. وقد وفرت هذه الأداة بديلاً للأفراد ذوي الفقد السمعي من الشديد إلى التام الذين لا يستفيدون من التكبير، ورغم تفاوت النتائج تقدم هذه التقنية وعوداً كبيرة لمن لم يكن متاحاً لهم في السابق الوصول إلى الصوت (Mahshie, Moseley, Lee, Scott, 2015:39).
تستطيع أدوات السمع المزروعة وسماعات الأذن أن تحسن قدرة الطفل على الوصول إلى اللغة اللفظية، ولكن في حال وجود تحديات سمعية في أماكن الضجيج سواء داخل الفصول الدراسية أو في أماكن التجمعات العائلية وفِي الأماكن العامة وأثناء ركوب وسائل المواصلات بشكل عام، فإن الضجيج يحد من وصول الإشارة السمعية إلى الطفل (بوضوح)، وتؤثر سلباً على نوعية إشارة الكلام ومقدار وصول الطفل إلى التواصل المنطوق وبالتالي تقل فاعلية هذه الأدوات.
وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص يمتلكون القدرة على سماع الكلام (بمعنى التعرف عليه) عند مستويات سمعية متزايدة، إلا أنهم قد يعانون ضعفاً في فهم ما يسمعونه، ومع إنتاج أصوات متشابهة، قد يجدوا صعوبة في تمييز الأصوات عن بعضها بعضاً، وبالتالي قد لا يستطيعون فهم الكلمات المنطوقة في البيئات الصاخبة جداً (Scheetz, 2015:168).
ويشير (Zwolan, 2009) أن زراعة القوقعة تحظى بالاعتراف بأنها علاج آمن وفعال لكل من الأطفال والبالغين الذين يظهرون فقدان في السمع من متوسط إلى عميق، وأن المرشحين لزراعة القوقعة هم الذين لديهم فقد سمعي حسي ـ عصبي ثنائي من شديد إلى عميق والذين لا يستفيدون كثيراً من سماعات الأذن، وليست لديهم موانع طبية للجراحة، كما أن زراعة القوقعة توفر للأشخاص الصم وضعاف السمع الوصول إلى المعلومات ذات التردد العالي التي لا تكون متاحة لهم باستخدام سماعات الأذن.
لقد أصبحت زرعة القوقعة تكنولوجيا سمعية لتزويد الصم وضعاف السمع بالقدرة على السمع، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بمقدار التحسن المتوقع بعد الزراعة؛ إلا إذا تم استكمال التأهيل بالشكل المطلوب.
وتختلف النتائج حسب مستوى النطق عند حدوث إصابة نقص السمع وكذلك حسب الزمن المنقضي بين حدوث الإصابة وخضوع المريض للعمل الجراحي والتأهيل، وأن الحصول على النتائج الجيدة بعد الزراعة يعتمد على التأهيل والذي يجب أن يستمر لفترة تطول أو تقصر حسب عمر المريض، عمر حدوث الاصابة، درجة تطور النطق وقد تصل فترة التأهيل إلى سنوات عديدة|، وبعد العملية الجراحية يصبح المريض (على مستوى السمع) قادراً على سماع الأصوات، أما على (مستوى النطق والكلام) فإن البعض منهم يصل بعد فترة من التأهيل إلى نطق يماثل ما يتكلم به شخص لديه نقص سمع متوسط الشدة، كما أن العملية الجراحية لا تكفي في حال إهمال التأهيل لأنها لا تؤدي إلى أية نتيجة إيجابية من ناحيتي السمع والنطق، والحقيقة أن نتائج الزراعة متفاوتة من طفل إلى آخر (الوسمي، 2014: 70).
ومن الجانب التربوي يتفاوت الأطفال زارعي القوقعة بتفاوت ما يلي: (العمر السمعي والعمر اللغوي، قصور التدريب السمعي، مشاكل في اللغة الاستقبالية واللغة التعبيرية، مشكلات في فهم الكلام والإدراك، إضافة إلى قصور الحصيلة اللغوية والمفردات).
ويشير الزهراني (2007) إلى أن فلسفات المنحى السمعي ـ اللفظي هو الخيار الجيد لكثير من الأطفال الصم زارعي القوقعة الالكترونية، وتطبيقات هذا المنحى هي وسيلة رئيسة تساعد الأطفال الصم وضعاف السمع على سمع ما يتم استقباله بواسطة القوقعة الالكترونية.
ولقد أصدرت الجمعية القومية للصم ورقة تعبر عن موقفها حول زراعة القوقعة، وأكدت فيه على أن (زراعة القوقعة تُعد تقنية يمكن أن تستخدم في بعض أشكال التواصل، وليست علاجاً للصمم).. (وأكدت الجمعية القومية للصم فيه أيضاً أنها تُقدر كل أشكال التقدم التقني التي من شأنها أن تحسن نوعية الحياة لكل الأشخاص الصم وضعاف السمع وتعززها) (Scheetz, 2015:45).
ومما يؤكد ذلك أن زارع القوقعة يسمع عن طريق جهاز إلكتروني طبي يزرع جراحياً يحاكي وظيفة السمع الطبيعية للأذن الداخلية. وتتجاوز غرسات القوقعة الالكترونية الجزء التالف من الأذن الداخلية وترسل إشارات كهربائية مباشرةً إلى العصب السمعي ومن ثم إلى الدماغ. وتعتبر التزاماً مدى الحياة ولا يمكنه السمع بدونها.
وفي هذا الصدد يشير (Scheetz, 2015:189) أن سماعات الأذن وزراعة القوقعة والأدوات المساعدة على السمع هي مجرد أمثلة للمعينات المتوافرة لمساعدة الأشخاص ذوي الفقد السمعي، وأن السمع في غالب الأحيان لا يمكن استعادته إلى مدى الأداء الطبيعي، وأن هذه الأدوات تستطيع أن تحسن قدرة المستخدمين على إدراك الأصوات في البيئة، بما يساعدهم في التواصل.
ونستخلص مما سبق أن الطفل زارع القوقعة يجب أن يدمج كلياً في فصول التعليم العام مع توفير البيئة السمعية المناسبة الخالية من الضجيج، ويعامل تربوياً كالطفل ضعيف السمع من حيث الاحتياجات التربوية الفردية (خدمات غرفة المصادر) والتقويم، ويكمن الفرق بينهما أن زارع القوقعة تكون لديه استجابة أكبر للأصوات البيئية مقارنة بضعيف السمع، هذا إذا حصل زارع القوقعة على التأهيل السمعي الملائم والمكثف بالإضافة للعوامل الأخرى التي تدعم نجاح الزراعة.
المراجع:
- الزهراني، علي (2007). التوجهات الحديثة للتعليم الشفهي للاطفال الصم وضعاف السمع المفاهيم، المبادئ، والتطبيقات التي تستند عليها، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الأول، كلية التربية، جامعة بنها، جمهورية مصر العربية.
- شيتز، نانسي (2015). تعليم الصم في القرن الحادي والعشرين الموضوعات والاتجاهات. ترجمة طارق صالح الريس. الرياض: دار جامعة الملك سعود للنشر.
- ماشي، موزلي، لي، سكوت (2015). تحسين مهارات التواصل لدى الأطفال الصم وضعاف السمع في بيئات التعليم العام. ترجمة علي حسن الزهراني. الرياض: دار جامعة الملك سعود للنشر.
- الوسمي، نايف عوض (2014). زراعة القوقعة. (ط1). الرياض: فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية.
- Zwolan, T.A. (2009).COCHLEAR IMPLANTS IN J. KATZ (Ed).Handbook of clinical audiology (sixth Ed, pp912-933). Philadelphia: Lippincott Williams @Wilkins.
جوال 00966505471171
الرياض – المملكة العربية السعودية
مديرة إدارة العوق السمعي
مشرفة عموم بالإدارة العامة للتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم
دكتوراه الفلسفة في الإدارة التربوية من جامعة الملك سعود
ماجستير المناهج وطرق التدريس العامة من جامعة الملك سعود
بكالوريوس التربية الخاصة مسار الإعاقة السمعية من جامعة الملك سعود