بقلم فادي محمد الدحدوح
أضحى البحث العلمي الركيزة الجوهرية للاستقامة والمحافظة على الحركة في الاتجاه الصحيح، إذ أنه عملية مستمرة يستطيع المجتمع من خلاله أن يحافظ على اتجاه تطوره في المستقبل وتحقيق التطلعات والرؤى بما يحقق الأهداف الطموحة، وذلك من خلال إجراء التغييرات التي تتلاءم مع التحولات السريعة في البيئتين الداخلية والخارجية له.
ويتعاظم هذا التغيير في ظل زيادة وتيرة الأزمات والكوارث وما يحدث حالياً من أزمة جائحة كوفيد19 في عالمنا العربي والعالمي لخير دليل على ذلك، بالإضافة إلى تسارع التحديات في مؤسسات التعليم العالي، وأبرزها التحديات الطارئة مثل نقص الدعم المالي، والتقدم التقني السريع، ونوعية البرامج الأكاديمية المقدمة، ولذلك اتجهت العديد من الجامعات العربية مؤخراً للاهتمام جدياً بالبحث العلمي.
وبرؤية فاحصة ودقيقة، ومقارنة معمقة وشاملة لواقع البحث العلمي في الجامعات العربية في السنوات الأخيرة، نجد أن الجامعات السعودية ومراكزها البحثية حققت الريادة البحثية وتمركزت في صدارة الجامعات العربية وفق العديد من المؤشرات لتحقق تقدماً ملحوظاً عربياً يجعل من رؤيتها في هذا الجانب نموذجاً عربياً يحتذى من قبل الجامعات العربية وصولاً لتحقيق التنافسية والصدارة العالمية.
وعبر نظرة فاحصة لتطورات واقع البحث العلمي في الجامعات السعودية خلال السنوات الأخيرة نجد ارتفاع مستوى النشر في البحث العلمي بنسبة وصلت إلى 120 % مؤخراً قياساً بمثيلاتها في السنوات السابقة، كما حققت المركز الأول عربياً ضمن جهود الجامعات لنشر أبحاث عن وباء كوفيد19 وفقًا لقاعدة بيانات شبكة العلوم Web of Science .
كما ازدادت براءات الاختراع المسجلة والممنوحة محليّاً ودوليّاً لمنتسبي الجامعات السعودية التي حققت حديثاً المركز الأول عربياً والسابع عالمياً في التصنيف العالمي لريادة الأعمال، كما نجد من خلال التصنيفات العالمية المقدمة من الجهات الدولية تحقيقها المركز الأول في أغلب المؤشرات والمعايير مقارنة بالجامعات العربية الأخرى، فقد لوحظ في السنوات الأخيرة تعاظم تمركز أكثر من جامعة سعودية كأفضل الجامعات العربية لجودة البحث العلمي.
إن الصورة المشرقة التي تقدمها الجامعات السعودية لهي نافذة الأمل وبوابة التغيير نحو الأفضل وصولاً للمنافسة العالمية على الريادة والابتكار وزيادة المنفعة من البحث العلمي، كما يتعاظم دور المؤسسات العلمية السعودية والجهات المعنية والفاعلة للارتقاء أكثر فأكثر ضمن مجالات البحث العلمي والتطوير والابتكار في العلوم المختلفة بما يحقق دعم الاقتصاد الوطني ومواكبة متغيرات العصر ومستجداته، الأمر الذي يتطلب دعم الجامعات ومراكز الأبحاث المتواجدة فيها بالموارد المالية اللازمة وأدوات البحث العملي الفاعلة وتطوير جهود الباحثين والاهتمام بالاستثمار في الموارد البشرية، بالإضافة إلى التحول من منهجية وأسلوب التعليم التلقيني إلى الأسلوب البحثي، الذي يعتمد على البحث عن المعلومة وصولاً إلى تحليل نواتج ومخرجات التعلّم.
ومع هذه الرؤية المشرقة يأتي النموذج السعودي لتبجيل البحث العلمي كمصدر نور وأمل للجامعات العربية كافة بهدف الاستفادة من هذه التجربة، عبر النظرة الشاملة، والرؤية الاستراتيجية والعمل الموجه وفق الإمكانات المتاحة، من خلال منظومة تحليل الوضع الحالي لكل جامعة، ليسهم كل ذلك في تحسين الكفاءة الداخلية للجامعة، وتحقيق جودة مخرجاتها، وبناء بيئة جاذبة للكفاءات المتميزة، وتحقيق متطلبات التقويم والاعتماد الأكاديمي على المستويين المحلي والعالمي، وتعزيز الشراكة بين الجامعات وقطاعات المجتمع المختلفة.
انطلاقاً من ذلك، يجب أن تتبنى الجامعات العربية مشروع التخطيط الاستراتيجي الممنهج لتطوير البحث العلمي كي ترسم من خلاله خارطة طريقها المستقبلي بما يحقق أهداف الريادة المحلية والعالمية للعملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع بالشكل الذي يجعلها في طليعة الجامعات العالمية المتميزة، عبر منهجية متكاملة تؤسس التأقلم مع البيئة الداخلية والخارجية وفق معايير التميز والمنافسة والجودة كأحد أهم المطالب للمرحلة الحالية والقادمة، لتقف الجامعات ومراكز الأبحاث العربية مع كافة القطاعات على رؤية عمل مشتركة تؤسس للصمود والتحدي والبقاء والمنافسة.
- مكان الإقامة: غزة – فلسطين
- رقم التواصل: 00970598283195
- البريد الالكتروني : [email protected]
- باحث فلسطيني من غزة
- خبير في البحث العلمي والدراسات
- أستاذ جامعي
- مؤلف في مناهج البحث العلمي
- ناشط ولديه مساهمات في العديد من المجلات والشبكات الالكترونية العربية