التدخل المبكر ليس هو الجلسة التي تحدث مع ولي الأمر،
إنما هو كل ما يحدث بين الجلسات من تفاعل بين الطفل وأسرته، لذلك احرص على تدريب الأسرة كيف تتفاعل مع طفلها في بيئة المنزل
فرضت جائحة كوفيد – 19 أنماطاً سلوكية جديدة على البشرية شملت جميع مناحي الحياة، سعياً لتكيف الانسان مع المتغيرات الجديدة، مدفوعاً بغريزة البقاء والرغبة في الاستمرار والتطور رغم كل الظروف. وقد ألقت الجائحة بظلالها على برامج تعليم وتأهيل أصحاب الهمم، بدءاً من مراحل التدخل المبكر وانتهاءً بالتأهيل المهني والتشغيل، وذلك من حيث التغير في استخدام الوسائل التقنية وأساليب التواصل عن بعد، ونظم الاتصال والتواصل استجابة للإجراءات الاحترازية التي فرضتها الجائحة.
ما هو التدخل المبكر عن بعد؟
منذ اللحظة الأولى لسماع هذا المصطلح، قد يبدو لنا أن التدخل عن بعد هو توجه جديد أفرزته جائحة كوفيد – 19، إلا أنه قد تم استخدامه بالفعل في دول عدة، وخاصة في أسر الأطفال البعيدة عن مراكز التدخل، أو تلك التي من الصعب أن تسمح لها ظروفها تنظيم زيارات ميدانية فعلية. فهذا النوع من التدخل عبارة عن تقديم خدمات التدخل المبكر باستخدام التقنيات عن بعد، عادةً أجهزة الكمبيوتر، عندما لا يكون المعالج والطفل ومقدم الرعاية في نفس الموقع المادي. ويشمل التدخل عن بعد مقدمي خدمات التدخل واختصاصيي أمراض النطق واللغة وأخصائيي العلاج الوظيفي والطبيعي ومنسقي الخدمات وأخصائيي التدخل المبكر. ومن بين نماذجه أن يتعامل أخصائي التدخل المبكر مباشرة مع الحالة بوجود مقدم الرعاية، أو مع مقدم الرعاية مباشرة كوسيلة لتقديم التأهيل للحالة، وذلك تبعاً لقدرات كل طفل وظروف الأسرة.
بناء القدرات بدلاً من الاعتمادية
يستند التدخل المبكر عن بعد إلى مفهوم بناء قدرات الأسرة كمحرك أساسي لعملية التأهيل، وذلك بدلاً من اعتماديتها على الأخصائيين في تقديم مختلف الخدمات، وتتمثل مزايا نهج بناء القدرات مقابل الاعتمادية في الجدول أدناه:
بناء القدرات | انتاج الاعتمادية |
لا يعتبر ولي الأمر التدخل عن بعد هو مجرد ابتعاد في المسافة مع الأخصائي، بل هو استمرارية لتحمل مسؤولية مساعدة الطفل نحو التعلم | يرى ولي الأمر أن التدخل عن بعد هو تغيير كبير لذلك فهو يتخوف من تحمل المسؤولية |
يتم تخطيط بيئة النشاط في مجال ما يقوم به مقدم الرعاية بشكل طبيعي مع الطفل. لا توجد حقيبة ألعاب مع الأخصائي | يتم إنشاء النشاط أو توفيره أو تقريره بواسطة الممارس |
الأخصائي تكون يديه حول مقدم الرعاية (مجازياً). التدخل عن بعد يصقل مهارات التدريب عند الأخصائي وولي الأمر | الأخصائي تكون يديه على الطفل (فعلياً). |
يساعد الأخصائي ولي الأمر بالتفكير بما يعرفه وبأن يتعلم استراتيجيات جديدة | يقوم الأخصائي بإخبار مقدم الرعاية ماذا يفعل |
يحدث التعلم كجزء من الأنشطة اليومية مع ولي الأمر وأفراد الأسرة التي تحدث بين الجلسات الافتراضية | يحدث التعلم فقط في ظل وجود الأخصائي |
لسان حال ولي الأمر يقول: لقد قمنا بذلك. يشعر ولي الأمر بالثقة حين يرى نتائج مباشرة جراء شيء قام به وأنجزه | لسان حال ولي الأمر يقول: لا أستطيع أن أقوم بذلك بدون الأخصائي |
ومن أجل تطبيق نهج بناء القدرات أثناء التدخل المبكر عن بعد، فلا بد لأخصائي التدخل المبكر من مراعاة الأمور التالية:
- التعاطف مع الأسرة: تفهم الضغوط التي تمر بها الأسرة، وأن يضع نفسه مكانها.
- إزالة الغموض: تشجيع الأسرة على طرح الأسئلة والتعبير عن قلقها، وأن يوضح طبيعة التدخل الذي سيتم وكيفيته. وكأخصائي، اسأل سؤالاً واحداً كل مرة وأعط الأسرة الوقت للاستجابة، ولا تنسى أن تستخدم لغة بسيطة مفهومة للأسرة.
- الاستعداد للتحديات التقنية: أن يمارس أخصائي التدخل المبكر مسبقاً ويتفحص جميع العناصر ما قبل الجلسة.
- المرونة: وكأمثلة على المرونة أثناء الجلسات:
- إعطاء فرصة لانضمام أشخاص آخرين من أفراد الأسرة (راشدين أو اطفال)، وتدوين الملاحظات أولاً بأول.
- اسأل الأسرة: ما الذي تقوم به أو يقوم به طفلك عادة في مثل هذا الوقت؟ هل باستطاعتي أن أشاهد ذلك؟ وذلك من أجل انسجام النشاط حسب الروتين الطبيعي الذي يقوم به الطفل في الوقت الحالي.
- ليس من المهم مثلاً أن يظهر الطفل طوال الجلسة أو أن تكون الكاميرا في غرفة معينة دون غيرها
- انتبه للتفاصيل: الألعاب، الكتب الأدوات التي يتعامل معها الطفل، الأشخاص الآخرين في المنزل، كلها أمور يمكن الاستفادة منها أثناء الجلسات.
- إذا تردد ولي الأمر في فتح الكاميرا فيمكن اعطاؤه خيار التواصل بالهاتف، أو تصوير الطفل وإرسال الفيديو.
5. تنمية مهارات التدريب عند الأخصائي:
- غيّر من أنماط التغذية الراجعة سواء المستندة إلى جوانب القوة التي عند الطفل، أو التي تقدم من خلالها معلومات مفيدة للأسرة، فليس الهدف أن تخبر الوالدين بما عليهم أن يعملوا، ولكن الهدف ملاحظة تفاعلهم مع الطفل وتقديم مقترحات أو تعليمات غير مباشرة. مثلاً: (يا ترى ما الذي سيحدث لو تركتِ الطفل يحاول اللباس لوحده؟)
- قم بحل المشكلات باستخدام الأسئلة المفتوحة، مثل: ما الذي يمكننا فعله بشكل مختلف في هذه الحالة للوصول إلى نتيجة أفضل؟ ماذا باستطاعتنا أن نفعل لتقوية عضلات يديه؟ هل جربت أن…؟ ماذا الذي جرّبته؟ دع مقدم الرعاية يشرح ما الذي نجح مع الطفل وما الذي لم ينجح، وكيف بإمكاننا أن نغير الطرق.
- واصل التفكير مع الأسرة بين الزيارات الافتراضية: ما الذي تعتقد أنه سار بشكل جيد / ليس جيداً؟ هل جربت شيئاً مختلفاً هذه المرة نجح بشكل أفضل مما كنت تتوقع؟ هل فعل طفلك شيئاً جديداً أو غير متوقع؟ ما الشيء الذي ترغب في العمل عليه من الآن وحتى الزيارة التالية؟ ماذا تحتاج مني للمساعدة في تحقيق ذلك؟ استفد من إجابات ولي الأمر للتحضير للزيارة التالية.
6 – انظر من خلال عدسة وظيفية
اشرح لمقدم الرعاية ما الذي تبحث عنه (ولماذا)، ثم قم باستكشاف الطرق الإبداعية لمراقبة نفس المهارات والسلوكيات باستخدام العناصر الموجودة في المنزل. أمثلة:
- لا توجد مكعبات؟ ليست هناك أي مشكلة!
ساعد الوالدين على فهم أنه عندما تطلب رؤية المكعبات المكدسة، فإن المكعبات ليست مهمة، ولكن المهارات الحركية والإدراكية الدقيقة التي يستخدمها الطفل هي المهمة. فإذا لم يكن لدى العائلة مكعبات في المنزل، يمكن استخدام العناصر الأخرى القابلة للتكديس كبديل.
- لا أوتاد وزجاجة؟ لا داعي للقلق!
لا يتعلق الأمر برؤية ما إذا كان الطفل يمكنه إخراج الأوتاد من الزجاجة، بل يتعلق بتقييم مهارات حل المشكلات وتدوير المعصم. يمكنك ملاحظة نفس المهارات باستخدام فارز الأشكال الذي تمتلكه العائلة، أو يمكنك جعل الطفل يلتقط قطعاً صغيرة ويسقطها في كوب أو أنبوب مناديل الحمام.
وأخيراً لنتذكر أن التدخل المبكر ليس هو الجلسة التي تحدث مع ولي الأمر، إنما هو كل ما يحدث بين الجلسات من تفاعل بين الطفل وأسرته، لذلك احرص على تدريب الأسرة كيف تتفاعل مع طفلها في بيئة المنزل من أجل تنمية مختلف المهارات النمائية المرصودة في خطة خدمات الأسرة الفردية.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011