يعني التعليم الاستكشافي Hands-on learning في جوهره (التعلم عبر الفعل) حيث يتعلم الأفراد من خلال دراسة الأشياء وملاحظتها وأيضاً عبر التكوين والتفكيك والتمثيل والغناء والحركة. ويقوم المعلم في الصف الاستكشافي الحقيقي بتوجيه الطلبة أثناء الدرس الذي تصبح فيه الحركة والفعالية أمراً إلزامياً فالفعاليات التي يقوم بها المعلم مثل إزالة قشور بيضة ليسهل على التلاميذ فهم فكرة مركز الأرض الصلب تجعل المفاهيم المجردة تبدو ملموسة.
ويتحقق فهم التلاميذ من خلال إكمال سلسلة من الفعاليات يقوم أثناءها المعلم بالإيضاحات وتحفيز التلاميذ فقد يطلب منهم الدوران حول بعضهم بعضاً في عرض إنساني مثير يجسد النظام الشمسي وكذلك قص بعض المفردات اللغوية ومن ثم لصقها بهدف استيعاب مفهوم جذوع الكلمات واللواحق أو تحويل عظم دجاجة إلى متحجر. ويستطيع التلاميذ على سبيل المثال التعرف على أنظمة الكتابة القديمة جداً من خلال عمل الألواح الفخارية ووضع صور أو حروف عليها تمثل أفكاراً معينة وكذلك استخدام المعداد لدراسة الرياضيات المتقدمة.
ويتم غالباً الخلط بين المنهاج الدراسي المستند إلى المشروع Project والتعلم الاستكشافي، غير أن نمطي التعليم هذين يختلفان إلى حد كبير لكون المشروع واجب يضاف في نهاية درس تقليدي. ومن المعروف أن عملية التدريس تتم وفق الطرق التقليدية مثل أسلوب المحاضرات أو الأوراق الدراسية (الملازم) لكن يتعين على أولياء الأمور تقديم العون لأطفالهم في نهاية الفصل الدراسي في عمل الديوراما Diorama (صورة شبه شفافة تعد للعرض من خلال الاستعانة بوسائل إضاءة مختلفة) أو الملصقات.
والمنهاج الدراسي الذي يعتمد على المشروع هو في الواقع تعليم استكشافي بفعل معكوس فغالبية المشاريع تطرح على التلاميذ بعد تعلمهم مادة دراسية كافية من خلال الوسائل التقليدية مما يجعل العنصر الاستكشافي أمراً زائداً لكون التلاميذ كانوا قد درسوا المادة من قبل لذا فإن المشروع عندئذ لا يعلمهم اكتساب معرفة أو مهارات جديدة.
الطريقة الأفضل إذن هي في طرح المادة الدراسية من خلال الخبرات التفاعلية الملموسة وفسح المجال أمام التلاميذ في ولوج جو من الفوضى وارتكاب الأخطاء أثناء عملية اكتساب معلومات جديدة. وفي مدرستنا (مدرسة جول) The Joule School تتميز صفوفنا بالجاذبية والتفاعلية مع استبعاد الكتب الدراسية المنهجية! ولا توجد ثمة حاجة لإضافة مشروع في نهاية الفصل الدراسي لإشغال الطلبة فوقت المحاضرات الدراسية يتم إشغاله على سبيل المثال بتمثيل رحلات ماجلان البحرية في أمريكا الجنوبية وغيرها من الفعاليات.
ولا توجد قيمة حقيقية للتعلم المعتمد على جلوس الطالب على الطاولة فالبحوث والدراسات لم تقدم معطيات إيجابية حول تأثير مثل هذا الجلوس على أداء التلميذ ومسيرته الدراسية. إن جلوس طلبة التعلم الاستكشافي، الذين يعتمدون على الحركة والاستكشاف في رفد ذاكرتهم بعيدة المدى، على الطاولة طيلة الساعات الدراسية لابد أن يؤثر سلباً على قدرتهم في تذكر الأشياء بسبب الصعوبة التي يواجهها التلميذ في البقاء دون حراك لساعات من المحاضرات النظرية.
ويقوم المعلمون في مدرسة جول بالتنقل بين الطلبة والغناء والرقص وتنفيذ بعض النشاطات العملية وكلها تشكل جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية. تجدر الإشارة إلى أن الحركة ليست مجرد وسيلة لتسلية الأطفال لأن بعض المدارس ترتكب خطأ متكرراً من خلال إشراك التلاميذ في نشاطات جسمانية دون ربطها بالمفاهيم التي يدرسونها مثل قيامهم بالوثب والرقص أثناء ممارستهم تعلم جداول الضرب على سبيل المثال.
ورغم أن الكثير من التلاميذ يشعرون بالارتياح إذا غادروا طاولاتهم فإن مثل هذا الأمر ربما يؤدي إلى إرهاقهم بدلاً من تعليمهم وفق منهج الطريقة الاستكشافية فالقيام بفعاليات معينة دون هدف محدد لا يؤدي إلى اكتساب المعلومات إلا في حدود ضيقة وعليه لابد أن يكرس وقت الدراسة لاستكشاف المواضيع الأساسية بشكل صحيح. ثم أن هذا النمط من التعليم يعتمد على بناء الدروس من القاعدة صعوداً للتيقن من أن التلاميذ يحققون تقدماً ملموساً باتجاه التمكن من المادة الدراسية من خلال الخلق والاستكشاف وليس من خلال الطواف في المكان والتلوي.
ثم إن بمقدور التلاميذ أن يتعلموا بأنفسهم إذا خضعوا لمنهاج دراسي وفق التعلم الاستكشافي حيث يطلب منهم الإجابة عن سؤال ما أو حل مشكلة معينة اعتماداً على أنفسهم وقدراتهم الذاتية مع توفير المواد والمستلزمات المطلوبة بشرط أن يكون توجيه المعلم محدوداً. ومثل هذا الأمر حري بمنح الطلبة استقلالاً ذاتياً ودافعية لكنه ليس أمراً كافياً.
ويتعلم الطلبة بشكل أفضل وأسرع حين يعملون وفق درس مخطط له بإتقان قياساً بما يحققونه في صف آخر. ونحن في مدرسة جول نؤمن بأن الخبرة الصفية الراقية تنشأ من الدروس التفاعلية التي يخطط لها المعلمون المقتدرون. ورغم قناعتنا القوية بقيمة المنهاج الدراسي فإننا لا ندعو إلى جو دراسي يتعلم فيه الطلبة وحدهم دون توجيه ويمارسون الاستكشاف دون رعاية.
تأسيساً على ذلك نطلب من المعلمين الذين يلتحقون بمدرستنا أن يمتلكوا خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات تدريس فعلي إضافة إلى شهادة التخرج من مؤسسة تعليمية ناهيك عن التدريب المكثف على أتقان منهاج المدرسة قبل أن يباشروا عملية التعليم الفعلية علماً بأننا نعلم تماماً صعوبة العثور على معلمين يستوعبون التربية التجريبية Experiential Education لأن الأمر يتطلب درجة معينة من الإبداع وحب المهنة لدرجة الشغف. لذا نقوم بتوظيف أفضل المعلمين من حيث الموهبة والاندفاع ومن ثم نقوم بتدريبهم على طبيعة المنهاج الإبداعي الذي نختطه والذي يأخذ في الحسبان فائدة الطلبة قبل أي شيء آخر.
المصدر: هنا
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.