وأنت تدخل قاعة الدرس التي تشهد عملية التعلّم السريع توقع ان تجد ملصقات ملوّنة معلقة على الجدران وموسيقى يستمع اليها متعلمون منهمكون بشكل جماعي يلعبون ألعاباً خاصة بتنشيط الذاكرة تعينهم على تعلّم المواد الدراسية المقررة. ولربما تجد المشاركين مشغولين بإعداد مسرحية هزلية قصيرة واستحداث أنشطة تعليمية متنوعة بهدف تعليم المجاميع الأخرى وكذلك العمل على تجميع مواضيع تم اقتطاعها من مجلات مختلفة ولصقها مع بعضها البعض Collage في إطار التدرب على تقديم الخدمات المناسبة للزبائن.
ولا يقتصر برنامج التعلّم السريع على الاستعانة بالموسيقى والفنون أو الانهماك في ألعاب التعلم الممتعة والمفيدة في الوقت ذاته. وهو يتجاوز صياغة عملية التعلم ليكون متوافقاً مع سائر أساليب التعلم المتعارف عليها. هذا النمط من التعلم ينطلق من فرضية مفادها أن كل شخص يستطيع تقديم عطاء يفوق كثيراً تصوراته الشخصية عن قدراته الذاتية. كما يفترض أن ما تفرضه تصوراتنا علينا من قيود حول مدى قدراتنا وما يتصل بالعملية التعليمية ذاتها يعيق قدراتنا الحقيقية على التعلّم. وفي قاعة الدرس التي يطبق فيها التعليم السريع يعمد الشخص المكلف بتسهيل أمور المتعلمين Facilitator إلى استحداث أنشطة وفرص عديدة بهدف فسح المجال للخبرات الفردية والجماعية التي تمكّن المشاركين من تخطي تلك المعتقدات المقيّدة لقدراتهم والانطلاق نحو ملامسة معرفتهم وحكمتهم الداخلية وكذلك قدراتهم الكامنة. وبذا يشكل كل من المدرب الميسّر لأمور المتعلمين وبيئة التعلم وتصميم عملية التعلم عوامل مقررة أساسية في إطار نجاح التعلم وكذلك تطوير القدرة على التعلم.
ميسّر عملية التعلّم
يقوم المعلمون أو المدربون المكلفون بعملية التعلم السريع بمهام تيسّر مثل هذه العملية فهم يحفزون العوامل المحركة للعمل الجماعي الإيجابي، وفي الوقت ذاته يولون اهتماماً خاصا للمتعلمين بصفتهم أفراداً من خلال مراعاة مختلف احتياجاتهم. ولأهمية الأمر يولي التعلم السريع أهمية كبيرة لتطوير الجانب الشخصي لميسّر عملية التعلم ورفع كفاءته ليكون قادراً على خلق بيئة تعليمية مناسبة تمكن المتعلمين من تحقيق نجاحات ملموسة من خلالها لأن من متطلبات عمل الميسّر أن يكون قادراً على (قراءة) المجموعة التي يتعامل معها وأن يتخذ القرارات الصائبة حيال الأمور الهامة في كل مرحلة من مراحل العملية التعليمية.
ولا شك أن مثل هذا الأمر يحتم على الميسرين أن يكونوا منفتحين على آفاق عملية التعلم السريع الواسعة وأن يثبتوا قدراتهم على استنباط خيارات عديدة حيثما اقتضى الأمر ذلك، وهم بذلك يجدون أنفسهم في موقف التحدي والتدريب وإلهام المتعلمين وحثهم فضلاً عن توجيههم حيثما دعت الحاجة الى ذلك.
ولا يقف دور الميسرين عند هذا الحد لأنهم يحتاجون إلى تغيير نمط الأدوار التي يؤدونها بكل سلاسة لدعم عملية التعلم فهم أحياناً يجدون أنفسهم ممثلين / ممثلات على خشبة المسرح أو رواة حكايات محترفين أو شخصيات ظريفة تقوم بتسلية المتعلمين. لكن الحال سرعان ما يتغير بعد ذلك فيسلموا المهام إلى المتعلمين أنفسهم ويعينوهم على اكتشاف أجوبتهم وبلورة أسئلة جديدة وكذلك التمكن من عملية التعلم من خلال عملية التجريب وجلسات التطبيق المنسّق بعناية.
وبهدف دفع عملية التعلم لتحقيق المزيد من النجاحات يتم تدريب الميسرين على متابعة مجريات أمور المجموعات من خلال المشاهدة والسماع والإحساس. ويقتضي مثل هذا الأمر تطوير المقدرة الحسية وشحذ مهارات المراقبة الدقيقة فضلاً عن استخدام اللغة وطرح المقترحات الإيجابية لدعم عملية التعلم والتطوير.
بيئة التعلّم
يعمل ميسر عملية التعلم السريع على تهيئة بيئة تعليمية سليمة ومحفزة حيث أن الجو الدراسي يختلف على العموم عن القاعة التدريسية التقليدية. في هذا السياق يتم اختيار الإضاءة وطريقة جلوس المتعلمين وطبيعة المواد التعليمية أو تصميمها بالشكل الذي يخلق بيئة تتسم بالجمالية وتوفر المتعة والبهجة والتفاعل الإيجابي وكذلك التناغم مع مختلف الأساليب التعليمية. ثم بإمكان المتعلمين أن يقرؤوا المواد التعليمية معلقة على جدران قاعة الدرس فيما تعمل الموسيقى على دعم عملية التعلم وشحذ الذاكرة وكذلك تشجيع الحركة والتفاعل بين مختلف المتعلمين لما يوفره ذلك من أمان ويدفع المتعلمين لممارسة التجريب والتطور.
تصميم عملية التعلم
تتوافق عملية تصميم التعلم السريع مع سائر أساليب التعلم المتعارف عليها. ومثل هذه العملية تمكن المدربين الميسرين من تعديل عملية التعلم لتناسب ما يحصل بالفعل في البيئة التعليمية. ويشكل مثل هذا التصميم لعملية التعلم السريع نظاماً مفتوحاً يفسح المجال لعملية التوجيه والمتابعة ويكفل تحقق النجاح. كما تهدف هذه العملية إلى تهدئة المتعلم لخصوصيات عملية التعلم السريع وكذلك الأنشطة التي تحفز المتعلمين لممارسة هذه العملية عاطفياً وذهنياً وكذلك تدريس المواد الدراسية الجديدة بشكل يحث المتعلمين على التفاعل من خلال المحاكاة والتجريب والقراءات المتناغمة أو صيغ التقديم الإبداعية الأخرى. وتشهد عملية التطبيق أنشطة تماثل الألعاب هدفها دعم المشاركين من خلال استيعاب المادة التعليمية التي تنتقل في ضوئها المسؤولية من المدربين الميسرين لعملية التعلم إلى التعلم الذاتي.
وفي ختام هذه العملية تبرز نشاطات تتيح للمتعلمين الفرصة لدمج عملية التعلم مع حياتهم والتفكير ملياً بعلاقة هذه العملية بهم لتنتهي بالاحتفال بالنجاح.
المصدر
http://www.ialearn.org/AL.php
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.