يعيش الإنسان وسط متغيرات ومؤثرات شتى قد يكون مصدرها داخلياً أو خارجياً، ومن هذه المتغيرات التحول من الاقتصاد القومي إلى الاقتصاد العالمي والتحول من الاختيار بين بدائل محددة إلى بدائل متعددة ومن العلاقات الخطية البسيطة إلى العلاقات المتعددة أو الشبكية والاعتماد على الذات وبذلك تزداد المسؤولية الملقاة على عاتق الفرد لتحقيق ذاته.
في العام 1996 خلال المؤتمر الرابع لهيئة اليونسكو أوصى المشاركون بضرورة الأخذ بنظام المنظومات والتفكير الابتكاري كتوجه جديد للإدارة الحديثة وبالتركيز على التدريبات المستمرة والتفكير بأسلوب المنظومة والتأكيد على المبادأة والمخاطرة المحسوبة والعمل بروح الفريق والتطور المستمر.
إن المتغيرات والمؤثرات البيئية تتفاعل مع الاستعداد الفطري للتعرف والتعلم لدى الفرد فتثير العمليات العقلية أو المعرفية لرؤية الفرد لهذه المتغيرات حيث لايقتصر التفكير على المواقف التعليمية الرسمية بل على كل مواقف الحياة فالهدف الأسمى من التعليم هو جعل الفرد مفكراً ومكتسباً لمهارات التفكير الاساسية.
إذن، بإمكاننا القول إن التفكير هو سلسلة متتابعة من العمليات المعرفية القائمة على المعلومات والمخزنة في الذاكرة حيث تؤول إلى تحقيق أهداف وينتج عنها مخرجات وأفكار، فكما يرى عادل عبد الله محمد (1994) يقع التفكير في قمة النشاط العقلي ويمثل إحدى العمليات العقلية المعرفية التي تشكل جانباً راقيا في شخصية الإنسان تميزه عن غيره من الكائنات إذ يستطيع الإنسان عن طريق التفكير توظيف غالبية العمليات العقلية الاخرى إن لم يكن كلها تقريباً.
ويعرف طلعت منصور (1978) التفكير بأنه عملية عقلية معرفية تمثل انعكاس العلاقات والروابط بين الظواهر أو الأشياء أو الأحداث في وعي الإنسان، ومن هذا التعريف يتضح أن عملية التفكير عملية راقية تتضمن الإدراك والوعي بالمثيرات أو محتويات البيئة أو بحواس الإنسان في علاقته مع بقية محتويات البيئة والظواهر حولنا وقوانين وجودها والمظهر الذي تبدو عليه.
أما بالنسبة لـ (ماير ـ Mayer) فقد قدم تعريفا للتفكير يقوم على مفاهيم ثلاثة وهي: التفكير معرفي بمعنى أنه نشاط داخلي في النسق المعرفي للفرد ويستدل عليه بطريقة غير مباشرة ـ التفكير عملية ويقصد بها عمليات تجهيز أو تشغيل المعلومات داخل النسق المعرفي للفرد، التفكير يؤدي إلى سلوك موجه أي الوصول إلى حل أو هدف أو قرار للموضوع أو المعلومات التي تمت معالجتها، وبالتالي يقوم التفكير بمثابة عملية التمثيل المعرفي الناتج عن التفاعل بين الاستراتيجيات أو العمليات المعرفية مثل التخيل أو الاستدلال والتجريد والتصنيف وغيرها.
وهنا يمكن استخلاص مجموعة من خصائص التفكير ومنها: التفكير انعكاس لتفاعل مكونات الشخصية (الانفعالية، الاجتماعية، المعرفية، الجسدية.. إلخ) فهو عملية وظيفية نمائية وتتأثر بكل من الدوافع والحاجات والقيم والاتجاهات والصحة العامة وسلامة الحواس، كما تعتبر سوية أو اختلال التفكير معيارأً لسوية الشخصية أو اختلالها.
ويساعد التفكير على تطوير أي نشاط نظري أو رمزي أو عملي كما يساعد على التبصير بنتائج هذا النشاط وضبطه وتوجهه إلى مستويات أعلى، كما يرتبط بنشاط الفرد بمعنى أن التفكير لا يتأتى دائماً من التخيل والتصور بعيدأً عن التعامل مع المكونات في العالم المادي والاجتماعي الخارجي.
فالتفكير يكون دالاً أو معبراً عن ذكاء الفرد وقدرته على التعامل مع الآخرين والبيئة ويمكن النظر إليه كسلسلة متتابعة من العمليات المعرفية القائمة على المعلومات والمخزنة في الذاكرة، هذه العمليات تؤدي إلى تحقيق أهداف، أي أنه ينتج عن التفكير مخرجات إنتاج أو أفكار.
إننا حالياً في القرن الحادي والعشرين حيث يجد الفرد أمامه ضرورة تحقيق ذاته والمبادأة بطريقة دينامية وأن يتقبل الآخرين، أي أن يكون لديه نظرة لذاته وأخرى لغيره، ووعي الفرد لذاته يعتبر مطلباً ضرورياً لتحقيق الذات والانطلاق بالتفكير، وفي سياق أساليب التعليم نستطيع أن نميز بين (التعليم المحافظ) و(التعليم بهدف التجديد والتطوير) مع تحديث الأفكار والمعارف ليستطيع الإنسان تحمل تغيرات المستقبل، والتعليمان كلاهما يكملان بعضهما بعضاً.
وتشمل عملية التفكير جوانب خمسة هي: المعرفة والميتامعرفة والجانب النزوعي والإدراك للبيئة وفهم طبيعتها والوجدان، أما المعرفة فيقصد بها المهارات المطلوبة والمرتبطة بالعمليات الأساسية والمركبة، والميتامعرفة تشمل جانبين الأول اختيار وفهم الاستراتيجية المناسبة ويتطلب ذلك تركيز الانتباه على المطلوب وإيجاد علاقة بين ما هو معروف سابقاً وما يراد معرفته ثم تقويم وقياس سلامة صحة هذه الاستراتيجية، والجانب الثاني يتضمن متابعة أداء عمل معين والإلمام بترتيب البيئة واكتشاف الأخطاء ومحاولة تصحيحها وتنظيم سير الأداء والعمل.
ويتضمن الجانب النزوعي الاستعداد الشخصي وميول الفرد نحو تنمية أو استخدام المهارات والاستراتيجيات مما ينبثق عنها من حل مشكلات أو ممارسات معينة والاستمرارية في ممارستها ويرجع ذلك إلى مستوى الطموح والخلفية الثقافية للفرد ودافعيته للإنجاز، أما الإدراك للبيئة وفهم طبيعتها فيشمل المهارات المرتبطة بفهم طبيعة المجال أو الموضوع أو المشكلة وأيضاً المجال البيئي وسياقه حيث أن التفكير لا يرقى إلا من خلال التفاعل الاجتماعي والتفاعل في التدريب.
وفيما يتعلق بالوجدان فإنه يعني هنا الخصائص النفسية التي يتصف بها المفكر والمطلوب توفرها وهي بمثابة عامل مهم مؤثر في استخلاص الأفكار ومنها الثقة بالنفس والشعور بالأمن النفسي والمثابرة والقدرة على ضبط الانفعالات والقدرة العالية على التواصل مع الذات ومع الآخرين وانخفاض الحساسية الانفعالية.
بعض أنماط التفكير
-
التفكير الخطي:
يعتمد هذا النمط على تحليل المشكلات وردها إلى مكوناتها الاساسية وتحديد السبب والنتيجة، وهذا النمط من التفكير يهتم بدراسة المكونات هذه في علاقتها بالمشكلة ومن هنا ظهرت عدم كفاءة هذا النمط في مواجهة المشكلات حيث يكون التفاعل بين الأسباب والنتائج فقط.
-
التفكير التقاربي:
يتضمن التفكير التقاربي البحث عن حل واحد للمشكلة عن طريق التجريب في زمن محدد ويعتمد على تطبيق القواعد والنظريات ومن المهارات الأساسية التي يشيع استخدامها مع هذا النمط التصنيف والتمييز والتقييم والتحليل.
-
التفكير الجانبي:
يعتمد في أساسه على التفكير الخطي ثم يطبق أنماط تفكير أخرى بإيجاد علاقة بين المتغيرات بعلاقة منحنية وليست خطية أو طردية أو عكسية وينظر الفرد إلى المشكلة من زوايا مختلفة.
-
التفكير الاستدلالي:
ويتضمن التفكير الاستنباطي والاستقرائي، أما الاستنباطي فيختص باستنباط الأجزاء من الكليات أو العموميات، في حين أن التفكير الاستقرائي يقوم على استنتاج الكليات أو العموميات أو القاعدة من الأجزاء بإقامة وإدراك الترابط بين الأجزاء والنمطان كلاهما يكملان بعضهما بعضاً.
-
التفكير التركيبي:
ويقوم على أساس عملية التكامل بين الأجزاء أو وجهات النظر والوصول إلى نتائج تمثل أفكاراً أو حلولاً أصلية وجديدة.
-
التفكير التحليلي:
ويقوم على جمع المعلومات والبيانات برد الأشياء إلى أصولها ووحداتها الأولية ثم الإلمام بكل المؤثرات في الوقت والمفاضلة والمقارنة بينهما ثم التخطيط لأفضل الوسائل والطرق لحل المشكلة موضوع التحليل أو إصدار رؤية في موضوع ما.
-
التفكير الاستراتيجي:
ويقصد به استخدام مجموعة من مهارات التفكير معاً لتكوين استراتيجية محدودة للوصول إلى الهدف النهائي بوضوح.
-
التفكير التباعدي:
يعتمد هذا التفكير على البحث عن حلول المشكلات في صورة بدائل عديدة بمعنى توليد أكبر عدد من الحلول.
-
التفكير التصوري:
يقوم على تكوين المفاهيم واستخدامها كوسائط رمزية للتفاعل مع العالم الخارجي المحيط بالإنسان.
-
التفكير التأملي:
استخدام الخيال في تأمل علاقات غريبة وصوراً غير متاحة وأفكاراً عكسية أو بعيدة عن الواقع الملموس بهدف تجريبها داخلياً وتحسس أثرها والعلاقة بينها والتعرف بطرق التفكير الهادئة البسيطة التي تمكن الفرد من الوعي بما يدركه الآخرون عقلياً للوصول إلى أنماط التفكير والطريقة التي يؤثروا بها في الأحداث.
-
التفكير الدائري:
يعتمد هذا النمط على الأسباب والنتائج التي تؤدي إلى بعضها وتنتهي إلى حيث بدأت.
-
التفكير الخرافي:
يقوم التفكير الخرافي على الربط بين النتائج والأسباب بطريقة غير طبيعية لعدم إدراك العلاقة العلمية بين السبب والنتيجة.
-
التفكير اللاعقلاني:
يتضمن هذا النمط من التفكير مجموعة من الأفكار الخاطئة وغير المنطقية تتميز بعدم كفاءتها مع الأمور الفعلية والواقعية.
-
التفكير المنظومي أو الكلي:
يأخذ بنظام المهارات وفي إطار التفاعل الإيجابي بين عناصر المنظومة بأسلوب دينامي يصل بها إلى مستوى الوعي بمعنى أنه يحدث تغذية مرتدة بين مكونات المنظومة ويتم ذلك بملاحظة التغيرات بين المكونات.
-
التفكير الابتكاري:
هو عملية راقية تتمثل في قدرة الفرد على إنتاج أكبر قدر ممكن من البدائل أو الحلول أو الأفكار التي تتميز بالأصالة والمرونة والحساسية للمشكلات وإعادة التنظيم والشعور بالاختلاف وبالمغايرة والتمرد على القديم واعتناق القيم الإيجابية.
-
التفكير الناقد:
يعرف التفكير الناقد بقدرته على ممارسة سلوك عملي أو تحديد مشكلة وتفسير الأسباب أو تقديم البراهين لاتخاذ سلوك عملي في موضوع ما مع توافر البيانات والأدلة.
المصدر:
كتاب الموهبة للأستاذة الدكتورة آمال عبد السميع مليجي باظة ـ أستاذ الصحة النفسية ـ كلية التربية ـ جامعة كفر الشيخ
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)