ما هو الحاضر؟
إذا كان الأمر متعلقاً باللحظة الراهنة أي اللحظة الهندسية التي هي بالنسبة للزمان مثل النقطة الهندسية بالنسبة للخط فمن الواضح أن مثل هذه اللحظة إنما هي تجريد مطلق ورؤية فكرية لا يمكنها أن تمتلك وجوداً حقيقياً حيث أنك غير قادر على صنع (الزمان) بواسطة مثل هذه اللحظات ويقول لنا وجداننا الواعي (عندما نتحدث عن حاضرنا يكون حديثنا عن مرحلة معينة من المدة الزمنية) فما هي هذه المدة؟
إنه من المستحيل تحديدها بشكل صحيح، كما أنه أمر مثير للحيرة والتردد نوعاً ما، فحاضري في هذه اللحظة هو العبارة التي أشغل بالي بالنطق بها، ذلك لأنه يحلو لي تحديد عبارتي استناداً إلى حقل انتباهي، والانتباه هو الشيء الذي يمكن تمديده أو تقصيره تماماً كما هو الحال فيما يتعلق بالفسحة بين طرفي الفرجار.
في هذه اللحظة ينفتح الطرفان كي يتم الانطلاق من البداية حتى نهاية العبارة ولكن إذا خطر ببالي أن أباعد بين الطرفين أكثر سيصل حاضري إلى ما بعد عبارتي الأخيرة إلى العبارة التي سبقتها وهكذا.
أيضاً عندما يصبح الانتباه ممدوداً بشكل لا نهائي يضع تحت نظره مع العبارة السابقة جميع العبارات السابقة الأخرى بفترة معينة والأحداث السابقة أيضاً وقطعة تكون كبيرة نوعاً ما من (الماضي) وهنا فإن التمييز الذي نقوم به بين الحاضر والماضي (إن لم يكن كيفياً) فهو على الأقل متعلق نسبياً بامتداد الحقل الذي يشمله تيقظنا للحياة، والحاضر يمثل المكان الذي يخصص مثل هذا المجهود وعندما يتخلى هذا التيقظ الخاص عن شيء ما يصبح من الماضي… باختصار.. يقع حاضرنا في الماضي عندما نتوقف عن إعطائه صفة المصلحة الراهنة.
إن التيقظ للحياة الذي يتمتع بقدرة كافية والمتحرر بشكل كاف من مصلحة عملية يشمل ضمن حاضر غير منقسم التاريخ الماضي بكامله للشخص الواعي وجدانياً، ليس بالطريقة اللحظية وليس استناداً إلى مجموعة من الأقسام المتزامنة إنما مثل الحاضر المستمر الذي يصبح أيضاً متحركاً باستمرار وشأن ذلك شأن النغم الذي ندركه حسياً كنغم غير قابل للتجزئة والذي يشكل من طرف إلى آخر حاضراً دائماً مع أن هذه الديمومة لا تتضمن أي شيء مشترك مع حالة عدم إمكانية التعديل ومع حالة لا إنقسامية مع الآنية ولكن يتعلق الأمر بالحاضر الذي يدوم.
إذاً لا تحتاج الذاكرة إلى تفسير أو بالأحرى لا توجد إمكانية خاصة بحيث يتم الاحتفاظ بالماضي لسكبه في الحاضر حيث أن الماضي يصون نفسه من ذاته وبالطبع عندما نغض الطرف عن لا إنقسامية التغيير عن حالة ماضينا الأكثر بعداً والذي يلتقي بحاضرنا ويشكل معه نفس المتغير الواحد غير المنقطع، عندها يبدو لنا أن الماضي يخص الأمر المبطل وأن الاحتفاظ بالماضي يتضمن نوعاً ما نوعاً من الغرابة المدهشة.
كيف نستطيع تفسير أمراض الذاكرة؟
بخصوص هذه الأمراض التي تنسب إلى آفات موضعية في الدماغ فإن السبب بشأن الآفة السيكولوجية يعود إلى عجز في استدعاء الذكريات ومن هذه الوقائع بالإضافة إلى غيرها فإن الدماغ يصلح للقيام بعمل الاختيار في الماضي بتنقيصه وتلخيصه واستعماله ولكن ليس للاحتفاظ به حيث أننا نجد صعوبة ما في إمعان النظر والتأمل بالأشياء المختصة بهذه المراوغة وذلك لأننا اكتسبنا عادة الاعتقاد أن الماضي مبطل، عندها يولد فينا الظهور الجديد الجزئي تأثير الحدث المدهش الذي يتطلب تفسيراً لهذا نتصور أن داخل الدماغ توجود علب للذكريات التي تحتفظ بقطع من الماضي.
لا يتعلق الأمر بماضينا نحن فقط ولكن أيضاً بماضي كل تغيير شرط أن يكون الأمر متعلقاً بتغيير وحيد وغير قابل للانقسام لذا فإن حفظ الماضي في الحاضر ما هو سوى لا إنقسامية التغيير أما بالنسبة للتغيرات التي يتم حدوثها في الخارج فلا نعرف إطلاقاً إذا كان الأمر متعلقاً بتغيير فريد مكون من عدة حركات.. وهنا من المهم أن نقتنع أنه عند التغيير اللا إنقسامي يتجسد الماضي مع الحاضر.
المصدر:
كتاب هنري برغسون، علم النفس والنظريات الحديثة
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)