ترجمة ومراجعة: موسى شرف الدين و أسامة مارديني
فيما يلي نص الكلمة الختامية التي ألقاها السيد كلاوس لاخوفيتز رئيس منظمة الاحتواء الشامل الدولية في المؤتمر الدولي الذي استضافته جامعة كاسل بجمهورية ألمانيا الاتحادية في الفترة من 8 إلى 10 مارس 2017 حول الحق في العمل والدمج التشغيلي حول العالم وخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والأشخاص ذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية والأشخاص ذوي الإعاقات المركبة
تغيرت المعيقات والفرص للأشخاص ذوي الإعاقة من التوظيف المحمي إلى سوق عمل دامج ومفتوح ـ موقف هياكل الأمم المتحدة وبعض منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة الوطنية والإقليمية والدولية.
1 ـ مقاربة تستند إلى حقوق الإنسان
- الحق في العمل والتوظيف حق أساسي من حقوق الإنسان ومن الضروري تحقيق ذلك إلتزاما بالحقوق الإنسانية الموروثة.
- العمل والتوظيف مكونات أساسية للعيش كالتربية والسكن والنشاطات المسلية والترفيه والتقاعد. وهناك عوامل بدائية لضمان مشاركة فاعلة وإندماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع كما جاء في مبادئ الاتفاقية (البند الثالث).
2 ـ الإطار القانوني للبند 27 من الإتفاقية
- لقد إستحدث البند 27 من الإتفاقية إطاراً قانونياً لإلتزامات الدول الأطراف فيما يتعلق بالعمل والتوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة.
- الحق بالعمل والتوظيف كما ورد في البند 27 فقرة 1 من الاتفاقية يعرّف بعض المعايير التي على الدول الأطراف تنفيذها للأشخاص ذوي الإعاقة إذا ما صرحوا عن نجاحهم بتطبيق الحق الإنساني في العمل والتوظيف وهو الاعتراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل على قاعدة المساواة مع الآخرين. وهذا لايعني العمل بنفس الطريقة التي يعمل بها الآخرون ولكن مرتكزات العمل يجب تكون متساوية مقارنة مع شروط العمالة لدى الآخرين (من غير ذوي الإعاقة).
- وتشير الدراسات الدقيقة بخصوص شروط العمالة حول العالم بصعوبة ضمان توظيف كافة الأشخاص في سن العمل. ولكن عادة بإمكان كافة الأشخاص التقدم بحرية للعمل والتوظيف، للأشخاص ذوي الإعاقة إذا ما كانوا مؤهلين للعمل الذين سيقومون به. أما بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة يعني بأن قوانين العمل وتطبيقاته تحد من آفاق العمل مقارنة مع الآخرين محصورة في اختصاصات محدودة للمهارات المتدنية أو حتى لو كان بإمكانهم القيام بمهمات أخرى مما لا يتماشى مع ما ورد في البند 27 من الاتفاقية.
- ومتطلبات البند 27 في الفقرة 1 يمكن أن يتم الإلتزام بها للأشخاص ذوي الإعاقة إذا كان العمل المقدم للأشخاص ذوي الإعاقة يتضمن (الحق في إمكانية الحصول على كلفة العيش) أي تلقي بدل مادي لما يقومون به من عمل.
- ويجب أن تكون فرص عمل (مختارة ومقبولة) أي أن على الشخص من ذوي الإعاقة الحصول على فرصة الإختيار بين خيارات مختلفة من العمالة والتوظيف.
- وأخيرا تنص الفقرة 1 من البند 27 بوجوب توفير فرص (في سوق وبيئة عمل مفتوحة ومندمجة وميسرة للأشخاص ذوي إعاقة). وهذه المتطلبات تحوي ناحيتين لتطبيق البند 27. الناحية الأولى بأنه يجب ألا تنحصر فرص عمل الشخص ذي الإعاقة في أعمال (معزولة) عن سواه من غير ذوي الإعاقة أي عدم إجباره للعمل في ورش في مؤسسات إيوائية أو ما شابه والتي ليست دامجة ولا مدرجة في (سوق العمل المفتوحة). والناحية الأخرى تحوي إلتزام الدول الأطراف لضمان والنهوض بحق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة كما ورد في الفقرة 1 من البند 27 وذلك بالمساعدة على إستحداث وتوفير سوق وبيئة عمل على المستوى الوطني تكون مفتوحة ودامجة وميسرة الولوج ليس للأشخاص من غير ذوي الإعاقة فحسب ولكن للأشخاص ذوي الإعاقة كذلك.
الحق بالعمل كحق من حقوق الإنسان الإجتماعية
يعتبر الحق في العمل والتوظيف حقاً من حقوق الإنسان الاجتماعية. بالإشارة إلى الحقوق الثقافية والإقتصادية والإجتماعية كما ورد في البند الرابع الفقرة الثانية من الإتفاقية وما تنص علية أن التطبيق الشامل لهذه الحقوق من قبل الدول الأطراف عادة يتم بشكل تدريجي فقط ووفقاً للحد الأقصى من الموارد المتاحة. ولكن هناك إستثناءات لهذه القاعدة بموجب الجملة الأخيرة من الفقرة 2 من البند 4 هناك موجبات في الإتفاقية والتي قابلة للتطبيق مباشرة. وهي بالتحديد المنع بسبب الإعاقة. وذلك المنع يستلزم التطبيق الفوري.
الحق في العمل والحماية من التمييز
يحتوي التطبيق المباشر الحق في العمل والتوظيف في البند 27 الفقرة 1 ينص على (منع التمييز على أساس الإعاقة فيما يتعلق بكافة الأمور المتعلقة بكل أنواع التوظيف.
وعبارة التمييز كما ورد في الفقرة 2 من البند الثالث من الاتفاقية شامل وواسع: التمييز على أساس الإعاقة يعني تفريد وتهميش وتضييق والذي يصل إلى حد التعطيل والإلغاء لممارسة كافة الحقوق السياسية والاجتماعية والمجالات الأخرى.
ويعني ذلك في مجال الحق في العمل والتوظيف: من يقدم فرص عمل غير ميسرة للأشخاص ذوي إعاقة من أرباب العمل يعني يحجب عنهم ممارسة حقهم بالعمل والتوظيف ويميز ضد الأشخاص ذوي إعاقة. إن الدول الأطراف ملزمة بمنع هكذا تمييز.
تيسير ولوجية أماكن العمل
إن أيسر الأمور لتجنب، والحد من، وإلغاء التمييز في مجالات العمل والتوظيف هو إتخاذ إجراءات مناسبة من قبل الدول الأطراف لإزالة العوائق والموانع التي تحول دون الوصول وممارسة العمل. وتلك العوائق والموانع واردة في البند 9 من الإتفاقية (الولوجية ويسرة الوصول) وتتضمن الإنشاءات والطرقات ووسائل النقل والمدارس والمساكن والخدمات الطبية وأماكن العمل (البند 9 الفقر 1 أ).
الحق بالعمل وظروف إقامة معقولة في موقع العمل
ومن الوسائل التي تزيل التمييز في مجال العمل والتوظيف هو إتخاذ الخطوات المناسبة بمبادرة الدول الأطراف للمساعدة على تكييف وتعديل أماكن العمل في الحالات الفردية للتأكد بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يتمتعون بفرص ممارسة حقهم بالعمل والتوظيف في سوق العمل المفتوحة على قاعدة المساواة مع الآخرين. وتورد الاتفاقية الدولية تعبير (موقع إقامة معقولة) لوصف الإجراءات الفردية التي تمكن الشخص ذا الإعاقة من ممارسة حقه في العمل في سوق العمالة المفتوح.
وتطبيقا للفقرة 3 من البند 5 من الاتفاقية على الدول الأطراف إتخاذ كافة الخطوات المناسبة لضمان تقديم (مقر إقامة معقولة). وذلك الإلتزام اتى على ذكره الفقرة (1 أ) من البند 27 من الإتفاقية والذي ينص: (على الدول الأعضاء ضمان توفير (مقر إقامة معقولة) للأشخاص ذوي الإعاقة في موقع العمل). وعبارة (مقر إقامة معقولة) جرى تعريفه في الفقرة 4 من البند 2 في الاتفاقية (تغييرات وتعديلات مناسبة بحيث لا تُفرض أعباء إضافية، حيثما الحاجة لذلك في حالات محددة، لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى قدم المساواة من ممارسة حقوقهم الإنسانية وحرياتهم). كما يجب لحظ أن التعامي عن (مقر إقامة معقولة) يعد نوعاً من أنواع التمييز وفقا للفقرة 3 من المادة الثانية من الإتفاقية.
النتيجة
إن الإطار القانوني للبند 27 قد صُمٍم ونصً على معايير محددة من أجل تطبيق الحق في العمل والتوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة.
- تطبيق البند 27 من الإتفاقية الدولية من قبل الدول الأطراف بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية وذوي الإعاقات النفسية والاجتماعية والأشخاص ذوي الإعاقات المتعددة.
علينا أن نعترف من المنظور العالمي أن الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية وذوي الإعاقات النفسية الاجتماعية والأشخاص ذوي الإعاقات المتعددة ينتمون إلى الشرائح الأفقر بين الفقراء في كثير من مناطق العالم. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية فإن الكثير من الأشخاص المذكورين أعلاه يجبرون على العيش في ظروف مزرية أو في مآوي عقلية. وتصف منظمة العفو الدولية في تقاريرها المخيمات الرهيبة للأشخاص ذوي الإعاقة في غانا واندونيسيا والمكسيك وروسيا وبعض دول الاتحاد السوفييتي السابق وعبر عقود من الزمن، كان الأطفال ذوي الإعاقة العقلية، يؤخذون من آبائهم إبان الولادة ويحجزون في مآوي، وهم أحياء الآن ولكن دون تعليم أو فرص عمل.
وفي أجزاء كثيرة من أفريقيا وفي أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى، تقع مهام الرعاية والعلاج والتربية على كاهل الآباء وغيرهم من أفراد العائلة إذ أن الخدمات المساعدة والتدريب للأشخاص ذوي الإعاقات العميقة غير متاحة من المجتمع المحيط. فلا توجد لدى كل الأهالي إمكانية تحمل هكذا مهمات لوحدهم. ونتيجة لذلك يلجأ الأهالي إلى إخفاء بعض الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية والنفسية الإجتماعية ومعزولين عن المشاركة في الحياة الاجتماعية.
وحتى في البلدان التابعة لدول الشمال هناك مؤسسات إيوائية هائلة التي تبعد الأشخاص ذوي الإعاقة عن الآخرين. وورد في التعليق الامم المتحدة على البند 12 من الإتفاقية (المساواة أمام القانون- الأهلية القانونية) أوردت لجنة الأمم المتحدة حول حقوق الأشخاص ذوي إعاقة ما يلي: (هناك تنكر منتشر للأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة مما يتيح للآخرين التوقيع عنهم بالموافقة على إلحاقهم بمؤسسات إيوائية). وقد تم تزويد مديري هذه المؤسسات بشكل عام بحيثيات مندرجات بند الأهلية القانونية بموجب مرسوم الهيئة العامة للأمم المتحدة رقم 46 بتاريخ 19 ايار 2014.
وبالرغم من ذلك من الصعب التحقق من أن بعض هؤلاء المديرين يوفرون فرص عمل للنزلاء. ووفقاً لتقرير مشروع زيرو الجديد لعام 2017 (التوظيف – العمل والتأهيل المهني والتدريب) والتي تصف 56 ممارسة مستجدة، و11 سياسة مستجدة من 121 دولة: هناك (فجوة حول العالم حول قاعدة معلومات حول عدد نزلاء المؤسسات) صفحة 38. كما ينطبق هذا على الورش المحمية والمواقع المماثلة. وهي لا تزال موجودة في دول الشمال، وعلى سبيل المثال في أماكن كثيرة في الاتحاد الأوروبي، وفي دول ذات الأسواق الواعدة، إنما وبالارتكاز على ـ دراسة لجنة التوظيف والشؤون الاجتماعية للبرلمان الأوروبي: (مواقع عمل معقولة وورش محمية للأشخاص ذوي الإعاقة: كلفة ومردود الاستثمار) لا توجد هناك بيانات رقمية بسبب عدم وجود تعريف موحد لورش العمل المحمية بين الدول أعضاء الإتحاد الأوروبي وفي دول أخرى. ويعود ذلك إلى أن القوانين الإجتماعية الوطنية مختلفة في وصف وتعريف الورش المحمية. ولهذا السبب يتعذر جمع، على سبيل المثال مقارنة رقمية حول طبيعة الورش المحمية للاتحاد الأوروبي.
بينما يبدو أن ألمانيا أكبر موفر للورش المحمية في أوروبا. فوفق الفيدرالية الألمانية للورش المحمية للأشخاص ذوي الإعاقة هناك 680 ورشة للأشخاص ذوي الإعاقة في أرجاء ألمانيا عام 2016 مع 2759 موقع تصنيع. و30062 شخصاً من ذوي الإعاقة شاركوا في تأهيل مهني في ورش محمية و261562 شخصاً من ذوي الإعاقة كانوا يعملون بشكل دائم في مواقع العمل في هذه الورش ولديهم ضمان إجتماعي ولكنهم لا يتمتعون بمكانة (موظف) بحيث يتلقون 180 يورو بالرغم من أن هذا المبلغ أدنى من الحد الأدني للأجور ولا يتناسب مع كلفة العيش.
وهناك 17062 شخصاً من ذوي الإعاقة الشديدة يعملون بمساعدة في مواقع منفصلة من باحات العمل في الورش دون تلقي ضمان إجتماعي ودون تلقي أي نوع من التعويض المادي، وأكثر من 300000 شخص من ذوي الإعاقة يعملون في ورش محمية في المانيا ويتزايد هذا العدد سنة بعد سنة. وأحد الأسباب الرئيسية لإستمرار تزايد أحجام الورش المحمية وبالتحديد أن الآباء الكبار في السن للأشخاص من ذوي الإعاقة العقلية، يدافعون عن تواجد الورش المحمية لأنها بنظرهم والكثير من الورش وعناصرها العاملة ذوي الجودة العالية يطورون وسائل وطرق خلاقة للإنتاج كما يتم تقديم خدمات مفيدة في سياق متطلبات الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة في هذه الورش. والكثير من المناصرين الذاتيين والآباء الأصغر سناً للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية يتطلبون خيارات أكثر وأكثر للتشغيل المدمج في سوق العمل المفتوحة.
هناك نقاشات تدور بين الأهالي والمناصرين الذاتيين وجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة والخبراء والسياسيون والتي تُفرق بين العمل المنعزل في أماكن منعزلة ومحمية، ولكن العمل المدمج والذي يهدف إلى حماية حاجات العمال من ذوي الإعاقة العقلية وذوي الإعاقة النفسية الإجتماعية والإعاقات المتعددة وتسعى إلى شملهم في أماكن عمل قريبة من سوق العمل المفتوح أو جعلهم جزء من سوق العمل المفتوح.
ونتيجة لذلك فمن غير الممكن أن تعتبر الـ 680 ورشة عمل في ألمانيا بنفس المعايير. والعديد منهم لا يستجيبون للبند 27 من الإتفاقية لأنها تتواجد خارج المجموعات السكانية، إنما في (مواقع ريفية منفتحة) وهي حتى تأوي الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يعملون في مواقع العمل داخل الورش، وفي منشآت وبيوت جماعية التي هي جزء من الورش. ولكن هناك تزايد في عدد ورش عمل أخرى والتي تتعاون بنجاح مع محال السوبرماركت ومراكز البستنة والمطاعم والفنادق من أجل إيجاد فرص عمل لنزلائهم خارج ورش العمل ولتطوير علاقات قوية ومنتظمة مع خدمات الوسط المحيط والمجموعات السكانية المقيمة في المحيط.
بينما وفي الكثير من الأحوال فإن محاولات لم شمل العاملين في الورش في سوق العمل المفتوح تسلك المسار القانوني (تحت سقف الورش) أي أن العمال من ذوي الإعاقة لا يجري توظيفهم عن طريق مالك السوبرماركت ومالك المزرعة …. الخ ولكنهم يعتبرون عمال في ورش عملهم. والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى التطور العالمي للحماية الإجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة العاملين في الورش والنظام الإجتماعي الألماني يضمن منح تقاعدية بعد عشرين سنة من العمل في الورش. والأشخاص ذوو الإعاقة إذا ما غيروا مواقع عملهم من الورش إلى عقد توظيف في سوق العمل المفتوح فسوف يكون ذلك محفوفاً بمخاطر تناقص تقديمات الضمان الإجتماعي ومنحة التأمين التي يتمتع بها لإرتباطها بعمله الحالي في ورش محمية للأشخاص ذوي الإعاقة.
الورش المحمية والورش الإنتقالية في أوروبا
وفقاً لدراسة لجنة التوظيف والشؤون الإجتماعية في الاتحاد الأوروبي 2015 ـ هناك نوعان من الورش المحمية في دول الإتحاد الأوروبي: ورش العمل التقليدية والتي يعمل فيها بالدرجة الأولى أشخاص من ذوي الإعاقة العقلية الشديدة والذين يجري تمييزهم بأنهم لا يتمكنون من الالتحاق والاندماج في سوق العمل المفتوح. وورش العمل المحمية الإنتقالية والتي تهدف إلى نقل الأشخاص من الورش المحمية إلى توظيف غير محمي. ولكن ذلك حتى الآن يبدو ضرباً من الخيال لأن 3% فقط من الأشخاص قد إنتقلوا من الورش المحمية إلى سوق العمل المفتوح. فالسؤال إذن يبقى: هل العمل في الورش المحمية يتماشى مع البند 27 من الاتفاقية الدولية.
آراء مؤسسات الأمم المتحدة في الورش المحمية التابعة
لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة الوطنية والإقليمية والعالمية
هناك تصاريح قانونية واضحة بأن الورش المحمية لم يجر اختيارها بحرية ولكنها الخيار الوحيد للعمل دون الولوج إلى سوق العمل المفتوح وهذا يعتبر إنتهاك للحق في العمل والتوظيف كم ورد في الفقر 1 من البند 27 من الاتفاقية.
موقف مؤسسات الأمم المتحدة
وذلك على سبيل المثال ورد من مكتب المندوب السامي لحقوق الإنسان (الدراسة النظرية حول عمل وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة) الهيئة العامة بتاريخ 17 ديسمبر / كانون الأول 2012: (إنه لمن الملحوظ أن الدول الأطراف تتحرك بعيداً عن برامج التوظيف في الورش المحمية وتنهض بالولوج المتساوي للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل الحر).
وتشارك لجنة الأمم المتحدة حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هذا المنظور. وليس هناك من تعليق عام معتمد ومنشور من قبل لجنة الحق بالعمل والتوظيف (البند 27 من الاتفاقية) حتى الآن. بينما درست اللجنة بعناية تقارير شاملة من الاتحاد الأوروبي ـ الدول الأطراف حول الإجراءات المتخذة لكي تعطي فعالية لإلتزاماتهم بالإتفاقية وتلخص إهتماماتهم بما يتعلق بالتوظيف المحمي في ملاحظاتهم الختامية:
مراجعة حول بعض الدول في الاتحاد الأوروبي
ألمانيا
(تبدي اللجنة هواجسها حول العزل في سوق العمل وحقيقة أن الورش العزلية قد فشلت في تحضير العمال أو النهوض في عملية الإنتقال إلى سوق العمل الحر)، وتوصي اللجنة بتغيير (الورش المحمية من خلال إجراء إلزامي سريع لإنهاء الإستراتيجيات والروزنامة الزمنية والتعويضات للتوظيف العام والخاص وتحويلها إلى سوق العمل الشمولي – الدامج).
النمسا
لاحظت اللجنة مع هاجس، أن 19000 من النمساويين يعملون في ورش محمية خارج سوق العمل المفتوح ويتلقوق القليل من البدلات. وأوصت اللجنة أن على الدولة الطرف تطوير برامج لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل المفتوح.
الجمهورية التشيكية
(لاحظت اللجنة مع هاجس حول نسبة البطالة العالية للأشخاص ذوي الإعاقة وأن نسبة ثلث الموظفين من الأشخاص ذوي الإعاقة يعملون خارج سوق العمل. تحفز الدولة الطرف ـ تشيكيا – من أجل تطوير إجراءات وتكثيف الجهود واعتماد موارد كافية للنهوض بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل المفتوح وخاصة النساء).
إيطاليا
(أبدت اللجنة اهتمامها، إذ أن الأشخاص ذوي الإعاقة في إيطاليا محدودو الخيار واعتماد التوظيف في مواقع ووظائف محددة قياساً لإعاقتهم، وأوصت اللجنة إيطاليا بأن تزيل التشريعات التي تحد من حق الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة أي عمل اعتماداً على إعاقاتهم).
البرتغال
(أبدت اللجنة اهتمامها بشروط عمل الأشخاص ذوي الإعاقة في (مراكز الأعمال التوظيفية) بما في ذلك معدلات الأجر وكذلك في حقيقة أنه عندما يحاولون ممارسة حقهم بالعمل والتوظيف فإنهم بالنهاية لا يجدون مجالاً لتوظيفهم خارج هذه المراكز. وطلبت من البرتغال أن تنحي جانبا (البيئات التشغيلية العزلية)).
إتجاهات منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة عالميا
منظمة الاحتواء الشامل ـ مركزها لندن في المملكة المتحدة – تمثل أكثر من 200 منظمة وطنية لمصلحة الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية وأسرهم في 115 دولة. هناك تنام في أعداد المناصرين الذاتيين من ذوي الإعاقة العقلية وأفراد أسرهم يعملون في مجالس الإدارة لتلك المنظمات الوطنية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وينادون بالدمج المدرسي في المدارس النظامية وفقاً للبند 24 من الإتفاقية. والكثير منهم يشكون من الفجوة الكبيرة بين الدمج التربوي والتوظيف بعد إنهاء التعلم في المدرسة. وعادة لا يجد العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية وظائف في سوق العمل المفتوح ويجبرون على العمل في ورش محمية ومواقع مشابهة. إذ انهم يريدون المشاركة الفاعلة في المجتمع ويهدفون إلى فرص عمل في سوق العمل المفتوح كما يدعمون مطالب منظمات الأمم المتحدة وغيرها من الأطراف المؤثرة من أجل إستبدال الورش المحمية تدريجياً بعمل بديل في سوق العمل المفتوح).
إن منظمة الاحتواء الشامل ترى وجوب قراءة البند 27 المرتبط بالمبادئ العامة للبند 3 من الإتفاقية وغيرها من الحقوق الإنسانية وخاصة البند 19 (العيش باستقلالية والاندماج في المجتمع): (مشاركة كاملة وفعالة والاندماج) الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعهم كما ورد في الفقرة ج من البند 3 من الاتفاقية ويمكن تحقيق ذلك) فالدول الأطراف في الاتفاقية إعترفت بالحق المتساوي لكافة الأشخاص ذوي الإعاقة للعيش في مجتمعهم مع خيارات مساوية لخيارات الآخرين. حيث يكون لدى الأشخاص ذوي الإعاقة فرص الوصول إلى مدى واسع من خدمات الدعم المجتمعي داخل المنزل وفي مقر الإقامة وغير ذلك من الخدمات الإجتماعية بما في ذلك الخدمات الشخصية الضرورية لمساعدة الفرد على المعيشة والإندماج في المجتمع ومنع الانعزال والتهميش من المجتمع) (البند 19 من الاتفاقية).
تشارك المنظمة في هذا الإتجاه الشبكة العالمية للناجين من علاجات الأمراض النفسية والتحالف الدولي لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة (جينيف، مدينة نيويورك) وهي المظلة العالمية لمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة ممثلة 14 منظمة من منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة على المستويات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد العالمي للمكفوفين والفيدرالية العالمية للصم ومنظمة الاحتواء الشامل ومجالس الإعاقة الأوروبية والأفريقية والآسيان (أسيا والباسيفيك).
توجهات منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة الإقليمية
مجلس الإعاقة الأوروبي ـ بروكسل بلجيكا – والذي يمثل 28 مجلساً وطنياً للأشخاص ذوي الإعاقة في الإتحاد الأوروبي و25 منظمة غير حكومية كان قد تبنى (قرار توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة) خلال مناسبة انعقاده في 19 فبراير 2017 في مالطا للابتعاد عن برامج التوظيف العزلي.
توجهات جمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة الوطنية
لنختم هذه المراجعة بالإطلاع على ما يجري في الولايات المتحدة الأميركية وفي الاتحاد الأوروبي، نشرت الشبكة الوطنية لحقوق الإعاقة في شهر يناير / كانون الثاني عام 2011 نداء للعمل: (عزل واستغلال: فشل نظام خدمات الإعاقة لتقديم عمل ذي جودة) وفي هذا المنشور ورد أن النظام الأميركي للأشخاص ذوي الإعاقة العام، قد فتح أبواب مقاربة جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة 1990:
على الأشخاص ذوي الإعاقة العيش والعمل بشكل مستقل في مجتمعاتهم. وورش العمل المنعزلة والمحمية تعمل عكس هذا المبدأ. وأكثر من هذا فإن ذلك يضع الأشخاص ذوي الإعاقة في التهميش والإخفاء في الظل وذلك يخلق فرص التنكر والإستغلال والمعاملة السيئة. والعمل المنعزل يكرس الشعور بالتهميش والعزلة ويقضي على الرغبة الإنسانية للتواصل مع الآخرين. إن الأشخاص ذوي الإعاقة يستحقون العيش والعمل بإستقلالية في البيئة السكانية التي يرغبون.
بعض منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة الوطنية المتواجدة في الإتحاد الأوروبي لا تتفاعل بهذه الطريقة. ليست هناك استراتيجية متناسقة كيف تتعامل مع الورش المحمية. بينما صرحت MENCAP الجمعية الخيرية الرائدة في المملكة المتحدة وتعمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة (التعلمية أي العقلية) وأسرهم والعاملين الرعائيين على سبيل المثال أنها أقفلت الورش المحمية وهناك منظمات للأشخاص ذوي الإعاقة لها وجهة نظر متمايزة. فمن جهة جميعهم يحثون الدول الأطراف على استحداث سوق عمل مفتوحة ودامجة لكافة الأشخاص ذوي الإعاقة بما فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة العقلية والأشخاص ذوو الإعاقة النفسية الإجتماعية والأشخاص ذوو الإعاقات المتعددة. ومن جهة أخرى ينادي الكثيرون بالتقدم ولكن بهدوء لتجنب إغلاق الورش المحمية مما يودي بالنتيجة إلى بطالة أفواج من العمال من ذوي الإعاقة في سوق العمل المفتوح.
بدائل الورش المحمية
بالرغم من الإرتفاع الكبير في نسبة البطالة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة.. وبالرغم من أن الكثيرين من الأشخاص ذوي الإعاقة معزولون أو محدودو الفرص فهناك خطوات اتخذت لاستيعاب الأعداد المتزايدة للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل المفتوح.
التوظيف بمساعدة
ويختصر هذا العنوان العديد من الأمثلة وقد ذكر تقرير مشروع زيرو لعام 2017 كثيراً من الممارسات المستجدة ويصف كيفية تلقي الأشخاص ذوي الإعاقة التدريب من خلال العمل في مواقع عمل نظامية بمساعدة (مشرف تدريب Coach)، وكيف يتعلم أرباب العمل ترتيب خيارات وظيفية ليعدلوا تجهيزات موقع العمل لمنفعة العاملين من ذوي الإعاقة. كما يجب أن نلحظ أن تعبير (التوظيف بمساعدة Supported Employment) ليس جزءاً من الاتفاقية أو جزءاً من المفردات والتسميات. وتعبير التوظيف بمساعدة (التدريب من خلال العمل) كان سائداً قبل صياغة الاتفاقية. ويصف التنوع في العمل المنجز بواسطة الأشخاص ذوي الإعاقة بمساعدة طرف ثالث في موقع عمل مؤهل ومكيف لناحية التجهيزات. وهذه الأنواع من التوظيف بمساعدة ستتوافق مع الإتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة استوفت معايير العمل والتوظيف الواردة في البند 27 من الاتفاقية.
ميزانيات العمل
أصبح نافذاً في ألمانيا قانون جديد وشامل للإعاقة بدءاً من شهر يناير 2017 ويسمى قانون المشاركة الفيدرالي. وهو يحوي تنظيمات مفصلة للورش المحمية، ولكنه يقدم بدائل للورش المحمية. ويمكن للشخص الذي يستحق العمل بالورش المحمية تقديم طلب للحصول على (ميزانية للعمل budget for work). وهي عبارة عن دفعة مباشرة تقدم من مكاتب الإنعاش التابعة للدولة وتحتوي على منحة مالية ومساعدة لرب العمل الذي يوقع العقد مع الشخص ذي الإعاقة. ويهدف إلى تعويض القصور في الأداء الوظيفي ويعوض كلفة المساعدة والتدريب من خلال العمل مع عاملين اجتماعيين ذوي خبرة. والمنحة التعويضية قد تصل قيمتها 75% من المرتب الذي يدفع عادة. كما ورد سابقاً هي خيار للعمل المحمي ومهم لمعرفة كم من الأشخاص ذوي الإعاقة سيعملون على الاستفادة من هذا الخيار القانوني.
والفكرة غير جديدة ففي بعض الولايات الألمانية راينلاند بفالز ونايدرساشسن Rheinland ـ Pfalz، Niedersachsen وغيرها حاولت سابقاً النهوض بما يسمى ميزانية شخصية للعمل على المستوى الإقليمي ولكن كانت هناك معيقات إدارية تحول دون تقديم الأفراد طلب للحصول على ميزانية العمل وقلة قليلة من أرباب العمل تفاعلوا إيجابياً مقدمين بعض مراكز العمل للأشخاص من ذوي الإعاقة العقلية وذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية. وبسبب هذه الخبرات المخيبة يبدو أنه من الضروري نصح الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية الذين يرغبون في الحصول على منح ميزانية عمل جديدة أن يبذلوا جهداً مشتركاً واستحداث هيكل تنظيمي، فهم سيحتاجون إلى مشورة قانونية وتدريب عملي، فإذا 50 شخصاً من ذوي الإعاقة إنجاح جهودهم لتقديم طلبات للحصول على ميزانية عمل ـ على سبيل المثال ـ فعليهم أن يوحدوا جهودهم لمناقشة متطلبات تقديم الطلبات، ومن أجل إيجاد أشخاص مستقلين وذوي خبرة لمساعدتهم في صياغة نص طلب الحصول على ميزانية العمل والتداول في متطلبات وشروط الطلب والمساعدة في إيجاد أرباب عمل على إستعداد لتوظيف إشخاص من ذوي الإعاقة على قاعدة (ميزانية العمل) ستتنامى لديهم أخيراً فرص حصولهم على هذه (الموازنة للعمل) ليتم توظيفهم في سوق العمل المفتوح.
أهمية الهدف 8.5 من أهداف التنمية المستدامة حول الحق بالعمل والتوظيف
وأخيرا ومن وجهة النظر السياسية يجب التطرق إلى أن كافة دول الإتحاد الأوروبي قد وقعت على أجندة الأهداف ما بعد 2030 للتنمية المستدامة. وينص الهدف 8.5 أنه بحلول العام 2030 ستنجز الدول الأطراف (توظيف كامل ومنتج وعمل لائق لكل الرجال والنساء بمن فيهم الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، بمرتبات متساوية لقاء العمل المتساوي القيمة).
إنه تَحًدٍ كبير وفرصة كبيرة لشمل الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل الدامج المفتوح. وبالنتيجة يجب ألا يقتصر نضالنا لتطبيق البند 27 من الإتفاقية بل يجب أن نتابعه للوصول إلى الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة.
- Klaus Lachwitz. President of Inclusion international.
He was elected in 2010 on the occasion of Inclusion international world congress in Berlin.