تطرقنا في العدد السابق إلى المكونات العامة للعلاج، جلسة تحديد الأهداف والخطوات العلاجية، كيف يختلف العلاج القصير المدى المرتكز على الحلول عن الطرق العلاجية الأخرى وكذلك بنية ومكونات الجلسة الإرشادية. وسوف نسلط الضوء في هذا العدد على الأسئلة الموجهة في جلسات العلاج قصير المدى، الإطراءات، تغيرات ما بعد الجلسة، وطريقة وضع الأهداف المرتكزة على الحلول وتعريف السؤال المعجزة.
أولاً – الأسئلة مقابل إعطاء التعليمات والتفسيرات
الأسئلة هي عنصر اتصال أساسي ومهم في جميع المناحي العلاجية. فالمرشدون يستخدمون الأسئلة للتعرف على الخبرات السابقة للمسترشدين وكذلك تستخدم للاستفسار في بداية الجلسة عن مدى التطور أو تطرح لمعرفة كيف سارت الأمور بالنسبة للواجب الذي أُعُطَي في نهاية الجلسة السابقة. والأسئلة في العلاج قصير المدى هي وسيلة التواصل والتدخل الأساسية. فالمرشدون في العلاج قصير المدى لا يميلون إلى تفسير أو تحليل ما يقال ونادراً جداً ما يعارضون أو يقاطعون المسترشد.
ثانياً – الأسئلة الموجهة نحو الحاضر والمستقبل مقابل الأسئلة الموجهة نحو الماضي
الأسئلة التي تطرح من قبل المرشدين في العلاج قصير المدى تركز دائماً على الحاضر أو على المستقبل، ويتم التركيز بشكل حصري على ما يريده المسترشد أن يحدث في حياته أو ما يحدث بالفعل. وعندما تطرح الأسئلة عن الماضي فإنها تناقش كيف تغلب المسترشد على صعوبة مماثلة أو ما هي نقاط القوة والمنابع الداخلية التي يمكن استثمارها لتحقيق المستقبل الافضل الذي يتطلع إليه المسترشد. وهذا يعكس الاعتقاد الأساسي بالعلاج القصير المدى أن أفضل حل للمشكلة هو بالتركيز على الشيء الناجح الذي يقوم به المسترشد بالفعل وكيف يريدون ان تصبح عليه حياتهم بدلاً من التركيز على الماضي والبحث في أصل وتاريخ المشكلة.
ثالثاً – الإجراءات
تقديم الإطراءات هي جزء أساسي آخر من فنيات العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول. إن تأييد ما يفعله المسترشد بشكل ناجح والاعتراف بصعوبة المشكلة يشجع ويعطي رسالة للمسترشد أن المرشد حريص ومنصت ومتفهم له (بيرغ ودولان، 2001). وتساعد الإطراءات في الجلسة العلاجية على التأكيد على ما يقوم به المسترشد بشكل ناجح.
الإيعاز بشكل لطيف بتكرار فعل الشيء الناجح
حينما ينجح المرشد في بناء إطار إيجابي من الإطراءات وبعد أن يكون تعرف على الحلول السابقة والحالات الاستثنائية للمشكلة يبدأ في الايعاز للمسترشد بشكل لطيف بتكرار فعل الأشياء التي كانت تنجح في السابق أو يبدأ في تجربة التغيير باستخدام الحلول التي ظهرت خلال الحوار البناء مع المرشد. فمن النادر بالنسبة للمرشد في العلاج قصير المدى أن يقدم اقتراحات أو مهام لا تستند على الحلول السابقة أو الحالات الاستثنائية للمسترشد.
رابعاً – تغيرات ما قبل الجلسة
في البداية أو في أول الجلسة الأولى يمكن أن يطرح المرشد سؤال ما هي التغيرات التي لاحظت أنها حدثت أو بدأت تحدث منذ أن اتصلت وحددت موعد المقابلة لهذه الجلسة؟ هذا السؤال له ثلاث إجابات محتملة. أولها قد تقول: إن شيئاً لم يحدث… في هذه الحالة يمكن أن يبدأ المرشد في طرح سؤال مثل كيف يمكن أن أكون مفيداً لك اليوم؟ أو (ما الذي تحتاج أن يحدث اليوم لتكون هذه الجلسة مفيدة حقاً؟) أو (ماذا سوف يلاحظه عليك أفضل صديق لك في حال كانت هذه الجلسة مفيدة لك؟) أو (ما الذي يجب أن يكون مختلفاً في حياتك بعد هذه الجلسة لتكون قادراً على القول إنها كانت فكرة جيدة مجيئك هنا، والتحدث معي)؟
الجواب الثاني هو أن الأمور بدأت تتغير أو تتحسن. في هذه الحالة يطرح المرشد عدة أسئلة عن هذه التغيرات التي بدأت تحدث ويطلب المزيد من التفاصيل. هذا يُمَكِن من بدأ عملية الحديث حول الحلول والتأكيد على نقاط القوة لدي المسترشد ثم يطرح المرشد سؤالاً: (إذا استمرت هذه التغيرات في الحدوث فهل هذا هو ما تريده؟) هذا يتيح البدء في تحديد أهداف إيجابية.
الجواب الثالث هو أن الأمور هي نفسها. على المرشد طرح سؤال مثل: (هل هذا أمر غير عادي، أن الأمور لم تسوء؟) أو (كيف تمكنت من إدارة الموقف والحفاظ على الأمور من عدم التفاقم للأسوأ؟) هذه الأسئلة تؤدي إلى معرفة المزيد من المعلومات حول الحلول السابقة والحالات الاستثنائية والبدء في الحديث حول الحلول.
خامساً – الأهداف المرتكزة على الحلول
مثل العديد من نماذج العلاج النفسي، فإن وضع أهداف بارزة، واضحة، محددة وممكنة التحقيق هي عنصر هام من عناصر العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول. حيث يحاول المرشد أن يستخلص أهداف صغيرة بدلاً من الأهداف الكبيرة. والأكثر أهمية أنه سيُشجع المسترشدين على صياغة الأهداف على أنها حلول حاضرة بدلاً من الاكتفاء بغياب المشكلة. على سبيل المثال من الأفضل أن يكون الهدف (نحن نريد ابننا أن يتحدث بطريقة ألطف معنا) بدلاً من (نحن نريد ألا يسبنا طفلنا). بالإضافة إلى ذلك.. فإن الأهداف قد يتم تحديدها كشيء يمكن للمسترشد أن يتدرب عليه بانتظام بنفسه أو بنفسها، ولا تعتمد على حث شخص آخر، وأيضاً إذا صيغ الهدف من موجه نحو الحل، فسيكون من الأسهل تقييمه باستخدام المقياس الرقمي.
سادساً – السؤال المعجزة
بعض المسترشدين عندهم صعوبة كلية للتعبير عن أهدافهم، السؤال المعجزة هو طريقة للسؤال عن هدف المسترشد بشكل يوصل الاحترام بضخامة المشكلة، وفي نفس الوقت يؤدي إلى استنتاج المسترشد لأجزاء صغيرة منطقية من الهدف وهي أيضاً طريقة للمسترشدين لعمل (بروفة افتراضية للمستقبل المفضل).
اللغة المختصرة للتدخل يمكن أن تتفاوت لكن الصياغة الأساسية هي (أنا سأطرح عليكِ سؤالاً غريباً (توقف) السؤال الغريب هو: (توقف) بعد أن نتحدث سوف ترجعين إلى عملك / منزلك / مدرستك وأنتِ سوف تفعلين أياً كان ما تحتاجين عمله باقي اليوم كرعاية الأطفال / عمل الغداء / مشاهدة التلفزيون / إعطاء حمام للأطفال وهكذا وسوف يحين وقت الذهاب إلى النوم وجميع من البيت آمنين وسوف تنامين بسلام.. وفي منتصف الليل تحدث معجزة والمشكلة التي دفعتك للمجيء إلى هنا قد حُلت / اختفت (توقف).. وعندما تستيقظين غداً في الصباح ما هو التغيير البسيط الذي يجعلك تقولين لنفسك إن هناك شيئاً ما قد حدث… المشكلة انتهت) (بيردج ودولار 2001 صفحة 7).
المسترشدون لهم عدة ردود للأفعال يمكن أن يشعروا بالحيرة… يمكنهم القول إنهم لم يفهموا السؤال ويمكن أن يبتسموا عادة وبالرغم من إعطاء وقت كافي للتفكير، ومع إصرار من جانب المعالج، يبدؤون في استنتاج أشياء من الممكن أن تكون مختلفة عندما يتم حل المشكلة. هذا مثال لزوجين كلاهما كان يتاجر بالمخدرات وكانا على صلة لعدة سنوات بأحد المرشدين النفسيين وكانا يقولان له إنهما يريدان (الخدمات الاجتماعية خارج حياتهم) وهذه الجملة هي التي بدأت تحل السؤال المعجزة. اينزوا كيمبرج هي القائم بالمقابلة تعطي مثالاً جيداً لكيفية إجابة المسترشد عن السؤال المعجزة. هذا المثال سوف يفسر عملية إعادة البناء في العلاج قصير المدى بين المرشد والمسترشد لإنشاء معانٍ جديدة عندما يصوغ المرشد أسئلة تالية وردود فعل مبنية على إجابات المسترشد وما قاله هنا سيكون: ما هو الشيء المختلف عندما تحدث المعجزة.
يتبع في العدد القادم
المراجع
- الدليل الإرشادي للعمل مع الأشخاص – الإصدار الثاني، جمعية العلاج قصير المدى المرتكز على الحلول
المشاركون
- Janet Bavelas
- Peter De Jong
- Cynthia Franklin
- Adam Froerer
- Wallace Gingerich
- Johnny Kim
- Harry Korman
- Stephen Langer
- Mo Yee Lee
- Eric E. McCollum
- Sara Smock Jordan
- Terry S. Trepper
ماجد محمود سامي عبد العاطي
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة، دولة الامارات العربية المتحدة
متحرك: 00971561187097
- اختصاصي تخاطب ومشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد (من مارس 2008 وحتى الآن).
- حاصل على ليسانس آداب وتربية، قسم علم النفس، جامعة عين شمس عام 1999 ـ 2000 بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بترتيب الثالث على القسم.
- دبلوم مهني علم النفس المدرسي والتعلم العلاجي عام 2000، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير امتياز، الأول على الدبلوم.
- دبلوم خاص في علم النفس عام 2002 جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم علم النفس التربوي، تقدير جيد جداً.
- دبلوم مهني في التربية الخاصة عام 2003، جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم الصحة النفسية، تقدير عام جيد جداً.
- دبلوم أمراض التخاطب، كلية الطب، جامعة عين شمس (2002 ـ 2007) قسم الأنف والأذن والحنجرة وحدة أمراض التخاطب.
- عضو بلجنة المقابلات المركزية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- عضو اللجنة المكلفة بإعداد وتطوير نظام تقييم العاملين بالمدينة.
- عضو اللجنة الفنية بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
- مؤسس مجلس التخاطب بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومشرف المجلس للعام الدراسي (2010 ـ 2011).
- مكلف سابقاً بالإشراف ومتابعة بيت الشباب التابع لمركز الشارقة للتوحد في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.