في الوقت الحاضر، لا يوجد في العالم أتعس من أطفال العراق، ففي ثمانينات القرن الماضي حرمتهم حروب النظام السابق من الاستمتاع بطفولتهم البريئة، وفي التسعينات تسببت العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي الذي فرض على الشعب العراقي بحرمان الأطفال الرضع من الرعاية الصحية والغذائية، فافترست الأمراض بشتى أنواعها جيلاً من الصغار، ومات بسبب العقوبات التي استمرت 12 عاماً أكثر من مليون طفل قهرهم المرض بعد أن فقدت أسرهم الأمل في إيجاد دواء لتخفيف آلامهم وأوجاعهم، كما تسبب الحصار غير الإنساني أيضاً في أن أصبح ربع أطفال العراق يعانون من سوء التغذية.
وها نحن نعيش الحاضر، ولم يتخلص أطفال أرض الرافدين من معاناتهم وآلامهم ومخاوفهم، ففي ظل الاحتلال الأمريكي البريطاني والعنف الدامي المتواصل بين أبناء الوطن الواحد، صار الموت يطارد كل صغير، وهذه المرة بفعل آلة الحرب التي تستخدمها ما تسمي نفسها بقوات التحالف أو بإيدي الانتحاريين الذين يسيئون إلى تاريخ شعب العراق المناضل وينسبون أنفسهم إلى المقاومة الوطنية.
العراق الآن تحرر من الحكم السابق، ولكنه في قبضة احتلال* لم يوفر الحد الأدنى من الأمن والاستقرار لشعب العراق، ولا يوفر للأطفال سبل الحياة والرعاية الصحية والغذائية اللازمة.
(ملاحظة من المحرر: كتبت الدراسة قبل الانسحاب الأمريكي من العراق)
من واقع الاحصاءات الموثقة نجد أن نسبة %44 من مجموع السكان البالغ عددهم 26 مليون نسمة هم من الأطفال، أي تحت سن الخامسة عشرة، منهم مما يزيد على 4 ملايين طفل دون سن الخامسة. واحد من كل ثمانية أطفال يموتون تحت سن الخامسة، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم. 20% من الأطفال في سن الدراسة لا يداومون في المدارس. في العراق حالياً حوالي 25% من الأطفال دون الخامسة من العمر في طريقهم إلى الموت بسبب سوء التغذية، 78% من البيوت تصلها الكهرباء ساعات قليلة في اليوم، وفقط 37% من مساكن المدن ( وبالكاد 4% من منازل القرى) فيها أنظمة لصرف المجاري، وفقط 61% لديها مياه للشرب، وتم تدمير 7% من البيوت بسبب القصف أو مهمات التفتيش التي جرت، وواحد من كل عشرة منازل في المناطق الريفية يمكن الوصول إليه عبر طرق معبدة وتزداد نسبة الأمية بين الشباب.
وهكذا يقف أطفال العراق في طليعة من تطالهم الآثار السلبية للنزاعات المسلحة على نحو مباشر وعميق.
ويمكن تحديد أهم الانتهاكات كما يلي:
-
سوء التغذية
تضاعفت نسبة الأطفال العراقيين الذين يعانون من سوء التغذية، إذ حذر صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة يونيسيف في مايو 2003 من أن أكثر من 300 ألف طفل عراقي يواجهون الموت بسبب سوء التغذية. فقد سمحت عملية تقييم قامت بها المنظمة بالتوصل إلى نتيجة أن نسبة سوء التغذية الحاد لدى الأطفال العراقيين، ما دون سن الخامسة، تضاعفت مرتين عما كانت عليه في دراسة أجريت في شهر (فبراير) من العام 2002 كما كشف بحث نرويجي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية والمكتب المركزي لتقنية المعلومات والاحصاء العراقي في نوفمبر 2004 أن حالات سوء التغذية بين أطفال العراق قد تضاعفت بعد الغزو الامريكي ـ البريطاني للعراق، إذ قال معهد فافو للعلوم الاجتماعية التطبيقية، الذي اضطلع بالدراسة: إن حالات سوء التغذية قد ارتفعت بين الأطفال من سن ستة أشهر إلى 5 أعوام من 4% إلى 7,7% منذ مارس 2003، ورجحت الدراسة أن حوالي 400 ألف طفل يعانون من حالات سوء التغذية وهي أرقام أكدتها الحكومة العراقية المؤقتة. في مايو (2005) أظهر أول مسح عن الأحوال المعيشية للأسرة في العراق أعلنت نتائجه وزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي أوضاعاً مأساوية يعيشها العراقيون وتدنياً كبيراً في مستوى الخدمات وأكد ستيفان دو ميتسورا ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق في كلمة خلال إعلان نتائج المسح أن الوضع يزداد سوءاً خصوصاً فيما يتعلق بوضع الآطفال، وأشار إلى أن ربع أطفال العراق يعانون من أمراض سوء التغذية.
كما بينت دراسات طبية عديدة نقص معدل النمو لدى الأطفال العراقيين، حيث تبين أن نموهم يقل عن المعدل الطبيعي بنسبة 7% ويعتبر هذا الأمر مؤشراً خطيراً. وإذا كانت مثل هذه الدراسات قد أجريت في سنوات الحصار، فإن النسبة اليوم هي أكبر وأخطر بعد الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني للعراق وكانت نتائج الفحوصات الطبية الميدانية التي أجرتها البعثات الدولية المشتركة الموفدة من قبل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي برئاسة العالم الامريكي »بيتر بليت«ـ أستاذ التغذية بجامعة ماساتشوسيتس ـ قد بينت أن أطفال العراق الذين نشأوا في فترة الحصار الاقتصادي، يعانون من قلة الكتلة الجسمانية حيث تقل لدى الذكور بنسبة 25% ولدى الإناث بنسبة 16% عن المعدل القياسي العالمي، وهذه الظاهرة تشمل جميع السكان، وذلك لأن السلة الغذائية التي قدمتها اتفاقية النفط مقابل الغذاء لم تسد الحاجات الغذائية الخاصة بالأطفال والنساء والحوامل والشيوخ والعجزة، ومؤخراً، حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الأموال الخاصة بعملية توفير الغذاء لأكثر من ثلاثة ملايين شخص في العراق، أكثر من نصفهم من الأطفال، هي على وشك أن تنفذ. وتهدف الحملة التي بدأت في سبتمبر من عام 2004 إلى توفير 67 ألف طن من الغذاء لمساعدة 1.7 مليون من أطفال المدارس الابتدائية يعيشون في فقر مدقع، و 220 ألف طفل يعانون من سوء التغذية وعائلاتهم، و 350 ألفاً من الحوامل والمرضعات وأكثر من ستة آلاف مريض بالسل.
-
الواقع الصحي
في ظل إمعان قوات الاحتلال بسياساتها العدوانية يواجه أبناء الشعب العراقي، وخاصة الأطفال، ظروفاً حياتية متردية للغاية، وبدأت التقارير والشهادات بالواقع الصحي المتدني الذي يحيط بالعراقيين ـ على سبيل المثال ـ بعد سنوات على انتهاء حرب الخليج عام 1991 بدأت الطبيبة العراقية (سلمى حداد) تلاحظ تكاثر الإصابة بسرطان الدم لدى أطفال ينقلون إلى مستشفى المنصور في بغداد، وتعتبر هذه الطبيبة أن سرطان الدم، الذي سجل عن الأطفال، له علاقة بإشعاعات ناتجة عن استخدام قوات التحالف لذخائر تتضمن اليورانيوم المنضب، وبعد العدوان والاحتلال الأمريكي ـ البريطاني للعراق بدأت المخاوف تتكاثر من مشاكل صحية جديدة، وجاء استخدام ما يزيد على الألف طن من اليورانيوم، خلال الأيام الثلاثة الأولى من الغزو في عام 2003 ومواصلة قوات الاحتلال استخدامها حتى اليوم كمادة طالية للقنابل العنقودية، ليزيد من حجم الكارثة البشرية والبيئية.
وتدل الأرقام الصادرة من مستشفى الأطفال والولادة في البصرة في (نوفمبر) 2004 بأن 56% من المصابين بأمراض السرطان في العراق هم من الأطفال تحت سن الخامسة بالمقارنة مع نسبة 13% قبل 15 سنة، ويؤكد التقرير الصادر عن المستشفى على وجود زيادة 02% من الإصابات بالمقارنة مع عام 2003، آخذين بنظر الإعتبار عدم إحصاء الحالات في المستشفيات الخاصة.
كما سجل صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) بعد العدوان على العراق في (يونيو 2003) أكثر من 2000 حالة تيفوئيد، وارتفاع معدلات الإصابة بالإسهال وما يصاحبه من أمراض، بشكل خطير بين الأطفال العراقيين، وأن معدلات الإصابة بتلك الأمراض، ومنها الكوليرا والدزنتاريا والتيفوئيد، ارتفعت بمعدل 5.2 مرة عنها في الوقت نفسه من عام 2002، وإلى جانب هذه الأمراض، انتشرت أمراض معدية أخرى، كالسل والتهابات الكبد الوبائي والسحايا الدماغية وذات الرئة والحمى السوداء والملاريا جنباً إلى جنب مع أمراض السرطان والسكري والتشوهات الولادية والعلل العصبية والعضلية الوخيمة.
-
واقع التعليم
فيما كانت خطوات أكثر من ستة ملايين تلميذ عراقي تتوجه إلى المدارس مع بداية العام الدراسي الحالية، كانت شكاوى العراقيين من الوضع الأمني المتدهور ترسم صورة مخيفة لواقع التعليم في العراق، حيث يعاني الأهالي من ايصال أبنائهم إلى المدارس خوفاً من تعرضهم للموت بسبب ارتفاع معدلات التفجيرات والعمليات المسلحة في العراق.
إضافة إلى أن العديد من المدارس تغرق بصورة كاملة في مياه المجاري الثقيلة هي والطرق المؤدية إليها وأغلبها بلا خدمات ماء وكهرباء وبجدران مهدمة وساحات تملؤها الأنقاض، وبالتالي سيكون ذهاب التلاميذ إلى هذه المدارس، لا سيما مدارس البنات مجازفة كبيرة.
وأكد مسؤولون في وزارة التربية العراقية أن هناك معوقات عديدة تعترض العملية التربوية، فهناك أكثر من 70ذ تلميذاً في أغلب الفصول الدراسية بعضهم يجلسون على الأرض، كما تشكو معظم مدارس العراق من سوء أبنيتها بينما هناك مئات المدارس المدمرة في الفلوجة والنجف وسامراء والمدن الأخرى التي تعرضت لهجمات أمريكية.
ومن جهة أخرى، تدل احصاءات اليونيسيف أن نصف الأطفال الذين هم بعمر التسجيل في المدارس لا يداومون الآن، وتزداد النسبة في حالة الإناث منهم، مما يهدد العراق بكارثة حقيقية على المستوى التعليمي بشكل عام، وعلى مستوى النهوض بواقع المرأة العراقية بشكل خاص. وقد انعكس تدهور الوضع الأمني والسياسي على المستوى التعليمي، حيث باتت أيام الغياب من المدارس تزيد على أيام الدوام والتعليم، وزاد الأمر سوءاً غياب المدرسين ومغادرتهم العراق حرصاً على سلامتهم.
وكان وزير حقوق الإنسان العراقي قد أعلن في أوائل العام 2005 أن هناك حوالي مليون طفل متسرب من المدارس في العراق والعدد نفسه من الأطفال المعاقين والنازحين. وأشار إلى أن 80% من المدارس في العراق بنايتها غير لائقة تماماً لممارسة العملية التربوية، كما أن 05% من المدارس تعاني من شح المياه الصالح للشرب ولا تتوفر فيها الخدمات الأساسية والضرورية كالقاعات الدراسية المناسبة والمرافق الصحية والتشجير.
-
أطفال الشوارع والأيتام
تضخم جيش الأيتام في العراق وأصبح يزداد يوماً بعد آخر، ومما زاد وضعهم سوءاً قلة الرعاية من المجتمع والدولة على حد سواء، إذ هناك الذين فقدوا آباءهم أو أسرهم أثناء الحروب المتعددة ا لتي مرت على العراق، أو بسبب أعمال العنف المنتشرة في مدن العراق الآن، أو عند التعرض للإصابات نتيجة القصف الأمريكي للمناطق السكنية والطرق العامة.
أما أسوأ الضحايا، ضمن هذه الشريحة، فهم أطفال الشوارع الذين فقدوا أسرهم أو هربوا منها نتيجة الانفلات، أو دفعتهم بعض الأسر للبحث عن الرزق في الشوارع بداً من التوجه إلى المدارس والعيش بصورة طبيعية أسوة ببقية أقرانهم في مثل أعمارهم. وأطفال الشوارع تجدهم هذه الأيام في كل مكان في مدن العراق المختلفة؛ في تقاطعات الشوارع وزوايا الطرق المختلفة بهيئة متسولين أو باعة لبعض الأشياء أو حتى العمل في مجمعات النفايات بحثاً فيها عن أي شيء يمكن الاستفادة منه.
وتشير الدراسات الاجتماعية التي أجريت حديثاً، بأن معظم الأسر التي فقدت معيلها وبسبب صعوبة المعيشة وعدم وجود معيل بديل لها، اتجهت نحو دفع الأبناء، بما فيهم الأطفال، لترك الدراسة والتوجه إلى العمل في الشوارع والمحلات للمساعدة في توفير مورد رزق يعوض ما فقدوه من الموارد المالية لراعي الأسرة المفقود.
-
اعتقال الأطفال
اعتقل بعض الأطفال الصغار مثل الكبار في سجن أبو غريب الذي صار وصمة عار في تاريخ العسكرية الأمريكية، فقد كشفت وثائق رسمية حصل عليها اتحاد الحقوق المدينة الأمريكي عن احتجاز أطفال دون سن الحادية عشرة في هذا السجن، وقد اعترفت الجنرال (جانيس كاربينسكي)، المسؤولة السابقة عن السجن، بتفاصيل عن صغار ونساء محتجزين هناك، مما اضطر البنتاغون للاعتراف بذلك. ومن الجرائم التي ذكرت قيام الجنود بتلطيخ صبي عراقي، هو ابن لواء عراقي سابق، بالطين وأجبروا والده على رؤيته وهو يرتجف من البرد. وقالت »كاربينسكي«: إنها حرصت خلال توليها مسؤولياتها عن السجن، بين يونيو ونوفمبر 3002 على زيارة السجناء الصغار، وقابلت طفلاً سجيناً بدا أنه في الثامنة من العمر، قال لها وهو يبكي: إن شقيقه في السجن معه وطلب السماح له بالاتصال بأمه.
-
الحالة النفسية
لقد ترك الاحتلال الأمريكي للعراق وما رافقه من أعمال عنف آثاره السلبية على الحالة النفسية للشعب العراقي، فموت الرجال المسؤولين عن إعالة أسرهم والإحباط الذي ينجم عن البطالة القسرية، يؤديان إلى زيادة حادة في ارتكاب أعمال العنف. ويتوقع بالنظر إلى ارتفاع نسبة السكان الذين هم دون الثامنة عشرة من عمرهم، أن يؤثر ذلك كثيراً في الجيل المقبل طوال سنين عديدة آتية، إذ أن مشاعر الخوف من المستقبل ومشاعر اليأس تتملك الكثيرين.
إن جميع الأطفال في العراق تأثروا بحالة العنف المستشرية على الصعيد النفسي لكن بنسب متفاوتة، إذ نجدها أكثر عند الأطفال الذين تعرضوا بشكل مباشر للاعتداء، الذين أصبحوا يعانون من قلة النوم والأرق والخوف والأحلام المزعجة والتبول اللاإرادي وضعف التركيز والتحصيل العلمي، وإلى جانب الانعزالية والانطواء بدأت تظهر صفة العدوانية، حيث أصبح الأطفال يفرغون مشاعر الغضب مما يشاهدونه بالآخرين مثل الأم أو المعلم.
وقد حذر أطباء ووكالات إغاثة دولية من ارتفاع هذه الحالات التي تمتد آثارها لسنوات وسط المجتمع، وناشدوا الجميع حماية الأطفال في العراق من كل ما يؤثر سلبياً عليهم من الناحية النفسية والجسدية، منطلقين من وخامة تداعيات الصدمة والأزمة النفسية، التي يصاب بها الأطفال أثناء الحرب، حيث ستؤثر على نموهم، وتنعكس على شخصيتهم وسلوكياتهم وتدوم لسنوات طويلة، ومن نتائجها جنوح الأطفال، والسلوكية العدوانية، والعنف، وانتشار الجرائم. وفي السنة الماضية حذرت المنظمة الدولية لأطفال ضحايا الحروب في لندن من كارثة إنسانية لأطفال العراق الذين يواجهون وضعاً أسوأ مما كان عليه الحال إبان العقوبات، وهم يعانون من العنف ومن الأزمة المدنية والاجتماعية. وأوضحت »جو بيكر«ـ مديرة المنظمة ـ في 13 مايو 2004 أن كل طفل في العراق يعاني من صدمة نفسية على مستوى أو آخر.
تدل كل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية الإنسانية والمهتمة بشؤون الأطفال والبيئة على تدهور الوضع الصحي والتعليمي والبيئي عموماً، فقد أظهر أول مسح عن الأحوال المعيشية للأسرة في العراق، منذ الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني للعراق في العام 2003 أعلنت نتائجه في 12 مايو 2005 وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أوضاعاً مأساوية يعيشها العراقيون وتدنياً كبيراً في مستوى الخدمات. إذ أظهرت النتائج أن 45% فقط من الأسر تحصل على مياه صالحة للشرب، ويعكس ذلك تدنياً واضحاً قياساً بمستوى دول العالم، إذ أن نسبة توفر المياه الصالحة للشرب بلغت 78% في الدول النامية و 62% في الدول العربية طبقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2004. وفيما يتعلق بتأثير الحروب، ظهر عدم انتظام الهرم السكاني ليعكس انخفاضاً نسبياً لعدد الرجال بعمر 35 إلى 49 عاماً، حيث أن نسبة السكان من الذكور لهذه الأعمار انخفضت إلى 12%.
وفي إطار المستوى التعليمي أظهرت نتائج المسح تراجعاً في معدلات التحاق الأطفال بالمدارس في مختلف مراحل الدراسة، فقد بلغت نسبة المتعلمين ممن هم في سن 15 عاماً وما فوق 28 فقط، كما أن 22% من الأشخاص لم يلتحقوا مطلقاً بالمدارس رغم إلزامية التعليم الأساسي في العراق، وأظهر المسح أن 8% من السكان شخصوا إصابتهم بأمراض مزمنة، وأن 18% من الأطفال يعانون من سوء التغذية، و8% من سوء التغذية الحاد و 23% من سوء تغذية مزمن.
- يبقى أطفال العراق اليتامى هم الضحية المباشرة لسقوط المزيد من العراقيين في بحر العنف والمعارك والاقتتال الدائر في العراق والذي لا يبدو أن نهايته واضحة المعالم على المدى القريب. وتؤكد تقارير دولية وجود 3.5 ملايين طفل يتيم، وحوالي 900 ألف معاق، وأكثر من مليون ونصف المليون أرملة إضافة إلى مئات الآلاف من المطلقات. وأغلب هؤلاء النساء يعلن نحو 7 ملايين طفل ويعشن في مستوى مترد دون الحد الأدنى للمستوى المعيشي، ويعانين من أمراض عديدة مزمنة وخطيرة.
- انعكس تدهور الوضع الأمني والسياسي على المستوى التعليمي حيث باتت أيام الغياب من المدارس تزيد على أيام الدوام والتعليم، وزاد الأمر سوءاً غياب المدرسين ومغادرتهم العراق حرصاً على سلامتهم.
- في 21 يوليو 2003 نشرت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) تقريراً مخيفاً يؤكد مصرع وإصابة أكثر من ألف طفل عراقي بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة التي تنتشر في ربوع العراق ولا يستطيع الصغار تجنبها أو الاحتراس منها لعدم درايتهم بمخاطرها. يومها لفتت المنظمة أنظار العالم إلى المخاطر التي تهدد أطفال العراق، وحذرت وقتها »كارول بلامي«المديرة التنفيذية للمنظمة من كارثة خطيرة تهدد الصغار، وأنه ما لم توضع مسألة حمايتهم على رأس أولويات سلطات الاحتلال فإن الآلاف نهم سيموتون دون داعٍ. وحتى الآن لم يتم التخلص بعد من مخلفات الحرب، بل أنها تتزايد يوماً بعد يوم ما دامت نيران الحرب لم تخمد بعد.
- مظاهر العسكرة التي تسود العراق تطبع حياة الأطفال، وخصوصاً الذكور منهم، إذ أن الكثيرين منهم يصرون على ارتداء الملابس العسكرية وأن يلفوا رؤوسهم بالكوفية، شأن الفدائيين الفلسطينيين والمقاومين العراقيين.
- ـ بات أطفال العراق جليسي المخابىء والمنازل يعانون أزمات نفسية شديدة، ومن المؤلم أن الكثير من هؤلاء قد تأثروا بسلبيات التعايش في مثل هذه الأجواء، فأخذ بعضهم يتناول الخمور ويدخن السجائر ويختلط برفاق السوء، كما شوهد بعضهم يركض وراء الدوريات الأمريكية ليطلبوا منهم بعض الحلويات أو الطعام، وهو منظر تتقطع له قلوب العراقيين وكل دعاة الحق والعدل في العالم.
- اقتراناً بتردي الأوضاع الأمنية وترك المجرمين يعيثون فساداً انتشرت ظواهر: خطف الأطفال، الابتزاز، الاغتصاب، إلى جانب السرقة، والسلب، والقتل والتمثيل بالجثث، يضاف إلى هذا استخدام النساء والأطفال من قبل الميليشيات المسلحة الارهابية كرهائن بشرية في عملياتها العسكرية، مهدرة المزيد من دماء العراقيين، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، مروعة الأسر العراقية، مما اضطر الكثير منها، بدافع الخوف على أفرادها والحفاظ عليهم، التزام بيوتها، والانطواء على نفسها، والامتناع عن إرسال أطفالها إلى المدارس ورياض الأطفال. وقد أكدت القوات العراقية مؤخراً أن الارهابيين استخدموا أطفالاً دروعاً بشرية في الموصل، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد منهم.
وهكذا، تتزايد انتهاكات حقوق الطفل العراقي، بالرغم من قرار الجمعية العامة رقم 52/107 بشأن حقوق الطفل الصادر في 12 ديسمبر 1997، الذي يؤكد على حماية الأطفال المتأثرين بالنزاعات المسلحة وجاء فيه:
- تعرب الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء الآثار الضارة العديدة للنزاعات المسلحة على الأطفال، ومنها استخدام الأطفال كمقاتلين في مثل هذه النزاعات، وتؤكد ضرورة أن يوجه المجتمع العالمي مزيداً من الاهتمام المركز إلى هذه المشكلة الخطيرة بغية انهائها.
- تطلب إلى جميع الدول وسائر الأطراف في النزاع المسلح أن تحترم القانون الإنساني الدولي، كما تطلب في هذا الصدد إلى الدول الأطراف أن تحترم احتراماً كاملاً أحكام اتفاقيات جنيف المعقودة في 21 أغسطس 1979 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 مع مراعاة القرار رقم 2 للمؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر المعقود في جنيف في الفترة من 3 إلى 7 ديسمبر 1995، وأن تحترم أحكام اتفاقية حقوق الطفل التي تمنح الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح حماية ومعاملة خاصتين.
- تطلب إلى الدول وهيئات الأمم المتحدة ومنظماتها أن تعالج مسألة الأطفال في حالات النزاع وما بعد النزاع كشاغل له أولوية في الأنشطة المتصلة بحقوق الإنسان والأنشطة الإنسانية والإنمائية، بما فيها العمليات الميدانية والبرامج القطرية، وأن تعزز التنسيق والتعاون في جميع أنحاء منظومة الأمم المتحدة، وأن تكفل توفير الحماية الفعالة للأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح.
- ـ توصي بأن تتجلى على نحو كامل الاهتمامات الإنسانية المتعلقة بالأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح وحمايتهم في عمليات الأمم المتحدة الميدانية، التي ترمي ـ في جملة أمور ـ إلى تعزيز السلام، ومنع المنازعات وحلها، وتنفيذ اتفاقيات السلام.
أما محنة الأطفال الذين يعيشون و / أو يعملون في الشوارع فقد ذكر ما يلي:
- تعرب عن قلقها الشديد بسبب العدد الكبير من الأطفال الذين يعيشون / أو يعملون في الشوارع، وبسبب الازدياد المستمر في عدد حالات تأثر هؤلاء الأطفال بالجرائم الخطيرة والاتجار بالمخدرات وإساءة استعمالها، والعنف والبغاء، وفي عدد التقارير التي تفيد بذلك، في جميع أرجاء العالم.
- تطلب إلى الحكومات أن تستمر بنشاط في إلتماس حلول شاملة لمشاكل الأطفال الذين يعيشون / أو يعملون في الشوارع، بما في ذلك عن طريق المساعدة على التخفيف من حدة الفقر بالنسبة لأولئك الأطفال، وأسرهم أو الأوصياء عليهم، واتخاذ تدابير تكفل إعادة ادماجهم في المجتمع، والقيام، في جملة أمور، بتوفير التغذية والمأوى والرعاية الصحية والتعليم على نحو كاف، مع مراعاة أن هؤلاء الأطفال عرضة للخطر بشكل بالغ لجميع أشكال العنف وإساءة المعاملة والاستغلال والاهمال.
ومن جهة أخرى، ثمة تغيرات عميقة تحدث في هذا العالم، لا تدل على ذلك فقط المظاهرات التي ضمت الملايين وشهدتها شوارع عدد واسع من بلدان العالم، في آسيا وأوروبا وأفريقيا، وحتى في أمريكا بالذات، بل أيضاً كل تلك البيانات والإعلانات التي صدرت عن مثقفين ومفكرين وكتاب ومنتديات عالمية، وحتى عن مسؤولين في بلدان شتى عبر العالم.
ولابد من الإشارة، في هذا السياق، إلى أن المنظمات الدولية والاقليمية لحقوق الإنسان هي التي بادرت باختراق جدار الصمت، حيث يجب الإقرار أيضاً بالمواقف المهمة والجريئة التي اتخذتها معظم هذه المنظمات، والتي جاءت داعمة لحقوق الشعب العراقي ومنددة بالانتهاكات التي يتعرضون لها الآن.
وبالنسبة لدور المجتمع المدني العربي، فالرهان على كسب معركة الرأي العام العالمي تبدو مستحيلة بغياب الاستراتيجيات العربية البديلة التي تستطيع مخاطبة عالم اليوم بلغة العصر ومصطلحاته، ومن المفارقات المؤلمة أن يكون هناك لقضية ما، مثل القضية العراقية، أرفع التفوق الأخلاقي والمعنوي، بما في ذلك الاعتراف العالمي، وأدنى القدرة على نصرة أبنائها أو حتى حمايتهم. إن الأزمات القائمة وردود أفعال قوى المجتمع المدني العربي تجاهها قد أظهرت المخزون الاستراتيجي العربي الشعبي، الذي يتعين توظيفه وتنظيمه بشكل مجد، باعتباره مصدراً من مصادر القوى العربية الكاملة التي لم تتم الاستفادة منها حتى الآن.
وهكذا، علينا أن نربط نضالنا من أجل إنهاء الانتهاكات الخارجية للعراق ومساءلة المحتلين عن جرائمهم بحق الشعب العراقي، والنضال الإنساني عامة، لجعل حكم القانون الدولي هو الأساس والمرجع في كل ما يتعلق بالعلاقات الدولية، وفي هذا السياق، علينا أن نكون واضحين في أنه ليس هناك مبادلة بين اتخاذ اجراءات فعالة ضد الإرهاب وحماية الإنسان، بل على العكس إن حقوق الإنسان ـ جنباً إلى جنب مع (الشورى) الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، هي أفضل أدوات واقية ضد الإرهاب. نحن بالتأكيد نحتاج إلى الحيطة لمنع وقوع أعمال إرهابية، وإلى الحزم في إدانة ومعاقبة المسؤولين عنها، لكننا سنوقع هزيمة بأنفسنا إذا ضحينا بأسبقيات أساسية أخرى مثل حقوق الإنسان.
وفي مثل هذه اللحظات التي تختلط فيها المعايير وتغيب فيها النظم القيمية الواضحة القائمة على الأخلاق، وتضرب فيها بعرض الحائط مصالح البشرية وخبرتها التاريخية كلها، وتتجسد فيها مساع حميمة لبلورة نظام تفاعلات دولية غير تعددي، ولا يعترف إلا بمصالح قوة وحيدة ومن يسيرون في ركابها، وتتعاظم فيها النزاعات الأحادية الاستعلائية، تصبح البشرية بأسرها أمام تحد واختبار كبيرين، لا تنفع فيهما التحركات المنفردة، ويكون الخلاص كاملاً في صياغة استراتيجية تحد هادئة، يجتمع حولها المتضررون، يقيمون بأنفسهم صرحاً من الحماية وبناء من القوة المضادة لكل ما هو انعزالي وانكفائي وذي طابع استعماري إمبراطوري، لم يعد يتناسب مع النضج الإنساني الذي وصلت إليه المجتمعات البشرية، رغم ما يواجه بعضها من مشكلات تأخر ونمو.
المراجع
- ـ تقرير منظمة الصحة العالمية، الأمم المتحدة، 2005.
- أحمد صادق الفاروق، الطفولة ومشكلاتها النفسية في الوطن العربي، ورقة عمل مؤتمر نحو طفولة أفضل، العراق، 2005.
- محمد خليل الزياتي، النزاعات المسلحة وآثارها السلبية، دار الفكر العربي، القاهرة، 2005.
- www.arab-nation.com
- www.option-php.com
أولاً: البيانات الشخصية:
مواليد 8 سبتمبر 1956، متزوج وله ثلاثة أولاد.
حاصل على دكتوراه (العالمية), من كلية التربية بجامعة الأزهر في مجال الوقف والعمل الخيري، تخصص تنظيم المجتمع.
ثانياً: المؤلفات العلمية: من الإصدارات والمؤلفات العلمية التي تم إصدارها للباحث:
كتاب بعنوان (الإسلام والبيئة), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1999.
كتاب بعنوان (تأخر زواج الفتيات), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2010.
كتاب بعنوان (الحماية الجنائية للأوقاف الخيرية), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (تدخين النساء), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (أزمة المياه في العالم العربي ـ الوقف المائي أنموذجاً), نشر جائزة يوسف كانو، البحرين، 2011.
ثالثاً: الأبحاث العلمية : نشر للباحث العديد من الأبحاث العلمية المحكمة علمياً منها:
بحث بعنوان (التكفير في السيرة النبوية), جائزة نايف بن عبد العزيز الرياض.
بحث بعنوان (الإسلام وعلاج مشكلة الفقر), مركز صالح كامل ـ جامعة الأزهر ـ مصر.
بحث بعنوان: نحو توعية الوعي المروري للأطفال في المملكة العربية السعودية، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ـ الكويت.
بحث بعنوان (كيفية تفعيل الحملات الإعلامية الرعاية المعاقين), جمعية الخدمات الإنسانية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (العمل الخيري ودوره في علاج مشكلة البطالة), جمعية فهد الأحمد الخيرية ـ الكويت.
بحث بعنوان ( الأسرة ودورها في وقاية أفرادها من الإنحراف عبر الشبكات الاجتماعية), مراكز التنمية الأسرية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (الأوقاف الخيرية ودورها في تمويل الخدمات التطوعية في الحج والعمرة), جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
بحث بعنوان (التقنية الحديثة ودورها في تفعيل التطوع الافتراضي),، المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
بحث بعنوان (المعوقات التي تواجه الشباب السعودي نحو العمل التطوعي ـ مع تصور مقترح لدور (وقف الوقت في مواجهتها), المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
رابعاً :الجوائز العلمية:
المركز الأول لجائزة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات عن بحث بعنوان: العوامل الاجتماعية لإدمان المخدرات، الرياض، 1998.
المركز الأول لجائزة الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت عن بحث بعنوان (الدعوة والإعلام لإحياء سنة الوقف الخيري), عام 2000.
المركز الأول لجائزة المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث بعنوان (الخطاب الديني المعاصر), عام 2004.
المركز الأول لجائزة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث (تعايش وطني بلا طائفية سبيل للوحدة الإسلامية عن عام 2006.
المركز الأول لجائزة يوسف بن أحمد كانو عن بحث بعنوان: (أزمة المياة في العالم العربي), بمملكة البحرين.
خامساً: المؤتمرات والملتقيات والندوات العلمية:
المؤتمرات العلمية لكلية الخدمة الاجتماعية ـ جامعة حلوان.
المؤتمرات العلمية لكلية التربية ـ جامعة الأزهر.
مؤتمر الإعلام والإعاقة بالشارقة ـ دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2006.
مؤتمر الخطاب الديني، بمملكة البحرين 2007.
ملتقى الأوقاف الخيرية الخامس بدولة الكويت 2008.
مؤتمر رعاية الأيتام ـ المملكة العربية السعودية، الرياض عام 2010.
مؤتمر العالم الإسلامي المشكلات والحلول ( مكة المكرمة ـ عام 2011.
سادساً: المقالات المنشورة:
يشارك الباحث بمقالات علمية وإسلامية في العديد من المجلات والدوريات العلمية والإسلامية منها:
مجلات ( الجندي المسلم ـ الفيصل ـ الحرس الوطني ـ الفيصل العلمية ـ المعرفة ـ البيان ـ القافلة), المملكة العربية السعودية.
مجلة (الوعي الإسلامي), بدولة الكويت.
مجلات (منار الإسلام ـ المنال ـ التربية (دولة الإمارات العربية المتحدة.
مجلة (التربية), بدولة قطر.
مجلة (التسامح), بسلطنة عُمان.
مجلة (منبر الإسلام), بمصر.
مجلة (الهداية وجريدة أخبار الخليج), بمملكة البحرين.