إن الآباء والأمهات لا يتمتعون بقدرة وقوة مطلقة ولكن اتجاهاتهم وأفعالهم يمكن أن تؤثر على مخاوف أطفالهم بصورة مواتية أو ضارة، وكما نعرف فإن الطفل يستمد أمنه فى المقام الأول وبصورة أساسية من الحب والحماية الأبوية. وعندما يكبر في السن ويصبح أقوى وأكثر اعتماداً على ذاته فإن إحساسه بالأمان يصبح أكثر ارتباطاً بقوته هو.
تخويف الطفل:
إن تخويف الطفل مماثل تماماً لسكب الزيت على النار وبمقدور أولياء الأمور أن يضعوا حدوداً لسلوك الطفل بدون أن يتسببوا فى تفاقم مخاوفه وزيادة إحساسه بعدم الأمان.
وإذا كان من اللازم تحذير الطفل من انتهاك القواعد السلوكية للآباء وتبصيره بعواقب أفعاله فإن التحذير يجب أن يكون مختصراً ومحدداً وعيانياً (ملموساً). فالتحذير يمثل تهديداً والتهديد يمكن أن يفيد إذا ما ساعد على منع سلوك غير ملائم وضد اجتماعي ويلزم تنفيذ التهديدات وإلا فإنها تصبح عديمة الفائدة بل وضارة فالتهديد الذي لا يتم تنفيذه يعلم الطفل عدم احترام الأبوين ويتسبب في اضطراب نموه. وطبيعة التهديد ذات أهمية هى الأخرى فالتهديدات من قبيل (لن نسمح لك بمشاهدة التلفاز حتى تنتهي من عمل واجباتك المدرسية) ليست لها سوى فائدة محدودة، ولكن تهديد الطفل بتركه بمفرده يمكن أن يخلق فيه حالة هلع وفزع غير صحية.
بمقدور الطفل التكيف مع أبوين عادلين وحازمين فإذا أحبهما واحترمهما فلن تكون هناك حاجة إلى العقاب. أما التهديدات غير المحددة والمعممة أكثر من اللازم فإنها تؤثر بطريقة ضارة على إحساس الطفل بالأمان وتشير إلى مزيد من المخاوف دون أى فائدة لهذا فالأبناء يأخذون الاتصال الأبوى بينهم بطريقة حرفية وهم ليسوا فى موقف يمكنهم من معرفة ما إذا كانت رقبتهم ستظل سليمة وقطعة واحدة أم لا بعد أن تهددهم الأم بقولها (سوف أقطم رقبتك).
ويتسبب بعض الآباء والأمهات فى تفاقم خوف الطفل فإن دفع طفل مثلاً يخاف الكلاب ليواجه كلباً ضخماً هو أمر يعجل بنوبة قلق أو ما هو أسوأ.
التعبير عن المخاوف
يقف العديد من الآباء والأمهات حجر عثرة دون تعبير الأطفال عن مخاوفهم ويبدو أنهم يعتقدون أن الانفعالات التي يتم قمعها تختفي من الوجود. ولا يستحبون ما يفعله الطفل بل أنهم يسخرون من الطفل الذي يخبرهم بأنه خائف.
وغني عن الذكر أن مثل هذا الاتجاه لا يساعد الطفل وقد يؤدي إلى تفاقم مخاوفه فالطفل لا يتخلص من خوفه الأصلي ويجد عبئاً إضافياً قد زاد حيث أنه الآن يخشى رفض الأبوين له.
التسامح غير الضروري
إن الآباء المفرطين في التسامح لا يعلمون أطفالهم كيف يعون العواقب الواقعية لسلوكهم ولأنهم يرفضون وضع حدود لسلوك أطفالهم فإنهم لا يعطونهم الفرصة لتنمية ضبط نفسي كاف. إن الأطفال لا يتمتعون بإدراك كاف للواقع وأحياناً لا يخافون الأشياء التى يجب أن يخافونها ويخافون أشياء غير خطيرة. إن الإرشاد والتوجيه الأبوي يعد شرطاً أساسياً بصورة مطلقة لنمو الطفل.
وفضلاً عن ذلك فإن الآباء أو الأمهات الذين يفرطون فى التساهل يعرقلون إحساس الطفل بالأمان. فمن الناحية الطبيعية يدرك الطفل والديه على أنهما قويان وودودان بمعنى يمتلكان القوة اللازمة لحمايته وأنهما مصران على استخدامها دفاعاً عنه فالطفل يتطلع باحترام لوالديه ويثق فيهما ويحاول أن يتبعهما ولكن الآباء المترددين والمفرطين في التسامح لا يبعثان على الثقة فالطفل يشعر أن رضوخهما المستمر لمطالبه يثبت ضعفهما.
عدم الاستحسان
ليس من الخطأ أن يضيق المرء ذرعاً بطفل عندما يسيء السلوك والآباء الذين يعبرون عن عدم استحسانهم أو غضبهم من سلوك الطفل يساعدونه على تنمية مخاوف سوية فهم يعلمون العلاقة بين أفعال الإنسان ونتائجها ولكن الأبوين يجب ألا يستهجنوا الطفل ذاته إطلاقاً فيلزم أن يوضحوا له حدوده ولكن يلزم فى نفس الوقت أن يظهروا له حبهم وحنانهم بمعنى أن يكونوا أقوياء ودودين.
لماذا يفرط الآباء في حماية طفلهم؟
ترتبط الصحة النفسية للأطفال ارتباطاً وثيقاً بإحساسهم بالأمان بمعنى أن يتلقوا وينعموا بالحب والحماية وبالتأكيد فإن الكراهية والرفض أسوأ من الحماية الزائدة ولكن أى نقيض من هذين النقيضين لا يعود على الطفل بأى نفع.
فالحماية الزائدة أساساً ليست دليلاً على الحب الأبوي فالآباء الذين يقدمون الحماية الزائدة قد يؤكدون أنهم يحبون الطفل حباً جماً لكن الرسالة التى يفهمها الطفل الذى يتلقى هذه الحماية الزائدة بسيطة جداً: (إن أمك أو أباك لا يثقان بك ولا يعتقدان أنك تستطيع أن تنجز أي شيء بمفردك؛ إنهما يعتقدان أنك عاجز الحيلة، غير بارع وغير نابه) ولنفرض أن طفلاً صغيراً يريد أن يتسلق كرسياً، فالأب الحكيم هو الذي يراقبه ويشجع جهوده فالنجاح يبني الثقة في النفس، وهكذا يجد الطفل الشجاعة على مغالبة الصعاب، فالوالد موجود فقط ليقدم المساعدة إذا كانت ضرورية للغابة، إذا ما فشل الطفل فإن الوالد يشجعه للقيام بالمزيد من الجهود فيشعر الطفل أن أباه أو أمه لديهما إيمان به وسوف يقدما المساعدة إذا تطلب الأمر ذلك.
إن حب الطفل يعنى مساعدته كي ينمو ويصبح راشداً واثقاً بنفسه وناضجاً. والآباء الذين يقدمون الحماية الزائدة يحولون دون هذا النمو.
إن حماية الأبوين الزائدة تقلل من شأن الطفل وتحط من ثقته بنفسه وبالتالي تزيد من خوفه. وقد تنشأ لدى الطفل الذي يتلقى الحماية الزائدة مشاعر بالدونية وعدم الكفاية فيصبح شديد التعلق والاعتماد على والديه.
إن الهدف من الرعاية والتربية الأبوية هو أن نجعل هذه الرعاية والتربية شيئاً يمكن الاستغناء عنه، وأن نساعد الطفل أن يكون طفلاً وأن يصبح راشداً حسن التكيف.
ولا ننسى أن التشجيع يعد وسيلة أفضل بكثير من تثبيط العزيمة من أجل معالجة مخاوف الطفل، وكذلك فإن المكافآت تعد حافزاً أقوى من العقاب. فدعونا نهمس فى أذن كل أب وأم:
- لا تتجاهلوا مخاوف الطفل، ولا تصرفوا النظر عنها.
- لا تفرطوا فى حماية الطفل، تجنبوا أن تجعلوه يحس بالعجز وبالاعتماد التام عليكم.
- لا تنبذوا الطفل، لا تهددوه بالتخلي عنه ولا تجعلوه يحس بالوحدة.
- لا تسخروا من الطفل الخائف، ولا تعاتبوه على أنه خائف.
- لا تكرهوا الطفل على مواجهة موقف يخافه.
- لاتشركوا الطفل فى مخاوفكم أنتم.
- ابنوا إيمان الطفل بنفسه وقدراته.
- امتدحوا إنجازاته مهما كانت بسيطة ولكن دون مبالغة.
- اجعلوا الطفل يشعر أنكم سوف تحبونه وتحمونه دائماً كلما لزم الأمر.
- استمعوا بصبر إلى الطفل وأبدوا التفهم لمخاوفه، وحاولوا أن تشرحوا له أنه ليس هناك ما يخيف.
- قدموا قدوة حسنة بأن تجابهوا أنتم المخاطر بطريقة عقلانية.
- أعطوا الطفل الفرصة للتغلب على مخاوفه بطريقة إيجابية.
المرجع:
مخاوف الأطفال، د. عبد العزيز القوصي أستاذ الصحة النفسية كلية التربية جامعة عين شمس القاهرة، د. محمد عبد الظاهر الطيب أستاذ الصحة النفسية عميد كلية التربية جامعة طنطا، الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
مصري الجنسية، مواليد 23 فبراير 1963 حاصل على بكالوريوس علوم – ميكروبيولوجي (1988) يعمل مشرفاً تربوياً في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
خبرة لـ 21 عاماً في دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعامل مع مختلف الإعاقات الذهنية والتوحد وذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة، ولديه خبرات في برامج إدارة السلوك وبرامج التهيئة المهنية والتأهيل المهني للطلاب من ذوي الإعاقات الذهنية، بالإضافة إلى خبرات في إعداد النشرات العلمية والتوعوية بمجال التوحد والإعاقة الذهنية والعديد من الأنشطة الترفيهية الموجهة والفنون اليدوية المميزة ومهارات التربية الفنية وخبرة في إعداد وإلقاء المحاضرات المتعلقة بالمجال للهيئة التدريسية وأولياء الأمور والتعامل معهم في الإرشاد الأسري والإرشاد المنزلي والدعم النفسي والتوجيه.
اتبع عدداً من الدورات في التعليم المنظم للتوحديين المعتمد على مبادئ تيتش TEACCH (2002) والتطبيق العملي لهذه المبادئ (2004) وورشة عمل في تنمية جوانب التواصل اللغوي وغير اللغوي لدى الأشخاص التوحديين (2005) ومشكلة الحساسية السمعية المصاحبة لاضطراب التوحد في نفس العام ودورة وورش عمل في تشتت الانتباه والنشاط الزائد لدى الأطفال بشكل عام والأطفال ذوي الإعاقة بشكل خاص، وورش عمل في التكنولوجيا المساندة واستخدامها في التواصل، في التنظيم الذاتي، في مهارات العمل، في المهارات الاجتماعية والأكاديمية (2010).
اتبع دورة تدريبية وتأهيلية في اضطرابات النطق والتخاطب للإعاقة والتوحد بتقدير عام (ممتاز) وبإجمالي سبعة أسابيع من كلية التربية في جامعة طنطا بجمهورية مصر العربية (2010)، ودورة وورش عمل في اضطرابات طيف التوحد والإعاقة الذهنية – سلسلة تنمية القيادات بمركز خليفة بن زايد لتشخيص وتأهيل المعاقين – إدارة المركز الوطني لطب الأطفال – واشنطن (2012)، ودورة وورشة عمل في الإسعافات الأولية، وإنعاش القلب الرئوي من هيئة الهلال الأحمر بالشارقة (2013)، ودورة وورش عمل في الملف النفسي التربوي (PEP-3) من مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد بالسعودية ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بواقع ست ساعات معتمدة من وزارة الصحة بدبي (2013).
شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية وورش العمل والأنشطة والفعاليات. كمؤتمر للتأهيل في نادي الثقة للمعاقين (2001) ومؤتمر أبو ظبي الأول لذوي الاحتياجات الخاصة (2006) والملتقى الرابع لمتلازمة داون بجامعة زايد بدبي (2009) ومؤتمر جامعة الإمارات الإقليمي لذوي الاحتياجات الخاصة (أفضل الممارسات في التربية الخاصة) (2013) ومنتدى جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة بواقع سبع ساعات معتمدة من قبل هيئة الصحة بدبي (2013) ومنتدى الجائزة ذاتها (12015).
شارك في مهرجان ذوي الاحتياجات الخاصة الرابع بكلية التربية جامعة الإمارات (1999) ويوم الوفاء الإنساني للاعبي الأولمبياد الخاص (2002)، وشارك في نشاطات مراكز الناشئة بالشارقة (2005 و2004)، والنادي الصيفي للمعاقين وأصدقائهم بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (2005، 2006، 2011 و2013)، وفي يوم الفرح والمرح الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (2001)، والمهرجان الرابع للكتاب المستعمل (2011).
حاصل على شهادة شكر وتقدير من إدارة معهد التربية الفكرية بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مدرسة الوفاء لتنمية القدرات حالياً – لتجهيز أفضل تقرير تربوي للطلاب (2009) وشهادة شكر على الأداء المتميز من سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (2004).
يجيد اللغة الإنجلـيزية واستخدام الحاسـوب وحاصل على الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي (ICDL) عام 2008.