وجدت دراسة ألمانية ـ بلجيكية جديدة أن الغناء والدندنة أثناء ممارسة التمارين الرياضية يخفف الإجهاد الناجم عنها وذلك على عكس الاستماع إلى الموسيقى المسجلة الذي تبين أن ليس له التأثير نفسه الذي يحدثه الغناء.
وفي هذه الدراسة قام فريق البحث برئاسة الدكتور هانز توماس فريتز، وهو طبيب أعصاب في معهد ماكس بلانك للإدراك البشري وعلوم الدماغ في لايبزغ بألمانيا بتوصيل ثلاثة أنواع من أجهزة التمارين الرياضية – جهاز الجري وجهاز تدريب النصف الأعلى من الجسم وجهاز تدريب المعدة – بجهاز كمبيوتر يصدر موسيقى إلكترونية تم تعديلها وفقاً لمستوى المجهود البدني لمتطوعين غير رياضيين.
قال الدكتور فريتز: (كنا قادرين على إثبات العديد من التأثيرات في الأشخاص الخاضعين للاختبار، وقد اتضح أن المتطوعين الذين يصدرون أصواتاً موسيقية بأنفسهم خلال التدريبات انتابهم شعور أقل بالتعب وصاروا يعتقدون أنهم قد بذلوا طاقة أقل من تلك التي بذلها الذين كانوا ينصتون فقط إلى مقطوعة موسيقية عادية ويتمرنون بشكل كلاسيكي جامد).
وأضاف أن متطوعي المجموعة التي كانت تغني وتدندن مرنوا عضلاتهم بشكل أكثر فعالية، لأن زيادة انفعال من يصدر أصواتاً موسيقية تخفض نشاط العضلات المضادة، وهي عضلات تعارض عمل العضلات الأخرى.
وأضاف الدكتور فريتز: (كان الأشخاص الخاضعون للاختبار قادرين على إنجاز المزيد في ظل وجود أكسجين أقل). وقد ظهرت الآثار الإيجابية بعد بضع دقائق فقط من ممارسة التمارين الرياضية، حيث تم خلالها اطلاق كميات كبيرة من (هرمونات السعادة).
وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت في (دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم) في الولايات المتحدة: إن النتائج التي توصلوا إليها تساعد بدرجة كبيرة على فهم القوة العلاجية للموسيقى، وهو مجال علمي على وشك أن تتكشف خباياه، بل ما هو أكثر من ذلك أن الإحساس ببذل مجهود أقل أثناء ممارسة نشاط بدني شاق بإصدار أصوات موسيقية، وهي قوة دافعة لم يُعترف بها سابقاً لتطوير الموسيقى عند البشر.
وركزت الدراسة في جزء منها على (المتعة الموسيقية) التي يشعر بها العمال ومن ضمنهم شعب المافا، في شمالي الكاميرون الذي يشرع في أداء أغاني أشبه بالطقوس خلال العمل الميداني المضني.
وقال الدكتور فريتز إن الفهم الأفضل لكيفية تحقق الآثار الإيجابية للموسيقى يمكن أن يعزز من وجود نهج جديد في العلاج وإعادة التأهيل بالموسيقى.
وفي السياق نفسه قال باحثون أمريكيون في دراسة إن الاستماع إلى الموسيقى خلال دروس الرياضيات يحسن بشكل كبير من قدرة الأطفال على استيعاب هذه المادة التي غالباً ما يواجهون صعوبة فيها، مشيرة إلى أن الإيقاع الموسيقي يساعد الأولاد على تعلّم الكسور.
وأشارت الدراسة التي نشرت في دورية (دراسات تربوية في الرياضيات) إلى أن مدرسة في كاليفورنيا تستخدم منهجاً مبتكراً حيث تلجأ إلى الإيقاع الموسيقي في صفوف الرياضيات، ما أدى إلى رفع علامات التلاميذ في هذه المادة مقارنة بالطلاب الذين درسوا الرياضيات من دون موسيقى.
وفي صف (الموسيقى الأكاديمية) تستخدم النوتات الموسيقية والتصفيق والقرع على الطبل والغناء لتعليم الكسور لأطفال في الصف الثالث الابتدائي.
وقال باحث ساهم في وضع المنهج في جامعة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا : (إن لم يفهم التلاميذ الكسور في وقت مبكر، غالباً ما يواجهون مشاكل مع علم الجبر والتفكير الرياضي في وقت لاحق من تعليمهم المدرسي).
وجرت الدراسة على صف يضم 67 تلميذاً في مدرسة هوفر الابتدائية في سان فرانسيسكو، لمدة 6 أسابيع، حيث خضع نصف التلاميذ إلى منهج الموسيقى الأكاديمية والنصف الآخر لدروس رياضيات عادية، وظهر أن الطلاب الذين استمعوا إلى الموسيقى خلال الدروس حصلوا على علامات أعلى بنسبة 50% في امتحانات الكسور، مقارنة بالذين درسوا بشكل اعتيادي. وكانت النتيجة الأبرز لدى الأطفال الذين يعانون مشاكل في الدراسة.
وأكدت نتائج دراسة أمريكية أن دروس الموسيقى في الصغر تجعل الأدمغة أكثر إدراكاً مع التقدّم في السن، حتى إن لم يواصل الراشدون العزف على هذه الآلات. وقالت بريندجا هانا بلادي الباحثة المسؤولة عن الدراسة في جامعة إموري للطب: (إن النشاط الموسيقي على مدى الحياة قد يشكل تمريناً إدراكياً يجعل دماغك سليماً أكثر، وأكثر قدرة على استيعاب تحديات التقدم في العمر).
وأضافت أن دراسة العزف على إحدى الآلات الموسيقية تتطلب سنوات من الممارسة والتعلم، وبالتالي فإن ذلك يخلق روابط بديلة في الدماغ يمكنها أن تعوّض عن تراجع الإدراك مع التقدم في السن.
وشملت الدراسة 70 شخصاً تراوح عمرهم بين 60 و83 عاماً، قسموا إلى 3 مجموعات، الأولى تضم من لم يتعلموا الموسيقى، والثانية تضم من درسوها من سنة إلى 9 سنوات، والثالثة تضم من تعلموا الموسيقى أكثر من 10 سنوات. وكل المشاركين لم يعانوا ألزهايمر ولديهم المستوى التعليمي نفسه، وليسوا ممتهنين للموسيقى، وقد بدأوا دراسة الموسيقى في قرابة سن العاشرة.
وخضع المشاركون للدراسة إلى اختبارات وتقييم نفسي عصبي فتبين أن من درسوا الموسيقى لمدة أطول كان أداؤهم أفضل في الاختبارات.
من جانب آخر وجدت دراسة أمريكية أن الإستماع للموسيقى خلال قيادة السيارات قد يزيد التركيز، وقال الباحثون الذين أجروا الدراسة من جامعة (غرونينجين) إنهم وجدوا أن الموسيقى خلال القيادة قد تزيد التركيز في بعض الأوضاع.
وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة، عايشة بيرفو أونال: (إن التكلم على الهاتف الخلوي أو الاستماع لحديث الراكب يختلف تماماً عن الاستماع للموسيقى)، مضيفة أن الإصغاء للموسيقى لا يلهي في كل الأوقات وسيبدو أنه يزيد تركيز الشخص خاصة عندما تحتاج مهمة القيادة لانتباه تام من السائق.
وشملت الدراسة 47 طالباً جامعياً في سن تراوح بين 19 و25 عاماً، واختبرتهم خلال القيادة، علماً أنهم كانوا يتمتعون بخبرة قيادة تزيد على السنتين ونصف السنة.
وطلب من هؤلاء الطلاب تحديد الموسيقى التي سيستمعون لها للتأكد من أنها تعجبهم، وتمت مراقبة قيادتهم عبر شاشات مرتين خلال أسبوعين، كل مرة لمدة نصف ساعة.
وتبيّن أن وجود الموسيقى أو حتى قوتها لم يؤثر في قدرة السائقين على القيادة باحتراف، بل أكثر، فإن الذين استمعوا للموسيقى استجابوا بشكل أسرع للتغييرات في سرعة السيارة، وزادت الاستجابة مع ارتفاع الصوت.
وظهر أن الموسيقى أيضاً تعزز الطاقة عند السائق ويقظته، ويزيد هذا الأمر مع ارتفاع قوة الصوت. ويقول باحثون أمريكون إن دماغ الإنسان مجهز لربط الموسيقى بالألوان، استناداً إلى العواطف التي يثيرها لحن معين.
ووجد عالم البصريات، ستيفن بالمر، من جامعة كاليفورنيا – بيركلي، وزملاؤه، أن أشخاصاً في الولايات المتحدة والمكسيك ربطوا القطعة عينها من معزوفة أوركسترالية كلاسيكية باللون عينه، ما يشير إلى أن البشر يتشاركون لوحة عاطفية واحدة في ما يتعلق بالموسيقى واللون، يبدو أنها غريزية وتتجاوز العوائق الثقافية.
وقال بالمر: كانت النتائج بارزة بشكل ملحوظ لدى أشخاص وثقافات مختلفة، ما يشير إلى الدور المهم الذي تلعبه العواطف في كيفية انتقال الدماغ من سماع الموسيقى إلى رؤية الألوان.
واستخدم الباحثون لوحة ألوان من 37 لوناً ووجدوا أن الأشخاص يربطون الموسيقى السريعة التي تعزف على مقام كبير مع ألوان خفيفة حيوية مثل الأصفر، فيما الموسيقى البطيئة على مقام صغير فربطوها بألوان داكنة أكثر مثل الرمادي.
وأعطى بالمر مثالاً معزوفة موزارت (فلوت كونسيرتو) على (جي ماجور) التي غالباً ما ربطت بألوان الأصفر والبرتقالي، فيما معزوفته (ريكويم)على (دي مينور) التي تربط بألوان قاتمة مثل الرمادي.
وأضاف: (يمكننا التوقع بنسبة 95% كم ستكون سعيدة أو حزينة الألوان التي سيختارها الأشخاص استناداً إلى مدى الفرح أو الحزن في الموسيقى التي يستمعون لها).
ونشرت الدراسة في دورية (بروسيدينغ أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس).
قسم الخدمة الإجتماعية بمركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية