تزدحم التربية الخاصة بعدد كبير من المصطلحات، بعض هذه المصطلحات ما هو طبي والبعض الآخر تربوي. ومصطلح التشخيص أحد هذه المصطلحات المستخدمة في كل من المجالين الطبي والتربوي في الوقت نفسه ولكن يحمل كل مصطلح منهما معنى ومضموناً مختلفاً.
مع التطورات المعاصرة في مجال التربية الخاصة أصبحت قضية التشخيص والتقييم من القضايا الأساسية التي يعتمد عليها في عملية التأهيل والعلاج وفي عملية تخطيط البرامج التدريبية والتعليمية للطفل المعاق.
التشخيص في مجال الإعاقة
التشخيص في مجال الإعاقة، سواء كان تربوياً أو طبياً، هو الخطوة الأولى في العلاج والتأهيل وهو الخطوة الأولى في التعامل بشكل صحيح مع الإعاقة أو الصعوبة أو الاضطراب الذي يعاني منه الطفل وينظر إليه على أنه عملية ثلاثية الأطراف تتضمن الطفل والفاحص وأدوات أو وسائل الفحص والتشخيص Diagnostic Tools.
التشخيص الطبي والتشخيص التربوي والاختلاف بينهما:
يختلف التشخيص الطبي عن التشخيص التربوي في مجال الإعاقة بعدة أمور أهمها:
- من يقوم بالتشخيص الطبي هو الطبيب أو مجموعة من الأطباء من تخصصات طبية متنوعة (من حقل علمي واحد وهو الطب). بينما التشخيص التربوي يقوم به عدة مختصين من حقول علمية مختلفة مثل المختص بالتربية الخاصة والمختص بالعلاج الطبيعي والوظيفي وأخصائي اضطرابات اللغة والكلام والمختص بالسمعيات والأخصائي النفسي والاجتماعي.
- يتم التشخيص الطبي للإعاقة بناء على تقييم وملاحظة العلاماتSymptoms وبناء على اختبارات تشخيصية طبية خاصة ومقاييس طبية معينة ومن الممكن أن يعتمد الطبيب على دليل تشخيصي معين في تشخيص الإعاقة أو الاضطراب الذي يعاني منه الطفل فعلى سبيل المثال يعد الدليل الإحصائي والتشخيصي للاضطرابات العقلية (DSM) Diagnostic & Statistical Manual of Mental Disorder والذي تصدره الجمعية الأميركية للطب النفسي من أكثر الأدوات التشخيصية التي تستخدم في تشخيص اضطراب التوحد وغيره من الاضطرابات.
- وفي المقابل يتم التشخيص التربوي اعتماداً على التقييم التربوي واعتماداً على ملاحظة جوانب وقدرات ومهارات معينة عند الطفل. فعلى سبيل المثال يحدد المختص باللغة والكلام مهارات الطفل اللغوية والكلامية وقدرته على التواصل ونوع التواصل الذي يقوم به ويستخدم في هذا الإطار اختبارات لغوية خاصة.
- والمختص بالعلاج الطبيعي يحدد ويشخص الجانب الحركي عند الطفل، ويعتمد على الملاحظة والمقاييس الخاصة بالتطور الحركي وسائل أخرى في التشخيص بينما يقوم الأخصائي النفسي بتحديد قدرات الطفل العقلية والإدراكية ويستخدم في سبيل ذلك اختبارات الذكاء ومقاييس السلوك التكيفي والمقاييس النمائية، وهناك أدوات خاصة بالأخصائي الاجتماعي أهمها المقابلة الشخصية، وبذلك نرى التنوع في المقاييس وأدوات التشخيص في مجال التشخيص التربوي للإعاقة.
- التشخيص التربوي هدفه الأول تحديد مدى حاجة الطفل لخدمات التربية الخاصة ونوع ومقدار هذه الخدمات والفترة الزمنية التي يجب أن تقدم بها هذه الخدمات وقد يكون هناك أهداف أخرى للتشخيص التربوي مثل الفرز والإحالة. بينما التشخيص الطبي يتم بهدف تحديد نوع ومسمىLabel الاضطراب الذي يعاني منه الطفل ويتم كذلك بهدف تحديد نوع الخدمات الطبية المختلفة التي يحتاجها الطفل المعاق مثل الأدوية أو التدخل الجراحي.
- في التشخيص الطبي هناك كم كبير جداً من مسميات الاضطرابات المختلفة أو الإعاقات التي يعاني منها الطفل، فعلى سبيل المثال عند تشخيص المتلازمات الوراثية قد يجد الطبيب نفسه أمام أكثر من ثلاثة آلاف متلازمة وراثية وكل متلازمة لها صفات وسمات جسدية أو عقلية أو سلوكية خاصة بها، بينما في التشخيص التربوي هناك عدد محدد من المسميات التي يمكن إدراج فئات الإعاقة المختلفة، ونأخذ مثالا من أحدى الولايات المتحدة الأميركية حيث أن هناك ثلاثة عشر فئة من فئات الإعاقة والتي يمكن إدراج الطفل المعاق ضمنها وهذه الفئات هي: التوحد، فقدان السمع والبصر، الاضطرابات الانفعالية، الإعاقة السمعية والصمم،الإعاقة العقلية، الإعاقات المتعددة، الإعاقات الجسدية، الإعاقات اللغوية والكلامية، إصابات الدماغ، الإعاقة البصرية، التأخر النمائي واضطرابات أخرى (Missouri State plan for Special Education).
وفي كثير من أنظمة التربية الخاصة في البلدان العربية هناك سبعة أو ثمانية فئات يتم إدراج فئات الإعاقة المختلفة ضمنها وهي: الإعاقة العقلية، الإعاقة السمعية، الإعاقة البصرية، إعاقات اللغة والتواصل، الإعاقة الحركية والجسدية، متعدد الإعاقة والإعاقات الانفعالية.
ولكي يتضح الفرق بين التشخيص الطبي والتربوي للإعاقة نأخذ بعض الأمثلة:
مسمى (متلازمة اسبرغرAsperger Syndrome ) أو التشخيص بهذه المتلازمة هو من التشخيصات الطبية بينما يكون التشخيص التربوي لهذه المتلازمة هو اضطراب التوحد، والتشخيص الطبي بوجود متلازمة (باتوPatau Syndrome ) يقابله في التشخيص التربوي إ عاقة عقلية.
هل من الممكن أن يحدث تعارض بين التشخيص الطبي والتربوي؟
من النادر جداً أن نجد اختلافاُ أو تعارضاً بين التشخيص الطبي والتربوي للإعاقة وذلك في حالة تم إتباع إجراءات التشخيص بدقة وبشكل كامل، إلا أنه يحدث بأن يكون هناك تشخيص طبي لنوع محدد من الصعوبات أو الاضطرابات ولا يوجد تشخيص تربوي لهذه الحالة بمعنى صعوبة إدراجه ضمن فئة من الفئات سابقة الذكر، وفي هذه الحالة ينصب الاهتمام في المجال التربوي على تحديد مدى تأثير الصعوبات أو الاضطرابات التي يعاني منها الطفل على قدرته على التعلم.