إن اللغة في معناها الشمولي العام تعني أية وسيلة أو طريقة يتم التعبير بها عن المشاعر الداخلية وتحقق الاتصال مع الآخرين وتعمل على تنظيم الحياة الاجتماعية ووصف الحقيقة. فأحياناً عن طريق البكاء والضحك يتم التعبير عن الألم والفرح وعن طريق السلام باليد يتم التعبير عن اتفاق تم الوصول إليه وعن طريق القبضة المضمونة نعبر عن نية الانتقام وعن طريق إشارات معينة من رجال المرور يتم تنظيم حركة مرور السيارات.
أما اللغة في معناها الخاص المحدد فتعني الكلمة حيث أن الكلام هو اللغة الأولى على الإطلاق وإن كان التطور قد شمل اللغة الصوتية وارتقى بها عبر العصور، فاللغة الكلامية لها أبعاد بنائية ولا بد لنا من توضيح أبعادها مع أشكال اللغة الأخرى.
ولا بد لنا أن نتذكر الوحدة الجدلية بين النفس والجسد لدى الإنسان فالنفس البشرية ليست خلف الجسد بل هي تتخلله في كل أجزائه والجسد ليس أداة بسيطة للروح ولكنه يعطيها طابعه ويقدمها بصورة حية إلى العالم ويتيح لها الاتصال بالبيئة الاجتماعية والطبيعية ولهذا فإن التحليل النفسي يعتبر الجسم بكل أبعاده؛ الايحاءات والاشارات والوجه، نغمة الصوت، الكتابة والرسم التلقائي كمؤشر واضح على الشخصية وإلقاء نظرة على كوامنها.
والخطأ الذي نرتكبه حين نريد أن نحتكر لغة الكلام يبدو واضحاً من تحليل الأبعاد الجوهرية للكلمة فهي ترتبط بدائرة الفكر تحديداً. والألفاظ على الأغلب تحمل معنى عاماً فكلمة ماما تعني وتشير لكل السيدات اللواتي (أنجبن) ويبقى الشيء الذي يميز الإنسان والأفراد عموماً فوق الوصف ويصعب التعبير عنه لا سيما أن لدى الشخصية بعدا عميقاً هو اللاشعور والعقل الباطن وهي تظهر مكنوناتها من خلال اللغات غير اللفظية بشكل أفضل (معالم الوجه – إشارة نفاد الصبر- طريقة السير- الرسم الحر). وتقدم لغة الكلام حدودا كبرى في مجال عملية الاتصال والتواصل فالحديث أو الاستماع دون رغبة من المرسل والمستقبل يشوه مضمون الرسالة المنطوقة ويصير فيه التعبير غامضاً، وقد يقال شيء ويقصد عكسه أو تكون هناك رغبة في عكس ما يقال وهنا يكون المرسل كاذباً دون حياء وهذا ما يجعل الكلام قناعا بدلاً من كونه وسيلة اتصال بين الأفراد.
أما حدود الاتصال اللفظي فهي أكثر خطورة وخاصة عندما تكون بين الصغار والكبار أو بين الأطفال فيما بينهم، فالكثير من أولياء الأمور أو المدرسين يتحدثون إلى التلميذ بسرعة زائدة مستخدمين جملاً معقدة وألفاظاً غير مفهومة وهذا يؤدي بالتلميذ ليتحدث بجمل محددة ومفككة.
وأما بالنسبة للغة اللفظية في التعبير والاتصال وفي النمو العقلي فقد كان لها في الماضي عدد غير قليل من المتحمسين ويكفي أن أشير هنا إلى من كانوا يختارون لأبنائهم دون تردد (مدرسة الساحة) التي كانت تولي اهتماما خاصاً للنطق واللغة اللفظية وقد كان أولياء الأمور هؤلاء يبرحون ضرباً كل من كان يستخدم الإشارة لتوضيح لفظة أو كلمة ويتهمونه بارتكاب جرم شائن. وهذا الجرم الشائن هو استخدام لغة الاشارة.
أما في أيامنا هذه فما يحدث عموماً هو العكس حيث أن العجلة وفرط استخدام الصور المرئية كل هذا يؤدي لعدم الدقة وفقر الحصيلة اللغوية والجهل بالنحو والصرف وأن عدم تقدير التربية اللغوية والتعبير البلاغي تعد أخطاء خطيرة وإنني أوضح الآن حدود وأبعاد التعامل بكل من اللغة اللفظية والاشارية ليتم التعامل والتأثير فيما بين هذه الأشكال.
غير أنه لا بد من القول إن اللغة الملفوظة هي أغنى اللغات لأنها وبتركيب عدد قليل من العلاقات المثمرة وبحسب قواعد محددة يكون لها القدرة في التعبير عن مختلف الحالات النفسية وإيصال الابداعات الراقية للعقل والخيال ويكون لها القدرة أن تحل محل اللغات الأخرى الإشارية وتترجم مضمونها إلى معانٍ مفهومة.
وهنا نؤكد أن الكلمة هي الأكثر ذكريات ومقارنات وأحكام وافتراضات أما من جهة العواطف والانفعالات فإنه يتم التعبير عنها بوضوح أكثر عن طريق لغات أخرى مثل الابتسامة أو تجاعيد الجبهة أو احمرار أو رعشة اليدين أو اختيار وتنسيق الألوان، فإيحائية الوجه تعبر بطلاقة عن الحالة العاطفية وتجاعيد الجبهة وثنايا الفم بمثابة وثائق خالدة عن السنين التي تمضي والمعاناة الماضية وكذلك طريقة المشي تكشف عن الشخصية من حيث الحيوية أو الخنوع أو التعب ولغة الاشارات تتطلب عند الإنسان تدريباً طويلاً وتربية متخصصة.
ويمكن أن نلاحظ أن الطفل يحب استخدام اللغات المركبة مثل اللعب والتمثيل ويعبر عن نفسه باللهو والكلمة معاً وكأن هذا يشكل اشباعا له من ناحية إظهار نفسه بصورة تلقائية والاستفادة الفورية من الوسائل التعبيرية وهو بهذا يحرر نفسه من التوتر والقلق والخجل.
ولهذا فعلى الأسرة والمدرسة أن تعرف أن من حق طفلها أن يستفيد بقدر متزايد من اللغات المختلطة حتى يصير التعبير والاتصال نتيجة للنضج الشامل ولهذا قيل أن الطفل الذي يعرف لعبة واحدة هو فقير ويتحرك إلى أن يصبح أكثر فقراً والطفل الذي يستخدم لغة واحدة هو طفل فاشل وقابل للتدهور في المستوى ولهذا فمن الضروري إعطاء الأطفال القدرة على استخدام حصيلة لغوية دقيقة وعديدة بدلاً من تركهم للإحباط النفسي الناتج عن فقر حصيلتهم اللغوية.
وأعتقد أن اللغة بالنسبة للإنسان المتحضر وسيلة حيوية والنقص فيها يعني نقصاً في النشاط الذهني وهو لا يقل في خطورته عن نقص الغذاء بالنسبة للطفل في مراحل نموه الجسماني فاللغة هي القاعدة الأساسية لتفكير الإنسان وسلوكه ومنطق علاقاته، فالكلمة ليست فقط إشارة تدل على الفكرة ولكنها صانعة لها فالفكرة تخلق اللغة وهي بذات الوقت تتكون من خلال اللغة.
واللغة اللفظية هي من صنع الإنسان وهي مجموعة من الإشارات الصوتية المتعارف عليها لكي يترجم الواقع الذي نعيش فيه إلى رموز وبها يرصد ما بين هذا الواقع من تشابه واختلاف وعلاقات زمانية ومكانية وبهذا تكون اللغة انعكاسا لطرق التفكير ومن خلال الكلام تغتني تجربة الطفل وتصبح أكثر وضوحاً ويصير التعطش للكلام.
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.