يعتبر توظيف أصحاب الهمم مقياساً لنجاح برامج التدريب والتأهيل المهني التي تلقاها في المرحلة السابقة، لما ينعكس على الفرد نتيجة مشاركته في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلده، إضافة لانعكاسات اجتماعية وسلوكية وشخصية على وضعه العام من شأنها أن تقود إلى التكيف والاندماج الكامل في المجتمع.
لكن مجدر التوظيف لا يعتبر نجاحاً كاملاً لأصحاب الهمم في بيئات العمل، إنما يتطلب تكيفهم مع المهن واستقرارهم وتطورهم فيها، وهو ما يتطلب شخصاً متابعاً رفيقاً لرحلة الشخص من أصحاب الهمم خلال التوظيف، للتأكد من اندماجه في الوظيفة التي تستثمر قدراته وتأخذ ميوله بعين الاعتبار.
هذا الشخص المتابع قد يسميه البعض (بالموظف الرفيق أو الصديق) لأصحاب الهمم او بالمدرب المهني في رحلة التوظيف الدامج. وفي هذا المقال سنتعرف على هذا الموظف وأدواره ومسؤولياته لجعل بيئة العمل مرحبة ومشجعة لأصحاب الهمم.
يعتبر المدرب المهني المرافق لأصحاب الهمم في التوظيف الدامج، موظفاً عادياً في المؤسسة التي يعمل فيها أصحاب الهمم، يستخدم تقنيات وطرق معينة لمساعدة الموظفين أصحاب الهمم على التعلم، والقيام بمهام العمل بدقة. وهو يقدم تدريباً ودعماً على رأس العمل لمساعدتهم على التكيف المهني، الاستقلالية، التطور في العمل والاستقرار الوظيفي.
ويمكن أن يمارس الموظف الرفيق The Buddy (المرشد المهني) على اختلاف مسمياته المهام التالية:
- تدريب أصحاب الهمم على تعلم المهام المطلوبة منهم في بيئة العمل
- تعريف أصحاب الهمم ببيئة العمل بعناصرها المادية والبشرية
- تعريف أصحاب الهمم باللوائح التنظيمية في المؤسسة
- التعريف بمرافق العمل
- المساعدة في استخدام الأجهزة والأدوات
- المساعدة في عملية التنقل والاحتياجات الاستقلالية
- دعم عملية التواصل مع الآخرين، والاندماج في بيئة العمل
- دعم في مجال الوصول إلى المعلومات والتدريب
- مساعدة الموظفين أصحاب الهمم ليكونوا مستقلين، منافسين، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم في العمل
- دعم زملاء العمل وأصحاب العمل من أجل دعم زميلهم من أصحاب الهمم
- العمل مع الزملاء لتشجيع الموظف من أصحاب الهمم
- تسهيل التواصل بين زملاء العمل والموظف من أصحاب الهمم
ويرتكز دور المدرب المهني في التوظيف الدامج على (دعم وتمكين أصحاب الهمم عند الاحتياج للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الاستقلالية) وهو بذلك ليس موظفاً يقوم بالمهام بالنيابة عن أصحاب الهمم، أو مجرد مساعد لهم، بل زميل يقدم لهم الدعم عند الاحتياج وخاصة في بدايات التوظيف، ومن ثم يقوم بالانسحاب التدريجي حالما يشعر أن أصحاب الهمم يؤدون أعمالهم باستقلالية.
التوجيه المهني لأصحاب الهمم في بيئات العمل
على الرغم من تحديد وصف وظيفي لأصحاب الهمم في بيئة العمل، والذي يشرح المهام المطلوبة منهم، إلا أن الفترة الأولى من عملية التوظيف تحدد ملامح القدرات والميول التي يتمتع بها أصحاب الهمم، ومجالات التدريب والتطوير المهني التي يحتاجونها من أجل دعم قدرتهم على تحقيق المهام المحددة في الوصف الوظيفي. لذلك يمكن تعديل الوصف الوظيفي بناء على الفترة الأولى من العمل والتي يتم خلالها استكشاف القدرات والميول المهنية.
ومن المهم أيضاً مراعاة الميول المهنية عند أصحاب الهمم والتي تمثل الاتجاهات والشعور العام عند أصحاب الهمم نحو طبيعة الأعمال والمهام التي يرغبون بالقيام بها، والتي يشعرون أنها تشبع دوافعهم وتحقق رغباتهم.
وتعتبر عملية التعرف على الميول المهنية لأصحاب الهمم في بدايات عملية التوظيف غاية في الأهمية، نظراً لأنها تساعد على التكيف والاستقرار الوظيفي، فكلما تم توجيه أصحاب الهمم نحو المهام والأعمال التي يحبونها وينجذبون إليها، ساعد ذلك على التكيف الوظيفي السريع مع بيئة العمل، والتقليل من التسرب المهني. ويمكن استكشاف الميول المهنية عن طريق اختبارات الميول المهنية، سواء الشفوية، المكتوبة أو المصورة.
وقد أعدَّت وزارة تنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة اختبارات الميول المهنية المصورة التي تناسب الأشخاص ذوي الإعاقات السمعية والذهنية، وغير الناطقين بشكل عام، للمساعدة في التعرف على ميولهم المهنية عن طريق الصور المعروضة عليهم، علماً أن المهن والأعمال الموجودة في هذه الاختبارات هي منسجمة مع طبيعة المجتمع المحلي في بيئة الإمارات، وهو ما يجب مراعاته عند تطبيق اختبارات الميول المهنية بشكل عام.
وتعتبر الملاحظة المباشرة التي يقوم بها المدرب المهني أو الموظف (الزميل أو الرفيق) لاصحاب الهمم، وسيلة أخرى لاستكشاف ميولهم المهنية وقدرتهم على الأداء الفعلي، والتي تتم عن طريق عينات العمل التي تُعرض على أصحاب الهمم في بداية التوظيف، أو التدوير الوظيفي في مختلف المرافق والإدارات، وملاحظة طبيعة المهام، الأعمال التي يرغب أصحاب الهمم في مزاولتها، والأماكن التي يفضلونها.
تعبِّر القدرات التي يمتلكها أصحاب الهمم عن جميع القدرات والمهارات والامكانات التي يتمتعون بها على المستويات: الجسدية، العقلية، التواصلية، الاجتماعية وغيرها، وبالتالي هي انعكاس للمهارات الفعلية الموجودة لديهم. وفي المقابل تعبّر الميول عن الإحساس الداخلي لأصحاب الهمم والتوجهات نحو بعض الأعمال التي يحبون مزاولتها أكثر من غيرها.
ومن أجل التوجيه المهني من قبل المدرب المهني بما يساعد على الاستقرار الوظيفي، لا بد من الموازنة بين مجموع القدرات التي يمتلكها أصحاب الهمم فعلياً من جهة، وما يرغبون في القيام به من جهة أخرى، فقد يرغب شخص ما مزاولة مهام وأعمال معينة، لكن مستوى قدراته الجسدية أو العقلية أو الحسية قد لا يتيح له الفرصة لمزاولتها بشكلٍ متقن حتى مع توفر الترتيبات التيسيرية المعقولة، حينها يتم توجيهه إلى أعمال ومهام أكثر واقعية تنسجم مع قدراته. والأمر أيضاً هو حال الشخص الذي يمتلك قدرات معينة لمزاولة مهنة أو مهام معينة لكن ليس لديه ميل مهني نحوها، وفي الحالتين كلتيهما فإن إجبار الشخص أو توجيهه لمزاولة مهام لا تنسجم مع كل من قدراته وميوله من شأنه أن يقود إلى عدم الاستقرار الوظيفي.
ومن الأمور التي ينبغي على المدرب المهني أن يطّلع عليها بالتنسيق مع المسؤولين في العمل هي (الترتيبات التيسيرية المعقولة) التي يمكن أن يتم إجراؤها في بيئات العمل لضمان قيام أصحاب الهمم بالمهام الموكلة لهم بكفاءة، وعلى قدر المساواة مع الآخرين، ومن أمثلة هذه الترتيبات ما يلي:
- ضمان عقد مقابلات واختبارات التوظيف وإجراءات طلبات التوظيف في مواقع يسهل الوصول إليها.
- التعديلات المادية، مثل تركيب المنحدرات أو تعديل بيئة العمل أو المرافق الصحية.
- إجراء تعديلات على السياسات والاجراءات المطبقة.
- إجراء تعديلات على الاختبارات.
- توفير مترجمي لغة الإشارة للموظفين الصم، أو القارئين للموظفين المكفوفين.
- توفير بيئة عمل أكثر هدوءاً أو إجراء تغييرات أخرى للحد من الأصوات الصاخبة لشخص من فئة الإعاقة الذهنية.
- توفير التدريب والمواد المكتوبة الأخرى بصيغ ميسرة يمكن الوصول إليها، كما هو الحال في طريقة برايل، أحرف الطباعة الكبيرة، المسجل الصوتي أو قرص الكمبيوتر.
- توفير تدريب لمدة زمنية أطول للأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية.
- توفير مساحة عمل منعزلة وهادئة لشخص لديه إعاقة نفسية – اجتماعية محددة.
- توفير تقنيات لاستخدام الهواتف من قبل الأشخاص الصم، والأجهزة والبرامج التي تجعل أجهزة الكمبيوتر في متناول الأشخاص ذوي ضعف البصر أو الذين يجدون صعوبة في استخدام أيديهم.
- إجازة لشخص يحتاج إلى علاج بسبب الإعاقة.
- تعديلات على المهام الوظيفية وإعادة تشكيل الوظيفة.
- المرونة في أوقات العمل أو مواقع العمل.
- توفير التقنيات المساعدة أو إجراء تعديلات على أجهزة أو أدوات العمل.
- العمل عن بعد.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011