مساهمة هامة نحو مفهوم تقني وهندسي حضاري وإنساني
إثراء للمكتبة العربية بسبب ندرة هذا النوع من الدراسات
دعوة لإزالة العوائق البيئة التي تحد من حركة المعوقين وتحول دون الإستفادة من طاقاتهم في عملية التنمية الإجتماعية
تصميمات ملائمة لكل أنواع الإعاقات الحركية
كتاب المعايير التصميمية للمعوقين حركياً في البيئة العمرانية للمهندس المعماري مختار محمد سعيد الشيباني عضو الجمعية الخيرية لرعاية وتأهيل الأطفال المعاقين والجمعية السعودية لعلوم العمران واحد من أهم الكتب المختصة في التصميم العمراني ومدى ملاءمته للأشخاص من ذوي الإعاقة حيث يسلط الضوء على هذه القضية المهمة والحساسة للغاية ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم للعمل على أن تكون البيئة العمرانية خالية من الحواجز التي تعيق تقدم هذه الشريحة المهمة من المجتمع سواء في المنزل أو المؤسسة أو الحدائق العامة وجميع المرافق الأخرى.
ضم الكتاب بين دفتيه 224 صفحة من القطع الكبير مزودة بالرسوم التوضيحية اللازمة لعرض الأفكار العمرانية التي طرحها المؤلف منطلقاً من اعتبارات إنسانية مؤداها عدم تعطيل المعاق إعاقة دائمة أو مؤقتة أو الإنسان الهرم وجعله كماً مهملاً وعالة على المجتمع بسبب بعض العوائق المادية التي من الممكن إزالتها سواء في البيت أو في الشارع أو في أماكن العمل والدراسة مما يتيح لهذه الفئات المشاركة الفعالة في مختلف أوجه الحياة العامة سواء الإقتصادية أو الإجتماعية أو العلمية وهو مكسب للمجتمع لا يستهان به.
قدم للكتاب سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية الخيرية لرعاية وتأهيل الأطفال المعاقين والرئيس الفخري للجمعية السعودية لعلوم العمران فقال: إن هذا الكتاب خطوة جيدة في الطريق الصحيح ومساهمة هامة نحو تأصيل مفهوم تقني وهندسي دقيقين للمواصفات والمعايير الخاصة بالمعاقين حركياً، ومن ثم فإن أهميته تمتد إلى من له دور في التخطيط والبناء وكل من له اهتمام بالسلامة البيئية المعمارية.
وأضاف: إن موضوع توفير البيئة العمرانية الملائمة لحاجات الأشخاص المعاقين ليس هو ضرورة حضارية فحسب بل كان لديننا الإسلامي الحنيف قصب السبق في التعامل معه، فهذا الدين العظيم يسجل الكثير من مفردات التكريم للمعاقين والضعفاء لأنهم قلب المجتمع يرعاهم تكافلاً وتراحماً وعناية ورعاية ويساويهم بغيرهم ممن أنعم الله عليهم بنعمة الصحة، إذ لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى.
كما جاء في مقدمة الكتاب: «الإعاقة بصفة عامة، والإعاقة الحركية بصفة خاصة من المشكلات المتجددة التي يثار موضوعها في كل وقت وحين لما تسببه من معاناة للأشخاص المعاقين أنفسهم ولأسرهم، ولمن يتعامل معهم من الأطباء والتربويين وعلماء النفس والاختصاصيين الاجتماعيين، ويوصي الجميع بضرورة وضع الأساليب والوسائل المساعدة وتوفير البيئة التي تسهل على المعوقين الحركة والتنقل وفهم المعوقات البيئية المحيطة بالأشخاص ذوي الإعاقة والتي تحد من مشاركتهم الفعالة في المجتمع.
ويقترح الكاتب وضع معايير تصميمية وتعديلات في المباني القائمة تخدم ذوي الإعاقة وتسهل عليهم التحرك وكذلك إثراء المكتبة العربية بهذا النوع من الدراسات بسبب ندرتها ويهدف الكاتب من ورائها إلى التوصل إلى معايير تصميمية يوصى بتطبيقها لتجنب القيود والعراقيل التي تحد من حركة المعوقين في البيئة العمرانية للإستفادة من طاقاتهم في تنمية المجتمع، والتعرف على واقع المعوقين حركياً في المملكة العربية السعودية والمشكلات التي تواجههم في البيئة العمرانية، والتعرف كذلك على وجهات النظر التي يطالب بها ذوو الإعاقة الحركية والتعديلات التي يرونها في البيئة العمرانية وإمكانية تطبيقها ليستفيدوا من المرافق العامة والخاصة بما في ذلك مساكنهم ومدارسهم والدوائر الحكومية التي لهم صلة بها وأماكن العمل والترويح، والتعرف أيضاً على الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالمعوقين والخدمات المقدمة من كل جهة.
وينطلق المؤلف من عدة فرضيات في هذا الإتجاه وهي:
- إن عدم الأخذ بعين الاعتبار الإحتياجات الخاصة بالاشخاص المعاقين، يؤدي إلى إهمال شريحة مهمة من المجتمع وهي شريحة تقدر بنسبة 3،12% في البلدان النامية و10% في البلدان المتقدمة.
- إبراز حجم مشكلة الإعاقة والمناداة بإسهام الجميع في حلها.
- إن الجهل بهذه الإعتبارات وعدم توعية المصممين والمخططين بها يزيد من حجم المشكلة.
- إن إجراء التعديلات المناسبة في المباني والوحدات السكنية بعد إنشائها لجعلها صالحة للمعوقين تكون من الصعوبة بمكان معمارياً واقتصادياً.
- إن حسن اختيار المعايير التصميمية المناسبة لوضع المعوق سيساعد على تفاعله مع البيئة العمرانية التي يعيش فيها ويتحقق بذلك هدف اجتماعي سامٍ.
قسّم المؤلف كتابه إلى سبعة فصول تحدث في الأول عن الإعتبارات الإنسانية الخاصة بالتصميم للمعوقين حركياً فأكد أن العوائق البيئية تؤثر على كل إنسان سواءَ أكان معاقاً أم عير معاق، ولابد من التعرف على أهم العوائق العمرانية البيئية التي تحول دون أن يستفيد المعوق من الحد الأقصى لقدراته لإنجاز كل ما يتطلب منه، لأن المباني الخاصة والعامة تصمم في معظمها للأشخاص غير المعاقين من البالغين المتوسطي الوزن والطول ولا يراعى عند تصميمها وتنفيذها احتمالات ما قد يطرأ على هؤلاء الأشخاص من ضعف في البصر والسمع والحواس الأخرى سواء أكان ذلك نتيجة للحوادث أو لبلوغهم من الكبر حداً يجعلهم عاجزين أو بطيئي الحركة.
فإذا أصيب الإنسان بإعاقة حركية أو بلغ من العمر عتياً فإنه يتعين على المصممين والمنفذين أن يزيلوا العوائق البيئية التي تعرقل حركته وتحول دون قيامه بمهامه اليومية، فإذا عولجت المشكلة بجدية فإن تأثيرها سيكون قليلاً، أما إذا أهملت فإن الشخص المعوق سيتوقف عن الإنتاج بسبب عدم توفير الجو الملائم لعمله وبالتالي سيكون عالة على مجتمعه.
ويتناول المؤلف بعدها خصوصية كل إعاقة والتصميمات الملائمة لها كالإعاقة الحركية وصعوبة المشي لمن يستخدمون العكازين أو المصابين بشلل أو بإعاقة مؤقتة كالكسر مثلاً مع عدم وجود تسهيلات في المباني العامة أو الطرقات أو تصميم الأبواب والدرابزينات، كذلك المعوقات العمرانية التي تصادف مستخدمي الكراسي المتحركة سواء في المباني العامة أو الخاصة، وينسحب الوضع نفسه على مختلف الإعاقات الأخرى وعدم ملاءمة التصميمات العمرانية لها من عدة زوايا منها تبدل الحجم وتقلص زمن رد الفعل وضعف السمع والبصر والإرتباك أو فقد الإتجاه وعدم المرونة والهرم وضعف الجسم.
الفصل الثاني تناول بالدراسة المعايير التصميمية الخاصة بتخطيط المدن والمواقع كمواقف السيارات والتقاطعات والأرصفة والمنحدرات الخارجية والإشارات التحذيرية وضرورة تنسيق المواقع.
وتناول الفصل الثالث المعايير التصميمية الخاصة بالعناصر المعمارية والإنشائية كالأبعاد القياسية للمعوقين مستخدمي الكراسي المتحركة والأبعاد القياسية للمعوقين القادرين على الحركة، وفراغات الحركة وحجرات النوم والمطابخ وصالات المحاضرات والإجتماعات والمسابح والمداخل الخارجية والأبواب والنوافذ والسلالم والدرابزينات.
الفصل الرابع أفرد للمعايير التصميمية الخاصة بالعناصر الصحية كالحمامات والأبعاد الخاصة بالمراحيض المستقلة أو التي تكون جزءاً من الحمام والمغاسل والبانيو والدوش.
أما الفصل الخامس فوضع معاييراً تصميمية خاصة بالعناصر الكهربائية والميكانيكية ووسائل الإتصال كالإضاءة والإتصالات والمصاعد.
الفصل السادس ضم دراسة ميدانية للكاتب عام 1990 قدمت قبل حصوله على الماجستير من جامعة الملك سعود بالرياض، وكان الهدف منها طرح مجموعة من الأسئلة على الأشخاص من ذوي الإعاقة بهدف التعرف على جوانب النقص في المرافق العمرانية التي يستخدمها الأشخاص المعاقون حركياً ووزع الإستبيان على مجموعة من المعوقين الذكور قدرت بـ 400 معاق من أماكن مختلفة، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع المسؤولين عن مؤسسات رعاية الأشخاص من ذوي الإعاقة والإستماع إلى آرائهم حول المشكلات المطروحة والقيام بزيارات ميدانية للمعاهد والمراكز والمؤسسات التي يتواجد فيها الأشخاص من ذوي الإعاقة وتسجيل الملاحظات عن صلاحيات مبانيها لسكن المعوقين وتحركاتهم وشمل الإستبيان أسئلة عن نوع الإعاقة ونوع السكن الخاص ونوع التعديلات التي يرغب المعاق في إجرائها على سكنه مع تقديم مجموعة من الخيارات لتوضيح نوع التعديل أو التحسين على منزله حتى يتسنى له الإختيار وطرحت أسئلة أخرى عن المواصلات داخل المدينة وخارجها وأنواع الحواجز العمرانية داخل المباني العامة كالمستشفيات والأسواق والمساجد والمطارات والمصانع والمباني الإدارية والمنشآت الترفيهية.
وخلصت الدراسة الميدانية إلى مجموعة من النتائج التي أوضحت حجم المشكلة وأبعادها والحلول المقترحة لها سواء من ناحية المختصين أو المعاقين الذين طالبوا بإزالة العراقيل داخل السكن كإيجاد المنحدرات وإزالة العتبات وتوسيع الأبواب والمصاعد وجعل الأزرار في المتناول وإدخال تعديلات على دورات المياه وكذلك إيجاد التسهيلات في وسائل النقل العامة كتخصيص مقاعد لهم وتوسيع الممرات داخلها وإيجاد مواقف خاصة بسيارات الأشخاص من ذوي الإعاقة وتوعية رجال المرور بالتعاون معهم وتعديل الأرصفة المرتفعة وإزالة الحواجز المعمارية في الحدائق العامة وإيجاد وسيلة آمنة لعبور المعوقين عبر التقاطعات.
يذكر أن من نتائج هذه الدراسة الميدانية قيام الباحث بصياغة هذه المطالب على شكل معايير تصميمية وتقديمها إلى المسؤولين والمهندسين والمعماريين والمقاولين والمنفذين ليحاولوا تطبيقها وتجريبها وليختاروا ما هو مناسب منها للبيئة المحلية.
الفصل السابع والأخير كشف بالجهات المهتمة بشوؤن المعوقين في المملكة والمعنية قبل غيرها بتنفيذ هذه المعايير المعمارية.
ذكر المؤلف في نهاية كتابه ثبتاً باثنين وثلاثين مرجعاً عربياً وواحد وثلاثين مرجعاً اجنبياً .
تأليـف: المهندس المعماري مختاى محمد سعيد الشيباني