إعداد : أ.علا محمود محمد
ما هي الذاكرة؟
هي إحدى قدرات الدماغ التي تُمكِّنه من تخزين المعلومات واسترجاعها، أي أنها قدرة الفرد على الاحتفاظ بالخبرات السابقة من تجارب ومعارف واستدعاء هذه الخبرات وتذكرها عند اللزوم.
مراحل الذاكرة:
تتضمن عملية الاحتفاظ بالمعلومات ترميزاً للمواد المُتعلّمة لتسهيل عملية التخزين، وتتضمن مراحل الذاكرة ما يلي:
مرحلة الاكتساب والتسجيل.
وهي المرحلة التي يتم فيها استقبال المعلومات الحسية التي تصل إلى المخ وترميز هذه المعلومات عن طريق مجموعة من الرموز (البصرية والصوتية و ….. إلخ) كي يتم الربط بين المعلومات الجديدة وما هو مخزون لدينا من معلومات سابقة في الذاكرة.
ومن ثم فإنّ عملية التسجيل تعني القدرة على إضافة معلومات أو مواد جديدة إلى مخزن الذاكرة. وما نكتسبه في عملية الإدراك هو نفسه مادة ما نتذكره.
مرحلة الاحتفاظ أو التخزين.
وتعني القدرة على تخزين المعلومة التي تم اكتسابها أو تسجيلها (التي تم ترميزها) والاحتفاظ بها في سجل الذاكرة كي يتم استدعاؤها فيما بعد.
ونحن لا نلاحظ عملية الاحتفاظ ذاتها وإنما نلاحظ نتائجها وآثارها في الفعل أو الموضوع الذي اكتسبناه أو تعلمناه.
وتتم عملية التخزين على ثلاث مستويات هي:
- مستوى التخزين الفوري (الذاكرة الحسية).
- مستوى التخزين المؤقت (الذاكرة قصيرة المدى).
- مستوى التخزين الدائم (الذاكرة بعيدة المدى).
مرحلة الاسترجاع أو الاستعادة
وتعني القدرة على الحصول على المعلومات المختزنة في الذاكرة بهدف استعمال هذه المعلومات والاستفادة منها. وعادة ما تضطرب هذه القدرة عند حدوث الاضطرابات المخية العضوية.
ترتبط بعملية الاسترجاع عمليتان هما “التذكر” أي القدرة على استعادة المعلومات التي سبق تخزينها من قبل، و”التعرف” أي تقديم رمز لمعلومة يساعدنا على استدعاء معلومة سابقة، كما لو كان إشارة تساعد الفرد على استدعاء المعلومة.
والتعرف بهذا المعنى يعد إحساساً بالألفة مع المعلومة أثناء عودتها من مخزن الذاكرة إلى الوعي ومن ثم فإن التعرف أقل تعقيداً وأسهل من التذكر.
وتتأثر كل من مراحل التسجيل والاحتفاظ والاستدعاء ببعضها البعض فإذا لم تتم عملية التسجيل على نحو سليم فإن عملية الاحتفاظ ومن ثم الاستدعاء لن تتم بشكل جيد أيضاً. وإذا تم التسجيل بشكل سليم ولم يتم الاحتفاظ بنفس الشكل تصعب عملية الاستدعاء.
وهناك مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية التي تؤثر في عملية التذكر بكافة مراحلها وتشمل هذه العوامل الانتباه والدافعية وتنظيم المادة التي يتم تعلمها والسياق الذي تمت فيه عملية التعلم والحالة النفسية والجسمية للفرد.
أنواع الذاكرة وتصنيفاتها
فرّق ويليام جيمس 1890 بين نوعين من الذاكرة وهما “الذاكرة الأولية” التي تستمر لفترة زمنية قصيرة و”الذاكرة الثانوية” وهي معرفة الحالة السابقة للفعل والتي سقطت من الوعي.
وعادة ما يتم تصنيف الذاكرة وفقاً لطول المدة التي يتم فيها الاحتفاظ بالمعلومات. وقد أدت دراسة “ميلنر” عام 1958 عن الذاكرة إلى تقسيم جديد هو: “ذاكرة قصيرة الأمد” و”ذاكرة طويلة الأمد”. وأصبح هذان النوعان الأساس الذي تجري عليه الدراسات السيكولوجية فيما يتعلق بهذه الوظيفة، ولكن نتيجة التطور التقني الحديث في مجال علم الأعصاب (التصوير بالبوز يترون / الرنين المغناطيسي) تم وضع تصنيفات جديدة تم فيها تقسيم الذاكرة إلى ذاكرة صريحة وذاكرة ضمنية.
الذاكرة الحسية أو الفورية
وتعرف بذاكرة التخزين الحسي وتمثل المستوى الأدنى الذي تستقبل فيه أعضاء الحس المعلومات ليتم الاحتفاظ بها بسرعة. وعادة ما تستغرق هذه الذاكرة جزءاً من الثانية. حيث يتم استقبال هذه المعلومات دون أي تشغيل دلالي أو خاص بالمعاني ومن ثم فإنها تمثل الانطباع السريع الذي يتكون عند الدخول الفوري للمعلومات. فكل ما يطرق أذن الإنسان من أصوات وكل ما يجري أمام عينيه أو يمر به من أحداث يتم تسجيله في هذه الذاكرة التي تعتمد على الانتباه بشكل كبير. فأنت تستطيع أن تتذكر كلمة قيلت في التو واللحظة أو تتذكر شخصاً قابلته الآن. ويتم الاحتفاظ بالمعلومات السمعية والبصرية على نحو منفصل وسرعان ما يضعف أثر هذه المعلومات ويمّحي من الذاكرة ما لم ينتبه الفرد لهذه المعلومات ويقوم بتفسيرها وعندها تتحول إلى ذاكرة قصيرة المدى.
ومن أمثلة هذا النوع ما يسمى بالصورة البعدية وهي الصورة التي تبقى في أذهاننا بعد إغماض العين عن شيء كنا نراه منذ لحظة وعادة لا يتأثر هذا النوع بالاضطرابات العضوية للمخ.
وتعمل الذاكرة الحسية على تصفية المثيرات التي نستقبلها عبر الحواس.
الذاكرة قصيرة الأمد
وتسمى أيضاً بالذاكرة الحديثة أو الذاكرة الأولية، وهي الذاكرة التي تستقبل المعلومات من الذاكرة الحسية ويمكن الاحتفاظ بهذه المعلومات لفترة تتراوح بين 15 إلى 20-30 ثانية فقط إلا إذا تمت إعادة تقديم وتكرار هذه المادة. وعادة ما يتم الاحتفاظ بالموضوعات اللفظية كأصوات أكثر منها كمعان. وقد تجري عمليات تشغيل لهذه المعلومات، فأنت تستطيع أن تحفظ رقم هاتف بمجرد رؤيته كي تقوم بطلبه ولكن بعد ذلك سرعان ما تنساه إلا إذا طلبته مراراً بعد ذلك.
وتعمل هذه الذاكرة كما لو كانت سبورة (مسودة) لكل المعلومات التي يتم استدعاؤها بشكل مؤقت. فأنت كي تفهم هذه العبارة يجب عليك أن تظل محتفظاً ببداية الفقرة إلى أن تكمل قراءتها. ومن ثم تفهمها بشكل كامل. وإذا لم يستطع الفرد القيام بذلك فإنه يقرأ دون أن يفهم ما قرأ وينتهي من القراءة دون القدرة على استدعاء أي معنى مما قرأه.
ومن ثم يمكن القول إن وظائف هذه الذاكرة تشمل تخزين المادة التي يتم ورودها من الذاكرة الفورية ومساعدة العمليات العقلية الآتية التي يقوم بها الفرد مثل القيام بعملية حسابية معقدة (الذاكرة العاملة). وكذلك إدخال المعلومات إلى الذاكرة طويلة الأمد.
وتعني الذاكرة الحديثة القدرة على تذكر الأحداث التي حدثت في الماضي القريب جداً. كأن تتذكر ما قمت به من أعمال خلال الأيام القليلة الماضية، أو ما قمت به في ساعات النهار الأولى.
وسعة هذه الذاكرة محدودة نسبياً وتبلغ حوالي 6 أو 7 وحدات. وقد تكون هذه الوحدات كلمات أو أرقام، وإذا زاد عدد الوحدات عن هذه السعة يضطر الفرد أن يقسمها إلى مجموعات أصغر يسهل التعامل معها.
الذاكرة طويلة الأمد
وتسمى بالذاكرة الثانوية أو ذاكرة الأحداث البعيدة وتعني الاحتفاظ بالمعلومات لمدة تزيد عن 30 ثانية ولفترات تصل إلى سنوات. وفي هذا النوع تتم عمليات تشغيل لمعلومات احتفظنا بها ومن ثم فهي تعتمد في ترميزها على المعاني لا على الألفاظ وتكون قصيرة المدى ولكنها تكررت ودُعمت.
فرقم الهاتف الذي يتكرر طلبه عادة ما يستقر في الذاكرة. فالذاكرة الوقتية تستقبل كل ما تتلقاه الحواس المختلفة من معلومات ثم ترشح هذه المعلومات وتقوم بتنقيتها وتمحو غير الهام منها وتترك المعلومات ذات الأهمية في حياة الإنسان والتي عادة ما تتكرر مع الوقت فتتحول إلى ذاكرة مستديمة وهي ذات سعة كبيرة ويتم فيها الاحتفاظ بالمعلومات على أشكال مشفرة أو رمزية سواءً كانت دلالية ذات معنى أو ترابطية.
المراجع:
- سامي عبد القوي (2017): علم النفس العصبي – الأسس وطرق التقييم، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية.
علا محمود محمد ـ السيرة الذاتية
- اسمي علا محمود محمد، ولدت في مصر وتخرجت من كلية الآداب في جامعة عين شمس سنة 1999 وحصلت على ليسانس في علم النفس واجتزت دورة التأهيل التخاطبي بوحدة أمراض التخاطب بقسم الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب جامعة عين شمس من 1-9-2007 وحتى 1-11-2010.
- أعمل بوظيفة اختصاصي تخاطب في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو في مجلس التخاطب في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- لدي العديد من النشاطات العلمية على مستوى مجلس التخاطب وعلى مستوى تدريب الأسر على فنيات العمل مع الأبناء.
- شاركت في التنسيق والمتابعة لعقد جلسات العلاج بالموسيقي للاختصاصيات من جامعة ايوا من كوريا الجنوبية خلال الفترة من 19 يناير إلى 15 ابريل 2015.