إعداد : أ.خديجة محمد الثقفي
أصبح الجميع يدرك أن تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة أمر مهم، بغض النظر عن أعمارهم وقدراتهم واحتياجاتهم؛ ولمساعدتهم في تحقيق هذا الهدف لا بد من دمجهم في المدارس.
وقد أشارت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن دمج الطلاب من ذوي الإعاقة في المدارس قد يسهم وبشكل كبير في تقبل المجتمع لهم وزيادة التواصل فيما بينهم.
حدثت خلال القرن الماضي تغييرات أساسية في مجال تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم. وبشكل عام، تحول هذا التعليم تدريجياً من بيئة معزولة إلى بيئة أكثر شمولاً.
وتبذل المملكة العربية السعودية، جهوداً لتطوير ومواكبة التقدم في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، فتعليمهم يدخل مرحلة جديدة وبناءة، وتحتل المملكة العربية السعودية مكانة رائدة في المنطقة العربية منذ تبني سياسة تعليمية تقوم في أساسها علـى أحـدث الأساليب التربوية، والتي يأتي في مقدمتها أسلوب دمج التلاميذ ذوي الإعاقة في مدارس التعليم العام.
إن دمج الطلاب ذوي الإعاقة في مدارس التعليم العام من أهم الأساليب التعليمية الحديثة لذا لم يعد التكامل التعليمي في المملكة مجرد خيال، بل أصبح حقيقة ملموسة، وقد استطاعت المملكة أن تقطع شوطاً كبيراً في هذا المجال.
يحظى الأشخاص ذوو الإعاقة في المملكة العربية السعودية بكل عناية واهتمام ودعم غير محدود، كما أن توليهم حكومة المملكة العناية الفائقة في جميع مرافق الحياة بداية من تشريع وتنظيم الحقوق الخاصة بهم وانتهاء برعاية وتوفير هذه الحقوق من خلال عمل منصة إلكترونية لدعمهم باحتياجاتهم وحقوقهم.
وقد بدأ تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة بجهود فردية وأهلية بواسطة عدد قليل من المواطنين الذين استخدموا طريقة برايل في تعليم الأشخاص المكفوفين في فصول ملحقة بكلية اللغة العربية في جامعة الرياض، واستمرت هذه الجهود إلى عام 1376 هـ (1957م) حيث نجح الذين تخرجوا في الحصول على رخص من وزارة المعارف للتعليم وفق هذه الطريقة ضمن فصول مسائية، واستمر السبق للجهود الفردية في مجال تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة إلى عام 1380هـ (1961م) ثم بعد ذلك ظهـر أول معهـد لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو معهد النور للمكفوفين 1380هـ
واستمرت جهود الوزارة بإنشاء إدارة تتولى مسؤوليات التخطيط والإشراف والمتابعة لبرامج تربية وتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، ثم تحولت هذه الإدارة في عام 1392 هـ إلى مديرية عامة لبرامج التعليم الخاص، تشتمل على ثلاث إدارات متخصصة هي: إدارة تعليم الصم و إدارة التربية الفكرية وإدارة المكفوفين، واستمرت في إنشاء المؤسسات المتخصصة للأشخاص المكفوفين والصم وذوي الإعاقة الذهنية.
ورغم أن تجربة المملكة كانت جديدة نسبياً إلا أن وتيرة التربية الخاصة تسارعت في المملكة، حيث ازداد عدد الملتحقين بالمعاهد والمراكز الخاصة، وقد صدر أول تشريع في عام 1987 م حيث سمي القانون الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة الذي لازال يعمل به منذ إصداره.
استند القانون على مساواة الشخص ذي الإعاقة في الحقوق والواجبات مع أقرانه من غير ذوي الإعاقة، بما تسمح له قدراته وإمكاناته، وقد احتوى أيضاً على مجموعة من الأبعاد الاجتماعية والتربوية والتأهيلية والمهنية، ومراعاته للإعلانات والقوانين العالمية التي صدرت في مجال تشريعات وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأخذت وزارة التربية والتعليم على عاتقها تطبيق المادتين (54-57) من مواد سياسة التعليم، فقد جاءت بمرحلة جديدة ألا وهي مرحلة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المدارس، واستخدمت طريقتين في عملية الدمج: الجزئي والكلي.
يتم في الجزئي إلحاق الطلاب ذوي الإعاقة بفصل خاص ضمن المدارس، يتلقون فيه التعليم والرعاية ويشتركون مع أقرانهم غير المعاقين في بعض الأنشطة الصفية وغير الصفية، ويلتقون أيضاً في المرافق المدرسية.
أما في الدمج الكلي فيتم استخدام أساليب حديثة مثل برامج المعلم المتجول، وبرامج المعلم المستشار، وبرامج غرفة المصادر، وبرامج المتابعة في التربية الخاصة.
بدأت اول تجربة ناجحـة للـدمج فـي مدينـة الهفـوف بالمنطقـة الشـرقية للمملكة عام 1404 هـ ، و”تعد المملكة أول دولة عربية تطبق الدمج التربوي على أسس علمية”، ثم تلاها تطبيق الدمج التربوي بمفهومه الشامل في مدارس المملكـة العربية السعودية ، فقـد جـاء فـي سنة 1417 هـ عندما وضعت وزارة التربيـة والتعلـيم استراتيجية تربويـة تقـوم علـى عشـرة محـاور: نص المحـور الأول منها على تفعيل دور المـدارس العادية في مجال تربية وتعليم الأطفال ذوي الإعاقة، وهو ما يعرف بالدمج التربوي، في حين نص المحور الثاني على توسيع نطاق دور معاهد التربية الخاصة
وتحقيقاً لأهداف هذه الاستراتيجية فقد تبنت الأمانة العامة للتربية الخاصة في الوزارة عدداً من المشروعات الطموحة، يأتي في مقدمتها مشروع التوسع في تطبيق أسلوب دمج الأطفـال ذوي الإعاقة في مدارس التعليـم العــام، ولازال هذا التقدم في عملية الدمج إلى هذا الوقت، فقد تطورت العملية إلى أن تم وضع منصة وطنية موحدة تخدم الفرد ذي الإعاقة، فهي تعتبر مرجعًا له في كل الأمور، بالإضافة إلى وضع أهداف وبرامج لعملية الدمج الشامل في رؤية 2030 بما يتوافق مع خصائصهم واحتياجاتهم.
وبنظرة سريعة على تجربة المملكة العربية السعودية في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة فإننا نرى بأنها حققت الكثير من المكاسب التربوية القيمة لهم.
المراجع
الموسى، ناصر. (2014، فبراير17-21). تجربة المملكة العربية السعودية في مجال دمج التلاميذ ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في مدارس التعليم العام. المعرض الدولي لعام 2014. التربية الخاصة تربية مستدامة في عالم متغير كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية.