تعتبر إعاقة التوحد Autism من أكثر الإعاقات الذهنية غموضاً وصعوبة من حيث التحديد الدقيق للعوامل المسببة لها وأساليب التدخل العلاجي التأهيلي إضافة إلى ندرة المراجع العلمية العربية عن هذه الإعاقة.. وتعتبر الإعاقة العقلية من الإعاقات التي تعددت مفاهيمها وارتبطت دائماً بنسبة الذكاء التي ارتبطت باختبارات الذكاء التي صممت على فرضية أن توزيع الذكاء هو توزيع طبيعي بين الناس، ويأخذ شكل المنحنى الطبيعي، وأن 50% من مجموع البالغين يقعون حول الدرجة الوسطى من 91 ـ 110 ويطلق عليهم (العاديون)، أو متوسطو الذكاء، ثم يقل تكرار نسبة الذكاء سلباً وايجاباً، وتنقسم حالات الإعاقة العقلية إلى فئة الإعاقة العقلية العميقة ويكون ذكاؤهم أقل من 20 درجة ثم الإعاقة العقلية الحادة ويكون ذكاؤهم بين 20 ـ 25 درجة، ثم الإعاقة العقلية المعتدلة ويقع ذكاؤهم بين 35 ـ 50 درجة ثم الإعاقة العقلية البسيطة ويقع ذكاؤهم بين 50 ـ 70 درجة. وقد أشارت الدراسات إلى أن 75% من المعاقين عقلياً يعانون من إعاقة بسيطة أي أنهم يقعون على حدود الإعاقة والسواء.
والبحث بين أيدينا يعتبر من البحوث النادرة في هذا المجال وهو بعنوان: تجربة سلوكية لتعديل السلوك الاجتماعي للطفل التوحدي ـ دراسة حالة ـ للدكتور جمال شكري محمد الأستاذ بكلية الخدمة الاجتماعية ـ جامعة حلوان بالقاهرة.
أهداف الدراسة
حدد الباحث مشكلة هذه الدراسة في تجربة سلوكية لتعديل السلوك الاجتماعي لطفل توحدي من خلال التدخل المهني من منظور التعديل السلوكي في خدمة الفرد، وكان من أهداف الدراسة:
- إلقاء الضوء على إعاقة التوحد خاصة في ظل ندرة الدراسات العربية عن هذه الإعاقة في حدود علم الباحث.
- التعرف على فعالية أساليب التعديل السلوكي في خدمة الفرد في تعديل سلوك الطفل التوحدي.w
- تقديم برنامج للممارسة المهنية من خلال تجربة سلوكية يمكن الاسترشاد بها للتدخل المهني في الحالات المشابهة.
أهمية الدراسة
أما أهمية هذه الدراسة فتنبع مما يلي:
- الاهتمام المتزايد بالطفولة ومشكلاتها.
- دور الخدمة الاجتماعية المتميز في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال عمليات التأهيل والعلاج.
- تعتبر هذه الدراسة أول دراسة في الخدمة الاجتماعية تتناول إعاقة التوحد في حدود علم الباحث.
- اختبار العلاج السلوكي في خدمة الفرد للتعامل مع المشكلات السلوكية المرتبطة بالتوحد.
مفاهيم الدراسة
وقد حدد الباحث مفاهيم الدراسة في المفاهيم التالية:
- مفهوم التوحد على أنه من الإعاقات العقلية وتظهر في صورة أعراض سلوكية يتسم خلالها الطفل بالانسحاب وصعوبة التواصل مع الآخرين وأنماط سلوكية غير اجتماعية.
- مفهوم السلوك الاجتماعي للطفل من ذوي التوحد ويقصد به الباحث السمات السلوكية لحالة الدراسة والتي تعتبر هدف التدخل المهني السلوكي وهي:
- يظهر وكأنه لا يسمع (يتصرف كأصم.
- النشاط الزائد.
- صعوبة الاختلاط بالأطفال الآخرين.
- لا ينظر في عيون من يتحدث معهم (التواصل مع الآخرين) ولا يهتم بهم.
- مفهوم التعديل السلوكي في خدمة الفرد، وهو يعني عند الباحث استخدام القواعد والاجراءات المنبثقة من مفاهيم التعديل السلوكي لمساعدة عملاء خدمة الفرد خلال الخطوات المهنية التالية:
- تحديد السلوك المستهدف.
- تعريف السلوك المستهدف.
- قياس السلوك المستهدف.
- تحديد المتغيرات ذات العلاقة الوظيفية بالسلوك المستهدف.
- تصميم خطة التدخل المهني.
- تقييم فعالية البرنامج.
المظاهر السلوكية للتوحد
أوجز الباحث بعض المظاهر السلوكية للتوحد حيث أوضح أنها تختلف من حالة إلى أخرى في درجتها أو في وجودها إلا أنها من أهم عوامل تشخيص التوحد، ومنها:
- عدم استطاعة التحكم في حركة اليدين، خاصة إذا بدأ الطفل يتعلم الكتابة، فيصاب بالإحباط وهذا يؤثر على قدراته التعلمية.
- يتعلم الأطفال ذوو التوحد القراءة من خلال الحفظ لجميع الكلمات وتكرارها.
- يخاف الطفل من ذوي التوحد من الأصوات المزعجة وتسبب له سلوكاً سيئاً.
- يكون الطفل من ذوي التوحد أكثر هدوءاً في حالة لبس رداء محشو ذي وزن لأن الضغط الناتج عن اللباس الثقيل يساعد في تهدئة نظام الأعصاب.
- في عملية التعلم يمكن استثمار الألعاب التي تدور حول أمور محببة إليه ولكن لا يمكن أن تكون إجبارية.
- بعض حالات التوحد أحادية القناة في عمليات التواصل، فلا يستطيعون النظر والاستماع في الوقت نفسه.
- يعتبر اللمس حاسة أساسية يعتمد عليها الطفل من ذوي التوحد.
- عدد كبير من الأشخاص ذوي التوحد مفكرون بالمشاهدة، والتفكير يكون في الصور وليس في اللغة، والأسماء أسهل الكلمات لأنها ترتبط في العقل بالصور.
- تجنب سلسلة التعليمات الشفهية الطويلة فهم يعانون من بعض مشاكل التذكر، ورغم ذلك يجيدون الرسم والفن ولديهم مهارات يمكن استثمارها لتطوير ذكاء الطفل.
- يميل الطفل من ذوي التوحد إلى التعلق ببعض العادات والأشياء والتي يمكن أن تكون مدخلاً للتغيير والعلاج.
تعديل السلوك
وضع الباحث بعض الاعتبارات الأساسية للتعديل السلوكي مع الطفل من ذوي التوحد وهي كما يلي:
- الهدف الأساسي للتعديل السلوكي مع الطفل من ذوي التوحد ليس فقط تعديل سلوك معين، أو إلغاء سلوك غير مرغوب ولكن التأكد من استمرارية التغيير من خلال المساعدة في الضبط الذاتي أو التنظيم الذاتي.
- تحديد الاعتبارات الأولية في التعديل السلوكي من خلال التعرف على اختلاف أداء الطفل من ذوي التوحد عن الآخرين في مثل عمره ومدى الاتفاق بين أفراد الأسرة أو المحيطين على السلوك المشكل.
- التعرف على المحاولات السابقة للعلاج مع الاستعانة بالتقارير الطبية والفحوصات التشخيصية للحالة.
- التساؤل عن احتمالات نجاح برنامج التعديل السلوكي وتوافر الامكانات وضمان مساعدة الأشخاص من ذوي العلاقة ومساهمتهم في نجاح البرنامج.
- ترتيب المشكلات السلوكية حسب الأولوية ويؤخذ في الاعتبار:
- المشكلة التي يرغب المحيطون بالطفل من ذوي التوحد البدء منها.
- المشكلة الواضحة المعالم والقابلة للقياس المباشر.
- المشكلة التي يؤثر علاجها في علاجه ومشكلات سلوكية أخرى.
- مشكلة سيكون لها أضرار إن لم يتم التدخل لعلاجها.
- المشكلة التي تساهم في تكيف الطفل اجتماعياً وأكاديمياً.
- اختيار الأساليب العلاجية المناسبة للحالة.
- يحتاج المعالج السلوكي إلى تعاون الأسرة للطفل من ذوي التوحد.
أما نوع الدراسة فكانت تجريبية. والنهج المستخدم: تجربة الحالة الواحدة من خلال نموذج الايقاف أ ب أ ب مع الاعتماد على خط الأساس المتعدد.
فروض الدراسة
الفرض الرئيسي: استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى تعديل السلوك الاجتماعي اللاتوافقي للطفل التوحدي.
الفروض الفرعية:
- استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى تخفيض سلوك التظاهر بعدم السمع لدى الطفل من ذوي التوحد.
- استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى تخفيض النشاط الزائد لدى الطفل من ذوي التوحد.
- استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى زيادة الاختلاط بالأطفال الآخرين لدى الطفل من ذوي التوحد.
- استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى زيادة التواصل البصري مع الآخرين أثناء الحديث لدى الطفل من ذوي التوحد.
المجال البشري
حالة واحدة لطفل توحدي وفقاً للتشخيص الطبي النهائي
المجال الزمني
استغرق إجراء الدراسة 6 شهور
أدوات الدراسة
- اعتمدت الدراسة في أدواتها الأساسية على البرنامج السلوكي لتعديل السلوك الاجتماعي اللاتوافقي للطفل من ذوي التوحد.
- المقابلات بأنواعها.
- الملاحظة.
- المعاملات الإحصائية المناسبة.
وبعد التدخل المهني للباحث مع الحالة تبين قبول صحة فرض الدراسة الرئيسي والذي مؤداه أن استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد يؤدي إلى تعديل السلوك الاجتماعي اللاتوافقي للطفل من ذوي التوحد، ويمكن تحديد بعض المؤشرات الكيفية المرتبطة بنتيجة الدراسة كالتالي:
- تعاون الأسرة وتفهمها لطبيعة العمل ومحاولة الالتزام بالتعاقد من أهم أسس نجاح العمل المهني.
- تحديد أهداف واقعية طموحة ممكنة، أفضل من تحديد أهداف مثالية يصعب تحقيقها وتشعر الأسرة والطفل بصعوبتها ومن ثم لا نستطيع اجتياز الخطوات نحو تحقيق الهدف.
- وجود الطفل في مدرسة أو دور حضانة أو مؤسسة هامة جداً لإكمال دائرة التعاون وتوفير الخبرات المتنوعة التعليمية والاجتماعية.
- استثمار الأخوات والأقارب وتدخلهم في ممارسة النشاط يحقق نتائج جيدة.
- الأطفال من ذوي التوحد يحتاجون إلى الحنان والحب كما يحتاجون للحزم في بعض الأحيان ومن ثم ينصح بعدم التدليل الزائد أو الإهمال.
- الاستمرار في العلاج البطيء والمتابعة المستمرة أساس لنجاح التدخل السلوكي ومساهم في تحقيق التوازن للحالة.
- تجنب عدم مقارنة الطفل من ذوي التوحد بأخوته الآخرين فالاعتراف بأنه في حاجة إلى مساعدة خاصة من أهم أسس نجاح العلاج.
- تدريب الأسرة على تحديد أهداف سلوكية جيدة.
- تدعيم التغيير الحادث للطفل وضمان استمراره بتنوع التدعيمات.
- نجاح الطفل في سلوك معين يساهم في نجاحه في سلوك آخر.
- نعتمد على الأشياء المحسوسة قدر الإمكان في تلقين الطفل من ذوي التوحد.
- يحتاج العمل إلى هدوء الأسرة وتمتع أفرادها بالصبر.
- ضرورة إعداد المزيد من الأبحاث والدراسات لهذه الفئة.
الدراسة من إعداد: إعداد الدكتور جمال شكري محمد
وقام بالتحليل والتعليق عليها الدكتور محمد مرسي محمد مرسي