إعداد : أروى بنت يوسف بن محمد الثمالي
تغيرت نظرة المجتمع إيجابياً نحو إمكانات وقدرات الأطفال ذوي الإعاقة، وازداد الوعي بحاجاتهم الأساسية. قديماً كان الاتجاه نحوهم سلبياً، وجاء الإسلام ليوقف كل ذلك، فشهد الأفراد ذوو الإعاقة بجميع فئاتهم مظاهر المساندة والتقبل والرعاية من المجتمع، فالأطفال من ذوي الإعاقة يحتاجون إلى نوع خاص من التربية.
من هنا أخذت العديد من الدول الاهتمام بهم وإكسابهم المهارات اللازمة التي تساعدهم على التكيف مع معطيات الحياة، فهم يحتاجون إلى عناية واهتمام من جميع فئات المجتمع.
ومن بين الفئات التي يجب أن يوجه إليها المزيد من الرعاية والاهتمام الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية كون هذه الإعاقة واحدة من الإعاقات التي تؤثر على قدرات الفرد، الأمر الذي يحول بين الفرد وبين الاستفادة الكاملة من الخبرات التعليمية، والمهنية، التي يستطيع الشخص من غير ذوي الإعاقة الاستفادة منها (صادق وجميل، 2010؛ عبده، 2020).
وتعد الإعاقة بشكل عام والإعاقة الذهنية بشكل خاص ظاهرة لا تعترف بالحدود الاجتماعية فيمكن أن تتعرض لها الأسر الفقيرة، والغنية، والمثقفة إلخ…، وهي ظاهرة أوجبت اهتمام مختلف الفئات المجتمعية سواء المهنية أو العملية بمحاولة فهمها.
وتشير كريمان وإميلي (2000) إلى أن اللغة تحتل مكاناً مهماً بين المهارات التي يجب أن تُنمى لدى الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية، وتؤدي وظائف كثيرة، فهناك الوظيفة الاجتماعية باعتبار أن اللغة أداة اتصال وتفاهم، والوظيفة العقلية باعتبار أنها أداة لتكوين المفاهيم، ولها وظيفة نفسية كأداة للتعبير عن النفس والوجدان، ووظيفة جمالية كوسيلة للتعبير عن التذوق والحس الجمالي.
وتعتبر الألعاب من أبرز الطرق والاستراتيجيات المناسبة لتعليم وتدريب الطفل ذي الإعاقة الذهنية، فمن خلال اللعب يصبح للطفل دور إيجابي يتميز بكونه عنصراً ناشطاً وفعالاً داخل الصف، وذلك من خلال أنشطة وألعاب تربوية يتم إعدادها بطريقة منظمة، تحثّ الطفل على التفاعل مع المواقف بما تتضمنه من مواد جيدة وأنشطة تربوية هادفة (الحازمي، 2011).
وتؤكد النظريات العلمية أن استخدام الألعاب مع الأشخاص ذوي الإعاقة من أكثر الوسائل التي تعمل على جذب انتباه المتعلمين ضمن عملية التعلم، وقد جاءت منتسوري كأول مربية وضعت اللعب كاستراتيجية تعليمية للأطفال، حيث اعتبرت عملية التربية نشاطاً يعيشه الطفل من خلال وسائل ومواد تعليمية وألعاب ولعب توجهه المعلمة بشكل غير مباشر عبر البيئة التعليمية، وقد شملت ثلاثة مجالات هي: الحياة العملية، الإدراك الحسي، التنمية الأكاديمية وتتطور لعبها من البسيط إلى الأكثر تعقيداً (علي، والعفني، وقناوي، وحسن، 2014).
مفهوم الألعاب التعليمية:
هي نشاط منظم بمجموعة من القوانين يقوم به لاعب واحد فقط أو أكثر من خلال المنافسة أو مسابقة لتحقيق أهداف محددة ومرسومة مسبقًا (عبد العاطي وشهاب، 2014).
كما تعرف بأنها: نشاط هادف وموجه يتم اختياره وتوظيفه لتحقيق أهداف محددة، أهمها التغلب على صعوبة أو أكثر من صعوبات تعلم الطفل التي تؤثر على تحصيله للمفاهيم العلمية، حيث يستمتع الطفل أثناء اللعب ويتفاعل بإيجابية، وتنمى مهاراته اللغوية ويتوصل إلى النتائج المعززة.
أهمية الألعاب التعليمية.
للعب فوائد جمة في تنمية الجانب الاجتماعي من شخصية الطفل، حيث يساعد على بناء مهارات اجتماعية جيدة مع الآخرين عن طريق التعاون والتنافس، كما ينمي الجانب القيمي والأخلاقي لدى الطفل فهو يتعلم كيف يحترم الآخرين وكيف يلتزم بقوانين الألعاب مع الجماعة دون أن يصبح الطفل أنانياً ومسيطراً، فهو وسيلة اتصال وتعبير مع الجماعة، كما أن اللعب ضروري لنمو العضلات ولاكتساب المهارات الحركية التي يحتاجها الطفل في تنقله.
كما يساعد اللعب على تطور النمو اللغوي لدى الأطفال من خلال الاتصال اللغوي وتبادل الآراء والحديث المتواصل الذي ينشأ بسبب التفاعل المشترك بين الأطفال المشاركين في اللعب، فهو يمنح الطفل فرصاً ثرية ومواقف حياتيه طبيعية تعمل كنماذج مثالية في بناء وتكوين الشخصية السوية من خلال العمل، والعلاقات المتبادلة والمشاركة والتعاون والمناقشة والتشاور والحوار مع الآخرين، واحترام آراء الآخرين، حتى لو كانت مغايرة لآرائه الشخصية (عبد العاطي وشهاب، 2014).
ويكون الطفل غير قادرٍ في المجمل على صياغة مشاعرهِ الداخلية لفظياً لقلة وعيه أو لنقص في المحصول اللغوي، لكنه يُعبِّر عنها من خلال اللعب، فالطفل يجسد في نشاطه كل ما لا يستطيع التحاور بشأنه مع الآخرين.
ختاماً
تعد الألعاب التعليمية من أهم الوسائل والأدوات لخدمة الأفراد من ذوي الإعاقة الذهنية، وذلك لتدريبهم على الكلام ومساعدتهم على النمو اللغوي، بالإضافة إلى أنها تساعد الأطفال من ذوي الإعاقة على التكيف مع الحياة وقبول الذات.
لذلك، ينبغي الالتفات إلى ضرورة توفير الجو المناسب لممارسة هذه النشاطات بالطريقة التي تؤدي إلى مساعدتهم على اكتساب المهارات اللغوية بصورة ممتعة، وغير مملة وبسيطة وتدريجية بحيث تلائم درجة الإعاقة كما تحقق الاستفادة العلمية من اللعبة في الوقت نفسه.
المراجع:
- عبد العاطي، حسن الباتع وشهاب، إسراء رأفت (2014). تصميم الألعاب التعليمية للمعاقين عقليًا، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة.
- بدير، كريمان وصادق، إميلي. (2000). تنمية المهارات اللغوية للطفل، المدينة المنورة، عالم الكتب.
- صادق، إملي وجميل، سمية. (2010). فاعلية الألعاب الإلكترونية في تنمية بعض المهارات المعرفية لدى الأطفال المعاقين عقلياً. مجلة دراسات الطفولة، (مج) 13، (ع) 49. ص233-262.
- علي، سعاد مصطفى والعفني، إيناس أحمد وقناوي، هدى محمد وحسن، إسماعيل محمد. (2014). فاعلية برنامج مبني على استراتيجيات الألعاب التعليمية الإلكترونية في تنمية بعض المهارات الحياتية للأطفال ذوي الإعاقات الذهنية القابلين للتعلم. مجلة كلية التربية، (ع) 16. ص 620-650.
- عبده، نهى حسين. (2020). فاعلية برنامج قائم على الألعاب التعليمية الإلكترونية في تنمية المهارات اللغوية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة القابلين للتعلم. المجلة العربية لعلوم الإعاقة والموهبة، (مج) 4، (ع) 14. ص787- 808
- الحازمي، عدنان ناصر. (2011) الإعاقة العقلية دليل المعلمين وأولياء الأمور. ط2. عمان، دار الفكر.
- أروى بنت يوسف بن محمد الثمالي
- حاصلة على البكالوريوس في التربية الخاصة – إعاقة فكرية.
- باحثة ماجستير بقسم التربية الخاصة – إعاقة فكرية ـ جامعة الطائف.
- [email protected]