يقصد بالإرشاد الأسري عملية مساندة أسر الأطفال ذوي الإعاقة بهدف تمكين الأهل ومساعدتهم على فهم إعاقة أطفالهم وهمومهم ومشاعرهم بشكل أفضل
من الضروري تحديد وسائل الإعلام الأكثر ملاءمة لتمرير الرسالة ومن المهم معرفة أي نوع من الرسائل أكثر استعمالاً وأكثر ملاءمة للفئات الشعبية
يترتب على المقاربة الحقوقية أن يتم إعداد وتقييم كل البرامج والسياسات والمشاريع التنموية انطلاقاً من آثارها على وضعية الأشخاص ذوي الإعاقة
إذا كان إذكاء الوعي وأهميته قد حظي باهتمام وحيز من محتوى الاتفاقية حيث أفردت له المادة الثامنة التي نصت على أن الدول الأطراف تتعهد باتخاذ تدابير من أجل إذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك على مستوى الأسرة، وتعزيز احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكرامتهم؛ والتصدي للصور النمطية السلبية والممارسات الضارة بهم، بما فيها تلك القائمة على الجنس والسن، في جميع مجالات الحياة؛ فإن الفئات الأكثر حاجة إلى إذكاء الوعي الحقوقي هي أسر الأطفال ذوي الإعاقة من الفئات الشعبية والتي تتواجد غالباً في أحياء غير مهيكلة بشكل ملائم وذات كثافة سكانية عالية حيث تنتشر الأمية والفقر.
تلعب الجمعيات العاملة عن قرب في المجتمعات المحلية دوراً ذا أهمية بالغة في إذكاء الوعي الحقوقي لدى هذه الفئات وتعديل اتجاهاتها السلبية تجاه الإعاقة والأطفال ذوي الإعاقة، بإدماج المنظور الحقوقي في كافة أنشطتها المعتادة مع أسر الأطفال ذوي الإعاقة والتعريف بالاتفاقية الدولية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الأمم المتحدة سبق لها أن قادت حملة عالمية لنشر حقوق الإنسان وكانت شعاراتها الأساسية:
1 ـ إن من يعي حقوقه له أفضل الحظوظ لحمايتها.
2 ـ إن المعرفة الجماعية لحقوق الإنسان تمثل أحسن وأضمن درع يقي مخاطر الانتهاكات.
3 ـ أن من يتعرف على حقوقه يصبح أكثر حرصاً على احترام حقوق غيره.
مما يجعل الحاجة إلى هذه الخطوة في مجال حقوق ذوي الإعاقة بعد الاتفاقية الدولية جلياً ولابد للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة على صعيد المجتمعات المحلية من الانخراط في هذا الزخم الحقوقي الدولي وذلك بتطوير منهجيات عملها في هذا الاتجاه، من أجل القيام أولا بإذكاء الوعي والتعريف بالاتفاقية الدولية على المستوى المحلي وثانياً برصد تنفيذ مقتضياتها من طرف الهيئات المعنية. ومن أجل ذلك لابد لهذه الجمعيات من وضع خطط لتقوية قدراتها، سواء تعلق الأمر بقدراتها البشرية والمؤسساتية كمنظمات أو باستراتيجيات عملها وطرق تنفيذ برامجها، من حيث التواصل مع الأسر والمجتمعات المحلي.
وخطط التطوير هذه يمكن تقسيمها إلى أربع مرتكزات:
المرتكز الأول: المرجعيات الأساسية
- تغيير منهجية العمل من تلك القائمة على الإحسان إلى منهجية مبنية على حقوق الإنسان.
- وضع وتطوير الاستراتيجيات والبرامج من منظور حقوقي.
- العمل المباشر مع حاملي الحقوق )الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم( وتقييم قدرتهم على المطالبة بحقوقهم. وكذلك قدرة الملتزمين بالواجبات على الوفاء بالتزاماتهم ثم وضع الاستراتيجيات لبناء تلك القدرات.
المرتكز الثاني: الهيكلة والموارد البشرية
1 ـ مناهج العمل
توفير الشروط والأساسات الضرورية في الجمعيات قبل عملها في التوعية الحقوقية ومناصرة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة ومنها:
- أن يتوافر لدى العاملين بالجمعية الإيمان بحماية حقوق الطفل المعاق.
- أن يكون للجمعية آليات تواصل فعالة ومباشر مع أسر الأطفال ذوي الإعاقة ما لم تكن الجمعية مكونة من هؤلاء.
- أن يتوافر لدى الجمعية مبدأ الشفافية لضمان تجاوب أسر الأطفال ذوي الإعاقة .
- بناء مجموعات عمل قادرة على تأمين التواصل مع الأسر.
- أن يرتكز عمل الجمعية على حقوق الطفل المعاق الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة.
- أن تعتمد الجمعية مبدأ الحصول على الاستشارات المناسبة من الجهات المعنية لتفادي اتخاذ القرارات الخاطئة.
2 ـ التشبيك وبناء التحالفات المناطقية والاقليمية:
وقد حققت العديد من الشبكات كما هو معروف إنجازات مميزة فيما يتعلق بالمناصرة في مجالات عدة كحقوق المرأة وحقوق الطفل على مدى السنين الماضية. وعززت قدرات العديد من الجمعيات الأعضاء بها في هذا المجال. إذ يمكن للشبكات الوطنية هذه أن تعمل بفعالية اكبر على:
- تجمِع جمعيات لها اهتمام مشترك لتعزيز وحماية حقوق الأطفال ذوي الإعاقة .
- توفير المصداقية والسلطة التي تكتسب من العضوية الجماعية والتي تفوق عادة ما يمكن للجمعيات الأعضاء تحقيقه منفردة.
- تشكيل منبر لتركيز جهود جميع الفاعلين.
- اكتساب الجمعيات للخبرات والتجارب الحيوية في إعداد تقارير بديلة (تقارير الظل( مستقبلا. للجنة الأممية المكلفة برصد تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة.
- تعزيز قدرات الأعضاء الأفراد من خلال تبادل المعرفة والمهارات والخبرات.
- زيادة أنشطة الشبكات وحضورها العام من الوعي بحقوق ذوي الإعاقة وتروج للاتفاقية.
- تشكيل قنوات مفيدة للجهات المانحة لتوجيه التمويل نحو نطاق من الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بمنظور حقوقي.
المرتكز الثالث: الأنشطة الاعتيادية
1 ـ الإرشاد الأسري:
والإرشاد هنا يقصد به عملية مساعدة / مساندة من طرف متطوعي الجمعيات لأسر الأطفال ذوي الإعاقة تهدف إلى تمكين الأهل من معلومات. تساعد في فهمهم لإعاقة أطفالهم وهمومهم ومشاعرهم بشكل أفضل. وهو إضافة إلى ذلك كما يقول أحد الخبراء )د. جاك سي ستيوارت( عملية تعلم تركز على النمو الشخصي للآباء الذين يتعلمون لاكتساب الاتجاهات والمهارات الضرورية وتطويرها واستخدامها لحل مشكلاتهم ومن هنا يمكن لمرشدي الجمعيات العمل بأسلوب مبسط ولغة محلية على تعديل الاتجاهات السلبية المترسبة لدى الأسر وتعزيز الوعي الحقوقي لديها.
2 ـ انجاز دلائل العمل لفائدة عاملي الجمعيات والمتطوعين
- دلائل / أدوات لمساعدة الجمعيات على إجراء تحليل لاشتغالها مع أسر الأطفال ذوي الإعاقة من منظور حقوقي على أساس مزيج من حقوق الإنسان والممارسات التنموية الاجتماعية الجيدة.
- دلائل / أدوات توجز المبادئ والمسائل الرئيسية المتعلقة بحماية حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وتدرسها، وتحدد الخطوات المطلوبة لتطوير سياسات وإجراءات حماية حقوق الطفل ذي الإعاقة وتطبيقها ومراقبتها وتقييمها.
- دلائل / أدوات يمكن استخدامها لمراقبة الإنجازات المحرزة في سياق إطار عمل من منظور الحقوق.
- ترجمة الاتفاقية الدولية إلى اللغات المحلية )الأمازيغية مثلا بالمغرب(.
3 ـ أنشطة التوعية بالمجتمع المحلي )الحملات التحسيسية)
- تشخيص عوامل النظرة السلبية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.
- اختيار المواضيع المعالجة حسب الأولوية.
- تحديد فئة المستهدفين من الحملة.
- تحليل موقف فئة المعنيين بالحملة حيال القضايا المعالجة من طرف الحملة.
- تحديد وسائل الإعلام / الإيصال في الحملة الأكثر ملائمة لتمرير الرسالة فمن المهم معرفة أي نوع من الوسائل الأكثر استعمالا والأكثر ملائمة للفئات الشعبية المستهدفة: الأقراص الصوتية ـ الملصقات المبسطة بالصور.
- اقتـــراح حصص / برامج تحسيسية يومية، أسبوعية أو حتى شهرية بالإذاعات المحلية.
- إشراك المواطنين عبر الهاتف من خلال الاتصال بهذه البرامج.
- إجراء استطلاعات للآراء محدودة ومبسطة وتحقيقات ميدانية للوقوف على مدى إدراك المواطنين لمسألة الإعاقة والوقوف على مقارباتهم لها.
- كما أن لإصدار القصاصات والكتيبات المبسطة والملصقات تأثيراً كبيراً في الحملات التحسيسية حين تسمح الموارد بذلك.
- تطوير وتجريب وتقديم الرسالة المرسلة على حوامل متنوعة سيديهات… شارات… مطويات.
- تنظيم وتخطيط مختلف النشاطات )الوقت، الزمن الكثافة، التحقيقات الميدانية(،
- تقييم فعالية الحملة.
4 ـ مجال التحرك في التنمية المحلية تجاه )التنمية الدامجة(.
وفيه ينبغي تعزيز المقاربات والمواصفات العامة ذات الارتباط بالمنظومة القيمية والمفاهيمية الحقوقية التي ينبغي أن تراعى وتؤخذ بعين الاعتبار في جميع برامج وأنشطة التنمية المحلية بدون استثناء. وهذا التصور هو ما يصطلح عليه بالمقاربة الدمجية ووفق هذه المقاربة يصبح من حق الأشخاص ذوي الإعاقة الولوج إلى نفس الخدمات والأنشطة التي يوفرها الفاعلون أسوة ببقية أفراد المجتمع بحيث تتم ملاءمتها مع حاجيات الأشخاص ذوي الإعاقة وألا تكون خاصة بهم. أي أن تلك الأنشطة والخدمات يتم إعدادها منذ البداية مع الأشخاص ذوي الإعاقة وليس لفائدتهم فقط. مثال مكتبة بلدية تتضمن ولوجيات للجميع بمن فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة. والمقاربة الدمجية، إضافة إلى كونها تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الانتفاع من البرامج التنموية التي يتم انجازها بنفس الدرجة المتاحة للآخرين، فإنها تمكنهم من المشاركة في جميع المراحل التي تمر منها تلك البرامج، أي من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التقييم مروراً بمرحلة التنفيذ والمتابعة. وتتأسس المقاربة الدمجية على المقاربة الحقوقية التي يترتب عنها أن يتم إعداد وتقييم كل البرامج والسياسات والمشاريع التنموية انطلاقاً من آثارها على وضعية الأشخاص ذوي الإعاقة وكذا كل الأشخاص مع التشجيع الدائم لتجسيد احترام حقوق الإنسان والدفاع عنها.
5 ـ آليات التواصل والشراكة:
- تعزيز آليات التواصل الدائم بين الجمعيات ووسائل الإعلام، نشرات تواصلية، مطبوعات.
- ربط جسور التنسيق والتعاون مع الفاعلين بالتنمية المحلية.
- التشجيع على عقد الشراكات واتفاقيات التعاون مع المصالح الخارجية الحكومية المعنية.
المرتكز الرابع: التأطير والدعم المنهجي لجماعات الأسر
وهو تطور عمل الجمعيات إلى التأطير والدعم المنهجي لمجموعة أسر الأطفال ذوي الإعاقة للانتظام كمجمعيات جديدة لأولياء الأمور خصوصاً في المناطق التي لا تتواجد بها جمعيات أخرى عاملة. إذ من شأن ذلك أن يعزز الجهود المبذولة في سبيل تحقيق وضع أفضل للأطفال ذوي الإعاقة، وتحقيق الإدماج الاجتماعي المنصف لفائدتهم من خلال:
- مواجهة المجتمع بالتعبير عن مشاعرها وإظهار قدرات أطفالها هو الطريقة الأنجع لتحويل مقاربات المجتمع تجاه الإعاقة من مقاربات خيرية وطبية إلى مقاربات حقوقية اجتماعية.
- الدفاع عن قضايا الأطفال ذوي الإعاقة وحقوقهم المتأصلة في شموليتها.
- الضغط على أصحاب القرار والجهات المسؤولة الرسمية وتعزيز تقبل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم.
- نشر تصورات إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، ووعي اجتماعي أعمق بهم؛
- رصد تنفيذ مقتضيات الاتفاقية وتجليها في السياسات التنموية المحلية خصوصا في التعليم. الصحة. التكوين.
- تشجيع الاعتراف بمهارات وكفاءات وقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، وإسهاماتهم في مكان العمل وسوق العمل؛
- إتاحة الفرصة للأطفال ذوي الإعاقة للانخراط في الحياة العادية.
- خدمة الأطفال ذوي الإعاقة في بيئاتهم المحلية والتخفيف من صعوبة انتقالهم إلى مؤسسات ومراكز بعيدة عن بيئتهم خارج أسرتهم.
- مساعدة الأسر لبعضها بعض على الإحساس بشكل طبيعي وتخليصهم من المشاعر والاتجاهات السلبية.
عبد الرحمن المودني ناشط حقوقي في مجال الإعاقة
ناشط حقوقي في مجال الإعاقة