لا تزال الأورام السرطانية هي المهدد الرئيسي لحياة الكثير من البشر
كل امرأة واحدة من تسع سيدات تصاب بسرطان الثدي
إذا تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى فالشفاء الكامل مضمون بنسبة 90٪
الانتظار حتى ظهور الأعراض قد يؤدي إلى تأخر تشخيص المرض، مما يقلل من فرص الشفاء، ويجعل العلاج الجراحي معقداً، ويصل إلى حد الاستئصال الكامل
إن التشخيص المبكر ضرورة حتمية، فالورم في بدايته يكون صغيراً جداً، ويمكن إزالته بعملية بسيطة لا تترك أثراً كبيراً وقد لا تحتاج إلى علاج بعد العملية سوى المتابعة الدقيقة للحالة
العمر الافتراضي للمرأة المصابة بأورام الثدي (فقط) بلغ 5 سنوات، وبنسبة شفاء 92٪ ولكن إذا تحرك الورم إلى الكبد أو الرئة أو المخ، فإن نسبة الشفاء تقل إلى 18٪
يجب تحاشي جميع المبيدات التي تسبب السرطان عند الحيوانات لأن زيادة استعمالها تؤثر على تلوث الأطعمة والمياه الجوفية والبحيرات والينابيع
استقرت الدراسات في العالم بأكمله والأبحاث والعلاجات على أن أحدث علاج للأورام هو الاكتشاف المبكر لها، لذلك قد تتجنب المرأة الكثير من المتاعب إذا تم تطبيق ذلك عملياً، فالأورام كثيراً ما تكون في مرحلة من المراحل ـ حميدة، ولكنها لو أهملت لتحولت إلى أورام قد تدفع المرأة حياتها ثمناً لها.
والسؤال هو: كيف يمكن للمرأة أن تكتشف هذه الأورام في مراحلها الأولى؟ وما هو أفضل علاج في هذه المرحلة؟ وما الأجهزة الحديثة التي استحدثت لاكتشاف الأورام الصغيرة؟
هذا ما سيتم بيانه في هذه المقالة مع تمنياتنا بحياة طيبة لجميع أخواتنا وأمهاتنا الكرام.
بفضل التقدم العلمي تم تخفيض نسبة الوفيات على المستوى العالمي من 18٪ إلى 5.2٪، ورغم كثرة الأمراض بشكل عام، إلا أن الأورام السرطانية لا تزال هي المهددة الرئيسية لحياة الكثير من البشر.
وتفيد الدراسات الحديثة أن أكبر نسبة من الإصابة بين السيدات تحصل في الثدي، ثم في عنق الرحم، والرحم، والمبايض.
وعلى مستوى سرطان الثدي فقد أشارت الجمعية الأمريكية للسرطان في تقريرها الصادر عام 1998 أن هناك امرأة واحدة من كل تسع سيدات تصاب بسرطان الثدي خلال فترة حياتها، ولهذا أشارت الجمعية إلى الحاجة الملحة لوجود طريقة مبكرة ودقيقة لتشخيص هذا المرض، لأنه إذا تم اكتشاف هذا المرض في مراحله الأولى فالشفاء الكامل مضمون بنسبة 90٪ في الوقت الذي نجد فيه أن هذه النسبة في المرحلة الثانية تصل إلى حدود 45٪.
تعتبر جميع السيدات معرضات للإصابة بسرطان الثدي، وإن كانت أخطار الإصابة متفاوتة حسب العمر وعدد مرات الحمل والرضاعة والصفات الموروثة والتعرض لبعض الأمراض المسببة للسرطان.
ولما كانت كل سيدة تهمها المحافظة على صحتها لذلك سندرج بعض النقاط التي يمكن من خلال الاطلاع عليها أخذ تصور مفيد عن الموضوع ليكون مدخلنا لما سيأتي بعد.
مؤشرات هامة
- قد تشعر المرأة بوجود جزء غريب في نسيج الثدي، أو ورماً صغيراً مع إفرازات من الحلمة قد تغير من شكلها ومن شكل الثدي، مثل هذه الأعراض قد تتواجد مع أي تغيرات فسيولوجية طبيعية، أو مع الأمراض الحميدة، كما يمكن أن تتواجد مع الأورام الخبيثة للثدي.
- زيادة نسبة تعرض المرأة للإصابة بسرطان الثدي 99٪ والرجل بنسبة 1٪.
- تحدث حالات سرطان الثدي عند المرأة في فترتين من عمرها: الأولى ما بين 35 إلى 40 سنة، والثانية ما بين 55 إلى 60 سنة، و67٪ من الإصابات تحدث في الفترة الثانية.
- لابد من معرفة الاحتمالات الخاصة بالإصابة، رغم أنه لم يثبت علمياً السبب المباشر لحدوث السرطان، وأنه ليس للوراثة دخل، إلا أنه قد لوحظ أن إصابة الأم أو الأخت من بعض الأسباب، ومنها أيضاً أن تكون المرأة قد أصيبت بورم حميد سابق في الثدي، وهنا تكون احتمالات الإصابة أكثر بنسبة ثلاثة أضعاف الإصابة العادية.
- إن انخفاض نسبة المناعة في جسم الإنسان من أسباب التعرض للإصابة، فمثلاً: طبيعة الهرمونات عند بعض السيدات تكون غير منتظمة، أو وجود عوامل عامة في البلاد المتقدمة، فنسبة الإصابة مرتفعة فيها عن البلاد النامية، ويرجع ذلك إلى طبيعة الحياة، وتعدد المشكلات في هذه البلاد. أيضاً التعرض للإشعاع بسبب طبيعة العمل، وتناول الأطعمة المحفوظة بالإضافة إلى استنشاق دخان عوادم السيارات والدخان المحمل بالأغبرة الكيميائية المتأتي من شدة تلوث المناطق والمدن الصناعية الكبرى.
التشخيص المبكر
إن الانتظار حتى ظهور الأعراض في الثدي قد يؤدي إلى تأخر تشخيص المرض، مما يقلل من فرص الشفاء، ويجعل العلاج الجراحي معقداً، ويضطر الجراح لاستئصال الثدي وما حوله من الغدد الليمفاوية، وقد يستلزم اللجوء إلى العلاج الإشعاعي والكيميائي بعد العملية.
ولهذا كانت فكرة التشخيص المبكر للأورام ضرورة حتمية، إن الورم في بدايته يكون صغيراً جداً، ويمكن إزالته بعملية بسيطة لا تترك أثراً كبيراً وقد لا تحتاج إلى علاج بعد العملية سوى المتابعة الدقيقة للحالة. ويمكن الكشف المبكر عن الأطوار التي تسبق الإصابة بهذه الأورام عن طريق برنامج لجميع السيدات والآنسات بعد سن البلوغ والذي يتضمن:
- توعية السيدات بأهمية الفحص الذاتي للثديين والقيام به بصورة دورية مرة كل شهر.
القيام بإجراء فحص سنوي للثديين لدى طبيب متخصص. - القيام بإجراء فحص بأشعة (الماموجرافي Mammography) للثديين مرة كل ثلاث سنوات اعتباراً من سن الخامسة والثلاثين، ثم مرة كل عام، اعتباراً من سن الخامسة والأربعين. ويمكن
- إجراء الفحص كل عام لمن لديهن حالات أسرية وراثية من الإصابة بسرطان الثدي. هذا ويتم إجراء فحص مكمل باستخدام الموجات فوق الصوتية، مما يتيح اكتشاف الأورام الصغيرة حتى (2 سم)، ويلاحظ أن هذه الأورام ليست كلها خبيثة، حيث يمكن أخذ عينة للمحسوس منها وتحليلها لمعرفة طبيعتها.
ماذا عن الأورام الأصغر من ذلك؟
لا يمكن اكتشاف الأورام الأصغر من (2 سم) عن طريق التحسس بالأصابع أو أية طريقة اكلينيكية أخرى، وإنما ترى هذه الأورام في صور أشعة الثدي (الماموجرافي)، إما على شكل ورم صغير، أو على شكل تجمع غريب ودقيق لذرات الكالسيوم في الورم، مما يعطيها شكلاً خاصاً في الأشعة، يستطيع معها الطبيب الماهر التعرف على مكان الورم، ولكن ليس بصفة مؤكدة، حيث أن معظم هذه الظواهر المرئية قد تصاحب أمراضاً حميدة لا خوف منها على الإطلاق (80٪ من الحالات)، ولا يمكن استبعاد وجود الورم الخبيث إلا عن طريق أخذ عينة من الثدي.. لهذا اتفق الخبراء على ضرورة الحصول على صورة مبدئية للثدي عند الوصول إلى سن 35 سنة وضرورة عمل أشعة له بالموجات فوق الصوتية بصفة دورية اعتباراً من سن 40 سنة.
عينة الثدي
لما كانت عينة الثدي هي الفيصل الأكيد في تشخيص أورام الثدي، لذا فإن آلاف العينات تؤخذ من النساء كل يوم لإنجاز الفحص المطلوب، ولهذا كانت للطريقة التي تؤخذ بها العينة أهمية عالية حيث يجب أخذ هذا الجزء الصغير المصاب كاملاً دون غيره، ودون إزالة جزء كبير من نسيج الثدي، ودون تشويه الثدي نفسه.
الآبي أحدث جهاز لاكتشاف الأورام
يتسم أخذ عينة بواسطة نظام الآبي عن الطرائق التقليدية (مثل الجراحة العادية بعد زرع علامة في مكان الورم، أو عينة بواسطة أبر الشفط والإبر الأخرى) بعدة سمات أهمها:
- الدقة المتناهية في تحديد مكان أخذ العينة وحتى (1 ملم).
- إزالة الجزء المصاب كاملاً وليس جزءاً منه فقط.
بالإضافة إلى عدم الحاجة إلى دخول حجرة العمليات أو استخدام التخدير العام، وبالتالي الرجوع إلى النشاط الطبيعي في اليوم نفسه والتخلص من رهبة دخول المستشفى وحجرة العمليات، فضلاً عن أن مكان أخذ العينة يكون أصغر بكثير منه بعد الجراحة العادية، مما يمنع تشوه الثدي.
كيف تؤخذ العينة بواسطة جهاز الآبي؟
تنام السيدة على السرير الخاص بجهاز الآبي بحيث يتدلى الثدي من الفتحة الموجودة بالسرير، حيث يظهر الثدي في الشباك الخاص بأخذ صورة الأشعة.
وبداية يتم أخذ عدة صور لتحديد مكان وجود الجزء المشتبه به بواسطة نظام ستريو للأشعة. هذا النظام الذكي للأشعة يتيح تصوير الثدي من زاويتين مختلفتين، ويقوم الكمبيوتر بمطابقة الصورتين لتحديد الأبعاد الثلاثية، ومكان العينة بدقة متناهية تصل إلى أقل من (1 ملم)، ثم يقوم الطبيب المختص بإعطاء تخدير موضعي بواسطة إبرة دقيقة للمكان المحدد، وبعد التأكد من دقة تحديد مكان أخذ العينة يقوم الطبيب بإدخال جهاز أخذ العينة من أنبوبة متفاوتة المقاسات لإزالة الجزء المطلوب كاملاً.
ولما كان الجزء المزال صغيراً جداً نظراً للدقة المتناهية لنظام الآبي، فإن مكان أخذ العينة يتم رتقه بغرزة رقيقة، وتغطيته بلصقة طبية صغيرة، وتغادر المريضة بعدها المستشفى وهي مطمئنة تماماً.
ما الخطوات المتبعة بعد إزالة الورم ـ إن وجدت؟
هنا تكون مسؤولية الطبيب في متابعة المريضة لمدة خمس سنوات لندرة عودة السرطان بعد هذه المدة، والسرطان وإن كان يصيب الإنسان في أي سن وفي أي جزء من الجسم إلا أنه يعتبر الثالث عشر بالنسبة للأمراض المستعصية الأخرى الميؤوس من شفائها وعلى ذلك يجب على كل سيدة أن تعرف أن مرض السرطان ـ وخاصة سرطان الثدي ـ لم يعد ذلك الشبح الذي يخيف ولكن العناية والمتابعة والاكتشاف المبكر بالأجهزة الحديثة يمكن من الشفاء منه إلى حد كبير.
استئصال ثدي المرأة له شروط
بعض النساء يخفن من سرطان الثدي، والبعض الآخر يفضلن الموت على الحياة، وما يزيد من شعورهن بالعداء تجاه هذا المرض هو التخلف العلمي لبعض الأطباء ممن يقرون استئصال الثدي كاملاً عند اكتشاف أي ورم مهما كان حجمه، بينما يؤكد الباحثون أن فرصة الحياة للمرأة المصابة قد تكون أفضل في حالة إزالة الورم فقط ثم المتابعة بالعلاج الإشعاعي.
كما أن الاحصائيات أكدت أن 75٪ من السيدات المصابات بسرطان الثدي يستأصل منهن الورم فقط مع أجزاء صغيرة حوله دون المساس بالثدي نفسه، وفي حالة استئصال الثدي تبقى المريضة في المستشفى لمدة لا تقل عن أسبوعين حيث تجرى الجراحة تحت تخدير كامل، أما في حالة استئصال الورم فقط فإن ذلك يستغرق حوالي الساعة، ويمكن للمريضة مغادرة المستشفى في اليوم نفسه.
ويؤكد الباحثون في جامعة نورث وستران» الأمريكية أن 44٪ من السيدات تلزم حالتهن استئصال الورم فقط، ومع ذلك ينصحهم الأطباء باستئصال الثدي كله، مما يشير إلى عدم إدراك الأطباء للأسس العلمية لهذا الموضوع. وقد أعلنت الدكتورة مونيكا مورو» أستاذة وخبيرة الجراحة بجامعة نورث وستران» استياءها من هؤلاء الأطباء، وقدمت عدة تقارير واحصائيات للمعهد القومي الأمريكي أوضحت فيها أن العمر الافتراضي للمرأة المصابة بأورام الثدي (شرط عدم الانتشار فيما ورائه) بلغ 5 سنوات، وبنسبة شفاء 92٪ ولكن في حالة ما إذا تحرك الورم إلى الكبد أو الرئة أو المخ، فإن نسبة الشفاء تقل إلى 18٪. وتحدد الدكتورة اليزابيت الحالات التي تستدعي الاستئصال فيما يلي:
الإصابة بسرطان الثدي خلال الشهور الثلاثة الأولى أو الثانية من الحمل، لأن تعرضها للعلاج بالإشعاع يؤثر على الجنين.
- السيدات اللائي سبق علاجهن بالإشعاع
- السيدات المصابات بأورام عديدة وفي مناطق متفرقة من الثدي.
- ظهور تكلس في مناطق عديدة بالثدي يدل على أن الخلايا السرطانية منتشرة في مناطق عدة في الثدي.
كيف تتعايش مع مرض السرطان؟
تلعب طبيعة الحياة خلال فترة العلاج دوراً أساسياً في وضع المريض المعنوي وقد اتجه الطب حديثاً إلى تخفيف المتطلبات القاسية التي يفرضها العلاج.
ففي الماضي كانت عملية نقل الدواء بالمصل أمراً مؤلماً، إلا أنها اليوم تتم دون ألم بوجود المسابر الخاصة ـ وهي عبارة عن أنابيب صغيرة توضع مباشرة في الشرايين الرئيسية، وقد صارت مدة الاستشفاء قصيرة، وهذا ما يتيح للمرضى متابعة حياتهم الطبيعية ونشاطهم المهني المعتاد. وكل ذلك لتأمين الراحة الضرورية للمصابين، وجعل حياتهم أقل مأساوية.
ومع ذلك فما زال للتشخيص وقع الصاعقة، إذ يبدو المرض أولاً غير حقيقي، ويعجز المريض عن القبول به وتصديقه، لذلك ينبغي استعادة رباطة الجأش بسرعة والمحافظة على الأمل، وقد يقال: الكلام سهل جداً… صحيح، لكن كيف السبيل إلى الحياة مع سيف مسلط على الرأس باستمرار؟
هنا يلعب المحيط العائلي دوراً أساسياً في مساعدة المرضى على تخطي صعوبات هذه المرحلة. ويمكن أيضاً اللجوء إلى الأطباء النفسيين طلباً للمساعدة المعنوية والنفسية اللازمة. وغالباً ما يكون هاجس المريض في البداية الخوف من الموت. لكن الوقت يحمل إليه الأمل شيئاً فشيئاً، وخصوصاً مع تقدم الطب بشكل كبير، والخطوات الجبارة التي حققتها التكنولوجيا المعاصرة والمسخرة في هذا المجال.
تجنبوا المبيدات!
هناك أدلة كثيرة بأن أنواع السرطان ازدادت في السنوات الماضية مثل سرطان الدماغ وسرطان الخصيتين وسرطان الثدي وسرطان البروستات ولذا يجب تحاشي جميع المبيدات التي تسبب السرطان عند الحيوانات، ورغم أن البعض يقول إن ما حدث عند الحيوان لا يمكن نقله إلى الإنسان ولكن تبقى العلاقة قائمة ولا يمكن تجاهلها ذلك أن ازدياد استعمال المبيدات من شأنه أن يؤثر على تلوث الأطعمة والمياه الجوفية والبحيرات والينابيع، ولذا يجب السماح فقط بالمواد الكيميائية المأمونة والاعتماد أكثر على الوسائل البيولوجية في مكافحة الحشرات.