سكري الأحداث هو أكثر اضطرابات جهاز الغدد الصماء شيوعاً في مرحلة الطفولة. وتبين الدراسات أن التأثيرات السلبية لهذا المرض الناجم عن عجز البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين بكميات كافية، لا تقتصر على الطفل المصاب فقط ولكنها تمتد لتطال أفراد أسرته أيضاً، فلأن السكري يؤثر على العمليات الجسمية الأساسية، ولأن ضبطه يفرض على الطفل وأسرته أداء أدوار علاجية غير سهلة، فهو غالباً ما يمثل تحدياً خاصاً بالنسبة لهم ولتكيفهم النفسي ـ الاجتماعي.
فقد يصبح الطفل المصاب بالسكري إعتمادياً وكثيراً ما يسهم الآباء والمعلمون في تطور هذه الصفة وذلك عبر الحماية الزائدة للطفل، والسكري قد يدرك من قبل الطفل باعتباره حالة تقود بالضرورة إلى الضعف أو العجز، الأمر الذي يعمل بمثابة مصدر للضغوط النفسية الهائلة.
وبالنسبة للأسرة فالسكري يتضمن نقل المسؤولية مباشرة من الأطباء إليها. والعناية اليومية ومتابعة الوضع الصحي للطفل في البيت تتطلب الجهد والوقت، وذلك بدوره يتطلب من الأسرة إعادة تنظيم أنماط الحياة لتصبح ملائمة لتلبية الحاجات الخاصة وللقيود التي يفرضها المرض، فالأطفال المصابون بالسكري يحتاجون إلى التنظيم الغذائي، والحقن اليومي بالأنسولين، وفحص البول، وضبط نسبة السكر في الدم، كذلك فالسكري، شأنه في ذلك شأن الأمراض المزمنة جميعاً، قد ينطوي على الخوف من المستقبل وعلى الشعور بالحاجة إلى الدعم والمساعدة.
ومن شأن ذلك كله أن يولّد مشاعر القلق لدى كل من الطفل وأسرته، وقد يتولد لدى الوالدين بوجه خاص شعور بالذنب كون المرض يرتبط بالعوامل الوراثية، وقد بيّنت بعض الدراسات أن السكري قد يؤثر على العلاقات الزوجية.
وغالباً ما يمر الأطفال المصابون بالسكري وأسرهم بسلسلة من ردود الفعل والمراحل النفسية التي تشمل في العادة: الصدمة والنكران والغضب والإكتئاب وأخيراً التكيف، وفيما يلي وصف موجز لردود الفعل هذه:
-
الصدمة:
تتضمن الصدمة ردود فعل دفاعية نفسية أو جسمية، وهي تشكل في العادة رد الفعل الأول لدى الطفل ووالديه وغالباً ما يرافقها شعور بالخيبة وعدم تصديق الأمر الواقع.
-
النكران:
ويتضمن عدم اعتراف الطفل والوالدين بالمرض، فهم يبدون كمن فقد الإتصال بالواقع، إنهم قد يقبلون التشخيص الطبي عقلياً ولكنهم يرفضونه عاطفياً.
-
الغضب:
وقد يعتري الطفل أو الوالدين نتيجة الصعوبات النفسية والجسمية. وقد يوجهون غضبهم نحو الأطباء أو حتى نحو بعضهم بعضاً.
-
الإكتئاب:
كذلك قد يعاني الطفل ووالداه من الإكتئاب النفسي، ويتضمن الإكتئاب التعبير عن الشعور بعدم الحيلة وفقدان الأمل في المستقبل.
-
التكيف:
وأخيراً، يصل الطفل ووالداه تدريجياً وبعد المعاناة إلى مرحلة التكيف مع المرض وقبول الأمر الواقع، ويساعدهم في تحقيق ذلك مصادر الدعم والعلاج المتاحة.
إن مسؤولية مساعدة الطفل المصاب بالسكري وأسرته لا تقتصر على المجتمع الطبي، ولكنها تشمل أيضاً العاملين في الميادين الإنسانية والإجتماعية مثل المرشدين والاختصاصيين الإجتماعيين والمعلمين وغيرهم.
ولعل أفضل الخدمات وأكثرها فاعلية تلك التي يقوم على تقديمها ومتابعتها وتقويمها فريق متعدد التخصصات، وينبغي على ذلك الفريق أن يراعي الإعتبارات الأساسية التالية:
- إن مساعدة الطفل وأسرته تتطلب معرفة طبيعة المرض وإدراك تأثيراته المحتملة على الطفل وعلى العلاقات الأسرية والصحة النفسية.
- إن السكري لدى الأطفال قد لا يؤثر على الوالدين فقط ولكنه قد يؤثر أيضاً على الإخوان والأخوات.
- هناك تباين ملحوظ في استجابات الأطفال والأسر لمرض السكري، ولذلك يجب تقويم وضع الطفل وأسرته فردياً، ويمكن تحقيق ذلك عبر المقابلة والتقارير الذاتية والملاحظة والمقاييس النفسية والإجتماعية المعروفة.
- يجب مساعدة الطفل وأسرته على التعبير عن مشاعر الغضب والقلق والإمتعاض، وعلى مقدمي الخدمات الإنسانية والإجتماعية للأطفال وأسرهم الحرص على بناء علاقة تقوم على الثقة والقيام بالأنماط السلوكية التي تعكس اهتماماً حقيقياً واستماعاً نشطاً لجميع أفراد الأسرة.
- بما أن صراعات أسرية كثيراً ما تدور حول عدم امتثال الطفل المصاب بالسكري للنظام العلاجي فإن على الاختصاصيين استخدام الأساليب المناسبة لتحقيق هذا الهدف الأساسي. وقد يساعد في ذلك اشتراك الآباء في مجموعات الدعم الأسري، واستخدام أساليب تعديل السلوك، وتقديم البرامج الإرشادية للأطفال بهدف مساعدتهم في تطوير إدراك صحيح للمرض والتكيف مع متطلباته..
أستاذ التربية الخاصة في قسم الإرشاد والتربية الخاصة، كلية العلوم التربوية/الجامعة الأردنية. حصل على البكالوريوس من الجامعة الأردنية (1976) ، والماجستير من جامعة ولاية متشيغان (1982)، والدكتوراه من جامعة ولاية اهايو (1982). عمل نائباً لعميد كلية الدراسات العليا، ورئيساً لقسم الارشاد والتربية الخاصة، ومستشاراً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
له أكثر من عشرين كتابا في التربية الخاصة وتعديل السلوك منها: المدخل إلى التربية الخاصة، وتعديل السلوك الإنساني، ومناهج وأساليب التدريس في التربية الخاصة، ومقدمة في الإعاقة العقلية، ومقدمة في تأهيل الأشخاص المعوقين، ومقدمة في الإعاقات الجسمية والصحية، واستراتيجيات تعليم الطلبة ذوي الحاجات الخاصة في المدارس العادية، ومقدمة في التدخل المبكر. ونشر أكثر من خمسين بحثاً في مجلات عربية وأجنبية محكمة.
شارك في أكثر من 100 دورة تدريبية، ومؤتمر علمي، وندوة. وأشرف على أكثر من ستين رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه في التربية الخاصة، وقام بتدريس أكثر من 40 مادة في التربية الخاصة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وقدّم عدداً كبيراً من الاستشارات في التربية الخاصة على المستوى المحلي والعربي.
وشارك في عضوية العديد من اللجان والمجالس العلمية والمنظمات المحلية والدولية مثل: المجلس الأمريكي للأطفال ذوي الحاجات الخاصة، والأكاديمية الأمركية لاختصاصيي التربية الخاصة، ومجلس البحث العلمي في الجامعة الأردنية، والمجلس الوطني للأشخاص المعوقين، وهيئة تحرير مجلة دراسات، ومجلسي أمناء جامعة عمان الأهلية وجامعة الحسين بن طلال، ولجنة ترجمة الفكر العالمي في الجامعة الأردنية.
حصل على الجوائز العلمية التالية: جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبان للعلوم الانسانية (1993)، وجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم (1994)، وجائزة جمعية الأطفال المعاقين للبحث العلمي في التربية الخاصة، السعودية، (1998)، وجائزة وزارة التعليم العالي للباحث المتميز في العلوم الإنسانية (2005)، وجائزة خليفة التربوية في مجال التعليم العالي على مستوى الوطن العربي (2010)، وجائزة جامعة فيلادلفيا لأفضل كتاب مؤلف (2010).