لا شك أن لأسرة الطفل المعاق صلة بمجموعة كبيرة من الناس إما بحكم العلاقات الشخصية كالأصدقاء والأقارب المباشرين وإما بحكم أنهم متخصصون مهنيون مثل الأطباء والاختصاصيين النفسيين والمدرسين وغيرهم. وهؤلاء في الغالب يغمرون الوالدين بمجموعة كبيرة من النصائح غير أن هناك مجموعة من الجوانب يجب على من يساعد الوالدين أن يأخذها في الاعتبار:
- لا تحاول أن تدّعي فهمك التام للخبرة التي يعيشه الوالدان ويمكنك بالطبع أن تكون حساسا متعاطفا نحو الوالدين ومع ذلك فما لم تكن قد خبرته موقفهما فإن عليك أن تكون أمينا معهم.
- يمكنك في حدود إمكانياتك وينبغي عليك كذلك أن تقدم المعلومات المناسبة والهامة وأن تريح وتساند الوالدين الذين لديهما طفل شديد الإعاقة.
من بين لجوانب التي يجب أن يأخذها المرشدون ومن يعملون في مساعدة الوالدين لاتجاهات التي يتبناها هؤلاء الآباء اتجاه أبنائهم بشكل خاص واتجاه العجز بشكل عام وكذلك مشاعرهم نحو هؤلاء الأبناء، ويجب على هؤلاء المرشدين ألا يأخذوا موضوع الاتجاهات والمشاعر في شكل قوالب معينة يعممون منها إلى الوالدين والأسر والأطفال المعوقين الذين يعملون معهم. وإنما يجب تقييمهم للاتجاهات والمشاعر قائما على أساس كل حالة وكل موقف على حدة وأن تكون معلوماتهم التي يبنون عليها عملهم قائمة على أساس ما يستقونه من المتخصصين الآخرين، ومن ملاحظاتهم هم أنفسهم ومن الوالدين والطفل وبذلك يمكنهم أن يعدوا خططا إرشادية. (الشناوي 1997م)
الإجراءات الإرشادية:
إن إرشاد الوالدين يمر عبر العديد من الإجراءات أولها تكوين العلاقة الإرشادية والتي تتم بين المرشد والمسترشد في حدود معايير اجتماعية تحدد ما هو دور كل منهما وتهدف إلى تحقيقا لأهداف العامة والخاصة للعملية الإرشادية. ويعتمد نجاح هذه العلاقة على العديد من العوامل منها: الثقة، والتقبل، وحسن الإصغاء، والسرية، والخصوصية، والاحترام، والدفء، والحب، والحنان، والمشاركة الوجدانية.
وبعد ذلك تأتي عملية تحديد الأهداف ويجب أن يحدد المرشد والمسترشد أهداف عملية الإرشاد والبدء بالأهداف العامة ومن ثم الخاصة وبالتدريج. بعدها يتم جمع المعلومات المرتبطة بالمسترشد ومشكلته وبيئته وهذه المعلومات يأخذها المرشد من الاختبارات والمقاييس التقديرية والمقاييس السوسيومترية. بالإضافة إلى ذلك معرفة المسترشد وشخصيته ومشكلته من كل الجوانب ومن أهله أو زملائه أو بيئته وباستخدام كافة وسائل جمع المعلومات الممكنة مع مراعاة تعددها والشروط العامة التي تكفل نجاحها والثقة في المعلومات، ومن ثم يتم اتخاذ أسلوب لحل المشكلات حيث يقوم المرشد بمساعدة المسترشد على حل مشكلته وذلك من خلال اقتراح عد من الحلول الرئيسية والحلول البديلة ومن ثم يختار المسترشد الحل الأفضل والمناسب له. بعدها يتم تقييم تلك العملية في ضوء نتائجها وآثارها ويشترك في تقييم عملية الإرشاد كل من المرشد وزملائه والمسترشد والوالدين والرفاق. وأخيرا تأتي خطوة إنهاء العلاقة الإرشادية. (د. الفرخ، 1999م)
ومن المهم أن يدرك المرشدون أن العمل مع الوالدين ليس موجها فقط نحوهما ونحو راحتهما أو مجرد إزالة الضغوط الناتجة عن وجود الطفل المعوق وإنما هذا العمل موجها أيضا وبشكل أساسي نحو اندماج الطفل في أسرته وفي المجتمع، وتحسين الاتجاهات نحوه ونحو إعاقته ويشمل هذا العمل الاستفادة من المصادر الاجتماعية المتاحة في المجتمع بأقصى ما يمكن لتحقيق أهداف الإرشاد.
ويجب أن يتلقى الوالدان مساندة وتعزيز امن المرشد وكذلك معلومات خاصة بالمشاعر المتوقع أن يعيشوها بمجرد دعوة الطفل إلى البيت، وبهذه الطريقة يكون لمرشد قد قدم رعاية شاملة ومتكاملة للأسرة التي ترزق بمولود غير مكتمل ويكون قد سهل توافقهم لطفلهم وتقبلهم غير المشروط لهذا الطفل والمرشد النفسي الذي يعمل مع الوالدين بوسعه أن يستخدم مجموعة من طرق الإرشاد والعلاج النفسي مثل الطرق السلوكية (أساليب العلاج السلوكي) وهذه الأساليب يمكن أن يعلمها أيضا للوالدين للتعامل بها مع مشكلات الطفل. والطرق المعرفية وهذه تشمل تنوعا كبيرا بدءا من أساليب تعديل الاتجاهات وأساليب بث الثقة بالنفس مراعاة تصوير المشكلة وتصحيح الأفكار الخاطئة حول الإعاقة وكذلك أسلو حل المشكلات وأساليب مواجهة الأزمات وخاصة في المراحل الأولى للمشكلة وتشمل هذه الطرق بشكل خاص على المساندة العلاجية.
توصيات إرشادية للوالدين الذين رزقا بطفل لديه إعاقة عقلية:
إن أفضل ما يداوي صدمة الآباء عند علمهما بحالة طفلهما هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والاسترجاع والدعاء إلى الله أن يلهمهما الصبر على ما أصابهما وأن يعينهما على أن يرعيا هذا الطفل
إن يعلم الوالدان أن للرسول (ص) أوصى بأن نرعى الضعفاء وأن رعاية الطفل المعوق واجب على الوالدين.
أن يعلم الوالدان أنهما ليسا وحدهما فيم أصابهما وأن هناك عشرات ومئات بل وآلاف من مثل حالة طفلهما.
يحسن أن يعبر الوالدان عن مشاعرهما، وأن يعرف كلمنهما شعور الآخر إزاء الموقف الذي يمران به، وأن يشجع كل منهما الآخر على عمل شيء إيجابي وأن تكون لهما خططا مشتركة في التصرف وأسلوب منسجم في التعامل مع الطفل المعاق.
التحدث مع الأشخاص المقربين في حياة كل إنسان أشخاص يرتاح إليهم ويشعر بالطمأنينة وهو يتحدث معهم عما يشغله وعما يشعر به ويمكن للوالدين أن يستفيدوا منهم للتخفيف من المشاعر المؤلمة التي تعتريهم.
تذكر أن الطفل هو طفلك هذا الشخص الذي تنشغل به إنما هو طفلك أولا وقبل كل شيء ومع التسليم بأن نمو هذا الطفل قد يختلف عن ذلك الذي يمر به الأطفال الآخرون لكن هذا لا يجعل طفلك أقل قيمة أو أقل إنسانية أو أقل أهمية أو أقل حاجة لحبك ووالديتك.. أحبب طفلك واستمتع بوجوده فالطفل يأتي أولا وبعد ذلك تأتي حالة الإعاقة. (د. الشناوي،1997 م)
الملخص
وأخيرا بعد هذه الوقفة القصيرة مع إرشاد أسر الأطفال ذوي الإعاقة العقلية، لا يبقى مجال للشك بأن هؤلاء الأسر كانوا يحلمون بطفل طبيعي يقوم بتحقيق أحلامهم وما يرغبون فيه ولم يستطيعوا أن يقوموا به في حياتهم ولا يتوقعون أبدا بأنهم سينجبون طفل مختلف عن الأطفال الآخرين.
ولذلك فهم يمرون بعدة مراحل منها الصدمة وعدم تقبل هذا الطفل ورفضه والتهرب من مسؤولياتهم نحو رعايته والاهتمام به وغيرها من المشاكل التي يصادفونها نتيجة لطفلهم المعاق.
وبذلك تكثر وتزيد سوءا تلك المشكلات التي يصادفونها نتيجة لطفلهم المعاق. وبذلك تكثر وتزيد سوءا تلك المشكلات حتى أنهم لا يستطيعون مواجهتها والتغلب عليها مما يسبب ضغوطا نفسية في حياتهم وهنا يأتي دور المرشد الماهر الذي يستطيع من خلال مهاراته وعلاقاته الإرشادية مع الوالدين وبما تلقى من معارف نفسية وما لديه من خصائص شخصية وما يساند عمله من قواعد وآداب المهنة، يستطيع أن يتعرف على حاجات الوالدين الذين يعمل معهم وحاجات أطفالهم المعوقين وهو الذي بوسعه أن يستفيد من مصادر المجتمع بأقصى ما يمكن عمله في عمله الإرشادي لتلبية حاجات المسترشد ويجب أن يدرك المرشد أنه يعمل مع والدين في موقف أزمة أو محنة وأنعليه من خلال عمله الإرشادي أن يوفر المساندة لهم وأن يساعدهم في التغلب على مشكلاتهم وذلك عن طريق تطوير مهاراتهم.
*** انتهى ***
المراجع
- جاك سي استيوارت، ارشاد الآباء ذوي الأطفال غير العاديين، ترجمة: د. عبد الصمد قائد الغبري، د. فريدة عبد الوهاب آل مشرف، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، ط1، 1993م.
- د. يوسف القريوتي، د. جميل الصمادي، د. عبد العزيز السرطاوي، المدخل إلى التربية الخاصة، دار القلم للنشر والتوزيع، دبي، ط1، 1995م.
- د. علا عبد الباقي إبراهيم، التعرف على الإعاقة العقلية وعلاجها، وإجراءات الوقاية منها، مطابع الطوبجي التجارية، القاهرة، ط1، 1993م.
- د. كاملة الفرخ شعبان، د. عبد الجابر تيم، مبادئ التوجيه والإرشاد النفسي، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 1999م.
- جاك سي استيوارت، ارشاد الآباء ذوي الأطفال غير العاديين، ترجمة: د. عبد الصمد قائد الغبري، د. فريدة عبد الوهاب آل مشرف، مطابع جامعة الملك سعود، الرياض، ط1، 1993م.