الكلام أو النطق هو نعمة من نعم الله الجليلة التي وهبها سبحانه وتعالى لبني آدم، فمن خلال الكلام يستطيع الإنسان أن يعبر عن كل ما يجيش في صدره، وما يتطلبه جسده. فالكلام هو أداة هامة في تواصل بني آدم بعضهم بعضاً، بل هو أساس هام في تواصل بني آدم في التعبير عن الحياة في كل صورها، وقد قالوا قديماً: (إن المرء مختبئ وراء لسانه، فإذا تكلم ظهر). وقال ضمرة بن ضمرة: (إنما المرء بأصغريه: بقلبه ولسانه).
تعريف الكلام
يعرف علماء اللغة الكلام، بأنه ما انتظم وأفاد من حرفين فصاعدا من الحروف المعقولة، إذا وقع ممن تصح عنه أو عن قومه (قبيلته) الإفادة. كما يقصد بالكلام تلك الرموز الصوتية التي يتم التلفظ (النطق بها) والتي تسمح بالتخاطب.
كيف تتم عملية الكلام؟
إذا كان الكلام هو نوع خاص من السلوك يخرج الإنسان من حالة السكون والكمون إلى حالة الحركة والنشاط،، فكيف إذن ننتقل من حالة السكوت إلى حالة التكلم والأخذ في الحديث؟…
تتم عملية الكلام من خلال سلسلة من العمليات المعقدة، وتتم في جزء ضئيل من الثانية الواحدة، وبشكل آلي فائق الدقة والسرعة، فإذا أراد شخص أن ينطق الصوت (ب) مثلا، ففي البداية يستدعي الدماغ الصورة الصوتية للصوت (ب)، فيصدر أمرا للجهاز العصبي المركزي بنطق الصوت (ب)، وهو بدوره يقوم بتوصيل الأمر إلى الجهاز العصبي الطرفي الذي يقوم بتوصيل الأمر عن طريق الأعصاب المسؤولة عن عضلات الشفاه لكي تتحرك وتنقبض، وفي الوقت ذاته يصدر الأمر ـ وبنفس التسلسل السابق ـ إلى عضلات الجهاز التنفسي لكي يقوم بإخراج الهواء من الرئتين إلى القصبة الهوائية، ومن ثم إلى الحنجرة فتهتز الحبال الصوتية نتيجة لاندفاع الهواء من خلالها، ينتج عن ذلك صوت يتم تشكيله داخل تجويف الفم، يصل الهواء إلى الشفاه المنقبضة فتنفتح ويحدث ما يشبه الانفجار.
دور الأعضاء في عملية الكلام
إن عملية النطق والكلام هي عبارة عن عملية عضوية بحتة، تتفاعل مع غيرها من العوامل النفسية والصحية والاجتماعية والتربوية. وتشير الدراسات المتقدمة حول فسيولوجية النطق والكلام، وعلم النفس اللغوي، أن وظيفة اللغة والكلام تتأثر بالعديد من الوظائف العضوية المتكاملة للأعضاء التالية:
- أعضاء استقبال الصوت أو الكلمات: وتقوم هذه الأعضاء بوظيفة استقبال المنبهات السمعية أو البصرية، ونقلها إلى المخ عبر مسالك سمعية بصرية، من أجل فهم وتفسير هذه الرسائل في المخ وتنظيم الإجابة الكلامية المناسبة، وبمعنى آخر تمثل أعضاء الاستقبال هذه مداخل اللغة المتمثلة في حاسة السمع وفي رؤية الكلمات المكتوبة، وفي الخصائص الفيزيائية للصوت.
- أعضاء التنفيذ: ويمثل هذه الوظيفة الأعضاء التالية: الحجاب الحاجز، جهاز التنفس والرئتان، الحنجرة والحبال الصوتية والعضلات المحيطة بالحنجرة، اللهاة والغلصمة، تجاويف الأنف والفم مع سقف الحلق، اللسان والفكين والشفاه والأسنان.
- أعضاء التنظيم الوظيفي والمركزي: وتتمثل هذه الأعضاء بالجهاز العصبي القشري، ونصفي كرتي المخ والنوى العصبية تحت قشرية والأعصاب الدماغية.
ويجب ملاحظة أن جميع هذه الأعضاء السابقة تخدم أغراضا وظيفية أخرى غير غرض النطق والكلام، كما أن هناك جوانب عصبية قشرية وتحت قشرية تتعلق باللغة لازالت غامضة لحد ما.
دور الأحشاء الداخلية في عملية الكلام
عندما يستعد الفرد للكلام، فإنه يستنشق الهواء ويمتلئ صدره قليلا، وإذا بدأ في الكلام فإن عضلات البطن تتقلص قبل البدء بنطق أول كلمة، وهذا التقلص يدفع الأمعاء إلى الأسفل من القفص الصدري، والتي بدورها تدفع الحجاب الحاجز إلى الأعلى حيث تنشط عضلات الصدر، ويؤدي ذلك إلى تقلص العضلات الواقعة بين الأضلاع الصدرية، ويتم ذلك بواسطة حركات سريعة تقوم بدفع الهواء نحو الأعلى عبر الحنجرة والتجاويف الحلقية والأنفية والفمية، وتواصل عضلات البطن تقلصاتها في حركة بطيئة مضبوطة إلى أن ينتهي الإنسان من نطق الجملة الأولى، فإذا انتهى فإن عضلات الشهيق تملأ الصدر ثانية وبسرعة، وتسترخي استعدادا للنطق بجملة أخرى.
المراجع:
- د. حنفي بن عيسى، محاضرات في علم النفس اللغوي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، الطبعة الرابعة 1993.
- د. فيصل محمد خير الزراد، اللغة واضطرابات النطق والكلام، دار المريخ.
- www.werathah.com
حي بن حميدي صبرة
تلمسان – الجزائر