عدم اكتمال الوعي المجتمعي للإعاقات وللأشخاص من ذوي الإعاقة، ونظرات الاستغراب والشفقة والرفض والخوف من المجتمع المحيط كل هذا يزيد من الضغوط النفسية التي تقع على عاتق أولياء الأمور
إذا أردنا أن نحدد من هو الشخص المؤهل للتعامل مع ولي الأمر فيمكننا أن نقول ببساطة إن الإدارة والاختصاصيين والمعلمين هم المعنيون بالأمر، ولكن الحقيقة وواقع الأمر يقولان غير ذلك
إن علاقة ولي الأمر مع المدرسة بسبب تواجد ابنه فيها يتخللها الكثير من المقابلات مع الأشخاص المعنيين بالتعامل مع ابنه سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الإدارة والاختصاصية الاجتماعية والمعلمة
ولي الأمر هو شخص (أب أو أم) لطالب لديه (إعاقة ذهنية) قد تكون بسيطة أو شديدة أو متوسطة أو متعددة، وفي معظم الحالات ترافقها مشاكل أخرى سلوكية أو حركية أو مشاكل تتعلق بالاعتماد على الغير كلياً أو جزئياً.
-
وإذا أردنا أن نتعرف على ولي الأمر عن قرب بهدف إيجاد علاقة عملية تتسم بالإيجابية، علينا أن نتعرف على الأعباء والمسؤوليات التي يتحملها ولي الأمر وهي:
- ولي الأمر يسعى جاهداً إلى تلبية احتياجات أفراد أسرته، ومعظم الأحيان يكون عمله مجهداً، والأم تسعى جاهدة لتلبية احتياجات أفراد أسرتها وخلق بيئة غذائية وصحية للجميع، وفي حالة الأم الموظفة فإن المسؤولية تتضاعف.
- ضغوط العمل، والصعوبات، والبحث عن حلول لمشاكل العمل تضاف إلى رصيد ضغوط ولي الأمر، والأم تقع عليها ضغوط العمل المنزلي، أضف إلى ذلك ضغوط العمل إذا كانت موظفة.
- يسعى ولي الأمر دائماً للبحث عن الأفضل لأفراد أسرته (والأفضل) هو المكلف الذي يؤدي إلى إرهاق مادي أكثر، والأم تسعى إلى الجودة في أدائها المنزلي.
- يتولى ولي الأمر متابعة تعليم أبنائه في أوقات راحته من العمل، والأم تتولى الجزء الأكبر من هذه المسؤولية.
- مسؤولية متابعة الأبناء في المدارس يتحملها الأبوان وهي مسؤولية ليست بالهينة.
- مسؤوليات أخرى خارج نطاق المنزل الأسري، مثل العلاقات الاجتماعية، والمسؤوليات الأخرى تجاه الأقارب كالأب والأم والأخوة وقد تكون مادية أو معنوية.
-
الجزء الثاني ويتعلق بالمسؤوليات الخاصة التي يتحملها ولي الأمر بوجود ابن أو أكثر من ذوي الإعاقة وهي:
- مسؤولية القدرة على تقبل الإعاقة والتكيف معها وهذا بحاجة إلى وقت وجهد من الأبوين كليهما.
- المسؤولية المتعلقة بمعرفة احتياجات الابن ذي الإعاقة، ليست بالعملية السهلة وإنما تحتاج إلى جهد كبير في البحث والتدقيق.
- العبء النفسي المتعلق بالشعور بالمسؤولية تجاه الإعاقة أمر موجود لدى معظم أولياء الأمور.
- العبء النفسي المتزايد والناتج عن الشعور بالتقصير الدائم بحق الابن المعاق وذلك بسبب الخلل بالنمو الوظيفي لديه، وبالتالي تأخره عن أخوته في البيت نفسه.
- مسألة الشعور بالحاجة للآخرين تزداد بوجود الابن المعاق.
- الشعور بالغموض وعدم القدرة على تفسير حالة الابن وسلوكه يشكل ضغطاً نفسياً على الأبوين.
- الإرهاق المادي يزداد بوجود الابن المعاق بسبب الاحتياجات الخاصة إضافة إلى الاحتياجات المعتادة.
- الإرهاق الجسدي والنفسي للأبوين بسبب المشاكل الناتجة عن الإعاقة مثل: الحركة الزائدة أو العدوان أو التخريب أو الاعتمادية الكلية أو الجزئية.
- الأمل (الوهمي) عند بعض أولياء الأمور (بشفاء الإعاقة الذهنية) يضعهم في موقف حيرة وعدم إدراك للمهارات التي اكتسبها أبناؤهم أثناء تلقيهم أهدافهم التعليمية.
- الوعي المجتمعي الناقص للإعاقات والمعاقين، ونظرات الاستغراب والشفقة والرفض والخوف من المجتمع المحيط، كل هذا يزيد من الضغوط النفسية التي تقع على عاتق أولياء الأمور.
أولياء الأمور في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
كان ولا يزال الحديث عن ولي الأمر في العملية التعليمية يأخذ موقعه الهام فهناك ولي الأمر الذي يتعاون مع المدرسة في متابعة ابنه، وهناك ولي الأمر الذي هو على عكس ذلك تماماً، وولي الأمر الذي يتدخل في العملية التربوية بصورة إيجابية وآخر بصورة مغايرة.
هذا التقسيم لأولياء الأمور قد يكون صحيحاً بعض الأحيان، وقد لا يكون إذا كان التقييم مبنياً على آرائنا الشخصية، وعلى العموم ولي الأمر هو أب أو أم يبحث عن الأفضل لابنه أو ابنته، وأثناء هذا البحث سوف نرى عدة توجهات وعدة أساليب لأولياء الأمور في تناولهم لهذه المسألة.
إن ولي الأمر في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومدرسة الوفاء لتنمية القدرات على وجه الخصوص يحتاج إلى التأني والتأمل قبل الحكم عليه لعدة أسباب أولها وأهمها، الإعاقة التي أصيب بها الابن ودفعت ولي الأمر ليكون معنا في المدرسة.
ومن خلال هذه المقالة سوف نبين الخصوصية التي يتمتع بها ولي الأمر في المدرسة، وعلى أساس هذه الخصوصية سوف نحاول الوصول إلى أفضل الطرق والمداخل للتعامل معه.
الشخص المؤهل للتعامل مع ولي الأمر
إذا أردنا أن نحدد من هو الشخص المؤهل للتعامل مع ولي الأمر فيمكننا أن نقول ببساطة إن الإدارة والأخصائيين والمعلمين هم المعنيون بالأمر، ولكن الحقيقة وواقع الأمر يقولان غير ذلك فمن خلال التجربة العملية نجد أن هناك عدة أطراف للتواصل مع ولي الأمر مثل العاملة ومشرفة الحافلة والسائق وأي طرف آخر يتعامل مع الطلاب بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والمهم بالموضوع هو الوصول إلى استراتيجية محددة المعالم والأهداف تجمع نقاط التواصل هذه والقاسم المشترك بين الجميع هو التقبل للطالب وبالتالي التقبل لولي الأمر.
ماذا نتوقع من ولي الأمر؟
بناءً على ما سبق ذكره من الأعباء التي يتحملها أولياء الأمور يجب أن تكون توقعاتنا منطقية ومقبولة، وفيها الحد الأدنى من إيجاد ولي أمر متعاون و إلى حد معقول هنا لا بد من التوفيق بين ما نريد من ولي الأمر وما نتوقعه منه. فعلى سبيل المثال: الأب الذي يعمل ليل نهار لا يستطيع الحضور إلى المدرسة كلما طلبنا منه ذلك، قد نستطيع التواصل معه عن طريق طرف آخر مثل الأم أو عن طريق المراسلات ودفتر متابعة الطلاب أو وسائل التواصل الحديثة كالبريد الالكتروني.
وهناك عدة أساليب نستطيع اللجوء إليها بهدف فتح قناة تواصل مع ولي الأمر أهمها:
- توصيل الرسالة المناسبة لولي الأمر والتي تشير إلى أهميته في عملية تعليم ابنه.
- إطلاع ولي الأمر على تقدم ابنه في تعلم المهارات المختلفة أولاً بأول.
- إطلاع ولي الأمر على جميع النشاطات والفعاليات التي يشترك بها الطالب.
- إعلام ولي الأمر بكل طارئ يحدث للطالب من الناحية الصحية، والإجراءات التي تمت بخصوصه، ومتابعة حالته بشكل مستمر ومن عدة أطراف.
- توصيل الرسالة المناسبة لولي الأمر والتي توحي بامتلاكه القدرة على تقديم مبادرة تطوعية يستفيد منها الطلاب وليس ابنه فقط.
- تجنب إشعار ولي الأمر بالتقصير، وإنما محاولة إشراكه دائماً بكل ما يتعلق بابنه.
- الزيارات المنزلية بوجود ولي الأمر تساعد على تعزيز التواصل والمتابعة.
- مشاركة الأسرة بالمناسبات الاجتماعية ومشاطرتهم أحزانهم.
ماذا يتوقع ولي الأمر من المدرسة؟
على عكس ما نتوقعه منه، فإنه يتوقع الكثير مستنداً إلى الأمل الكبير بنا كمتخصصين، وهناك نسبة لا بأس بها تتوقع المستحيل لعدة أسباب أهمها:
عدم الاعتراف بوجود إعاقة، والمعلومات الناقصة و الخاطئة عن طبيعة الإعاقة، ومن هنا تبدأ العملية الإرشادية لولي الأمر، فهو بحاجة إلى المعلومات الصحيحة عن إعاقة ابنه وبحاجة قبل ذلك إلى مساعدته على التقبل والرضا بقضاء الله وقدره بهدف التكيف والتعايش مع الإعاقة والعمل على تحويل شعوره إلى طاقة إيجابية هدفها رفع مستوى أداء ابنه الوظيفي والعقلي، من هنا نستطيع وضع أهداف العملية الإرشادية كالتالي:
- مساعدة ولي الأمر على التكيف والتقبل والتعامل مع الإعاقة بإيجابية.
- مساعدته على التخفيف من التوتر والضغط الناتجين عن الإعاقة عند ابنه.
- مساعدته على ترتيب أمور حياته بوجود ابن معاق.
- مساعدة الأسرة بشكل عام على التكيف.
- إيجاد دور إيجابي لولي الأمر والأسرة في العملية التعليمية.
استراتيجيات التعامل
ولتحقيق هذه الأهداف لا بد من وضع استراتيجيات للتعامل مع ولي الأمر، تراعي جميع المواقف التي يتواجد بها ولي الأمر خلال العملية التعليمية لابنه.
أساسيات في التعامل مع ولي الأمر
- تقبل ولي الأمر كما هو عليه من ناحية الثقافة والشكل واللغة والاتجاهات والمعتقدات.
- تقديم الدعم النفسي لولي الأمر بالتعاطف معه.
- المشاركة الوجدانية بأن نضع أنفسنا مكانه، لاستيعاب مشاعره.
- تقديم التغذية الراجعة والمعلومات الخاصة بإعاقة ابنه بأسلوب يفهمه وخال من الإحراج.
- الوصول مع ولي الأمر إلى توحيد الأهداف المرتبطة بإعاقة ابنه بهدف خلق قناة تواصل سلسة ومترابطة وغير متناقضة من خلال جعله شريكاً أساسياً في العملية التعليمية.
مقابلة ولي الأمر
إن علاقة ولي الأمر مع المدرسة بسبب تواجد ابنه فيه يتخللها الكثير من المقابلات مع الأشخاص المعنيين بالتعامل مع ابنه سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر مثل الإدارة والأخصائية الاجتماعية والمعلمة.
وقد تكون المقابلة بطلب من ولي الأمر أو المدرسة، ومن المؤكد أن محورها هو الطالب، لذلك فإن الشخص الذي يقابل ولي الأمر عليه أن يكون ملماً بشكل كاف بموضوع المقابلة، وللمقابلة شروط أو فنيات يجب مراعاتها وهي:
- الجلسة يجب أن تكون مناسبة وتؤمن التواصل البصري.
- الترحيب والتعارف، ويجب أن يعلم ولي الأمر موقع الشخص الذي يقابله في عملية تعلم ابنه.
- بدء المقابلة بموضوع عام مشترك خارج موضوع المقابلة بهدف تخفيض التوتر إذا كان موجوداً، ولا يزيد عن خمس دقائق.
- ملاحظة ولي الأمر أثناء حديثه من ناحية الانفعالات ودرجات الصوت والحركات المرافقة للكلام بهدف إدراك موقف الأب من الموضوع ومدى أهميته.
- الإصغاء الجيد لولي الأمر وعدم مقاطعته، وإعطاؤه فرصة للتحدث أكثر، وتلخيص ما يقوله أمامه حتى يدرك مدى الاهتمام بما يقوله.
- مشاركته بحركاته أحياناً ولكن بصورة طبيعية لا تظهر أنه تقليد وبفروق وقتية مناسبة مما يساعد على تخفيف التوتر عنده.
- التوضيح وربط الأفكار مع بعضها بعضاً وإشعار ولي الأمر بالاهتمام والانتباه.
- يجب أن يكون أسلوب الحديث مفهوماً لولي الأمر بدون غموض وتعقيد مع استخدام مصطلحات واضحة وغير تخصصية كيلا يحرج.
- مراعاة طرح الأسئلة المناسبة والمهمة، وعدم الابتعاد عن هدف المقابلة والخوض بمواضيع لا علاقة لها بالموضوع.
- إعطاء تعبيرات الوجه السليمة المعبرة عن الموقف والتي تظهر التعاطف والدعم النفسي لولي الأمر.
- إنهاء المقابلة يكون متدرجاً وليس مفاجئاً ويفضل استعراض الموضوع وتلخيصه، والاتفاق مع ولي الأمر على مقابلة أخرى إذا لزم الأمر.
من خلال ما سبق نجد أن ولي الأمر عنصر مهم في العملية التعليمية لذا يجب مساعدته حتى يستطيع تحمل المسؤولية والانضمام بشكل فعلي إلى فريق العمل المعني بالتعامل مع ابنه ولن يحدث هذا إلا إذا تعاملنا معه بشكل كلي وليس بما نريد منه.
وعلينا أخذ خصوصيته بعين الاعتبار ومعرفة ما يريده هو منا نحن، وعلينا أن نلم بالأعباء التي يتحملها لتجنب تحميله أعباء جديدة فوق طاقته.
ومسؤوليتنا عن الطالب تتضمن مسؤوليتنا عن إعداد أولياء الأمور وتأهيلهم للتعامل بشكل سليم مع إعاقة أبنائهم، وقبل التأهيل يجب إيجاد قناة للتواصل قائمة على أسس سليمة أولها التقبل والاحترام ثم التعاطف والدعم النفسي وجميع أنواع الدعم الممكنة ثم إعطاؤه الحق بأن يكون شريكاً أساسياً في العملية التربوية.