دراسة استكشافية حول الأنماط السلوكية والدعم النفسي الأسري لهم
أ.د: محمد حمزة الزيودي ، د: أيمن رمضان زهران
انظر متلازمة ويليامز عند الأطفال – ج 3
إجراءات الدراسة الخاصة بمتلازمة ويليامز عند الأطفال :
عينة الدراسة
اشتملت العينة على تحليل ومراجعة لعدد من الدراسات والكتابات التي تناولت قضية الدراسة وخاصة في مجال متلازمة ويليامز والدعم النفسي للأسر.
منهجية الدراسة
اعتمدت الدراسة الحالية على المنهج الاستكشافي والمراجعة المنهجية، لمحاولة استكشاف تلك الإعاقة نادرة الحدوث، والإرشاد النفسي والأسري المقدم للأشخاص ذوي المتلازمة من قبل الاختصاصيين، والبحث الاستكشافي هو العملية التي يتم فيها التحقق من مشكلة معينة تتم دراستها أو التحقيق فيها بدقة في الماضي، وفي الغالب يتم إجراء هذا النوع من البحث للحصول على فهم أفضل للمشكلة الحالية.
نتائج الدراسة
للإجابة عن تساؤلات الدراسة تمت الإجابة عن التساؤلات على حدة كما يلي:
أولاً: نتائج التساؤل الأول: نص التساؤل الأول على “كيف يمكن تشخيص متلازمة وليامز والتعرف عليها؟”
فمن خلال استقراء الدراسات في مجال متلازمة ويليامز اتضح أن بعض الحالات لا تكون واضحة ويصعب تشخيصها، وقد تمر سنوات عديدة قبل القيام بتشخيصها، ولا يعتمد في التشخيص على العلامات الظاهرة، بل يحتاج إلى اختبارات خاصة، إلا أن التشخيص في الغالب يتم عن طريق طبيب الأطفال وطبيب الأمراض الوراثية، أو عن طريق فحص الكروموسومات، من ثم فحص التهجين الفلوري الموضعي، كما يتم تشخيص تلك المتلازمة عند زيادة التكلس في العظام، العمود الفقري، قاعدة الدماغ.
وقد أشارت الدراسات مثل دراسة (Sepúlveda& Resa, 2021) أنه يمكن تشخيص متلازمة ويليامز عند وجود فقد في جينات مُعينة، مثل الجين الذي ينتج بروتين الإيلاستين. حيث يعطي الإيلاستين مرونة أو تمدداً للأوعية الدموية وأنسجة الجسم الأخرى، كما يتم أحياناً تشخيص متلازمة ويليامز من خلال ملامح الوجه وأعراض القلب والأوعية الدمويّة، إلا أنه أحيانا يصعب تشخيص أعراض مميزة للإصابة بتلك المتلازمة، وليس بالضرورة أن يكون لجميع المصابين نفس الملامح والأعراض، ويمكن من خلال إجراء فحص الدم التحقق من وجود مستويات عالية من الكالسيوم، ويوجد بعض الاختبارات الجينيّة، التي يمكنها أن تشخص أكثر من 99 بالمائة من الحالات باستخدام التهجين الفلوري في الموقع (FISH) أو اختبار الحذف/المضاعفة.
وقد أورد الباحثون مثل (Mervis& John. 2011) أن تشخيص متلازمة وليامز يكون في المقام الأول على أساس تحليل الكروموسومات، وبما أن بعض الحالات الشاذة البسيطة لا يمكن تحديدها عن طريق الشذوذات البسيطة، يتم إجراء اختبارات جينية خاصة أثناء التشخيص، مما يؤكد أن جزءًا معينًا من كروموسوم واحد من الزوج السابع غير موجود، ويتم أيضاً إجراء فحص ما قبل الولادة والذي قد يكشف عن علامات الكلى المتعدد الكيسات التنسج، وعيوب خلقية في القلب، وزيادة الشفافية القفوية للجنين وانخفاض مستويات ألفا فيتو بروتين (MSAFP) في دم الأم.
ثانيا: نتائج التساؤل الثاني: نص التساؤل الثاني على “ما هي أكثر المشكلات التي تواجه الأشخاص من ذوي متلازمة ويليامز؟”
أكدت الدراسات الخاصة بمتلازمة ويليامز مثل دراسة Järvinen. et.al. (2015) أن الأشخاص من ذوي المتلازمة لديهم مشكلات كبيرة في التكيف بحيث يبدون تكيفاً أقل من أقرانهم في نفس المستوى العمري، كما أنهم غالباً ما يعانون من انخفاض درجات التواصل مع الآخرين وانخفاض المهارات اليومية، وبصفة عامة لديهم انخفاض في درجات الذكاء نتيجة سوء التكيف؛ إلا أنه في بعض الحالات تحسنت درجات السلوك التكيفي والذكاء مع تقدمهم في العمر.
كما تشير الأبحاث إلى وجود مشكلات كبيرة في البصر وضعف تخطيط حركة العين، إضافة إلى القصور الاجتماعي واللفظي، والمكاني لديهم، وضعف عام في الانتباه والذاكرة العاملة، لذلك إذا ارتبط أي عجز في واحد أو أكثر من المجالات السابقة من فترة الطفولة فصاعدًا يمكن أن يؤثر على مهارات أخرى لاحقًا في حياة الشخص ذي متلازمة ويليامز.
وأكدت دراسة (Bar& Barak. 2020) حول متلازمة ويليامز أن الشخص من ذوي المتلازمة يواجه عادة اضطراباً في النمو العصبي، وفرطاً في التواصل وتشوهات العصبية المعرفية الفريدة، والزيادة غير المناسبة في السلوك الاجتماعي، فالأشخاص ذوو متلازمة ويليامز ودودون للغاية حتى مع الغرباء، فنقص الجين المسمى Gtf2i قد يلعب دورًا في متلازمة ويليامز، فعندما يكون هذا الجين غائبا تحدث تغييرات في أحد أهم مكونات الدماغ لنقل الإشارات ضمن الدماغ ومن المحتمل أن تساهم في الود المفرط الذي لوحظ لدى الأشخاص من ذوي متلازمة ويليامز.
الأشخاص من ذوي متلازمة ويليامز كما تشير دراسة(Haas& Reis.2012) يتميزون بخصائص نفسية من خلال المجالات المعرفية المتعددة، وبنمط مميز في السلوك الاجتماعي، وزيادة الرغبة في التفاعل الاجتماعي، فغالبًا ما يتعامل الأشخاص ذوو المتلازمة مع الآخرين دون أي اعتبار للعواقب السلبية المحتملة، كما تواجه الأسر ومقدمو الرعاية تحديًا في مهمة تعليم الأطفال التصرف بطرق مناسبة اجتماعيًا، هذا وتعتبر الدراسات المصممة لتوضيح مسار الأداء الاجتماعي وتطور الدماغ لدى تلك الفئة خطوة حاسمة نحو تصميم وتنفيذ تقنيات التدخل المستهدفة التي تعزز التنمية الاجتماعية الصحية لدى الأفراد المتعاملين معهم.
ثالثا: نتائج التساؤل الثالث: نص التساؤل الثالث على ” ما هي الأنماط السلوكية المميزة للأشخاص ذوي متلازمة ويليامز؟”
اتفقت الدراسات الخاصة بمتلازمة ويليامز مثل دراسة (Mervis& Becera 2007) على أن بعض الصفات الشخصية بالنسبة لمتلازمة ويليامز تبدو واضحة، بحيث تتضمن طبيعة اجتماعية، والإحساس بالحزن غير المبرر في بعض الأحيان، والحساسية العالية للأصوات، إضافة للقلق الزائد.
ومن الصفات السلوكية المصاحبة قصر فترة الانتباه، حيث يواجه الأطفال من ذوي متلازمة ويليامز صعوبات في الانتباه، والتهور وعدم اتباع التعليمات بالإضافة إلى صعوبات في تعديل العواطف مثل الإفراط في مظاهر السعادة في حالة الفرح، وكثرة البكاء لأي ضغط بسيط، والخوف.
وقد اتفقت دراسات مثل دراسة Järvinen. et.al. (2015) على بعض الصفات السلوكية لديهم مثل الحساسية الشديدة للأصوات كصوت إنذار الحريق، المكانس الكهربائية، المراوح، أنظمة التبريد والتكييف وأجراس المدارس، والشعور بالتشتت أو السعادة أو حتى بالخوف عند سماعهم هذه الأصوات، والصعوبات في تكوين الصداقات، كما اتفقت أيضا الدراسات على بعض السمات المميزة لهم كما أشارت دراسة حسينة (2017) أنهم أشخاص عطوفين جداً، ومتراحمين والتسامح ميزة كبيرة تميزهم، ولديهم ثقة كبيرة بالنفس، إضافة لطبعهم الاجتماعي، إضافة إلى ذلك لديهم نشاط وحيوية، فقبل البدء في الكلام يستخدمون إشارات وإيماءات للاتصال مع الآخرين، بالإضافة إلى حماسهم الزائد.
كما أكدت دراسات مثل دراسة Järvinen. et.al. (2015) أنهم يظهرون سمات جسدية وسلوكية مميزة لهم، كالتأخر الذهني البسيط إلى المتوسط، فالذاكرة لديهم سليمة نسبياً مقارنة بالمتلازمات الأخرى، كما أن المناطق الدماغية المصونة وبقاء الذاكرة قصيرة المدى على المحك بالنسبة إليهم وقد تزول أو تضعف بسرعة، كما أن أداءهم يسوء في الاختبارات الأدائية التي تتضمن معالجة بصرية مثل استنساخ الرسوم، ويخفقون في الإدراك الكامل أو ما يسمى الجشطالت، كما ورد في دراسة (Mervis& John. 2011).
وقد أكدت دراسات كل من (Pober& Morris. 2007)، (صبح، 2017)، (Sepúlveda& Resa, 2021) أن الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز لديهم تأخر عام في اكتساب المهارات الحركية والتعديلات المتعلقة بالإدراك البصري، ومشكلات في التوازن والتناسق الحركي، والتأخر في اكتساب المهارات اللغوية كما أن سلوكهم الاجتماعي يتأثر كثيراً بالمتلازمة، ولديهم صعوبات في التعلم بسبب ضعف التركيز والانتباه، والضعف العام في التكيف الاجتماعي وتأثر الكلام والذاكرة واللغة والنطق لديهم.
رابعا: نتائج التساؤل الرابع: نص التساؤل الثالث على “ما هي أشكال الدعم النفسي الموجه لأسر الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز؟”
اتفقت الدراسات مثل ما أشار شاهين (2021) حول متلازمة ويليامز أن أسر الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز تواجه مشكلات كبيرة تحتاج بسببها الدعم والإرشاد، تبدأ بضرورة تقبل الصدمة وآلية التكيف مع وجود طفل من ذوي الإعاقة ضمنها، لذا فهي بحاجة إلى كافة أشكال الدعم والتي من أهمها الدعم النفسي، وبهذا يعد الدعم النفسي من أهم احتياجات أسر الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز التي يوجد بها طفل من ذوي متلازمة ويليامز، إلا أن الأسر أيضاً تواجه الكثير من مصادر الضغوط النفسية مما يجعل تلك الأسر تواجه الكثير من الصراعات والأحداث المثيرة للقلق والاضطراب الذي يهدد الأمن النفسي الاجتماعي والاقتصادي لها، بالإضافة إلى زيادة الأزمات النفسية الشديدة والصدمات الانفعالية العنيفة، فهي بذلك بحاجة للرعاية النفسية وتقديم خدمات الدعم لها بكافة أشكاله بما يشمل تحقيق الصحة النفسية المتوازنة لها وللطفل أو الشخص ذي متلازمة ويليامز.
وقد ورد في دراسة منصور والقول (2021) أن الدعم والإرشاد النفسي من قنوات الخدمة النفسية، والتي لابد وأن تقدم للأسر بهدف التغلب على الصعوبات التي تعترضها وتعوق توافقها وإنتاجيتها وخاصة بالنسبة لأسر الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز، فالدعم النفسي خدمة توجه للأسر حتى لا تسوء حالتها فتصبح غير قادرة على مواجهة تحديات الإعاقة، فتلك الأسر تواجه مشكلات لها صبغة انفعالية حادة، تتصف بدرجة من التعقيد والشدة بحيث تعجز عن مواجهتها دون عون أو مساعدة، ومن هنا يهدف الدعم النفسي المقدم للأسر إلى إحداث التغيير في النظرة، وفي التفكير وفي المشاعر والاتجاهات نحو المشكلات التي تواجهها نتيجة وجود طفل من ذوي المتلازمة في الأسرة، ونحو الموضوعات الأخرى التي ترتبط بها، ونحو العالم المحيط بالفرد أو الجماعة.
يتبع ……..